أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجد الحيدر - حكايات من الفولكلور الكردي-حتى عرف العقل أودى بالمال














المزيد.....

حكايات من الفولكلور الكردي-حتى عرف العقل أودى بالمال


ماجد الحيدر
شاعر وقاص ومترجم

(Majid Alhydar)


الحوار المتمدن-العدد: 7132 - 2022 / 1 / 10 - 12:37
المحور: الادب والفن
    


الحكاية الثانية عشرة
حتى عرف العقل أودى بالمال

كان (شيرو) ابن اسرة كبيرة غنية. عندما مات أبوه ترك له ثروة عظيمة، لكنه تصرف بحماقة وخفّة فأخذ يقيم الحفلات والولائم لمئات من "الأصدقاء" من الأراذل والحثالات والطائشين والطفيليين الذين جمعهم من حوله وأنفق عليهم من ماله، فلم تكن تمضِ ليلة إلا وأقام فيها مجلساً للغناء والرقص والطعام والشراب. أما أمه فكانت تنصحه قائلةً:
- عد الى رشدك يا ولدي ولا تسلك هذا الطريق.
لكنه يصمُّ أذنيه عن نصائحها ويمضي سادراً في غيّه.
في أحد الأيام جلست الأم متفكرة مهمومة وقالت:
- يا ناس يا عالم! ماذا سيكون مصير ابني؟ أعرف أن تلك الحثالة من حوله لن يتركوه إلا بعد أن يدمروه, ماذا أفعل عندها؟ عليَّ أن أحتال للأمر من الآن.
وانطلقت من فورها مثل نملة نشيطة فجالت في أرجاء المنزل وأخذت صندوقاً ملأته الى آخره بالمال وأحكمت إغلاقه ثم خبأته في مكانٍ بعيد عن الأنظار، وحين رجع ابنها قالت له:
- اسمع يا بنيّ. لا تدع شيئاً في نفسك. الدنيا مفتوحة أمامك. إمض حياتك في سرور وعز ما دمت سالماً. مال أبيك كثير ويكفيك ما حييت.
طفق شيرو يبعثر النقود كما الأمراء ويحشو افواه اللئام وبطونهم، ومضت الأعوام على هذا المنوال حتى أفلس وتردّت أحواله وانحدر الى درك الفقر والجوع. أما أولئك الأصدقاء المزعومون فقد أمسكوا أيديهم وأصلحوا حالهم حتى غدوا أغنياء موسرين فصاروا يقفون على رأسه ويسخرون منه ويكشرون في وجهه ويَسِمونه بالغباء والجهل. ولهذا يقول الكورمانج: حين يهرم الذئب يصير أضحوكة للجراء!
وحدث أن سمع شيرو يوماً بأن أصدقاءه عازمون على القيام بنزهة فرغب أن يأخذ معه بعض الطعام ويصحبهم. بحث من حوله فلم يجد غير أرنب وحيد فباعه واشترى بثمنه خبزاً ولبناً رائباً وانطلق نحوهم. في منتصف الطريق أحس بحاجته الى التبول فوضع اللبن على الأرض وابتعد قليلاً لكنه رأى عندما عاد رأى جرواً يلغ في لبنه فاضطر الى سكبه ومضى الى صحابه مغموماً والدموع تترقرق في عينيه فنظر أولاد الحرام اليه وسألوه عما جلب معه فأجاب:
- جلبت معي بعض اللبن الرائب لكن الجرو أكل منه ولوّثه فاضطررت الى رميه.
انفجر أصدقاء المصلحة اللقامين بالضحك وصاحوا معاً:
- كيف للكلب أن يأكل اللبن الرائب؟! لم يرَ أحد شيئاً كهذا!
تألم شيرو كثيراً فترك المكان وعاد الى أمه وقال لها:
- أماه. لقد ندمت كثيراً لأنني لم أستمع لنصائحك، لكن ماذا أفعل؟ "حتى عرفتُ العقل أوديتُ بالمال" أريد أن أقتل نفسي الساعةَ بسبب ما نزل بي من هؤلاء الأنذال وليكن إثمك في رقبتي!
نظرت له الأم وقالت:
- ولماذا تقتل نفسك يا ولدي؟ أنا لا أريدك أن تفعل هذا بل أريدك فقط أن تعرف نفسك. لا تحمل هماً فأنا أمك! معي (إذا توقفَ عن الاسراف) ما يكفيك ويزيد.
قبّل شيرو رأس أمه وقال:
- مئة رجلٍ فداءٌ لامرأةٍ مثلك. من اليوم فصاعداً سأجيد التصرف بمالي.
فتحت الأم غطاء الصندوق وسمحت له بأن يأخذ منه ما يشاء وقالت له:
- هذا مالك وحلالك وعليك أن تعتمد على نفسك من اليوم.
نهض الولد وأعاد كل شيء في البيت الى سابق عهده. وفي اليوم التالي نادى صحابه:
- يا معشر الأصدقاء. أنتم جميعاً مدعوون عندي يوم الأربعاء القادم.
لكنه لم يضع أمامهم طعاماً أو شراباً بل أخذ يشرح لهم بالتفصيل حكاية المال الذي خفي عنهم ثم قال:
- يا معشر الأصدقاء. هل تصدقون؟ لقد حدث معي أمر غريب لم يره أحد من قبل. فقد ترك أبي بعض الخبز وبعض الرصاص في إحدى الغرف لكن الفئران أكلت الرصاص وتركت الخبز على حاله.
- نعم، نعم (ردد الجميع سويّة) هذا صحيح. الفأر نغل. إنه قادر على أكل الرصاص.
تناول شيرو عصاه وأوجعهم ضرباً:
- أيها الأوغاد. عندما كنت فقيراً لم يكن الجرو قادراً على تناول اللبن، أمّا وقد اغتنيت فقد أصبح الفأر قادراً على التهام الرصاص! 
(من كتاب حكايات الموقد الخشبي-ترجمة ماجد الحيدر)



#ماجد_الحيدر (هاشتاغ)       Majid_Alhydar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكايات من الفولكلور الكردي-حكاية الثعلب والسلحفاة
- حكايات من الفولكلور الكردي-حكاية الشيخ سليمان أبو رجل الجرس
- حكايات من الفولكلور الكردي-حكاية شاقولي الأخرق العاثر الحظ
- حكايات من الفولكلور الكردي-حلم الحاكم
- حكايات من الفولكلور الكردي - سري سينكشف ولو بحباب المطر
- صبية النرجس
- حكايات من الفولكلور الكردي-قد يفلت المجرم ويبتلى البريء
- حكايات من الفولكلور الكردي-لا تأمن لامرأة ولا لرجل حكومة
- حكايات من الفولكلور الكردي-ما تفعله بيمناك تتلقاه بيسراك
- حكايات من الفولكلور الكردي-من مكر النساء
- حكايات من الفولكلور الكردي. ومن أحمق من المختار؟
- حكايات من الفولكلور الكردي-حكاية قاطع الطريق رزكين والشاب ال ...
- صفقة في صالة قسطرة-قصة قصيرة
- تقرير صحفي عن السيد امرئ القيس - قصة قصيرة
- اللص الذكي - حكاية من التراث الصيني
- ترنيمة آنا دستوفسكايا
- من الادب الساخر- ليش ما تصير بعثي
- أعدني الى صباي
- اعتذارات متأخرة
- إنه الماضي .. أليسَ كذلك ؟


المزيد.....




- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...
- NEW تردد قناة بطوط للأطفال 2024 العارضة لأحدث أفلام ديزنى ال ...
- فيلم -حرب أهلية- يواصل تصدّر شباك التذاكر الأميركي ويحقق 11 ...
- الجامعة العربية تشهد انطلاق مؤتمر الثقافة الإعلامية والمعلوم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجد الحيدر - حكايات من الفولكلور الكردي-حتى عرف العقل أودى بالمال