أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ازهر عبدالله طوالبه - حُزن العِراق، لا يشبههُ حُزن.














المزيد.....

حُزن العِراق، لا يشبههُ حُزن.


ازهر عبدالله طوالبه

الحوار المتمدن-العدد: 7064 - 2021 / 11 / 1 - 20:07
المحور: الادب والفن
    


حلمتُ بالعِراق ؛ فاستيقظتُ مفزوعًا، ورحتُ أجوبُ المواقعَ الإخباريّة، والكثير مِن صفحات الأصدقاء مِن أبناء العِراق ؛ سُعراء وكُتّاب، وممَّن يُقدّمونَ أنفسَهم للعراق، ويضحّوونَ بأموالهم وأولادهم في سبيلِ بقاء العِراق، والنّهوض بهِ..جبتها، بحثًا عن خبرٍ يُطمئنني عن العِراق، ويوجّه كُلّ رصاصاته إلى قلبِ الخَوف السّاكن في داخلي على العِراق، ولكنّني لَم أجِد ما يُطمئنني عن العِراق، وأهلها . لذا، لم يكُ أمامي إلّا أن أحملَ كُلّ حقائب خوفي وقلقلي على العِراق، وأقصُد منصّة "يوتيوب" . وبالفعِل ما هي إلّا دقائق، إلا و وجدتُ نفسي على منصّة "يوتيوب" أبحثُ عمّن يُشعرونني بأنَّ العِراق بخير، وعمَّن يرمونَ على قلبي تُرابًا تصلُح بهِ زراعة حُبّ العِراق . فأوّلُ مَن وجدتهُ، وردّ عليّ السّلام، بعدَ أن ألقيتهُ عليه، هو شاعِرنا الكبير، الأعظم، الأشهَر، مَن لم ولن يأتي مثلهُ شاعر نظمَ القصائد للعِراق ؛ عبد الرزاق عبد الواحد .

هذا شاعرٌ مُختَلف عن بقيّةِ الشُّعراء، في شعرِه، فكيفَ إذا كانَ هذا الشِّعرُ يكتبُ للعِراق..!! متفرِّدٌ في شعرهِ عن العِراق، وأنا أسمّيهِ "نبيُّ الشِّعر" و " ربّ الشّعر العراقي" . فأنا كُلّما سمعتُ شعرهُ، حُملتُ على أكتاف السّحاب، وغطّيتُ الشّمس، وأخمدتُ البراكين، وهدَّأتُ الزّلال، وجعلتها أكثر عطفًا على الأرض . ففي لحظةٍ تكون فيها، قلِقًلا على العِراق، خائفًا مِمّا هو قادِم، جرِّب أن تسمَع قصيدة "سفر التّكوين"، وأغمض عينكَ ولا تنظُر لشيء، واجعَل قلبكَ هو الذي ينظُر لكُلّ شيءٍ حولَك، واجعل قلبكَ، قلبكَ فقط، يحكُم على ما يرى، حينها، لن تخافَ على العِراق، أبدا، وأتحدَّاك في هذا.

أعلَم بأنّكَ، الآن، وأنتَ تقرأ ما كُتبَ، هُنا، عن العِراق، خائف على العِراق . لذا، أطلُب منكَ ألّا تُكمِل القراءة، وأن تذهَب لأيّ منصةٍ تُمكنكَ مِن سماع كُلّ قصائد "نبيّ الشِّعر" عبد الرزاق عبد الواحد، وبالتّحديد، اسمَع قصيدة "سفَر التّكوين"، وبالتّحديد أكثَر، استمع جيدًا لهُ -أي نبيّ الشّعر - وهو يقول :

"ثمَّ خُط َّعلى الأرض ِمُنعَطَفانْ
تَبَجَّسَ بينهُما الماءُ ،
وانحَسَرَتْ آيَتانْ
بمُعجِزَةٍ تَجريانْ
فالتَقى الفجرُ باللَّيل ِ
والنارُ بالسَّيل ِ
كلٌّ بأمرٍ يُساقْ
وأتى الصَّوتُ :
كُوني ..
فكانَ العراقْ"

نعم، أُحبُّ العِراق، وأحسبها العامود الأهمّ للعرَب، وما تراجُع العرَب فكريًّا وعلميًّا وثقافيًّا، إلّا لأنّ هذا العامود يتعرّض، وبشكلٍ دائم، للضّرب، نعم، للضَّرب وليسَ للهدِم ؛ فمثل العِراقِ لا ولَن يُهدَم.

استيقظتُ، ولَم أجِد ما يزيل الخوفَ والقلَق المُتشبّثان بي على العِراق، فأنا كُلّما ذكرتُ العِراق في عقلي، ومرّرتُ حروف اسمهِا على شفاهي ؛ سالَ الدّمعُ حُزنًا على بلدٍ سكنتهُ الحضارات، وعرفتهُ كُلّ البشريّة، وعشِقهُ كُلّ مَن أدركَ بأنّ الحُزنَ ولدَ مِن رحمِ العِراق، وأنّهُ، كُلما داهمهُ الجوع ؛ سارعَ لأثداء العِراق، وطوّقها بأصابع يديهِ، ورضعَ منها، كأنّهُ يرضَع مِن أمٍّ فتيّة، زوّجها أهلها وهي قاصِر، وهي لا تعرِف عن الزّواج شيئًا، وفيما بعِد، لم تجنِ من زواجها ؛ سوى الحُزن، وليسَ أيّ حُزن، وإنّما ذاك الحُزن الذي يشبَه حزنُ وردةٍ سُرِقت، ورُميت في صحراءٍ يموت فيها الهواء.

ولأنَّني أُحبُّ العِراق، وأتلمّس دقّات قلبها، المُرتجِفة ؛ فإنَّني مستعدٌ للتنازلِ عمّا تبقى مِن عُمري، مُقابل أن يرفعَ الحُزن أقدامهُ عن العِراق، وأن يُعطيها حُريّتها بالعيشِ، التنفُّس، الحرَكة... لقَد اكتفَت العِراق مِن الأحزان، وأصبح الموتُ يُحاصرها مِن كُلّ اتجاه . ولأنَّها -أي العِراق- ترفُض أن تُسلِّم نفسها لمَن يُريد قتلها، فأنا لا أستبعِد أن تقومَ العِراق، في لحظة لا تكون فيها قادِرة على هزم الحُزن، بنصبِ منصةَ إعدامٍ تعدمُ نفسها عليها، حينها، سأصبُّ/نصبُّ وافِر لعناتنا على أنفُسنا ؛ لأنّهُ لولا تخاذُلنا ونكوصنا، ومُتاجرتنا البالية بالعِراق، لما وصلَت العِراق لهذا الحال .

يا عِراق، أرضكُ نديّة، وتُرابكَ طريّة، وأنفاسكَ بهيّة، ومعالمكَ فتيّة، وحضاراتكَ تاريخيّة، فقُل لي يا عِراق، كيف تمكَّن الحُزن منكَ؟! وكيفَ سمحتَ لكُلّ هؤلاء الأوباش أن يسكنونك، ألَم يكُن بإمكانكَ أن تُجهِض حملكَ بهِم، ألَم تكُن تشعُر، وهُم في رحمكَ، بأنَّ هناكَ ثمّة قذارَة ودناءة في مَن حمَلت؟! . نعم، أنا قلتُ عنكَ بأنَّك بلدٌ سكنَت بهِ كُلّ الحضارات والثقافات . لكن، هذا لا يعني أن يُسمح لكُلّ هذه "الحضارات والثقافات" أن تُجامعكَ، وتؤصّل علاقتها بِك .

يا عِراق، أرجوك، قِف على قدَميك، ولا تسمَح لكُلّ مبتور الأصِل، ومجّهول المنبَت، أن يبّتُرَ ولو جُزء مِنك . يا عِراق، أنتَ أكبُر مِن كُلّ هذه الشُرذمة، أنتَ أعظَم مِن كُلّ مَن يحكمك، فلا تستسلِم لهُم، ولا تسمَح لهُم، بأن يرموكَ على قارِعة التّاريخ ؛ فأنتَ الهِضاب وهُم الأودية، أنتَ السّحاب وهُم لا شيءَ يعتَرف بوجودهم.



#ازهر_عبدالله_طوالبه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استغلال حرب اليمن:الإمارات كمثال .
- أميركا لَم تُهزَم مِن قبلِ طالبان.
- تعطَّلت مواقِع التّواصُل، فبانَت هشاشتنا.
- عبيدٌ لما صنعناهُ بعقولنا....مواقع التواصُل الاجتماعي
- صيدليّات تبيع الدّاء بدلًا من الدّواء.
- النظام الفارسي والهيمنة على الأراضي العربية
- الحياة الشخصيّة في المُجتمعات الحشريّة
- أيّ عبثٍ تعيشهُ هذه البلاد..!!
- سوريا والخارطة الإقليمية الجديدة
- العرَب، والقيمة المعنويّة لهُم
- مِن خلالِ نحتهِ بالصّخر، يسعى كُلّ فلسطينيٍّ حُر إلى التحرُّ ...
- -الفساد والإفساد الدّيني -
- -لنَنجوا معًا ممّا نحنُ فيه مِن التّديّن الظّاهري-
- :اللجنة الملكيّة، وتقبُّل الإختلاف في البلاد-
- النظام السوري وتشظّي الوحدة العربية
- -حول ملابسات الفهم الدّيني فيما يتعلَّق بحُريّة التعبير -
- صراع الثانوية العامة ما بين الشّعب و وزارة التربية
- البلاد تضيع واللجان تُشكَّل..
- لقَد هزمَنا تظاهرنا بالقوّة
- تحرّكات حماس .. إلى أين ستقودها ؟!


المزيد.....




- أستراليا تستضيف المسابقة الدولية للمؤلفين الناطقين بالروسية ...
- بعد إطلاق صندوق -Big Time-.. مروان حامد يقيم الشراكة الفنية ...
- انطلاق مهرجان أفلام السعودية في مدينة الظهران
- “شاهد الحقيقة كامله hd”موعد عرض مسلسل المتوحش الحلقة 32 مترج ...
- -سترة العترة-.. مصادر إعلامية تكشف أسباب إنهاء دور الفنانة ا ...
- قصيدة (مصاصين الدم)الاهداء الى الشعب الفلسطينى .الشاعر مدحت ...
- هل ما يزال مكيافيلي ملهما بالنسبة للسياسيين؟
- إلغاء حفل النجمة الروسية -السوبرانو- آنا نيتريبكو بسبب -مؤتم ...
- الغاوون.قصيدة مهداة الى الشعب الفلسطينى بعنوان (مصاصين الدم) ...
- حضور وازن للتراث الموسيقي الإفريقي والعربي في مهرجان -كناوة- ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ازهر عبدالله طوالبه - حُزن العِراق، لا يشبههُ حُزن.