أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - حيدر الكفائي - ( أم الوفا ،،،،، سجينة خارج الأسوار )














المزيد.....

( أم الوفا ،،،،، سجينة خارج الأسوار )


حيدر الكفائي
كاتب

(Hider Yahya)


الحوار المتمدن-العدد: 7120 - 2021 / 12 / 28 - 17:19
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


لا يدري كيف بدأت قصة هذا الحب ، لكن كل ما يتذكره هي احداث صغيرة بقدر صغر سنيِّ عمرهما .
يلعبان يدرسان ويسهران على حل الألغاز ،،،، تغلبه كثيرا ويغششها ليغلبها فتصدقه ، تنام العيون ولا يزالا يحتكران الليل ليسهروه معهما حتى تلتصق جفونهما فيخلدون للنوم ، ثم يصحوان في الصباح كالعصافير يملئان باحة الدار باللهو واللعب .
تسامحه كلما اسرف في شقاوته التي اعتادت عليها ، تضحك من مشاكساته ، تخرج معه لدكان الحي فيحرجها بكثرة ممازحته وتطفله.
هكذا كانا في صباهما حتى كبرا وكبرت احلامهما ،،،،
صار الصبي يافعا فألتزم بدراسته واجتهد فكبر في عينيها وأزدادت هي اعتزازا بهذا الفتى الذي اختاره القدر ان يكون لها بعلا بعد حين من الزمن ، فقد اجتمعت كلمة الأهلين ان يكون من نصيبها ، فما بدرت منهما معارضة بل هذا ما كان ولم يكن غيره .
أخذ قلبها يزداد حبا وشوقا الى فارسها ومستقبل أحلامها وهي تزداد حياءا ووقارا ، وتتشوق الى ذلك اليوم الذي يجتمعان فيه على محبة الله ورسوله . اصبحت هذه البُنية تتباهى بين فتيات الحي وقريناتها من بنات القبيلة اللواتي اخذت الغيرة منهن مأخذا ، تصحو وتنام على ترنيمة اليوم الموعود ،، حتى اذا جاءت قطع الليل المظلم وانبرى القدر المحتوم ، واستنفرت معاول البلاء تهدم صروح عاشقات العفة والنجابة وموائل الملتحفات بقدسية الحب الطاهر النقي ليسلبها ذلك الأمل المنشود وحبيبها الموعود ، فقد اقتادوه الى حيث المجهول أؤلئك الاشرار بهائم الليل المتوحشة وهو لازال طري العود مرهف الحس قد اختطت معالم الفتوة وجهه الزاهر .
صُدمت هاتين العائلتين وجميع المحبين بهذا الحدث وظلت تلك البُنية مكسورة الخاطر مذهولة البال ، التجأت من فرط حزنها الى الدعاء والتوسل لربها ان يكشف همها ويستبين مرادها .
فبقت على ذلك الحال سنوات طوال لا تدري ماذا جرى له وما حل به من مدلهمات ومصاعب ، اذ يأس الجميع من عودته بعد ان بثوا رجال الأمن أخبار حتفه ، وقد بقيت هي وحدها صابرة محتسبة لم تستسلم لليأس .
قد اعابوا عليها اهلها وقريناتها انتظار المجهول وحاولوا ثنيها عن ذلك بأن تتزوج وتترك ذلك السراب الذي لا أمل منه ، حيث تقدم الكثير من الرجال لطلب يدها لكنها رفضت واصرت على ان تنتظر ذلك القابع في المجهول .
وبعد مضي تسع سنين جاءت بشائر الخير وطيور السعد تبشر بوجوده في سجن ابي غريب وعاد الى وجهها اشراقه وابتل صداها ورجع الأمل الموعود يعتمل في قلبها الذي جبرته اخبار حبيبها ، لكن الخوف قد انتابها في ان يكون الزمن قد غير قلبه وأمال هواه ، وهي المنتظرة كل هذا الأمد الطويل حتى انها لُقبت ب( أم الوفا ) لصبرها وجلدها وعدم يأسها من الفرج .
كان اول موعد لزيارته في السجن من قبل اخيه الكبير وأمه اذ قد اسروه بخبر موت والده ومقتل اخيه الذي يكبره ، والده الذي مات كمدا على آخر العنقود وأما الحبيبة أم الوفا فقد ارسلت ورقة صغيرة خبئتها في جيب امها التي جاءت مع اهله واعطته اياها لتخبره ان هذه امانة منها، وما ان رجع الى زنزانته وفتح تلك الورقة التي طويت لمرات عديدة ليجد بيتين من الشعر لخصت له فيها كل هذا العقد من الزمن الذي انتظرت فيه أملها ، وهي لا تدري ان قلبه يضمر في طياته واخاديده شغفا بتلك المؤمنة التي كان ذكراها انسا له في اقبية الأمن وزنازين البعث الكافر .
انتظر الى الموعد الآخر للمواجهة اذ اوصى بأن تأتي مع والدته ليكشف لها عن مدى عمق محبته وعظيم مودته لها ……
رجع الى زنزانته وهو مشغول فكره ومنهمك في كيفية ان يكون ذاك اللقاء المنتظر مع أم الوفا ، تلك الفتاة التي نذرت نفسها ان تكون له لا لغيره من الشبان رغم دروب اليأس وشدائد البأس ، وتذمر ابويها من ذلك القرار الذي أصرت عليه …
انتظار شهر بلياليه وايامه كان اصعب عليه من سنين ولّت بين اركان تلك الزنزانة وقضبانها الصلدة ، فكيف له ان يواجه من هو مدين لها اذ عاشت السجن في مجتمعها واهلها كما عاشه هو في مطامير تلك الزنازين الموحشة .
اما فرحة ام الوفا باللقاء فليس بمقدور الدواة ولا القراطيس ان تحصي بما يختطه القلم لواعج قلبها وحرَّ فؤادها وشوقها الى رؤية حقيق احلامها ومنال مرادها ، فراحت تعد الليالي والأيام الى ان يأتي ذلك اليوم الذي طال انتظاره .



#حيدر_الكفائي (هاشتاغ)       Hider_Yahya#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جولات مكوكية غير مألوفة من قبل
- السجاد الاحمر…..!
- مأزق مأرب وهروب السعودية نحو ايران
- مسيّرة الفجر تهتز في اروقة البيت الابيض
- تجربة موت…..! ( 4 )
- تجربة موت …..!
- تجربة موت …..! ( 2 )
- تجربة موت ….! ( 3 )
- من سيربح المليار….!
- تروحين فدوة لصباط قرداحي يا شمطاء
- عرس المازوت والخروج عن الجلد
- ( عميد المنبر ومتلازمة الجهلة….! )
- ( السرسري والسربوت والشلايتي…)
- الشيطان الازرق وعوائلنا
- الحب الضائع ….!
- المقايضة الممقوتة
- بين مشكلة الكهرباء وضياع الخصيتين
- الوعد الذي انقضه جز الرقبة
- يومين من العمل بجوار ميت
- التفكير بصوت عالي


المزيد.....




- منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية تؤكد مسئولية المجتمع ال ...
- ارتفاع حصيلة عدد المعتقلين الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ ...
- العفو الدولية: المقابر الجماعية بغزة تستدعي ضمان الحفاظ على ...
- إسرائيل تشن حربا على وكالة الأونروا
- العفو الدولية: الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحق ...
- -سين وجيم الجنسانية-.. كتاب يثير ضجة في تونس بسبب أسئلة عن ا ...
- المقررة الأممية لحقوق الإنسان تدعو إلى فرض عقوبات على إسرائي ...
- العفو الدولية: استمرار العنصرية الممنهجة والتمييز الديني بفر ...
- عائلات الأسرى المحتجزين لدى حماس تحتشد أمام مقر القيادة العس ...
- استئجار طائرات وتدريب مرافقين.. بريطانيا تستعد لطرد المهاجري ...


المزيد.....

- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان
- نقش على جدران الزنازن / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - حيدر الكفائي - ( أم الوفا ،،،،، سجينة خارج الأسوار )