رائد الحواري
الحوار المتمدن-العدد: 7106 - 2021 / 12 / 14 - 21:34
المحور:
الادب والفن
الأنثى والكتابة والتمرد في قصيدة
"أم اللغات"
رنا صالح
أن يجتمع الحب واللغة في قصيدة فهذا أمر مثير، وأن تأتي اللغة بصورة/بصوت أنثى، تتحدث ما ترغبه/تريده/تحتاجه من الرجل، فهذا يعد تمرد لها على الواقع، وهذا ما يجعل القصيدة جامعة لثلاثة عناصر من عناصر الفرح/التخفيف: "المرأة/الرجل، الكتابة، التمرد، وتبقى الطبيعة غير مستخدمة، وهذا يعود إلى أن القصيدة تتناولت حالة (مدينة)، متعلقة بالحضر، تقول الشاعرة "رنا صالح" في قصيدة "أمن اللغات"
"/أُمُّ اللغاتِ/"
ثوبُ البلاغةِ لم ينسج لهُ نمطُ
بديع قولٍ ومدّت تحته البُسطُ
تغنّجت كلماتُ الشعرِ، و اعتدلت
أُمُّ اللغاتِ ،فما أغوى بها شططُ
حسناء عانقتِ الأسفارَ من ولهٍ
ليت العناقَ بطولٍ كان يُشترطُ
رداءُ غَربٍ لبسنا -كلُّهُ رقعٌ-
تغضُّ طرفك عن نحوٍ به رُقَطُ
في كلِّ زاويةٍ نارٌ مؤجَّجةٌ
تحتَ البيانِ ، ووجهُ الحرفِ يُغتبطُ
يا هاجرَ الضادِ إنّ الضادَ عاتبةٌ
إذ صار حرفُها "باللاتين" يختلطُ
تأوي إلى لغةٍ عرجاءَ تحضنها
والدُونَ من لهجاتِ القومِ تلتقطُ
عند الذرى لغةُ القرآنِ باسطةٌ
لك الذراعَ وثغرُ الشِعرِ منبسطُ
لآلئٌ من فريدِ النوعِ واجتمعت
فلا تدع منكَ حَبَّ العقدِ ينفرطُ
وامدد أواصرَ حُبٍّ بعد صُحبتِها
فكل صبٍّ بما يهواهُ مرتبطُ"
نلاحظ أن هناك أكثر من (إيحاء) متعلق بعلاقة الأنثى بالرجل: "ثوب/ مدت، تحته، البسط، تغنجات، أغوى، حسناء، عناقت، وله، العناق، رداء، تغض، طرفك، نار مؤججة، تحت البيان، يغتبط، تأوي، تحضنها، تلتقط، باسطة، الذراع، تغر، منبسط، حب (مكرر)، ينفرط، وامدد، صحبتها، يهواه، مرتبط" وهذه الإثارة العذرية/الإيحائية كافية لجذب القارئ للقصيدة، وجعله يستمتع بما يقدم له، وهنا تكون الشاعرة قد مزجت بين المتعة فكرة الحب وبين جمالية لغة الضاد، بمعنى أنه قدمت مادة (جافة) بشكل أدبي ممتع وجميل، وهذا ما يجعل المتلقي لتقبل الفكرة وينحاز لها.
لكن لم تقتصر جمالية القصيدة على الجمع بين موضوع اللغة (الجاف) وعلى الحب/اللقاء بين حبيبين، بل تعداه إلى وجود صوت الأنثى، الذي نجده في:
" يا هاجرَ الضادِ إنّ الضادَ عاتبةٌ
إذ صار حرفُها "باللاتين" يختلطُ
تأوي إلى لغةٍ عرجاءَ تحضنها
والدُونَ من لهجاتِ القومِ تلتقطُ"
وصوت هنا لم يأتي بصورة (إغواء) بل بصوت العقل والحكمة، وهذا ما يعطي الأنثى/المرأة صورة أخرى، تضاف إلى جمالها، فتجاوز صورة الأنثى الشرقية، إلى المرأة الحكيمة يمثل الثورة/التمرد على والواقع، وبهذا تكون القصيدة قد جمعت ثلاثة عناصر للفرح/للتخفيف من أصل أربعة.
القصيدة منشورة على صفحة الشاعرة.
#رائد_الحواري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟