سقوط الدولة في لبنان

خليل قانصوه
طبيب متقاعد
(Khalil Kansou)

الحوار المتمدن-العدد: 7142 - 2022 / 1 / 21 - 20:27
المحور: القضية الفلسطينية
    

عندما نقول أن الدولة في لبنان أو شبة الدولة ، سقطت في 14 أيلول سبتمبر 1982 أي يوم اغتيال بشير الجميل الذي انتخب رئيسا للجمهورية في 23 آب من العام نفسه فان المقصود من ذلك أن الرجل كان يحمل مشروعا يجسد إحياء دولة " لبنان الكبير "المولودة في سنة 1920 ، بعد اقتسام إرث الدولة العثمانية في الولايات العربية ، فتوقف المشروع و سقطت دولة لبنان الكبير بعد اغتياله .

لا بد وضعا للأمور في نصابها الصحيح من ارتجاع بعض المعالم الضرورية للإستدلال على المسار الذي قاد إلى انهيار هده الدولة بدءا من سنة 1970 ، إي إثر هزيمة نظم الحكم في حرب حزيران 1967 . أقتضب هنا لأقول انه من البديهي أن إسرائيل انتصرت في تلك الحرب بمعاونة الدول الأوروبية ( ألمانيا ، فرنسا ، بريطانيا ، الولايات المتحدة ) ، إلى جانب الدول الخليجية ، على راسها السعودية التي كانت تحارب في اليمن ضد مصر :

- لا نجازف بالكلام أن نظم الحكم العربية التي انكسر عسكرها في 1967 ،اضطرت لتغيير خطابها و موقفها تجاه الدول الخليجية ، آملة مد يد العون لها أستنهاضا لبنيتها المتهاوية .
ـ تعرضت حركة التحرير الفلسطينيىة في سنة 1970 ، في الأردن ، لهزيمة كبيرة أجبرت بنتيجتها على سلوك طريق المنفى إلى لبنان حيث غرقت في وحوله و أنكشفت محاولاتها و مناوراتها من أجل أن تكون سلطة أمر واقع ، لا تختلف في جوهرها عن " السلطة " العربية المهزومة .
ـ من نافلة القول أن التناقض المتنامي بين مصالح اللبنانيين من جهة وبين منظمة التحرير من جهة ثانية ، وفر الظروف المؤاتية لإسرائيل لكي تجد متعاونيين معها من أجل تصفية الوجود الفلسطيني في لبنان ، خصوصا في اوساط الفئات الحريصة على " النظام الطائفي " الموروث من الزمان العثماني .
- اندلعت الحرب الأهلية في 13 نيسان , إبريل 1975. حيث كان هدف التيار المسيحي الإنعزالي استعادة موقعه الراجح في دولة ذات نظام طائفي ، بينما رأى الإسرائيليون فيها فرصة لتصفية القضية الفلسطينية و لتصحيح خطأ ارتكبة الفرنسيون بتوسعة حدود لبنان ، عن شكل " إقامة دولة مسيحية " (بن غوريون ) .
ـ اسفرت الحرب اللبنانية بين 1977 ـ 1982 عن اندحار فصائل منظمة التحرير من جهة و عن إمساك بشير الجميل على راس القوات اللبنانية ،بالسطة الفعلية في المناطق التي تجمّع فيها المسيحيون من جهة ثانية ، حيث تمكن من وضع ركائز الدولة المسيحية الموعودة. تحسن الإشارة هنا إلى أن هذا الإنتصار هو ثمرة تعاون مباشر بين" القوات اللبنانية " وإسرائيل و غير مباشر مع الولايات المتحدة و فرنسا بواسطة السعودية التي باتت تمتلك كما لمّحنا نفوذا كبيرا على نظم الحكم التي انكسرت في حرب حزيران 1967ومنها سورية . تحسن الإشارة إلى أنه نتج في ما نتج عن انهيار الدولة العثمانية ، دولتان هما المملكة السعودية وإسرائيل ، لم يكن ظهورهما متوقعا و لا القوة و الطاقة اللتين يختزنانها بحيث صارا فاعلين كبيرين في النظام الدولي ، أو بتعبير أدق ورقتين رابحتين ( جوكر ) (Georges Corm : l’europe et l’orient )
- على الأرجح أن الولايات المتحدة و السعودية وسورية لم يوافقوا في سنة 1982 على تقسيم لبنان و إقامة دولة مسيحية ، فتم استبدالها بإعادة تجميع أجزاء البلاد ، على اساس طائفي على أن يتولى بشير الجميل رئاسة الجمهورية . فدعي الأخير إلى واشنطن التي عاد منها بشعار " 10452 كلم² ‘’ إعلانا عن التزامه بلبنان الكبير . تحسن الإشارة هنا إلى أن بشير الجميل أرسل في 5 تموز 1981 إلى الرئيس إلياس سركيس تعهدا خطيا بأنه يقطع علاقاته باسرائيل (Nadine Picaudou , La déchirure Libanaise).

لا شك في أن هذه التطورات أغضبت الحليف الإسرائيلي فاعلن الحرب على لبنان من أجل تحقيق أهدافه التي يمكننا اختصارها بانهاء وجود فصائل منظمة التحرير في لبنان ، خلق شرخ بين الفلسطينيين و اللبنانيين ( مجزرة – صبرا و شاتيلا 14 ـ 15 أيلول سبتمبر 1982 ) ، اتفاقية 17 أيار , مايو 1983 . أسقاط الدولة في لبنان و نشر الفوضى في ارجائه بانتظار أن " تتبدل المعطيات في ظروف عدم الاستقرار و الفوضى و الثورة او الحرب الاهلية حيث يتوهم الضعيف أحيانا أنه بطل " ( بن غوريون ) ( Nadine Picaudou)

#خليل_قانصوه (هاشتاغ)       Khalil_Kansou#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل