أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - جماليّة المعنى الأيروسي في ديوان -وشيء من سرد قليل-















المزيد.....

جماليّة المعنى الأيروسي في ديوان -وشيء من سرد قليل-


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 7091 - 2021 / 11 / 29 - 11:17
المحور: الادب والفن
    


رائد الحواري/ فلسطين
كلما قرأت لفراس حج محمد أتأكد أنني أمام شخصة مبدعة، فكل عمل يقدمه يؤكد تألقه وتميزه، فبعد ديوان "وأنت وحدك أغنية"، وديوان "ما يشبه الرثاء" قلت لن يكتب فراس أفضل منهما، الديوان الأول لما فيه من تنوع وتعدد الأشكال والموضوعات والأسلوب، والثاني للتكثيف والصور واللغة التي استخدمها. في هذا الديوان، ورغم أنه متعلق بامرأة واحدة، إلا أن لغته والطرق التي تناول فيها المرأة تجعله ديوان يُدرّس، فقدرات الشاعر فراس حج محمد على تقديم الفكرة/ الموضوع بأكثر من صورة وحالة، يعد ميزة لا نجدها إلا عند قله من الشعراء، واللافت في ديوان "وشيء من سرد قليل" أن الشاعر يتماهي مع القصيدة، وهي التي تكتبه. من هنا نجد مجموعة ألفاظ تشير إلى حالة التماهي بين القصيدة والشاعر، وهذا ما جعل الديوان مقنعا للمتلقي، فهو ليس مصنوعا صناعة، بل مخلوق خلقا، فالمتعة وجمالية اللغة والصورة الشعرية كلها شواهد على هذا الخلق في الديوان.
سنأخذ بعض القصائد من الديوان لتبيان ما جاء في المقدمة، يقول في قصيدة "شهية فعل الأمر":
"ظلي هنا عندي وعندي ثرثري
سيلي على شفتي كالكأس مسكر
واطوي الحنين هناك سفر غواية
وتبتلي
وتعرفي
وتغربي
وفي ضلوعي غرغري" ص10
عندما يوجه فعل الأمر إلى الحبيب/ القريب فهذا يشير إلى رغبة واندفاع الشاعر نحو المخاطب، من هنا نجد زخم في استخدام الفعل: "ظلي، ثرثري، سيلي، اطوي، تبتلي، تعرفي، تغربي، غرغري" واللافت في هذه الألفاظ وجود تكرار للحروف فيها: "اللام في"ظلي" الثاء والراء في "ثرثري"، التاء في "تبتلي"، الغين والراء في "غرغري"، وهذا يشير إلى رغبة الشاعر الجامحة نحو المرأة، فمن خلال تكرار وتتابع هذه الحروف يشير إلى رغبته وحاجته إلى اللقاء/ التوحد مع الحبيبة، فالأفعال السابقة بشكلها المجرد تخدم فكرة الرغبة في المرأة والتلاقي معها، وهذا ما يجعلنا نقول إن القصيدة هي التي تكتب الشاعر، وأن الشاعر يتماهي مع القصيدة.
رغبة الشاعر المستعجلة لا تقتصر على تكرار الحروف في الالفاظ/ الأفعال فحسب، بل نجدها في الحركة السريعة أيضا:
"فاكهة الليل أناي
فجني
أنضجيني
مدي إلى يديك
تذوقيني
عرفيني مرة أخرى على طعمي
وكونيني
واختصري الطريق إلى جنوني" ص13
نلاحظ أن هناك سرعة في أفعال: "فجني، أنضجيني، مدي، تذوقيني، عرفيني، كونيني، اختصري" نلاحظ أن الأفعال متعلقة بالشاعر مباشرة، وليست كالأفعال السابقة المتعلقة بالمرأة، وهذا يشير إلى أن اللقاء تم بينهما، فأراد ان يأخذ حاجته المادية/ الجسدية من خلال: "مدي يديك، واختصري الطريق"، وحاجته الجمالية: "أنضجيني".
وقبل المغادرة أنوّه إلى أن هناك (حشمة عند الشاعر، بحيث لم يتوغل في وصف اللقاء الذي تم بينهما، وهذا يعود إلى أنه اللقاء الأول، لكن سنجد لاحقا، كيف أنه (يتكيف) معها وينسجم، فيصف لنا مشاهد متعددة ومتنوعة عن هذه اللقاءات.
هناك أشكال أخرى تشير إلى الرغبة والحاجة للحبيبة، تتمثل في استخدام صيغة المثنى:
"تعالي كي أعد أصابعك
عشرين مرة
ستا وعشرين سنة
وأزرع بين نهديك الصغيرين
بين كل خليتين
عبارتين
ووردة وقصيدة وحروف باء" ص16
نلاحظ صيغة المثنى في: "نهديك، الصغيرين، خليتين، عبارتين"، وهذا يعكس رغبة الجمع بينهما، كما أن اللغة البيضاء: "أزرع، خليتين، وردة، قصيدة، حروف الباء" التي جاء بها المقطع يشير إلى حالة التماهي بين الشاعر والمرأة، فاستخدامه لعناصر الفرح الطبيعة: "وأزرع، ووردة" والكتابة: "عبارتين، حروف، الباء" يؤكد أنه يتماهي مع الحبيبة. كما أن استخدامه للصورة الشعرية والإيحاءات الجنسية تؤكد تلك الرغبة الجامحة عند الشاعر:
"...للصدى الممتد عند الدغدغة
واستقيمي في متون الآه عند إشباع الفراغ لتلك المحبرة
مبيضّة وحليب ماء" ص16
فالجميل في هذا المقطع أن الشاعر يستخدم لفظ "الدغدغة" الذي يعطي معنى الإثارة، وأيضا الشكل الذي قدمه فيه، وتلاقي وتتابع حرفي الدال والغين، يخدم المعنى الذي يريده الشاعر، وبهذا يمكن للمتلقي أن يصل إلى الفكرة بأكثر من طريقة، المضمون، وشكل اللفظ، وطريقة لفظ لفظه/"الدغدغة". وإذا ما عدنا إلى المقطع سنجد أن هناك إيحاء باللقاء الجسدي بينهما: "الآه، المحبرة، مبيضة، حليب، ماء" وهذا أحد الأشكال المتعددة التي سيتناول بها الشاعر اللقاءات التي تمت بينهما.
في قصيدة "مواجد في وحدتي البعيدة" يقدم الشاعر رغبته بطريقة جديدة:
"إن عدت لي عدت إليك
تلم الزهر عن كتفي
خمرتي معصورة في شفتيك
وينقر طيرك الذهبي سنبلتين من جسدي
تمسدني بدفء يديك
إن عدت أنبت من جديد غابة لتفيء فيّ
تجعلني كونا يفيء إليكِ
إن عدت لي عدت إليّ امرأة كونية
يروي كأسها ولهي عليكِ
إن عدت لي لن أعود سوى إليّ" ص29
نلاحظ أن هناك ألفاظل مكررة: "عدت/ أعود" سبع مرات، وهذا الرقم لم يأت بتخطيط/ بقصد من الشاعر، وهذا ما يجعلنا نميل إلى أن عقله الباطن هو من (يُلقنه الألفاظ) ويكتبه، فتكرار اللفظ سبع مرات يشير إلى الرغبة المستديمة والدائمة التي يريدها الشاعر، كما أن تكرار"لتفيء/ يفيء" بصيغة المؤنث والمذكر يخدم فكرة الرغبة باللقاء، ووجود معنى للمثنى في: "كتفي، شفتيك، يديك" وصيغة المثنى في: "سنبلتين، تمسدني، كلها تشير بطريقة غير مباشرة إلى الرغبة والحاجة للقاء.
يتقدم الشاعر من المرأة أكثر، بحيث (يصرح) عن فحوى اللقاء بينهما في قصيدة: "الحب ليس هذا الذي في القصيدة":
"يا جنة القلب الشهية قربي شفتي إلى شفتيك
تذوقي لغتي وغني لي
واعجني جملي برضلب شهدك
يا جنتي وحبيبتي عرفي شغفي إ لى معراج عشقك
هناك الغيم يعصرني كؤوسا
تشتهيك ثمالة من طعم تغرك

أتجدد في نهرك الرقراف مثل قطرة
فهلا جريت في دمي كشهوة مستفيضة؟
أحبك أبتها السائلة المرأة المرآة
أرى نفسي
أذوب في شفتيك قبلة من وجع
يمسني جلدك الشفاف
عطرك اللانهائي يحيي شهقتي على بتلات وردك" ص101
إذا ما توقفنا عند هذين المقطيعن سنجد أن هناك حرف الشين مكون أساسي في مجموعة ألفاظ: "الشهية، شفتي، شفتيك، شهدك، شغفي، عشقك، تشتهيك، كشهوة، شفتيك، الشفاف، شهقتي" وهذه الألفاظ بمعناها المجرد تخدم فكرة الإثارة الجسدية، وتفتح باب الشهوة عند المتلقي، هذا من جهة، ممن جهة أخرى شكلها وطريقة كتابتها يثير الغريزة ويفجرها في القارئ، وإذا أخذنا المعنى العام للمقطعين، نكون أمام مجموعة مثيرات تخدم الفكرة التي يطرحها "فراس حج محمد".
كما أن التواصل بين الألفاظ والمعنى يخدم فكرة حميمية اللقاء: "لغتي/ غني/ جملي/ رضاب" كل هذه الألفاظ متعلقة باللغة وطريقة لفظها، كما أن ألفاظ: "الغيم/ يعصرني/ كؤوسا/ ثمالة/ طعم" متعلقة بما يُشرب، وهذا يخدم فكرة كمال الوصال/ اللقاء الذي تم بينهما.
هذا فيما يتعلق بالمقطع الأول، أما بخصوص المقطع الثاني، فالشاعر يركز على حالة الرقة/ الشفافة/ الناعمة التي نجدها في ألفاظ: "الرقراق، السائلة، أذوب، الشفاف، بتلات"، وأيضا نجد صفات/ حالات الماء في: "الرقراق، قطرة، جريت، مستفيضة، السائلة، الشفاف"، وهذا أيضا يخدم فكرة الحلول/ التماهي بين الشاعر والمرأة، فأراد من خلال استخدام حالات/ صفات الماء أن ينساح/ يمتزج بها ومعها، بحيث لا يفترق/ ينفصل عنها.
يتقدم الشاعر أكثر نحو التصريح/ متجاوزا (خجله) فيقدم قصيدة أيروسية. يقول في قصيدة "المس الجنوني للمعنى الدقيق من الكتابة":
"... أشتهي رش عطر الياسمين على جذوعك
أتسلق أيمنك العرفجيّ
أشعل أيسرك العاطل من حمالة الصدر
أفتح ثغرة في السد
تغلغلها الألف الطليقة
وأحضن مثل زر الورد وردتك اللطيفة
وأمطر مثل غيم الله ماء كوثري الطعم في أرض شفيفة
وأكتب أسفل النهدين تحت السرة السراء
آياتي الطريفة" ص122و123
في هذا المقطع نجد اللقاء الجسدي: "حمالة الصدر، أفتح ثغرة، تغلغلها الألف الطليقة، وأحضن زر الورد، وأمطر، تحت السرة" لكنه قدم بصيغة أدبية، وهذا ما ضفى عليه لمسة جمالية، فرغم أن الفكرة جنسية، إلا أن طريقة تقديمها لم تكن (فاجرة)، فالصبغة الشعرية أبقت القصيدة محافظة على جمالها الأدبي، بحيث لا يشعر القارئ بالاشمئزاز من فكرة اللقاء الجسدي. فهذا المزج بين فكرة (قاسية/ محرجة) واللغة وطريقة تقديمها تحسب للشاعر الذي جمع بين متناقضين، فكرة محرجة وصيغة أدبية.
وبهذا يكون الشاعر "فراس حج محمد" قد قدم أكثر من صورة وشكل للقاء المرأة، فمرة نجده محتشما/ عذرياً، وأخرى يتجاوز خجله، وفي غيرهما أقرب إلى الأباحية، الأيروسية، كل هذا دون أن يفقد جمالية القصيدة، أو أن يتخلى عن الشاعرية فيما يقدمه.
===========
* الديوان من منشورات وازرة الثقافة الفلسطينية، الطبعة الأولى، 2021.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الموظف والوزير
- الفلسطيني وفلسطين في مجموعة -مفاتيح على شباك القلوب- محمد عا ...
- كميل أبو حنيش قصيدة -في الظل نسوني-
- بؤس الواقع في رواية -ما تساقط- عفاف خلف
- القصيدة الكاملة -لم أشأ- عبد السلام العطاري
- الأنسجام بين اللفظ والفكرة في قصة -انصياع- -فوزية الكوراني-
- محطات التيه السعيد عبدالغني
- حكاية سر الزيت وليد دقة
- أثر السجن في رواية -الجهة السابعة- كميل ابو حنيش
- البوح بالعشق في -نَبيّ العشق في أديرة العشّاق- زينة جرادي
- تماثل الفكرة مع الأدوات في الأبواق -مأمون السعد
- رواية غدي الازرق ريما بالي
- مأمون السعد قصيدة -كيف لا أسمو إليك-
- تألق فراس حج محمد في الدفاع عن النبي (ص) في كتاب -من قتل مدر ...
- حروف من ذهب للكاتب الأسير قتيبة مسلم
- ديوان أثر من ذيل الحصان عبود الجابري
- حصاد سنابل الكلمة اللقاءات الأدبية في ملتقى بلاطة الثقافي
- العادي والمتميز إلى المعلم والأخ والحبيب -وجيه مسعود-
- الدهشة في الومضة: منذر يحيى عيسى
- الأسطورة والحاجة إلى المرأة في -تمرين بي- أكرم فارس عريج


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - جماليّة المعنى الأيروسي في ديوان -وشيء من سرد قليل-