أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - امال قرامي - رمضان والحريات الفردية














المزيد.....

رمضان والحريات الفردية


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 6870 - 2021 / 4 / 16 - 19:26
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يمرّ «موسم رمضانيّ» دون حدوث انتهاكات للحريّات الفرديّة، إن كان على المستوى الفرديّ أو الجماعيّ أو باسم «دولة القانون» التي يبدو اليوم، أنّها لا تستأسد إلاّ متى تعلّق الأمر بامتيازات الحزب الحاكم أو مصالحه أو رؤيته لإدارة الشأن العامّ وتصوّره للدولة. فقيادات النهضة وأتباعها لازالوا يصرّون على اعتبار الدولة التونسيّة «دولة مسلمة وفق تأويل مخصوص للفصل الأوّل من الدستور ومن هذا المنطلق لابدّ أن تشتدّ المراقبة على التونسيين في هذا «الشهر الفضيل»، حتى يكونوا «مسلمين سلوكيين»، بل إنّ تضييق الخناق على غير التونسيين صار مبررا ولكن حسب استثناءات.

ففي صفاقس ألقي القبض، منذ أيام، على مجموعة من «الأفارقة» لم ينضبط أفرادها للنظام العامّ ولم يراعوا مشاعر المسلمين. ولذلك صار انتهاك حقوق النيجيريين والماليين والصوماليين... مشروعا ماداموا يعيشون بيننا فإمّا الانضباط أو السجن. أمّا الأوروبيون والأمريكيون وغيرهم من أصحاب الجنسيات «المميّزة» فحقوقهم محفوظة مادامت بلدانهم تمنحنا القروض والهبات وتساعدنا على تجاوز الصعوبات. والواقع أنّ حملات «قنص» المفطرين وإنزال أشدّ العقوبات عليهم لا تخصّ تونس فقط. ففي المغرب والكويت وغيرها من «البلدان الإسلامية» يواجه المسلمون غير المتدينيين واللادينيين وغيرهم ترهيبا لا غاية له سوى امتثال الجميع لقواعد ضبط سلوك يتماهى مع أقرّه «الإسلام».
إنّ ما يسترعي الانتباه في تجليات الضغط الممارس على المواطنين /ات في هذا الشهر بالذات هو هذا الطابع القسري الذي تمارسه مجموعة تتموقع باعتبارها «مالكة الحقيقة» وصاحبة التأويل «الشرعيّ» والوصيّة على الإسلام وممثّلة الأغلبيّة ولذا فإنّ من حقّها أن تفرض تصوّراتها ورؤيتها وأشكال تنظيم المجتمع والعلاقات على مجموعة أخرى ترى أنّها لا تمثّل إلاّ أقليّة في مجتمع أغلبيّته مسلمة. ولا يخفى أنّ هذا التموقع لا يعكس الواقع بقدر ما يعبّر عن سياسات للشأن العامّ أقلّ ما يقال عنها أنّها تسلّطية وتستند إلى أنظمة الهيمنة التي تتوسّل بالقوّة من أجل فرض ما تعتبره الأفضل والأصحّ والأجدى...
وبالرغم من غياب الدراسات الميدانية والإحصاءات العلميّة حول عدد المسلمين والمسلمات في تونس وعدد الملتزمين بأداء كلّ الشعائر أو بعضها ،وعدد اللادينيين /ات وعدد المتحوّلين من دين إلى آخر، ومن مذهب إلى آخر فإنّ الخطاب الرسميّ لا يزال يستعمل نفس الجهاز المفهومي القديم والمعجم التقليدي الذي يعكس الرغبة الشديدة في تنميط المجتمع وطمس أشكال مختلفة من التديّن وتغييب التأويلات التي صار يقدّمها عدد من التونسيين/ات حول ممارستهم أو عدم ممارستهم للشعائر، والتي لا تتقيّد بالضرورة بما يقدّمه المفتي أو الإمام أو الداعية من نصوص وحجج وبراهين. إنّها رؤى تعبّر عن شرائح من التونسيين/ات الذين تجاوزا الرياء الديني والاجتماعي وما عاد يخيفهم الوصم الاجتماعي إنّما صار البحث عن الانسجام والالتزام بالقناعات الشخصية أهمّ لديهم من إرضاء الآخرين.

إنّ سياسة تطويع الجميع لرؤية قوامها الانضباط والامتثالية والتنميط لا الإيمان والاقتناع وتحكيم الضمير تفضح الفجوة بين من يضع السياسات وما نُعاينه في المجتمع التونسي من تحولات على مستوى الأفكار، والسلوك وطرق التعبير وأشكال التعبّد وغيرها. أضف إلى ذلك أنّ هذه السياسة تتعمّد مخالفة فلسفة الدستور وتصرّ على التعامل مع التونسيين لا باعتبارهم المواطنيين والمواطنات بل من منطلق الرعايا المطالبين بتنفيذ القرارات والأوامر العليّة.
إنّ حكومة تجبر المواطنين/ات على ممارسة الشعائر أو التظاهر بالالتزام بها أو احترام مشاعر المؤمنين هي حكومة قهرية تسخّر الشرطة وقوّة القانون لضبط الناس والتفتيش في صدورهم، والحال أنّها عاجزة عن اتّخاذ قرارات جريئة تتلاءم مع السياق.
لا خير في إيمان يتزعزع برؤية المأكولات والمشروبات والمفطرين والمفطرات وأجساد النساء... ويستند إلى سلطة الحظر والمنع الخارجية حتى تساعده على الالتزام لأنّه إيمان هشّ لا يتقبّل الاختلاف وهو سنّة الله في الأرض، ولا يعترف بالحريّة قاعدة للمعاملات، ولا يقوم على قوة استنارة داخلية للإنسان تساعده على صنع وجوده وتقرير مصيره، وتخرجه من الوصاية خارجية.



#امال_قرامي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليت «للمشيشي» عينا فترى ما يلاقي التونسيون/ات من بلاء
- السياسة والقمامة
- لولا الخوف «لزغردت النهضاويات»
- تدمير الفعل السياسيّ
- التدافع
- تمثّل الثامن من آذار ومحدداته
- ألا هبوّا وانزلوا إلى الشوارع
- البون الشاسع بين اهتمامات السياسيين ومشاغل الناس
- من يحمي الأمنيين من أنفسهم؟
- أزمة الرجولة
- المشيشي يعتصم بالحزام والقوى الاحتجاجيّة تطالبه بالبرهنة على ...
- مجلس الهياط والمهايطة
- الإعلام والتطبيع مع العنف
- انتهت الفرص وعيل الصبر
- قراءة في الانتخابات الأمريكية من منظور سياسات الهويات
- جمهور تقوده الأهواء
- المجلس بعيون نوّابه: «وشهد شاهد من أهلها »
- مجتمع يتحوّل.. وقوم لا يبصرون
- مسؤوليّة الإعلام في الحدّ من ظاهرة العنف
- الأحزاب والهجرة اللانظامية


المزيد.....




- حزب الله يُصدر بيانًا حول -النصر الإلهي- للجمهورية الإسلامية ...
- بعد تفجير انتحاري داخل كنيسة بدمشق.. هل المسيحيون مهددون في ...
- -رحل صدام والجمهورية الإسلامية لا تزال موجودة-.. دبلوماسي سا ...
- السنة الهجرية: حقائق عن التقويم القمري الذي سبق الإسلام بمئت ...
- -تعازي الرئيس غير كافية-... أكبر رجل دين مسيحي في سوريا ينتق ...
- -سرايا أنصار السنة- تتبنى تفجير الكنيسة بدمشق والبطريرك يازج ...
- المسيحيون في سوريا.. قلق وتخوف بعد هجوم كنيسة مار الياس
- إيران تعلق على مواقف دول عربية وإسلامية متفاوتة بالشدة والله ...
- المسيحيون قي سوريا.. قلق وتخوف بعد هجوم كنيسة مار الياس
- مصر.. ساويرس يعلق على فيديو رفع صليب في سوريا بمظاهرات بعد ه ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - امال قرامي - رمضان والحريات الفردية