أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد جبار فهد - (مَرْيَم)















المزيد.....


(مَرْيَم)


محمد جبار فهد

الحوار المتمدن-العدد: 7081 - 2021 / 11 / 19 - 20:53
المحور: الادب والفن
    


”اَكرَهَني... اَكرهُ نَفسي... ويُراودَني ذلك الشعور القديم - كزَفرة سماوية - بأنّني أريدُ أن أتقيّأ داخلي كُلّه... لا أريد أن أهرب، فلستُ بجبانة.. أريدُ أن أبقى هنا... وأتعفن.. وأرى الحقيقة... مِثلَ... [مِثلَك]“
...
م.ي.ط. - مواطنة عراقية

:::::::---------::::::::--------::::::::-------:::::::::

هم بأمس الحاجة
إلى وجودِ رَّب
أولئك الوَحيدين..
يَخلقون ربّاً بكلماتهم
الغاضبة المَمزقة
السوداوية المُعتَمة..
أولئك الشعراء والأدباء
الحيارى التائهين أمثالي..
يَخلقون ربّاً ليَقذفوه
بالفوضى والضجر والأنانية
والساديّة، ويَحشرون في حَلقهِ
أعظم اللعنات ويَخطّون على جبهتهِ
أنبل الأمراض والسخافات والتُرّهـــات..
يَقلعون عيونه ويُصيَّرونَه أشلاء
بأكثر الأفكار مسوخاً وشَنَاعة..
يَخلقون ربّاً أولئك المُتشاؤمين
والمُتمرّدين على العالم اللا-معنوي
القاسي الفاسد.. مِن أجل أن يُسمع
رّعد غَضَبهم الفاجع في قلبِ السمٰاوات..
يَخلقون ربّاً ويَسندون رؤوسهم
الفارغة عليه، لأنّ لاأحد يَصغي.. لاأحد..

.
.
.

نِصف عُمرَ أمّي
انقضى في المَطبخ..
ونُصفها الآخر
انهال عليه أبي
بالرَّفس والضَرب..
وأنتم، الحَثالى الصعاليك،
تُحدّثوني عن الصبر والتحامل والمَشقة؟..
(دوستويفسكي) ربما، في زنزانته
كان بمقدوره أن يَزدري هذا وذاك..
وحتى كان بإمكانه أن يَصرخ فيها
ولا أحد يأبه به أو يَسمَع هَلوساته..
أما أمّي المَجروحة.. فقد أُرغمت على حبّ
هذه الزنزانة المُميتة.. بل أكثر من ذلك،
قالوا لها أن ثمّت عالم آخر غير هذا
سيُجازيكِ على أعمالكِ
ويَهبُكِ الراحة الكالمة..
فأيُّ جَمهرة مِن السَفَلة
والمُنحطين وسالبي الأرواح أنتم؟..

.
.
.

قلبي لا يَتحمّل
رؤية فَرَاشة ميّتة..
فما بالُك بأنّني الآن
أرى كُلّ شيءٍ أمامي
ميّتاً، بما في ذلك الفَرَاشة؟..

.
.
.

تصفّحتُ كتاب الوجود..
لَم يُثر اِهتمامي شيء داخله..
أضرمتُ النار فيه وأستنشقتُ دُخانه..
لم أتسمَّم.. تأقلمـــــــتُ كالمُعتاد وحسب..

.
.
.

حتى ضحكتي يَغمرُها
الضجر المزمن والحزن الأبدي..
علام أضحك؟.. لا أدري حقيقة..
ربما كل ما أفعله هو مضحك
أمام هذا السيرك البشري الطائش..
أصطفُ بجانبهم وأتظاهر بأنني
لستُ وحيداً.. النيران التي في داخلي
ماعادت تصرخ.. أصبح كل شيء بالنسبة لي واضحاً..
وفي الوضوح الكثير من السخافة والوحشية والبربرية الشبحية..
أعطوني قناعا، وأنا صغير، على هيئة زهرة..
صدقتهم.. أيقنت بأنّهم حقيقيين..
وحين أكتشفت بأنني أفعى ماردة
ثُرت في وجوههم جميعاً بإبتلاعي
السُم المُتنامي في فمي الناري الساخط..

.
.
.

الساعة الخامسة
فجراً...
أحدّق في عيني
بالمرآة..
وأتساؤل؛
لِمَ أنا هادئ هكذا
والضجيج يُغطّي
دماغي اللُّغوي كُلُّه؟
ما الذي يَمنعني
مِن مُلامَسة الإنتحار؟
أن كنتُ موجوداً حقّاً،
فلِمَ وحدها المرآة هي من تَراني كالنار؟
اللعنة... علام أتساءل والموتُ
يَضطجعُ بأحضاني وأنا أمسحُ على رأسهِ؟

.
.
.

لا أعترف بأخطائي..
لأنّي أعرفُ مُسبقاً؛ بأنّني أنا الخطأ..

.
.
.

انتعل نعليك واهرب يا موسى..
أنّها لُعبة شرّيرة لا أحد
منا باستطاعته أن يَتقنها..

.
.
.

أيّة فوضى تلك
التي ترسمُ العالم
الذي يقبع داخل جُمجمتي؟..
إنّها حقّاً بشعة وقاتلة وأشدُّ
إجراماً مِن كُلِّ يدِ بشريٍّ مجنون..

.
.
.

لا أحد يَعي
ما أنا قادرٌ عليه..
وما بإمكاني أن أفعلُه
لأجل ذلك الغضب المستعرّ
الذي ينام في داخلي ويُلاحقني بإستماتة فظيعة..

.
.
.

أنا لا أزيّن أحلامي ولا أنحتها،
فالذين اُحدّثهم ليسوا أطفالاً البتّة..
أنا أنفذُ جَحيم الحقيقة مباشرة
وأخترق عيون الإلٰه،
حتى أحطّم المرآة العُليا..
لا أتنهّد ولا أتنفّس الصُّعداء،
فأنا لا أتألم ولا أحسُّ بالعَياء..
أنا لستُ سوى الإنسان الأخير
الذي يُمازح العَدم ويَحضنُ أبناء الفناء..

.
.
.

المعرفة الشُمُوليّة الحانقة
تُوَلّدُ الألم.. ومِن وَخزَاتُهُ
- ذَلك الألم القهّار الذابل -
يَشرعُ ابن الإنسان بالهَيمنة..
وليست الهَيمنة إلّا أوجاع الإلٰه الأكبر..

.
.
.

حتى القلق
بدأ يتهرّب منّي..
والوحشة صرّحت
بأنّ لا فائدة منّي..
ثرثرةٌ باردة هذه
التي أنا أعيشُ داخلها..
عن أيِّ أرضٍ تتحدثون؟..

.
.
.

فقدتُ الإحساس بالإثارة والدهشة
والمُفاجئة اللطيفة والإنبهار والجمال..
فقدتُ الإحساس بالحياة،
كأنّني لم أعد أنتمي لهذا الوجود الأسير..

.
.
.

مِثلَ ريشةِ طائرٍ تائهة هَبطَت،
جرّاء زِلزالٍ عَميق ومجهول،
على حاجب سوداء قبيحة،
وتَزحلقت بخفّة ورقّة
كأنّها أجنحة موسيقى
مَبعوثة من مَقام زَهرة حسناء الرّبيع..
تَمتلك عيوناً نابضة ضبابية يتوارى
ورائها غيثٌ سَماوي كَليم،
وفُؤاداً يَسع سمٰٰوات
الكواكب كُلُّهــــــا، تَحسبُه
الموجودات العاقلة جنون وعَمى..
تُمرّر يَديها النَاريّتَين فوق رّمُوشي
وتَغرفُ عوالِمٌ من الدموع الحزينة..
فلم أكن بعدها وحشٌ قط.. بعد أن
لَمَستني وحلّقت بي نحو الفضاء
المتعالي الخالي من كُلِّ فناءٍ وعَياء..
أرتني الحُبّ الحقيقي المُلتهب.. ذلك
الحب الذي كُنتُ ألعنهُ وأسخطُ منه،
لأنّني كنت مُتيّقن بأنّه ليس إلّا نَزوة عابرة،
وكارثة غريزية مُدمّرة للماهيّة المُتفرّدة..

يُحملِق في عَينين
عسليتين ناعستين
لِإلٰهة غَريبة،
لِمُدة خَمسة ثواني..
يُفتَتن في الأولى..
يَحترق في الثانية..
يَتعلّق في الثالثة..
يَرسم جَميع أحلامُه
مَعها في الثانية الرابعة..
تَختفي هي في الخامسة..
يُغمى عليهِ ويَفنى..
فـ”مَن تَكُن هي؟..
ولماذا بالذات هي؟“..
يَتساءل وهو ميّت...

.
.
.

لا شيء يُطاردني..
أنا أطارد نَفسي..

.
.
.

كلتا يَدي تفعلان،
بلحظة خاطفة،
ما أنا سأندمُ
عليهِ إلى الأبد..
كلتا عَينَي تُوهماني..
تُوهماني، بأنّ هذا
الوَجه الذي يَتفرّس
بزُجاجِ النافذةِ المَفتوحة
هو الوَجه الحَقيقي لي..
والوَحيد الذي أحوزُه..

.
.
.

ما هذا الكمين الذي نُصِبَ لي؟..
ما هذا الفخ الذي ينمو بداخلي؟..
أمسك بجدرانه.. أعصر قلبه..
ليس بإمكاني أن أهرب..
أنّه مُصمّم هكذا..
أنا اللامهرب..
كيف أحيا إذن؟..

.
.
.

لستُ متيقناً أبداً من شيء..
ليس ثمّة حقيقة مؤكدة عندي..
حتى وجودي ذاته، أنا أشكُ به..
ما لا يَعرتيه الظن قط،
هي عدسة عيني وحدها..
فبها أرى العالم، وبها العالم يراني..

.
.
.

يصفقّون لي بتعجُب
بينما أنا مطروح أرضاً..

.
.
.

يَجلدُ المرء ذاته
ليس لأنّه الأنقى،
وإنّما لأنّه الأكثر
وحشية.. الأكثر
إحساس فيما يجري..
حيث لا يدري أحد ما يجري سواه..

.
.
.

أنا لا أنفي الجنون عنّي..
فمن دون الجنون
ماذا أكون؟..

.
.
.

أعزفُ على وَترٍ وَحيد ومَنسي..
أتربّع على نَعشي والنيرانُ
مِن فوقي ومِن تَحتي..
الكائنات، بالخنجرِ، تَشقُّ
صَدري.. أجري وأجري..

.
.
.

الجميع ضدّي..
- حتى أنا - ضدّي..
أتجوّل في متاهات ذِهني..
أجدُ فِكرة تتألّم.. أتدثّر بها وأنعدم..
بلا بُكاء.. فدموعُ السماء ليست عِندي..
أصرخُ في حُلمي؛ أنا ضدّي.. أنا ضدّي..
لا أحد - هناك - يَصغي.. فالجميع ضدّي..
أستفيق.. أضع سيچارة بأطراف فَمي..
وأتنهّد بهدوء مُخيف.. كإعلان موت الرّبِّ..
أستئصل الوجود الأسوَد مِن دَمي..
وأستبدل رّمُوشي بليلِ حاجبِ..
على سَريري أرمي سَريرتي..
أعقد مُقدمة الحَبل.. وألفُّ
نِهايتُه حَول صَليب المَروحة..
أسيرُ على السقفِ، والسقفُ أسيرٌ..
بلا كرسي.. بلا كرسي..
أشنقُ نفسي.. أشنقُ نفسي..
وأتمتم؛
لستُ مَعكم..
لستُ ضدّي..
أجهل ما أكون..
أنا نَكرة.. لستُ شيئاً..
فمَن أقرَّ إذن، وأخضـــع
الغابة لتُلبِسَني جذور الفِكر،
سيقان اليأس، جذوع الغَيــظ،
أوراق الفَساد الفوضوي، وثِمــار
الوَعي العَفِنة الشائكة، حتى أمسي
شجرةُ الليل الأليل المُغتربة العَتيدة؟..
شيءٌ ما يُوَسوِسُ
فوق نيران كُثبان كَينونتي؛
لم أمنحَكَ الإرادةَ العُليا أيُّـــ؟ـها
الإنسان السافل الفاجر، لأنّك تَعي
- ولأنّني أعي - بأنّكَ سَـ”تَغدو الموتُ
الذي بلا ماهية، بلا غاية، مُدمّر العوالم“..

.
.
.

غالباً ما تَجد صَفحتين أو صَفحة..
سَطرين أو سَطر.. جُملتَين أو جُملة..
كَلِمَتين أو كلمة.. تُزعزِعُ أعماقك الهاجعة،
تَصلي جُمجُمَتك بأجيج النيران المَارقة،
وتَبثُّ فيك حُنق الرُّعود المُجَلجَلة....
غالباً ما يتجلّى الإلٰه في الحَرف،
لِيُكمل مَسيرة موكب الحُروف
الأولى الأزلية التي سَرَقها
الشَيطان المُتمرّد.......
غالباً ما يَكون - كُلُّ
هذا الفَرَاغ والصُراع،
الهُراء، هذه الثَرثَرة، هـ
ذهِ البَلبَلة، وهذا الإغواء -
هو أنا وأنت؛ أيُّها الحائر المُتشاؤم..

.
.
.

هل أنا الذي يَعطف؟ الذي يحب؟
أم الذي يكره ويغضب بلا توقف؟
لا أعرفني.. حقاً لا أعرفني وأجهل
ما أتصارع معه وأسهر من أجله..
كُلّ شيء يَستهلكني.. النظرة..
الإيماءة.. حتى إشعال سيچارة..
كل شيء يفترسني.. الجمال..
الحزن.. الألم.. حتى براءة الأطفال..
كل شيء يُعشعش بداخلي.. أمي..
أبي.. عائلة الإلٰه.. حتى حَبلي
السرّي اللزج، ذلك الحبل الذي
دائماً ما يَبعث لي وَحي الصُراخ..

.
.
.

لو مُتنا كلنا في نفس اللحظة،
فمن سيضعنا في النعوش؟
من سُيعطّر جُثماننا
ويدفننا تحت أرض الوحوش؟..
مَن سيَحفر آثار الدماء،
التي تنضح وتفيض من
قبورنا، ويَنعتُ نَفسه
بـصانع أردئ العروش؟..
تنحّي عني أيتها الحقيقة..
فما أنتِ إلّا لُغمٍ من الرُّتوش..
تَشتهين التجلّي والبزوغ
أمام البشرية جُمعاء،
وأنتِ لا تَعين
بأنّ
وُجودُكِ
واِنعدامُكِ
سيان عندهم..

.
.
.

ألتقي بالله كل يوم
لكنني أأبى أن أحدّثه..
أنّه ليس جديرٌ البتّة
بمعرفة ما يَجولُ في داخلي..
ولا حتى بعِناق يُمكنه أن يَعطيني إيّاه..
فمسألة الطمأنينة هذه لم أعد أعبأ بها
بعد الآن.. عليه أن يَعي بأنّني توقفت
عن كوني طفلاً مُدلّلاً.. توقفت عن الدَهشة والإنبهار.. حانت الساعة ليدرُك بأنّني غدوتُ
مُتمرّداً عليهِ وعلى مَوجوداتهِ بأسرها..
فليُحملق جيّداً فيَّ.. في وَجهي..
في عينيَّ.. ويَرى ربَّ الغضب الجبّار المُنصهر..

.
.
.

(رُّصاصات مِن أعماق الوَجع)

أنت أحمقٌ.. أخرقٌ وعَنيد..
أنت لُغزٌ مُحيّر وطِفلٌ شَريد..
لِمَ أنتَ بعيد؟.. لِمَ تَجوبَ كؤوس
السكارى، وتَهجعُ على أرصفة الحيارى،
ماذا تُريد؟.. فكُلُّ أفعالك باطلة وفانية......
كُلُّ أنّاتك وآهاتك وأمراضك
وأفكارك تَسخَرُ مِنها نَزوةُ غَانِية..
وكلُّ غسقٍ.. كلُّ ليلةٍ.. كلُّ فجرٍ
تَتشظّى ذاتك عن الوجــود
وتُحاكي أقنعة دَامية..
مُرهَقٌ أنت مِن مَهربَكَ الوحيد..
مُرهَقٌ أنت مِن وَطَنكَ الشهيد..
لا تُبالي لا بالقديم ولا بالجديد..
مَذبوحٌ على جدارِ الجزّار
وتُفتّش عن رأسك المَفقود..
تَنسى رأسك.. تُحملِق في يَديك..
وتتساؤل عن مَصدر هذه القيود..
تَعصي وتتمرّد، ولبُرهة تَعتقد
أنّك نبيلٌ وفَريد.. فَتجد نفسك
أنّك أشدُّ غُربة وعُزلة مِن الغريب..
فيَا مُحطّم الآلهة والأربابُ..
يَا عِلّة السؤالُ والجوابُ والأسبابُ..
ويَا مَن يَعرف مُسبقاً بأنّ كُلّ شيءٍ هو سَرَابُ..
ماذا تُريد؟
وأنت لا زلت طريد؟
تُحاولُ أن تَنفكَّ عن زِنزانة العَبيد،
وأنتَ ”في الحقيقةِ عَبْدٌ لعبيدِ العبـــيد“؟...

.
.
.

عٰمودي الفقري
يُؤلُمُني.. عَظم
رُكبَتيْ اليُمنى
يُمزّقَني.....
صُداع في
رأسي يتّخذ
هيئة أشكال هَندسية..
جَحيم في عَيني
يُعاينُها طِفلي الصغير..
دروب في شِفتي
مُتعرّجة، يَجتاحُها
شعور الغرق الصامت..
إبتسامة ذابلة تُعاني
من قلقٍ ويأسٍ بَاردَين..
فَمٌ أسود قبيح مَملوء
بأساطيرٍ عَقلانية
وتأويلاتٍ جَدلية..
كَونٌ هو جَسدي،
ورأسي ثقبٌ أسود..
تُسمَّم الفراشات الذهبية، حين
تُحلّق فَوقي، بأفكاري الكئيبة العصبية..
أغوصُ في قعر الأوهام.. اُذبَح
في الأحلام.. لا أعرف كيف أنام..
أخشى أن أستفيقُ يوماً وأنا عظيمٌ
بعينِ الناس ومُبَجَلٌ مِن قِبَل فارس الظلام..

.
.
.

ذاتيّ الاِنسداد..
عديم الشكوى..
سُور السجون..
والِدُ الوحدة..
كَليم العيون..
مُلهِم القصّابين..
خالق الحر-عبودية..
مُقترف السِحر والإيمان..
هَرَم الساديّة السما-أرضية..
مَطرقة الإبداع..
حَلَبة الصِراع..
مُحيط الجشع..
ناقوس الضَجر..
الاِفتراس اللاّمتناه..
الميزان الـ-بلا أثقال..
الصِراط التائه..
المُتسوّل البريء..
الجَرح اللامُلتئم..
السّكران اللانَّزيف..
المَشيئة المجهولة..
الحَرب المُستسلمة..
الهلاك المرئي..
الميتافيزيقي المُتيّقن..
المُشكِّك الأعمى الأخرس..
النُور المُظلم..
العبد السيّد اللا-سيّد..
الجَهبَذ الجاهل المُتسافل..
مُنسِّق الفوضى..
الخائن الحزين..
المَطرود المُعذَّب..
الكذّاب الحقيقي..
الحقيقي الكذّاب..
الحَجَرة العارية..
الحَشرة العاصية..
التابوت الحَي..
القيامة اللاعادلة..
حامي الهَذيانِ..
ربُّ الأوهامِ..
عِلّة إلــٰــه
الآلهة..
هو...
هو الإنسان..
هو...
هو إنسان الإنسان..

.
.
.

”أنا فَضيلةٌ يَهابونها“
تَهمسُ لي الفاحشة..
.
.
.

أجعلُ من نَفسي أضحوكة،
ودُعابة سيّـــئة..
أتحامق كثيراً
في لَحَظاتٍ
مُوجعة،
الإنسان العادي
يُعانِقُها ويُعزّيهــــا..

رذائلي لا حدَّ لها..
لكن أبشعها وأكثرها
قَرَفاً، هي تلك التي أفكر
بها، وتلك التي يَردَعَني
الضمير مِن أن أفعلها
أمام أخلاق الجُمُوع المُنحطّة..

أحملُ مَظلّتي معي دائماً..
فالسَماء تَرميني بالفجور،
بالغطرسة، بالتضاد، وبالعصيان..
الأرض غارقة بالأوحال والصَرخات،
وأنا أهرولُ عارياً عليها كآدم المَطرود..

أنا أرفض فِكرة الله..
أنا عَدو كُلّ شيء..
على الرغم من ذلك،
أنت تَمدُّ يَدكَ إزاء فَمي
- يا شَيخ - وتُريد منّي
أن أقبّلُها لأشعُركَ بغثيانِ
الرّبوبية السافلة الهَوجاء..
هذهِ هي خطيئتك
التي تَخشى الإعتراف بها..
فأنت أعمى تَهاب أن تُحدّق
في عيوني الناريّة.. تَنتظر
منّي أن أثرثر كي تَراني..
أنت أعمى وأنا أخرس،
فاِحذر مِنّي إن حاولت
النُطق يوماً واحترس..

أنا أكفِّر عن ذنوبي
بذنوب جديدة حيّة..
فالظاهر، أيها الغريب،
أن كل ظُلمة حالكة
تثور عليها، فوق
هذه الأرض الفاسدة،
هي ليست إلا جَريمة مروّعة..

.
.
.

موتى لا أعرفهم
يَدورون في رأسي
ويُذبَحون أمامي في أحلامي..

دُخانٌ أسود يَنبلجُ مِن
جُدران رئتيَّ الضَجرتَين..

فَرّاشات
تتنهّد
أمامي..

شَجرة ساكنة
غريبة ووحيدة،
سَقتها أمّي البارحة..
أجهل لِمَ، فهذه الشَجرة
تَعيش في كوكبٍ آخر بعيد..

ألَمي مُعاق
ووَهمي تِرياق..

أفاعي
تتسلّل خارج
جُمجُمَتي وأنا أضحك..

أنا وَحدي أقرّر
متى تبتدأ اللُعبة
وكيف تَنتهي وأين..

أنا وَحدي أمتَلِكُ
الجُرأة الحقيرة
التي تخوّلني
بأنّ أستشيطُ غَضَباً
وأرمي غَيظي كُلُّه بوجه العالم..

أنا وَحدي،
لأنّني الكائن
الوَحيد الطافِح
عالَمهُ بالأحاسيس
والمُتكفِّن بعار الأفكار..
لأنّني الكائن الوحيد المتفرّد
الذي يَعي كَينونة الأشياء
ويَفهم بعُمق، كزِلزالٍ
شَرس مُهيب، ذاته المُتعالية
وما يَتوارى خَلفُها مِن
مَهازل كُبرى كاذبة وساخرة..

.
.
.

(الوَسْوَاس)

اُجيدُ الرَقص
على أغلال ذاتي..

مِثلَ وَحشٍ بَريء
أأخذُ مَساحة صغيرة..
مِن وراء الكواليس اُعاين..
المَسرح وخالقيه..
الجُمهور وأياديه..
والمُتمرّدين الذين
ما زالت أقنعتهم
المُهشّمة تَسكنُ مَاهيّاتهم..
أولئك الذين يَصمتون ويَصمتون
على سَخافة المَشهد وخَرَابُه الأعمق..
سأنهي الجِدال والصمت،
أنا الذي لاحدود لي ولا وجود،
القابعُ وراء الكواليس.. بإحراقي السِّتَار..

كلُّ أديانكم مِن حِجـــارة..
وأنا دِيني نيرانٌ، نِصفُ
عِبارة، ربُّ دَعارة،
وألحــــــــانُ
زَمّارة..
أصنامَكُم حَقيقية..
صَنَمي وَهمٌ مِن قِيثارة..
وَحيُكم لا تَسمعوه..
وَحيي رَعشةُ إشارة..
رَسولَكُم نَبيٌّ كامِلٌ
يَفيضُ مِن قُبّة
رأسه إلٰهُ الطَهارة..
أنا رَسولُ نَفسي كَمَحَارَة..

اُجيدُ الرَقص..
اُجيدُ اللّعب،
كالسَحَرةِ
والمُرَّاق
والسُرّاق،
ولَفُّ الخِناق
على كُلِّ الأعناق..

.
.
.

(الموتُ الذي لا يَموت)

أنت أديبٌ..
أنت شاعرٌ..
أنت فيلسوفٌ..
أنت إنسانٌ أحياناً..
إلٰهٌ غالباً.. مجنونٌ دائماً..
تُخاطر بكُلِّ شيء.. تُخاطر
بالكلمات جميعها، من أجل أن تقول؛
”هاكم.. عاينوا.. أنا حقيقي.. أنا موجود“..
فأيُّ مهزلةٍ هذه
التي ترقدُ في
أعماقك أيُّها
الكاتب الأعظم الشرّير؟..
أيُّ مقبرةٍ، أيُّ لَعنة، وأيُّ مَزبلة؟..
أجل، أجل.. أنت نُكتة..
أنت كومة مَشاعر مُضحكة..
أنتَ صُراطٌ أعوج ومَتاهة تائهة..
نعم، نعم.. أنت المخلبُ وأنت النابُ..
أنت النافذةُ وأنت البابُ.. أنت صائد السَرَابُ..
نعم، نعم.. أنت الجحيمُ..
أنت البُركان، وقلبُ السَديمُ..
أنت الدَمعةُ، والإبتسامةُ، و”العذابُ الأليمُ“..
أجل، أجل.. أنت الضوضاءُ
والغوغاءُ وسيّدُ المَنافي السَجينة..
أنتَ الضَجرُ الأخرس،
وربُّ الظلامُ الأشرس..
أنتَ الشوكةُ، والملعقةُ، والسِكّينة..
أجل، أجل.. يا مَن يُداهمه
الصَلَع وإدمان رائحة التَدخين،
وثِقلُ بَطنُه الكُروية المَسمومة..
يا مَن يَستفيق في فجرِ الليالي
الهَاجعة، كي يُفجّر شَهَواتهِ -
بوجه ذاتهِ - على مسرحية إباحية..
ويا مَن يَشعرُ بالإشمئزاز والغَثَيان
من كُلِّ شيءٍ يَدورُ ويَتكوَّرُ حَولُه..
يا أيَّها المُحترق المَهزوم،
ويا أيُّها العاشق المَهموم
الذي ما فتئت توبّخُهُ
أعاصير آلهة الزَقُّوم..
أجل، أجل.. أنتَ أقدمُ سكّير،
وأعدلُ وأنبلُ خَمرة شَهِدَها التاريخ..
أنتَ رُّبّان السَفينة، الذي يُعربِدُ
ويترنَّحُ بخواء قاع القنينة.........
أيُّها الكاتب الخَبيث
ذو الملامحِ المُكشِّرة..
نحنُ لا نموتُ أبداً..
بل نحيا الموتُ
مُنذُ الأزل..
مُنذُ الأزل أيُّها الكائن
المَعدوم اللامَــــفهوم..

.
.
.

كُلَّما أمعنت النَظر
في الأشياء، غادَرتني..

الوَعي يُغادر اللا-وَعي،
وأبقى أنا سانداً ذاتي
على دموعِ الأشباح والأتراح..

أخلاقي مُضحكة،
وهُيامي تَغمرُه السُخرية الباكية..
وَحدي أضحك بتشاؤم،
ووَحدي أسخر مِن النشوة العمياء..

أفهمُ كما أريد، لا كما يَنبغي..
فأنا في النهاية تائهٌ عَدَمي
لا أمتُ بِصلة لِعوالم الخُضُوع..

أتصببُ عرقاً..
شيءٌ ما خَلفي
ذو هيئة مُرعبة..
أشعر بوجوده..
عينيه تتربصني..
”اِكشف
عن نفسك“.. أخاطبه..
ألتفت.. فأرى نَفسي..

مُضطرِبٌ هو مَزاجي..
أحيا حالة مِن الهَوَس..
مَريض.. مَريض بشدّة..
لكن لا أدري من ماذا.. لا أدري..

.
.
.

مَريم؛ يا غَايتي الأزلية؛
ويا بَهجتي الأبدية؛
أجهلُ ما بكِ..
أنا الآن شُبه إلٰه؛
لأنّي أفكّر وأحلَمُ بكِ..
فيا تُرى متى أكونُ إلٰهاً كاملاً؟..
مَريم؛ يا فَرَاشتـ[ي]؛
ماذا جرى؟ ماذا يَحدُث لنا؟
لِمَ (الله) يَحسدُ حُبّنا اللا-مُنطفئ؟
مَريم[ي]؛ أن كُنتِ تَعتقدين بأنّكِ
مع الشَخص الخطأ، فسأكونُ الخطأ برّمَتُه..
لكنكِ صامتة.. صامتة صَمتُ (الله)..
سامحيني.. لأنّني لن ”أفهمكِ أبداً“..
سامحيني.. لأنّني لستُ بالشاب المَرِح..
سامحيني.. وسامحي خِصالي البيضاء..
سامحيني.. لأنّني أريتُكِ شَياطين الظلام،
وأنتِ تلك الفتاة الحسّاسة التي تخشى
مِن كُلّ شيء حَولها، وتَبحث عن
كوخٍ أخضر صغير، حتى لو
كان قابعٌ في الأوهام..
سامحيني.. فأنا أجهلُ ما بكِ...



#محمد_جبار_فهد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المُتثائب
- (الإلٰه الأعمى)
- (زنزانة الذات)
- (الرسالة الأولى)
- (الرسالة الأخيرة)
- (تحطيم الذات أو الخروج من الأنا)
- (وِلادة إلٰه)
- (اللّيلُ المُغنّي)
- (من أوجاع الشيطان)
- (سجين الوجود)
- (أرجوحة الوحدة) - (بلا ضجيج نرحل)
- (لُعبة شريرة)
- (إلى بودلير)
- (شخبطة سافلة)
- (طوبى لك)
- (نهاية النهاية) أو (تراتيل كونية)
- (يطلقون عليه موتاً، أولئك الأموات)
- النهاية
- مللتُ من أن أشعرُ بالملل..
- يوميات إلٰه مراهق


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد جبار فهد - (مَرْيَم)