أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - العهد التركي في رواية الوجع والجرأة إياد شماسنة















المزيد.....

العهد التركي في رواية الوجع والجرأة إياد شماسنة


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 7139 - 2022 / 1 / 18 - 09:18
المحور: الادب والفن
    


جميل أن نجد من يتناول أدبيا واقع فلسطيني في أواخر العهد التركي، فالقالب الأدبي يبقى أكثر رسوخا في الذهن من المادة الجامدة التي تقدم على شكل تقرير صحفي/تاريخي، فروح الأدب في الرواية تبقى أسهل تناولا وأكثر سلاسة من المعلومات المجردة.
في هذه الرواية يتناول السارد مجموعة كبيرة من المواضيع، اجتماعية، اقتصادية، سياسية، أطماع الغرب في تركة الرجل المريض، بداية (استكشاف) فلسطين لتكون دولة لليهود، طبيعة النظام الإقطاعي ودوره في تسريب الأرضي لجهات مشبوهة، الصوفية والحركات الدينية، الوهابية، كل هذا قدم بصيغة روائية شيقة، حتى أن المتلقي يشعر وكأنه أمام قصص تراثية/شعبية خاصة تلك التي تحدثت عن مصطفى الخزاف والشيخ سلمان.
وإذا أخذنا ان السارد اعطا الشخصيات الحرية لتتحدث بلغة محكية وهذا جعلها قريبة من المتلقي، وسهل على القارئ تناول رواية كبيرة، ما يقارب أربعمائة صفحة (400) صفحة.
ورغم أن هناك أحداث قاسية ومؤلمة، خاصة التي تحدثت عن الإقطاع ودوره في تعذيب الناس وتجويعهم وقتلهم ومعاملتهم على أنهم عبيد، إلا أن وجود شخص مثل "مصطفى الخزاف وعلاقته مع النساء أسهم في تخفيف شيء من قسوة الأحداث، وأعطا الرواية بعدا تشويقيا، بحيث كان القارئ يتبع هذه الشخصية محاولا معرفة كل ما يتعلق بها.
طريقة الدخول إلى الماضي
تقديم رواية تاريخية يحتاج إلى شكل مناسب يستطيع السارد من خلاله الولوج إلى الماضي، من هنا جاء استخدم الفانتازيا لتكون الوسيلة التي توصل السارد إلى الزمن الذي يريد الحديث عنه، فعبد المعطي الموظف في محكمة القدس يجد كتابا مثيرا، يفتح له الزمن بكل ما فيه، وعندما يعود إلى البيت يبدأ في اكتشاف حقائق عنه نفسه، منها: "أخرج ورقة أخرى، كتب عليها "المرحوم عبد المعطي محمد عبد الله الساحوري توفى عام 1976، ...توفى إثر نوبة قبلية حادة وهبوط شديد التنفس، تمتم بخوف "يعني أنا ميت من زمان، يا دين النبي محمد!، ميت وعايش!!." ص25، بعدها يدخل "الشيخ ظاهر" ليفصل له طبيعية المهمة المطلوبة منه، وعلى أنه هو المختار من بين كل الناس ليقوم بالمهمة التي تتمثل في: "...ما لقيت حد يحفظ السر، ويخاف على مصلحة المدينة، بنقس نقية، زيك يا ولدي، لهيك اخترتك لتكتب حكاية الخرب في المعمورة" ص27، وهنا يأخذ "عبد المعطي" سرد ما جاء في الكتاب الذي فيه: "رايح تلاقي فيه كل شيء جمعت لك إياه من أرشيفات الدولة العلية" ص29.
بهذا الشكل تم الدخول إلى الماضي حيث تجري أحداث الرواية، وقم تم تحديد مكان الحدث بهذا الشكل: "المعمورة في الأسطورة، بلدة ريفية زراعية،، تتبع متصرفية القدس الشريف، في الربع الأخير من القرن التاسع عشر، تجلس على عرشها القروي بين الجبال الشمالية الغربية للقدس، تتفادى سطوة شيوخ الكراسي ببعض الإتوات التي تدفعها إذعانا وخضوع" ص38، وبهذا يكون السارد قد حدد المكان، والزمن، واشارة إلى طبيعة الحكم والنهج المتبع في تحقيق (الأمن).
العهد التركي/العثماني
الأدب روح الأمة، وهو يعكس شيء من حقيقة الأحداث، يكشف لنا السارد شيئا عن طبيعة الظروف اتي مر بها الفلسطيني في العهد التركي من خلال هذا المشهد: "ـ ما هي الدولة هلكتنا ضرايب ورسوم، والباشوات هلكونا أتاوات، والبدو ذبحونا بالغزو، والمخاتير والمتصرفية والمتسلمين، وشيوخ الكراسي نحرونا إتاوات في الطالع والنازل، باقي عليهم يحلبونا، ويؤخذوا نسواننا، الله وكيلك" ص44، ما يحسب لهذا الكلام أنه جاء بلهجة محكية، وهذا ما يجعله سهل التناول، فكلام "أبو سالم" صادر من رجل يمثل الشعب/العامة، ولم يحمل كلامه أي تجميل للواقع، فكان دقيقا في وصفة للواقع.
أما إذا أخذنا مضمون كلامه، فنجد فيه ضعف الدولة التركية، وعدم قدرتها على إدارة البلاد، من خلال كثرة الموجود/المسيطرين/المتنفذين في البلاد، فهناك الباشوات، البدو، المخاتير، المتصرفية، المستلمين، الشيوخ" كل هؤلاء بحاجة إلى مال، وإلى ما يسكتهم من رشاوي مالية أو عينية.
يقدم السارد صورة عامة عن حياة الناس من خلال: "..يوم جاء المتسلم ليجمع الضريبةـ عجز بعض الأهالي ممن لم يثمر محصولهم عن السداد، كان المبلغ كبيرا، الدولة في حرب مع الكفار ويجب أن يقدم لناس أولادهم وأموالهم وأشجارهم المعمرة وقودا، الفراري خائن ويقتل، والمتهرب من الضريبة يسجن أو يخوزق، أو تباع أرضه وتصادر أملاكه" ص64، في ظل هذه الأوضاع عاش الفلسطيني، وكان عليه أن يأمن كل المتطلبات لمالية للدولة، وأن يمدها بالرجل، لخوض حروبها في البلقان، هذه هي حقيقة الدولة التركية، وما فعلته في المنطقة العربية.
لقد انعكس فساد الدولة على المجتمع، بحيث أصبح الناس الفقر والتملق والنافق أحد سمات المجتمع: "...يحمون حوله مثل جراد جائع على محصو نتن، ...يطمعون بمكافأة ما، يجعلهم لا يتورعون عن الوشاية أي شيء بناء على الشبهة أو سوء الضمن، أقل العقاب أن يطرد بو شاكر الرجل المسكين من بستانه، أو حرمان زوجته من الخدمة في بيته وعند قدمي ابنته أو حريمه، لزوجة تجلي المواعين أو تنظف لزرايب، أو تخبز، أو تغسل من الفجر حتى المساء" ص 74، وكأن السارد من خلال هذا التمهيد يشير إلى أن بنية المجتمع الفلسطيني كانت أضعف من أن تواجه ما هو قادم، دولة الانتداب والحركة الصهيونية، وهذه أدانة غير مباشرة إلى دور الدولة التركية فيما آلت إليه أحوال فلسطيني تحديدا، وعلى أن عملية التمهيد لاحتلالها بدأت عمليا قبل بداية الهجرة الصهيونية.
يواجه الشيخ طاهر أبو شاكر بحقيقته وبما يفعله بالناس، مؤكدا على عقم النظام لإقطاعي، وعلى أن الإقطاع يعد مفسدة للناس وللدولة وللمجتمع: "بدي تخاف الله في المرابعين المساكين اللي بتتلاعب في لميزان معهم وبتاكل حصصهم، بدي تخاف الجبار وأنت بتوخذ منهم قبل من تخصم الضريبة، وبيطلعوا مقشرين بصل في آخر الموسم ما إلهم إلا اللي أكلوه" ص172، هذا نتيجة النظام الإقطاعي، ونتيجة ضعف الدولة التي وضعت واختزلت مهمتها في جباية لأموال، وأخذ الرجال إلى الحرب، مما جعل الأرض بلا رجال، والرجال بلا كرامة، والناس في جوع وفقر مدقع.
أما عن فكرة الغني يزداد غنى والفقر يزاد فقرا، توضح لنا "معزوزة" هذا الفكرة من خلال قولها: "...بس إحنا كنا الإقطاعيين، يعني أراضينا كانت أكثر من الحمايل الثانية، كنا ميخذين كل إشي والوظايف الميري إلنا لأن منا المتعلمين" ص175، هذا واقع البلاد والعباد في ظل دولة (الخلافة) التي يتغنى بها بعضهم، والتي يريدونها أن تعود، لتحمي البلاد والمقدسات، وتحقق العدالة، أليس حزب العدالة والتنمية التركي يمثل الله على الأرض!!.
بداية استكشاف فلسطين، التوغل الغربي الصهيوني
الرواية تقدم اشارات إلى الكيفية التي استطاع بها الغرب أن يخترق المجتمع الفلسطيني، وكيف استطاع أن يضع عملاءه ليرصدوا كل ما يحدث على الأرض: "بيتخذوا مع إخوانهم في القومبانيات باسماء جديدة، وهويات جديدة، ونسوانهم بيدخلن البيوت والقصور وبيصير إلهن محل أكثر من اهل البلد، عشرات الألوف دخلوا بهاي لطريقة، آه طبعا يا عمي ما هو لحم الأجانب طري، إسألوا الحارات الغربية في المدينة" ص1540155، إذا أخذنا دور الراهبة "باتريشيا" وأختها، والأب خريستو ورغدة/وصال/أديل رودنسون، يتأكد لنا أن كل هؤلاء كانوا جيش متقدم للغرب وللصهيونية في فلسطين، وهم من أسهموا في تقديم كافة المعلومات عن واقع فلسطين وأهلها للغرب.
الرواية من منشورات مكتبة كل شيء، حيفا، الطبعة الأولى 2021.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وجيه مسعود وتقديم الفرح في ما اجمل ان ترسم قلبك مدينة مدينه-
- الديني والسياسي في رواية -الحانوتي- يوحنا مصلح
- مواجهة الواقع في قصيدة -سأظل أسأل- سامي البيتجالي
- سامر كحيل -أبد
- اليهودي في رواية ناغوغي الصغير حسن حميد
- استمرارية حضور المكان في رواية - القبو- فاطمة عبدالله سلامة
- شعر الأطفال في قصيدة -دمية- سمير التميمي
- القسوة عند ميسر عليوة وحسن محم حسن
- الرؤية المتقدمة في كتاب -دراسات من الأسر- للكاتب الأسير أمجد ...
- مسرحية الحياة والموت للأديب جمال بنورة
- الاسلوب والشكل في ديوان رقاع إلى صلاح الدين نظير أحمد شمالي
- الوفاء في -تحيا حين تفنى- للكاتب الأسير ثائر حنيني
- الأنثى والكتابة والتمرد في قصيدة -أم اللغات- رنا صالح
- مناقشة كتاب -من قتل مدرس التاريخ
- الشخصيات والحدث في رواية - وما زال الحلم- للأديب جمال بنورة
- الحرف بين إيهاب الشلبي ومنذر يحيى عيسى
- قراءة في ديوان -تلك السيدة وذلك البيت-* للشاعر عبد الباسط إغ ...
- السرد والمضمون في رواية -المعمعة- عمار محمود عابد
- ابداع سميح الشريف
- قصي الفضلي والرثاء في -كيف ارثيك-


المزيد.....




- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - العهد التركي في رواية الوجع والجرأة إياد شماسنة