أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد جاسم - اضاءات حول حداثة السياب














المزيد.....

اضاءات حول حداثة السياب


سعد جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 7116 - 2021 / 12 / 24 - 07:38
المحور: الادب والفن
    


لقد مضى اكثر من نصف قرن من الزمن على رحيل الشاعر العراقي الكبير والمبدع الفذ بدر شاكر السياب
الذي كان قد اختطفه القدر بالموت في قمة شبابه الزمني وابداعه الشعري , وذلك بعد معاناة طويلة مع المرض والفاقة والفقر. السياب الذي كان له قصب السبق في تحديث الشعر العربي
والبسالة في ايقاد وحمل شعلة الحداثة في الشعرية العربية مع مجموعة من الشعراء العراقيين والعرب من أمثال :
نازك الملائكة وعبد الوهاب البياتي وبلند الحيدري ومحمود البريكان وغيرهم من الشعراء الحقيقيين .
ان السياب كان ومنذ حداثة عمره , قد تأثر بالشعراء القدامى وذلك من خلال قراءاته العميقة لمعظم الشعر العربي في كل عصوره وازمنته وانماطه واشكاله المتعددة ،
وكان قد تعمق بالقراءات الاسطورية والميثيولوجية والتوراتية والانجيلية والقرانية التي كان لها اثرها الكبير وتاثيرها العميق في بناء ثقافته الشاملة ووعيه الشعري المتوهج,
ثم أولع بالثقافة الغربية وتأثر أشد الأثر باعمال وليام شكسبير الشعرية والمسرحية
وحرص على قراءة اعمال اهم الشعراء الغربيين مثل : ت. أس . إليوت وكيتس ووردزورث وكولردج وغيرهم .وقد استفاد منهم واستثمر نتاجاتهم الابداعية المدهشة في تعزيز خبرته الشعرية
والجمالية واثراء رؤيته الفكرية ولغته وصوره الشعرية . وويمكننا ان نشير الى مدى تاثره واستفادته من الشاعرة الانكليزية "إيدِث سِيتوِيل"
التي كانت قد فتنته بقصائدها المتفردة وبنصوصها الثرية بالاستعارات والمجازات والإيقاع الشعري العالي .
وذلك من خلال تآلف الألفاظ وموسيقى الكلمات ...
وقد انعكس كل هذا في شعره الحديث شعر "التفعيلة" بتنويع طول الأبيات وقصرها أحياناً, مع محافظته على تفاعيل القصيدة الخليلية العربية .
ولكنه لم يلتزم بشكل بيت الشعر العربي المعروف والموروث منذ قرون سالفة . وقد أبدع في ذلك,وتعلم التكرار, من قصائد "سِيتوِيل"
كما يظهر هذا في معظم قصائده خاصة في "أنشودة المطر" تكرار : مطر... مطر... مطر.. وكأنَّ كلمة مطر عنده هي رمزٌ للخصب وللمرأة وللوطن في آن معاً .
كان منتفضاً ضد الأنظمة الاستبدادية, وكان ينشد للثوار وهم يحتجُّون ضد الطغيان والظلم والجوع.
كانت قصائده تلحَّن وتغنَّى في السجون والمعتقلات, لتزرع الأمل والعزم والصلابة في نفوس المحتجين, من خلال قصائده
الخالدة: " المومس العمياء وحفَّار القبور وأنشودة المطر"
وقد تميزت قصائد السياب بالخروج عن القصيدة التقليدية وبكثافة الأَلم الذي يسكنها , بسبب ظروفه الصعبة التي عاشها وبسبب
الداء العضال الذي أودى بحياته في سن مبكرة .
أهم مميزات شعرالسياب هي: ويُمكنني القول ان من
أولاً : استخدام المجاز بكثرة, فهو يعرِّف الصورة الفنية بأنها صياغة جديدة تمليها موهبة المبدع وتجربته ؛
وفق تعادلية فنية بين طرفين هما : المجاز والحقيقة .
ثانياً: توظيف الأسطورة, ويعتبر السياب من أهم الشعراء الذين جعلوا الأسطورة رموزاً في اشعارهم .
وقد إجتهد السياب في استثمار هذه الرموز من حضاراتٍ مختلفة كالبابلية والسومرية والأشورية واليونانية والرومانية والفرعونية,
حيث انه قد استطاع بثَّ ثيمات وشفرات تلك الرموز في طبقات قصائده فزادتها عمقاً وجمالاً وبهاء .
ان شعر السياب ثريٌّ بالإيحاءات والدلالات,وقصائده مشحونة بالعاطفة المتوهجة والثورة والألم والشجن الموجع وقد ساعدته ثقافته الواسعة كي يُجسّد معاناته الجسدية والنفسية أعمق تجسيد في شعره الفسيح الفضاءات والابعاد والغزير الثيمات والرؤى .
ولقد تعدَّدت موضوعاته الشعرية, وفاحت منها رائحة الموت والمنايا , والاحزان والفجائع وإرهاصات وهواجس الغربة الروحية والزمكانية ، ومن أهم تلك الموضوعات :
ثالثاً : الحب والفقد: وقد كان فقده لأمه فقداً لأقوى حبٍّ في الوجود
وهو القائل :
" أماهُ ليتك لم تغيبي خلف سورٍ من الحجارة "
رابعاً : الغزل: وجد السياب في حبه للمرأة تعويضاً عن حبِّ الأم المفقود وهو في الرابعة من عمره .كما ان دمامته جعلت معظم النساء اللواتي أحببنه يتركنه.
لكن َّ الخيبات العاطفية التي لاحقته في حياته,قد كانت ينبوع إلهام فجر شاعريته ورصَّع قصائده
بالألق الشعري والابداع الحقيقي .
خامساً : الشعر الوطني ؛ حيث ان السياب قد كان ثائراً في وجه الظلم والاستبداد فأحس بالغربة وهو يعيش في وطنه العراق , ولايمكننا نسيان او تناسي مواقفه ذات البعد القومي والانساني ،
حيث انه قد قام بنظم العديد من القصائد للقضية الفلسطينية ، وحيَّا نضال التونسيين والجزائريين والمصريين ضد الاستعمار والطغيان والدكتاتورية .
سادساً : انشغاله الاستثنائي بفكرة الموت بوصفها واحدة من القضايا الجوهرية والموضوعات الكبيرة الاهمية التي منحها السياب عناية خاصة ، حيث انه قد تناول الموت كحقيقة ومفهوم وجودي متعدد الاسباب،
ولكنه في المحصلة النهائية يبقى واحداً. وهذا ما طغى في الكثيرمن قصائده على كل ماعداه في عموم شعره, فهو مثلاً يقول :
أهكذا السنون تذهب )
أهكذا الحياة تنضب؟
أحسُّ أنني أذوبُ ... أتعبْ
أموتُ كالشجرْ
يا أَيّها الاله
( أريدُ أَنْ اموت
وخلاصة القول : أَرى ان السياب والحداثة كانا تؤامين وصنوين ومتداخلين حدَّ التوحد والتماهي بما لايقبل الانفصال والاختلاف على هذه الحقيقة على الإطلاق .
ولايُخفى علينا ان السياب كان قد تفوق على ذاته وأَصبح : شاعراً نسيج نفسه , والرائد الحقيقي لحركة الحداثة الشعرية العربية ،
وحداثته لم تأتِ بمحض مصادفة أو مجرد نزوة من نزوات حب الاختلاف والاستعراض والادعاءات الفارغة ، لا بل انها كانت نتيجة مخاض عسير ومعاناة حياتية في غاية القسوة والالم والفجيعة .



#سعد_جاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هايكو برائحة الشاي العراقي
- هايكو عراقي : مشروعي الشعري المسروق بلا اي خجل او ضمير ثقا - ...
- سيلفي مع قمر وشجرة وغزالة
- حال الناصرية
- غزالة الأَبدية
- خضراء أَنتِ خضراء
- تفاحة زرقاء مسمومة اسمها : أَرض الله
- حصّتُنا من النفط
- البكاءُ على إلهٍ مقتول
- الله والشاعر والنساء
- إِزدهارات سلمان داود محمد
- سعدائيــل البابلي أو رأَيْتُ كُلَّ شيء
- عراق الله والامهات
- مرايا الحب والرغبات
- لسْتُ أُحبُّكِ فقط
- الكوميديا الصينية
- لماذا يشْتمونَ سعدي يوسف ؟
- قريباً من السماء الأُولى
- مهرجان لضفادع باشو
- أَخافُ عليكِ من الكورونا


المزيد.....




- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...
- -كنوز هوليوود-.. بيع باب فيلم -تايتانيك- المثير للجدل بمبلغ ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد جاسم - اضاءات حول حداثة السياب