أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد رضا عباس - كيف تعامل الكتاب العراقيون مع تصريح الشيخ الابراهيمي؟















المزيد.....

كيف تعامل الكتاب العراقيون مع تصريح الشيخ الابراهيمي؟


محمد رضا عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7114 - 2021 / 12 / 22 - 19:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أنتج انتقاد الشيخ جعفر الابراهيمي حفل المطرب محمد رمضان في بغداد جملة من ردود أفعال مختلفة بين العراقيين. جزء من ردود الفعل كان نوع من الاعتذار المبطن وتبرير ساحة الشيخ من العنصرية ضد اللون الأسود , حيث اعتبرت هذه المجموعة ان ما أراد الشيخ قوله هو المتعارف غليه في العراق عندما يغضبون او يحذرون او يلومون. فالعراقيون عندما يغضبون على شخص يقولون له " سود الله وجهك ", وعندما يتحدثون عن شخص قام بعمل مرفوض يقولون " مسود الوجه", وعندما يتورط شخص بعمل او حديث معين غير مقبول اجتماعيا يقولون عنه " سخم وجه". وعليه فان هذه المجموعة , واغلبهم من مناصرو الشيخ , لا يعتبرون ما قاله الشيخ الابراهيمي بحق المطرب انما جاء من باب " العمل القبيح “. هذا وجاءت في القران الكريم سبعة من الآيات تصف الكفار والظالمين ومن يعارض التعاليم السماوية بالسواد. فقد جاءت في سورة ال عمران اية رقم 106" فأما الذين اسودت وجوههم اكفرتم بعد ايمانكم". وجاء في سورة النحل ,اية 58" يوم تبيض وجوه وتسود وجوه". كما وان هناك اخبار بان الرسول الاكرم كان يكره السواد الا في ثلاثة " العمامة والخف والكساء", وان الامام علي قد نهى لباس الأسود لإنه " لباس فرعون", وان الحسين ابن علي ان لبس القلنسوة السوداء " لباس اهل النار".
مجموعة أخرى رات ان انتشار فن الغناء والطرب هو طريق الى الفساد وانحدار الشباب نحو المحرمات وبالتالي انحرافهم من القيم الاسلامية. هذه المجموعة ربما عاشت زمن انهيار فن الغناء في عهد النظام السابق والذي ركز على تمجيد القائد الضرورة ومن ثم تحريمه واعتباره منافيا للشريعة الإسلامية. في هذا الموضوع يقول الأستاذ احمد عبد الحسين في صحيفة "الصباح" " الفن مطارد بهاتين الهراوتين تتفيهه وابتذاله ونشر الهابط منه واضحال الناس عليه, ثم تحريمه وعده منافيا للشريعة. وهو بين هذا وذاك أضاع صورته الحقيقية وبات جمهوره يطلبونه فلا يجدوه". اذن , هذه المجموعة وهم من العادة من ملتزمين دينيا, من كل المذاهب, يرفضون فن الغناء جملة وتفصيلا ولا يطربهم الا أغاني المواليد وتلاوة القران الكريم. فقد كتب أحدهم يقول “الا يعلم هؤلاء الذين انفقوا أموالهم لحضور حفل الرذيلة ان الله يمهل ولا يهمل وان ريك لبلمرصاد وان أموالهم هذه ستكون النار التي تكوى جباههم ووجوههم ". وخاطبه سماحة الشيخ مهدي الصميدعي , مفتي العراق, وهو يخاطب رئيس الوزراء السيد مصطفى الكاظمي " ان من أشنع ما سيكتبه التاريخ عنك هو جلب المطربين من الخارج من اجل افساد الشعب العراقي".
مجموعة أخرى من ردود الأفعال ليست لديها مشكلة مع الغناء بقدر مشكلتها مع الانتقادات التي تصاحب المراسيم الدينية , وخاصة عندما ينتقدون كثرة المصاريف على المأتم الحسينية. انهم ينتقدون حجم تكاليف واجور الفرقة الغنائية والتي كانت أكثر مما يحصل عليه اغلب المواطنين العراقيين واعتبروها نوع من التبذير والترف. ففي الوقت الذي لا يتجاوز راتب المهندس العراقي الشهري على أكثر من 750 دولار , والطبيب على 1000 دولار , كان اجرة الفرقة الغنائية أكثر من مليون وربع المليون دولار. صاحب هذه الكلمات سبق وان رد عليهم , انه يعتقد ان احياء مراسيم عاشوراء ضرورة إنسانية قبل ان تكون شعيرة دينية , حيث ان احياء ذكرى استشهاد الحسين تذكر العالم بوجود الظلم وان طريق الاحرار ليس مفروش بالورود وانما طريق موحش مملوء بالشوك والتضحيات. كما وان المناسبات الدينية تعد مصدر رزق لأصحاب المهن مثل أي مناسبة وطنية او دينية أخرى. المواطن الأمريكي يصرف مرتب شهرين على هدايا عيد الميلاد, وان أي صاحب متجر لا يستفيد من بيع شهري تشرين الثاني وكانون الأول تكون نهايته الغلق والبحث عن عمل اخر او موقع اخر. يضاف الى ذلك ان المناسبات الدينية بكافة أنواعها تعد مناسبة للتخفيف عن كاهل الفقراء. لقد لاحظت في زيارتي الأخيرة الى العراق ازدحام الافراد والعوائل على أماكن تقديم الطعام المجاني.
هذه المجموعة ايضا لا تريد سماع انتقاد المراسيم الدينية بحجة التطور والتقدم , وان ممارسة المراسيم الحسينية أصبحت بالية ولا تواكب العصر وأنها أصبحت تعطل التنمية الاقتصادية. المجموعة ترد عليهم ان المراسيم الدينية لا تعطل التنمية وخير دليل على ذلك هو ان هناك دول إسلامية لا تمارس فيها مراسيم عاشوراء واحياء ذكر اهل بيت محمد ومع هذا فأنها في اخر قائمة الدول الإنتاج المحلي. يضاف الى ذلك , ان هذه المجموعة تضع الدستور العراقي الفاصل ويذكرون ان الدستور العراقي اعطى الحرية للعراقيين بممارسة نشاطاتهم الدينية والاجتماعية والثقافية على شرط ان لا تتناقض مع حقوق الاخرين , ولكن دائما سهام الانتقادات تتوجه لهم من بعض العلمانيين. في هذا المجال جاء في شعر السيد نجم الكناني وهو يقارن بين الحرية التي يتمتع بها المتحررين أنصار حفل المطرب محمد رمضان والحرية التي يتمتع بها الملتزمين بالطقوس الدينية والحسينية ويقول:
حريتك ألك أي هاذه حق مشروط و حريتي بحبل واسلاك فروهه
الى هنا والأمور بلا سياسة , وتأتي مجموعة أخرى من الكتاب وتحشر السياسة والتطبيع في قضية حفل المصري رمضان. انهم كثيرون، ولكن سوف اختار عينة صغيرة منهم. واحد منهم يقول ان " الملاهي ونشر المخدرات ودعم ظاهرة المثليين وإقامة الحفلات الماجنة " ما هي الا حرب "ناعمة" تقوم بها الصهيونية العالمية من اجل حرف المجتمع من التعاليم الدينية واشغال أبناء المجتمع باللهو والطرب وترك الصناعة والزراعة , وقتل الروح الإسلامية , وروح النصر التي جنى العراق ثماره بالقضاء على تنظيم داعش. وكاتب اخر يعتبر توقيت حفلة محمد رمضان جاء في الذكرى السنوية لاستشهاد أبو مهدي المهندس وقائد جيش القدس قاسم سليماني " لذا تسابق الأعداء ومعهم جيف المرتزقة والجهلة لكي يقفوا دون ان يكون الاحياء الثاني بمستوى الاحياء الأول فبادروا الى هذا الرقص الفاحش والخلاعة الوقحة والتهتك العلني لكي يلغوا دور الشهادة والشهيدين ويحجبون شمس الانتصار بغرابيلهم الواهية". وفي مقال اخر يتهم الكاتب الحكومة العراقية بدعم الحفلة يقول , ان " مشروع الابراهيمية الصهيوني (له برامج متشعبه).. واحد هذه البرامج واخطرها هو برنامج (الفساد المجتمعي) على طريقة الممثل المصري الماجن الخليع.. والخطة الصهيونية نفذت بأجندة حكومية إبراهيمية عراقية". وكاتب اخر يعتبر ان الحفلات الغنائية ومسابقات اللعاب الرياضية , معرض الكتب , كلها أدوات يستخدمها أعداء الإسلام من اجل تدجين المجتمع العراقي من التطويع الى التطبيع " ان مشروع تدجين المجتمع وتطويعه يقوم على إزاحة القيم الدينية والأعراف الاجتماعية من داخل المجتمع , ... ثم بعد ذلك يتم التطبيع العلني الكامل. كل ذلك يجري تحت رعاية السفارة الامريكية و صواحباتها في السفارات الغربية والعربية".
من حق هذه المجموعة التعبير عن غضبهم من الحفلة الماجنة للمطرب رمضان , ومن حقهم الخوف على المجتمع العراقي من الانزلاق نحو الانحراف الذي يعاني منها الغرب والشرق , ولكن هذا التخوف لا مبرر له وللأسباب التالية:
1. ان الملاهي والمراقص موجودة حتى قبل تأسيس الدولة العراقية. الكاتب هادي جلو مرعي ,يصف الباب الشرقي في بغداد يقول " وكانت اشهر مطربات وراقصات وسياسي البلاد يجتمعون عنده وفي فنادقه العامرة وملاهيه الليلية وبغجاته ..".
2. التطبيع مع الكيان الصهيوني جاء على يد قادة دول وليس على يد شعوبها. شعوب البلدان المطبعة مع إسرائيل لم تخرج في تظاهرات من اجل التطبيع وانما فرض قادتهم التطبيع فرضا عليهم. في العراق حتى التفكير بالتطبيع من قبل سياسي معين يعد انتحار سياسي.
3. حفلة واحدة او عدد منها سوف لن تحول مجتمع بكاملة الى شعب ماجن لا يكترث بتقاليده وتراثه. الفقر والجهل هو الذي يقود الشعوب الى الانحدار وقبول الاحتلال والتطبيع. شعوب أمريكا وأوروبا , وان كثرة فيهما لحفلات الليلية والسهرات , ولكن لا نستطع ان نطلق عليهم صفة "ماجن". الأغلبية منهم يعتقدون بالحساب والجنة والنار.
4. حفلة رمضان على اغلب الظن لم تقام تشمتا باستشهاد المهندس وسليماني. الاستشهاد كان في بداية شهر كانون الثاني فيما ان الحفلة كانت في بداية الشهر كانون الأول. أي هناك ما يقارب الشهر بين الحدثين.
5. ارجوا من هذه المجموعة والمجموعات الأخرى ان لا ينظروا الى الفن , بضمنه الغناء على انه حرفة ابتذال. الفن حاجة بشرية مثل حاجته الى الماء، والهواء، والطعام، والسكن. كل ما حولك سواء في البيت، او المسجد، او الحسينية، او دائرة حكومية، او محل تجاري يعود الى حرفة الفن. حتى القصائد الحسينية التي تنشد في الحسينيات أيام الاحزان على ال محمد هي نوع من الفن. يكفي من القول ان أمريكا وأوروبا وروسيا واليابان عرفها العالم عن طريق فن التصوير والغناء والتمثيل والرقص الشعبي واللوحات الفنية.
6. المجموعة التي تتخوف على العراق من التطبيع من الاحسن لها تكثيف كتاباتها لتوجيه الحكومة القادمة على توفير العمل للعاطلين , لان الفقر هو باب لجميع المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في البلد. الم يقل امام المتقين علي بن ابي طالب " لو كان الفقر رجلا لقتلته".
7. البلدان لا تدار من وراء الجدر والمناطق المحصنة. الإسلام السياسي يجب ان يخرج من قلاعه الى الشارع ومعرفة حاجات الناس. ان بعدهم من الساحة العراقية هو الذي يعطي المجال للقوى المنافسة لهم باحتكارها او التمدد عليها. التمدد الإيراني في العراق جاء بعد ان غاب العرب عنه .
8. لن يكون هناك تطبيع مع الكيان الصهيوني الى ان يتحقق للفلسطينيين حقوقهم , وهذا راي المرجعيات الدينية بكافة مذاهبها وراي جميع الأحزاب السياسية في العراق. الساحة العراقية طويلة عريضة ولا يستطع حزب او مجموعة ذات توجهات معينة السيطرة عليها. المتخوفون من التطبيع يفترضون ان الشارع العراقي يقاد من قبل فكر واحد (ثابت) , والحقيقة يقاد من مجموعة من الأفكار(متحرك). العراقيون معروفون باختلاف الراي.



#محمد_رضا_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا تغير في لبنان بعد استقالة السيد قرداحي؟
- رفع سعر الفائدة يطفىء لهيب الاسعار , لماذا قررت تركيا العكس؟ ...
- يا شيخ الابراهيمي : لقد خالفت شريعة نبيك
- روسيا الاتحادية تتاجر بالسيادة السورية
- تعريف السوق في النظرية الاقتصادية الاكلاسيكية
- لماذا يختلف الاقتصاديون ؟
- ارتفاع التضخم المالي في دول جوار العراق وتاثيره على اقتصاده
- ما هي علاقة اسعار الفائدة باسعار الذهب في نظام السوق؟
- هل ستقبل اور العراقية تحدي قصر Biltmore الامريكي ؟
- الاتجاه السياسي الجديد للادارة العراقية تحت قيادة السيد مصطف ...
- انهيار الليرة التركية وتاثيره على الاقتصاد الوطني
- هل ستغادر القوات الامريكية العراق بنهاية هذا العام؟
- ضحايا التقدم الاقتصادي غير الملتزم
- هل من علاقة بين تسبة التضخم المالي و البطالة؟
- خطايا نظام السوق
- العالم يدفع فاتورة ترك ملايين الامريكان اعمالهم
- هل الاستثمارات الخليجية في العراق طبخة للبننته؟
- و تبين ان العراق كان مربط خيول ال سعود!
- تاثير محاولة اغتيال السيد مصطفى الكاظمي على مستقبل العملية ا ...
- لا تحضر و لا ازدهار بدون احترام الفن والمواهب


المزيد.....




- شاهد: تسليم شعلة دورة الألعاب الأولمبية رسميا إلى فرنسا
- مقتل عمّال يمنيين في قصف لأكبر حقل للغاز في كردستان العراق
- زيلينسكي: القوات الأوكرانية بصدد تشكيل ألوية جديدة
- هل أعلن عمدة ليفربول إسلامه؟ وما حقيقة الفيديو المتداول على ...
- رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية يتهرب من سؤال حول -عجز ...
- وسائل إعلام: الإدارة الأمريكية قررت عدم فرض عقوبات على وحدات ...
- مقتل -أربعة عمّال يمنيين- بقصف على حقل للغاز في كردستان العر ...
- البيت الأبيض: ليس لدينا أنظمة -باتريوت- متاحة الآن لتسليمها ...
- بايدن يعترف بأنه فكر في الانتحار بعد وفاة زوجته وابنته
- هل تنجح مصر بوقف الاجتياح الإسرائيلي المحتمل لرفح؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد رضا عباس - كيف تعامل الكتاب العراقيون مع تصريح الشيخ الابراهيمي؟