أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - جسر اللَّوْز 19














المزيد.....

جسر اللَّوْز 19


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 7081 - 2021 / 11 / 19 - 22:55
المحور: الادب والفن
    


من باب الاسترخاء والهطول في يم النوم بالدرجة الأولى وددت قراءة قصة جديدة في كتاب إيمان "والورد إذا تنفس". حقيقة أنا لست بذلك القارئ الدؤوب والمثابر ولا أقرأ فن القصة القصيرة إلا نادراً. أعترف بذلك ولا أخجل فأنا لست الوحيد الذي يعاني من عُسْر القراءة، معظمنا لديه هذه المشكلة، وخاصة حين يتفزلك الكاتب فتكون قراءة الكلمات ما بين السطور أكثر أهمية من قراءة الكلمات المتواجدة في السطور ذاتها. المهم أريد أن أقول أنني تذكرت حواراً جرى بيني وبين إيمان:
سألتها يومها من الذي سيقرأ هذا الهراء الذي تكتبينه؟ أليس أجدى أن تؤلفي أو تترجمي كتاباً طبياً؟
أجابتني بمرح: بالتأكيد لا ينتظر القرّاء أمام باب بيتي كي يتلقفوا ما أكتبه؟ ولا النقّاد ينتظرون إشارة مني كي يكتبوا عني؟ بالتأكيد لا ياصديقي، لا أحد يرغب بالكتابة عن أمثالي. لكن حين أكتب، أكتب بقصد شطب وظيفة من الوظائف المتراكمة في دفتر ملاحظاتي ومواعيدي، وحين أفكر بطباعة كتاب يكون هدفي إغلاق أحد أبواب الغرف المفتوحة في عقلي للبدء بفتح باب غرفة جديد. أخي راتب يعمل سائق تاكسي أجرة. سأرجوه أن يضع بضع نسخ من كتابي في السيارة. حين يصعد زبون سيكون لديه الفرصة للاطلاع على الكتاب وقد يُعجب به ويشتريه. وأخي سالم حلّاق سأرجوه أيضاً أن يفعل الشيء ذاته في صالون الحلاقة الذي يعمل فيه. إذا طبعت كتاباً وقرأه ألف شخص - حتى لو لم تُباع منه إلا نسخ قليلة، فاعلم حينها أن فكرتك قد وصلت وأن كتابك قد لاقى رواجاً معقولاً. ما رأيك بالفكرة؟ أن أكتب قصة خير لي ألف مرة من ترجمة كتاب علمي مجاناً. أرجو أن تعذرني، لعلك لن تفهمني الآن، لكنك ستفهمني لاحقاً.

القصة الثالثة أتت بعنوان "نهاية شلعوط ":
آخيراً تزوج صديقي السوري سمير الشلعوط. حضرت حفلة عرسه يوم السبت الماضي في مطعم جوناتان بوروفسكي وهنأته. كنت قد جلست مع صديقتي التونسية إلى طاولة مستديرة جلس إليها معارف عروسته الألمان.
تزوج سمير من بيرناديت، إمرأة ألمانية في مثل عمره، نحيلة، باردة، شعر رأسها خفيف، صفراء، صوتها بليد، باختصار إمرأة لا علاقة لها بالجاذبية. قبل أن يتعرَّف سمير إليها كان وطنياً حتى نقي العظم، كان ساقطاً في حب الرئيس حدَّ الأرق ـ أقصد هنا رئيسه في العمل، مدير مؤسسة المياه التي أرسلته في منحة دراسية. ينام ويصحو على ذكر اسم الرئيس والدعاء له بالخير والصحة والبقاء.
كان الآدمي سمير يحلم ليلاً نهاراً باليوم الذي سيتخرج فيه من الجامعة بصفة دكتور مهندس، كي يعود إلى الوطن بسرعة القطارات الحديثة قبل أن تفتك الرياح الشمالية بحديقته العذراء. في أوقات الفراغ كان يشرح لنا عن أحلامه في خدمة الوطن ورغبته الشديدة في تأدية الإلزامية العسكرية، وكيف سيضع نفسه تحت تصرف الرئيس إلى أن توافيه المنية. فجأة تسمعه وقد اغرورقت عيناه بالدموع يُقسم بشرف أبيه وهو يقول: سأعمل المستحيل كي أدعو الرئيس لحضور زفافي على إمرأة شريفة مثلي ومن وطني الذي أعشق ترابه.
تغيّر الدرويش سمير كلياً حالما تعرَّف إلى بيرناديت مصادفة في مطبخ السكن الطلابي. صار متقلباً كالحرباء، أخذ مع الأيام ينتقد النظام ـ أقصد هنا نظام إدارة مؤسسة المياه ـ بل بات يتجرّأ على انتقاد الرئيس ـ رئيسه في العمل. حين اِلتقاها كانت بيرناديت هذه كئيبة، خرجت لتوّها من علاقة عاطفية فاشلة لم تعمّر طويلاً، وكانت تبحث عن حب جديد تُغيظ به صديقها الألماني الذي رماها بعد أن اختبرها ووجد بديلاً لها، ومع هذا بقيت صديقة وفية له.
حين بدأنا ـ في وقت متأخر من الليل ـ ننهض لتقديم هدايانا للعروسين وأخذ الصور التذكارية معهما، لفت نظري شخص طويل نحيل بعيون خضراء، راح الرجل الأنيق هذا يقبّل بيرناديت زوجة صديقي على وجنتيها، ثم وهو يقفل لها السلسلة الفضية ـ هديته لها ـ حول عنقها رسم على شفتيها قبلة وداع.
وحين جاء دوري للمباركة سألت صديقي باللغة العربية عمن يكون الرجل الطويل أنيق الملابس، وقبل أن يصلني جوابه أردفت: عزيزي سمير، لا تقل لي أنك فعلتها حقاً ودعوت الرئيس ـ أقصد رئيسك في مؤسسة المياه ـ لحضور حفل زفافك!؟
أجابني سمير بصوت مرتجف: لا لا ليس هذا هو الرئيس، بل كلاوس، عشيق زوجتي السابق!
أغلقت الكتاب مع نهاية القصة ودخلت في عالم النوم والحلم.
يتبع



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جسر اللَّوْز 18
- جسر اللَّوْز 17
- جسر اللَّوْز 16
- جسر اللَّوْز 15
- جسر اللَّوْز 14
- جسر اللَّوْز 13
- جسر اللَّوْز 12
- جسر اللَّوْز 11
- جسر اللَّوْز 10
- جسر اللَّوْز 9
- جسر اللَّوْز 8
- جسر اللَّوْز 7
- جسر اللَّوْز 6
- جسر اللَّوْز 5
- جسر اللَّوْز 4
- جسر اللَّوْز 3
- جسر اللَّوْز 2
- جسر اللَّوْز ـ 1
- جاري الوزير
- رسالة إلى أم إسحاق


المزيد.....




- الكويت.. تاريخ حضاري عريق كشفته حفريات علم الآثار في العقود ...
- “نزلها لعيالك هيزقططوا” .. تردد قناة وناسة 2024 لمتابعة الأغ ...
- تونس.. مهرجان الحصان البربري بتالة يعود بعد توقف دام 19 عاما ...
- مصر.. القضاء يحدد موعد الاستئناف في قضية فنانة سورية شهيرة ب ...
- المغربية اليافعة نوار أكنيس تصدر روايتها الاولى -أحاسيس ملتب ...
- هنيدي ومنى زكي وتامر حسني وأحمد عز.. نجوم أفلام صيف 2024
- “نزلها حالًا للأولاد وابسطهم” .. تردد قناة ميكي الجديد الناق ...
- مهرجان شيفيلد للأفلام الوثائقية بإنجلترا يطالب بوقف الحرب عل ...
- فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي ...
- انقاذ سيران مُتابعة مسلسل طائر الرفراف الحلقة  68 Yal? Capk? ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - جسر اللَّوْز 19