أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - امال قرامي - الإرادة السياسية والإرادة المواطنية














المزيد.....

الإرادة السياسية والإرادة المواطنية


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 6987 - 2021 / 8 / 13 - 14:41
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


لازلنا بصدد تحليل مقوّمات التدبير السياسي واستخلاص الدروس، وإثارة الأسئلة حول الديمقراطية و«المسار الانتقالي الديمقراطي» و«ما بعد الديمقراطية» والنظام البرلماني، ودلالة تجربة الإسلاميين في الحكم، ونجاعة المقاربة القانونية التي أثبتت مرّة أخرى، أنّ صياغة الدستور والتشريعات الرياديّة غير كافية لإدارة المرحلة. فقد تبيّن التونسيون اليوم، أنّ الفجوة بين المواد الواردة في الدستور والتشريعات التي صيغت خلال هذه السنوات تتسع يوما بعد آخر، وأنّ السياسيات التي تدّعي كلّ حكومة أنّها أحكمت صياغتها غير قابلة للتنفيذ أو معطلّة «بفعل فاعل»، وهو ما يجعل طرح سؤال الإرادة السياسيّة ضروريّا.فماذا يعني غياب الإرادة السياسية؟ وماذا يعني أن تتوفّر الإرادة السياسية؟
إنّ الإرادة بما هي تصميم على الفعل وجرأة على اتخاذ القرار في الوقت المناسب، وتمسّك بالاستقلالية في الرأي دون الخضوع للوبيات الضغط ومحترفي الابتزاز أو التهديد هي التي تسمح للمسؤول السياسي بأن يحوّل ما جاء في النصوص القانونية من قيم معيارية ومبادئ كبرى إلى ممارسات في الواقع المعيش قادرة على تغيير العقليات والمواقف. فكلّما اقتنع المواطنون/ات بأنّ القانون يطبّق على الجميع بغض الطرف عن الموقع السياسي والانتماء الحزبي أو الطبقي أو الجهوي... ازداد احترامهم له وتمسّكهم بـ«دولة القانون» وبذلك يتحوّل القانون إلى ثقافة.
وكلّما احتكم المسؤول إلى روح الدستور ومبادئ التشريعات وكانت له إرادة حقيقية في الالتزام بتطبيق القانون على الجميع دون استثناء أجاد الحوكمة وحصّن نفسه واستعدّ لمواجهة المساءلة والمحاسبة. إنّ الإرادة الحرّة هي التي تجعل المسؤول سيّد نفسه وأكثر قدرة على الصمود أمام إغراء السلطة أو التهديدات لا يتوانى عن تحمّل تبعات قراراته فيقدم على اتخاذ قرار الاستقالة، في اللحظة الحاسمة، ويكون خروجه من السلطة مشرّفا فيزداد احترام الناس له ويكبرون فيه وقوفه ضدّ محاولات التلاعب بالقوانين والتحيّل والإفلات من القانون.
إنّ توفّر الوعي السياسي والإرادة السياسية هو الذي يسمح للسياسي بفهم «نبض الشارع» واستيعاب المطالب التي ترفعها الحركات الاجتماعية والمواءمة بين الإرادة السياسية والإرادة الشعبية. وكلّما أصرّ السياسي على إرادة فهم الأزمات والبحث عن الحلول استعيدت الثقة بين المواطنين/ات والسياسيين وأمكن الإصغاء والحوار خارج منطق الصدام وصراع الإرادات.
إنّ حصافة السياسي هي التي تجعله يجسد الإرادة المشتركة لا إرادة النخب وينأى بنفسه عن التورّط في ممارسات تمييزية تؤثر توفير اللقاح للوزراء والمسؤولين ومن هم في ركابهم على حساب المعوزين والمرضى، وهو ما يفسّر فرحة التونسيين يوم 8 أوت وقدرتهم على تجسيد التضامن الاجتماعي من خلال التطوّع والبذل والعطاء بعيدا عن حسابات «التسييس»، وهو ما يفسّر قدرة التونسيين على تحويل حدث «عادي» إلى حدث احتفاء بالحقّ في الحياة والحلم واستعادة الأمل. وحين تلتقي الإرادة السياسية والاستعداد للإصغاء إلى مطالب الناس «العاديين» والتصميم على كسب الرهانات في أقصر وقت ممكن يكون الفعل في الواقع ويحضر الأمل في إمكانية التغيير.
ولعلّ الدرس المستخلص أنّ الذين صوّروا لنا أنّ الواقع معقّد وأنّه لا إمكانية للإصلاح ولا موارد تسمح بالخروج من «السنوات العجاف»، والذين أوهمونا بأنّه يصعب مواجهة الموالين للإرادة الخارجية وأن لا حلّ إلاّ في الهدم قد كانوا مفتقرين للإرادة الحقيقية على الفعل في الواقع من أجل تغييره، ولم يثقوا يوما في قدرات التونسيين/ات ولم يستطيعوا تحويل «إذا الشعب يوما أراد الحياة» إلى مبدإ أساسي يوّجه الفعل السياسي فيجعل الإرادة السياسية تتوازى مع إرادة الشعب في نحت ملامح حياة كريمة تضمن فيها الدولة حقوق الجميع بقطع النظر عن مواقعهم وامتيازاتهم وانتماءاتهم.
وإذا كان من حقّ السياسي أن يحتفي بقدرته على فرض الإرادة السياسية، وتصميمه على تغيير الواقع وإعادة قيم التضامن الاجتماعي والتطوّع والمحبة ورعاية المسنين.. وتجسيد الإرادة المواطنية فإنّه ليس من حقّه أن ينساق وراء الرغبة في توظيف هذه الإرادة في كسب نقاط ضدّ الخصوم أو في الدعاية السياسية وليس من حقّه أيضا أن ينساق وراء الشعبوية فشتان بين الإرادة الشعبية المواطنية والإرادة السياسية المتكيفة مع الشعبوية.



#امال_قرامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تونس بعد 25 جويليّة وانطلاق ورشات التفكير
- تحليل اخباري: وقفة تأمّل في حدث هزّ البلاد
- السياسة من منظور الأمثال الشعبيّة
- أزمة كوفيد 19 تكشف المستور
- مُدّوا الأيادي واضربوهنّ
- علامات انسداد الأفق
- جيل الغضب المشروع
- ممارسة للسياسة أم خَبْطَ عَشْوَاء
- ما يتوقّعه البعض من التونسيين
- «السياسات» الارتجالية
- فلسطين ... الفاعلون الجدد والديناميكيات الجديدة
- تغيير بؤرة التحديق
- فشل في تدبير أزمة Covid-19
- رمضان والحريات الفردية
- ليت «للمشيشي» عينا فترى ما يلاقي التونسيون/ات من بلاء
- السياسة والقمامة
- لولا الخوف «لزغردت النهضاويات»
- تدمير الفعل السياسيّ
- التدافع
- تمثّل الثامن من آذار ومحدداته


المزيد.....




- اختيار أعضاء هيئة المحلفين في محاكمة ترامب في نيويورك
- الاتحاد الأوروبي يعاقب برشلونة بسبب تصرفات -عنصرية- من جماهي ...
- الهند وانتخابات المليار: مودي يعزز مكانه بدعمه المطلق للقومي ...
- حداد وطني في كينيا إثر مقتل قائد جيش البلاد في حادث تحطم مرو ...
- جهود لا تنضب من أجل مساعدة أوكرانيا داخل حلف الأطلسي
- تأهل ليفركوزن وأتالانتا وروما ومارسيليا لنصف نهائي يوروبا لي ...
- الولايات المتحدة تفرض قيودا على تنقل وزير الخارجية الإيراني ...
- محتال يشتري بيتزا للجنود الإسرائيليين ويجمع تبرعات مالية بنص ...
- نيبينزيا: باستخدامها للفيتو واشنطن أظهرت موقفها الحقيقي تجاه ...
- نتنياهو لكبار مسؤولي الموساد والشاباك: الخلاف الداخلي يجب يخ ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - امال قرامي - الإرادة السياسية والإرادة المواطنية