أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - امال قرامي - «صمت الدولة يقتل النساء»














المزيد.....

«صمت الدولة يقتل النساء»


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 7103 - 2021 / 12 / 11 - 13:22
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


تتعدّد أشكال صمود النساء أمام بنى القمع والهيمنة المتشابكة، وتتكثف جهودهنّ من أجل مقاومة ظاهرة العنف المبني على النوع الاجتماعي/الجندر، في كلّ بلدان العالم، وهو عنف يستهدف النساء والفتيات لأنّهن نساء/«زريعة إبليس» «أفاعي»... إنّه عنف معبّر عن كره بغيض يصل إلى حدّ التفنّن في ممارسة التعذيب والتلذّذ بمعاناة الضحايا وصولا إلى القتل.

ترفض النساء سياسات التصميت، وتهميش ملّف العنف فيخرجن إلى الفضاء العامّ ليجسّدن حضورهنّ الملفت للنظر ويبتكرن أشكالا متنوّعة من المقاومة وتعبيرات جسدية مختلفة تدلّ على «الغضب الساطع». فنجد الرقصة الجماعية المشفوعة بكلمات أغنيّة توجّه أصابع الاتهام إلى صاحب السلطة الفعليّة والمؤسسة الأمنية وغيرها من الأطراف المتواطئة، ونجد قرع الطبول، ورفع المكانس وإحداث الضجيج باستعمال الأواني المطبخية... كلّ ذلك من أجل إسماع «من به صمم».

اختارت التونسيات هذه السنة، وفي إطار ال16 يوما لمناهضة العنف المسلّط عليهنّ، الخروج في المسيرة الصامتة التي تنظّمها الديناميكية النسوية رافعات مجموعة من الشعارات لعلّ أهمّها «لا للعنف ضدّ النساء»، وهو شعار مرتبط بالحملة التي أقرّتها هيئة الأمم المتحدة التي تنصّ على أنّ العنف القائم على النوع الاجتماعي وإن كان شديد الانتشار فهو ليس حتميا ويمكننا منعه، بل يجب منعه.

وتتمثّل أوّل خطوة لإيقاف هذا العنف، في وجوب تصديق الناجيات، واعتماد خطط شاملة لمعالجة الأسباب الجذرية وراء ذلك كالتصدّي للتنشئة الاجتماعية المعتمدة على التقاليد والعادات والأعراف المكرّسة للتمييز والبرامج التعليمية والثقافية والإعلامية المرسّخة للصور النمطية ودونية المرأة والمشجّعة على مراقبة النساء و«تأديبهن» والسيطرة على حيواتهنّ. يُضاف إلى ذلك العمل على تمكين النساء والفتيات وتوفير الخدمات الأساسية للناجيات عبر مختلف القطاعات الأمنية والعدلية والصحية والاجتماعية، وتخصيص التمويلات الكافية للإيفاء بأجندة حقوق النساء، حتى يمكننا الحدّ من ظاهرة تزداد خطورة يوما بعد آخر، وهي لا تستثني أية امرأة: شابّة أو مسنّة، سليمة أو من ذوات الاحتياجات الخصوصية، ميسورة الحال أو فقيرة، متعلّمة أو أميّة، صاحبة موقع قرار أو تابعة لرجل يتحكّم في قراراتها .. ولذلك كان العنف القائم على النوع الاجتماعي في نظر النساء، وباء أشدّ خطورة من وباء كورونا، ومسألة ذات وشائج بالأمن القومي.

ويتجاور مع الشعار الأولّ العالميّ شعار محليّ حرصت الناشطات الحقوقيات على إبرازه وهو: «صمت الدولة يقتل النساء»، المتنزّل في إطار السياق الذي نمرّ به. فإذا كان هرم السلطة قد أعلن عن رغبة في الإصلاح وتحقيق «العدل» والكرامة وحفظ الحقوق، وأوّلها حفظ حقّ النفس فإنّ هذا المسار لم يعكس إرادة السياسية للتصدّي لظاهرة العنف الذي يستهدف النساء والشابات بحيث صارت تونس في نظرهن ،بلدا غير آمن.

وبناء على الوعي «بتراخي» مختلف مؤسسات الدولة، وأوّلها المؤسسة الأمنية التي صار بعض المنتمين إليها يمارسون العنف (الخطف، القتل، التعذيب...) ويستهدفون الشابات في الاحتجاجات، وعدم توفير الحماية اللازمة للناجيات ووضع إجراءات عملية للتسريع بمسار التحقيق والتقاضي وتوفير مراكز الإيواء وبرامج التأهيل النفسي والتمكين الاقتصادي الخاص بهنّ فإنّ القناعة الراسخة لدى أغلب التونسيات أنّ الدولة مسؤولة عن تصاعد وتيرة العنف واستفحال كلّ مظاهره وأنّه آن أوان مساءلتها.

ولعلّ المفارقة تكمن في أنّ النظام السابق كان يسعى إلى تصميت النساء غير المعبّرات عن سياساته والحدّ من صمودهن فإذا بهنّ ينضممن إلى المسار الثوري ويتمكّنهن من امتلاك الصوت وفرض إرادتهن. وفي اللحظة التي برزت فيها أصوات النساء المدويّة اختارت الدولة أن تصمت وأن لا تحدّق في الواقع وأن لا تصنّف حماية النساء ضمن أولاويتها. وشتان بين بلاغة صمت النساء في المسيرة الاحتجاجية وصمت الدولة القاتل.

إنّ دولة تتنصّل من مسؤولياتها السياسية والقانونية والأخلاقية وتعبث بحيوات النساء والفتيات وتغضّ الطرف عن حوادث القتل والترويع والخطف والتعذيب... دولة تستهين بحق التونسيات في الحياة.



#امال_قرامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأحزاب المعارضة وأزمة إثبات الوجود
- رئيسة الحكومة من «صمت القصور» إلى «كسر حاجز الصمت»
- «شهادة للتاريخ» عن الخروج من التاريخ
- في أشكال الردّ على العنف الممارس في الفضاء المدرسي
- التونسيون وخطاب الكراهية
- يوتوبيا «الشعب يريد»
- رئيسة الحكومة ومسار الاختبارات
- هل ما زالت فسحة من الأمل ؟
- رئيسة الحكومة التونسية بين المفعولية والفاعلية
- لِم العجلة؟ في التأنّي السلامة
- مواقف القيادات «الجهادية» من «خروج » النهضة من الحكم
- الإسلاميون: من «الصعود» إلى سدّة الحكم إلى «الهزيمة»
- تونس ما بعد 25 جويلية ومسار الاختبارات
- المحلّلون بين ادّعاء الفهم وتهافت الخطاب
- حيوات الأفغانيات مهمّة
- حقوق النساء التونسيات بعد إجراءات 25 جويلية 2021
- الإرادة السياسية والإرادة المواطنية
- تونس بعد 25 جويليّة وانطلاق ورشات التفكير
- تحليل اخباري: وقفة تأمّل في حدث هزّ البلاد
- السياسة من منظور الأمثال الشعبيّة


المزيد.....




- السويد- رجل وامرأة يحرقان نسخة من القرآن قبيل انطلاق -يوروفي ...
- اغتصاب واتجار وتخدير.. قصة اصطياد عصابة -تيك توك- للأطفال في ...
- استقبل الآن… أحدث تردد قنوات الاطفال 2024 على القمر الصناعي ...
- الأونروا: الحرب على غزة هي حرب على النساء
- “اجا الحلو يا لولو!!”.. تردد قناة وناسة 2024 WANASAH TV لمشا ...
- الأونروا: الحرب على غزة تستهدف النساء بشكل أساسي
- في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. ما هو حال الصحافيات/ين الفل ...
- عام من الحرب في السودان.. عندما تنطق الأرقام ألمًا
- حليمة بولند خلف القضبان بسبب رجل مهووس
- “سجل الان” طريقة التسجيل في منحة المرأة الماكثة في البيت 202 ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - امال قرامي - «صمت الدولة يقتل النساء»