أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ازهر عبدالله طوالبه - تعطَّلت مواقِع التّواصُل، فبانَت هشاشتنا.














المزيد.....

تعطَّلت مواقِع التّواصُل، فبانَت هشاشتنا.


ازهر عبدالله طوالبه

الحوار المتمدن-العدد: 7040 - 2021 / 10 / 7 - 14:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قبل يومين، ولأكثَر مِن خمس ساعات، كانَ العالَم قَد شهدَ تعطَّل مواقِع التّواصُل الاجتماعيّ، بما فيها زعيمها، وقائدها ؛ الفيس بُوك . ونتيجةَ هذا التعطُّل، أدّرَك الكثير مِن البشَر، أو لنَقُل مَن يرزحونَ تحتُ وطأة استخدام هذه المواقِع، وعددهم يفوق الملياري شخِص، أنَّ هُناكَ ثمّةَ حالة فراغٍ نفسيٍّ تُسيطِر عليهم، وأنَّ هُناكَ ضًعفًا في تقدير الذّات، فضلًا عن الاعتقادِ اليقينيّ، الذي رسخَ بأذهانهم جراء هذه الأزمَة الافتراضيّة، والذي مفادهُ، أنَّ العالَم وبسببِ هذا التعطُّل، ما عادَ قرية واحِدة، وما عادَ بامكانِهم أن يتتبّعوا ما يحدُث بالعالَم، راصدينَ كُلّ حدثٍ بطريقةٍ أعجوبيّة، كما كانَ الحال قبل هذا التعطُّل، لكنّهُم، نسوا أنَّ هُناكَ محطّات إذاعيّة وتلفزيونيّة، تمكِّنهُم مِن الوقوفِ عندَ كُلّ تفصيلةٍ مِن تفاصيلِ العالَم، وأنّ الشّبكة العُنكبوتيّة، لا علاقة لها ب"السّوشال ميديا"، أو على أقّل تقدير، ليسَت محصورة ب"مواقِع التّواصُل" ؛ فهناكَ ثمّة مواقِع يدخُل لها المرء، تكون أكثَر نفعًا لهُ مِن هذه المواقِع، وذلكَ مِن حيث أنَّها مواقِع تعمَل على فرشِ الموائد الفكريّة والثقافيّة والعلميّة والفلسفيّة، وهو -أي المرء- كصاحِب عقِل، ما عليهِ سوى أن يختار المائدة التي يودّ أن يتزوَّد مِن الزّاد الموجود عليها.

لقَد أثبَت التعطُّل الأخير لمواقِع التّواصُل الاجتماعيّ، المجانيّة بشكّلها، الربحيّة بمضّمونها، أنَّها -أي المواقِع- قَد خلقَت حالة مِن الفوضى الشعوريّة في داخلِ كُلّ واحدٍ مِن مُستخدميها، كما وأكَّدَ على أنَّ الرّكضَ في مضاميرها، قَد أجّهدَ المُستخدمينَ لها، كَما لو أنّهُم لَم يُجهدوا مِن قبل . إذ اتَّضحَ مِن ذلك، أنَّ هُناكَ ثمّة ثيمات مشاعريّة مُتضارِبة ومُتداخلة، خيَّمَت وما زالَت وستبّقى في أعماقِ المُستخدمينَ لهذه المواقِع، وبالإضافة إلى ذلك، فلقَد أدَّت هذه الثّيمات إلى زلِّزلة كياناتِ المُستخدمينَ، بشكلٍ مُرعبٍ ومُخيف .

إنَّ هذه الإضطرابات المشاعريّة، لَن تكونَ إلّا إضطراباتٌ خفيّة، لَن تتمكَّن مِن تتبُّعها إلّا إذا وقفتَ مُراقبًا لنفسكَ، وكانَ لديكَ حساسيّة عالية تُجاهها، هذه المُراقبة ستمكّنكَ من حصدِ نتائجها عند نهاية يومكَ، وفي باقي تفاصيلكَ الأُخرى، وستَجِد أنّكَ ذو ذاتٍ شارِدة وأنتَ في عملِك، ومُتبلّدٌ في تجاوباتكَ مع الآخرين، عصبيًّا دونَ مُبرِّر وأقلّ إحساساً في واقعكَ اليوميّ.

لا شكَّ بأنَّ هُناكَ الكثير مِن الدّراسات والأبحاث، قد عمِلَت على تسليطِ الضّوء على الآثار السلبيّة والإيجابيّة لهذه المواقِع، وتعمَّقت كثيرًا في دراسةِ العلومِ النفسيّة مِن خلالِ استخدامِ البشَر لهذه المواقِع، وتمكَّن مِنَ الوقوف عندَ الآثار النفسيّة للإفراطِ باستخدامِ هذه المواقِع، والبقاء عليها، إلى حدٍّ وصلَ "للإدمان على التّواصُل الافتراضيّ " .لكن، ورغمَ إطّلاعي على الكثير مِن هذه الدّراسات، إلّا أنّني كُنتُ قد أُعجبتُ كثيرًا بفلمٍ وثائقيّ، نُشرَ على منصّة "نتفلكس"، حمَل اسم " the social dilemma " .

ونظَرًا لأهميّته، ولإمتلائه بوابلٍ مِن الفوائد وعقاقيرِ الأفكار السّليمة، التي تُعالِج الأفكارَ المسّمومة في دواخلنا، وازدحامِهِ بمعالمِ التوقّر، فلَم أكتَفي بمُشاهدَته، أي فيلمthe social dilemma""، لمرّةٍ واحِدة فقط، بل قُمتُ بمشاهدتهِ مرّة أخرى، وسأقومُ بُمشاهدَتِه لمرّاتٍ لا أتمكّن مِن عدّها، وأنصحكُم أن تُشاهدوه قدرَ ما استطعّتُم إلى ذلكَ سبيلا .

وهُنا، سأضَع لكُم شيئًا يسيرًا مِمّا لمعَ في ذهنيَ مِن كلامٍ شافٍ، وأنا أُحُدِّقُ في معالمِ وجوه التقنيّينَ والمُهندسينَ، وكُلّ مَن كانَ لهُ منصّة قد تحدّثَ مِن خلالها في هذا الفيلم ؛ كي أتمكَّن مِن الغوصِ في عوالمهم الغير مكّشوفة لنا، والتي يسّتدعي الغوصُ بها مُخاطرة نكادُ لا ننّجوا منها أبدا .

إنّ أوّل ما لمَع في ذهّني، وأنا أقرأ مُقدّمة الفيلم، أنّنا أصبحنا عبيدًا كما كانَ مُجتمع قريشِ قبل الرّسالة المُحمديّة، أي حينما كانوا يصّنعونَ الأصنامَ ويؤلّهونها عليهم، ومِن ثمَّ يقدِّسونها، ويُقدّموا لها الطاعةَ تلوَ الأُخرى، وبالفعِل هذا ما حصلَ معنا، فها نحنُ، اليوم، قد صنعّنا التكنلوجيا، وأصبحنا عبيدًا لها، وبالكادِ نخّرُج خارج معابدها المُتعدّدة الأشكال، والمُتنوّعة في وظائفها . فقَد دفعني هذا إلى أن أُجسّد حالة الضُعف التي نعيشها، بمقولةٍ كُنتُ قد قُلتها لأحدِ الأصدقاء، قبل سنتين، ونحنُ غارقينَ بنقاشٍ واسع في هذا الأمر ؛ فقد قُلت " نحنُ ضُعفاء لدرجة أنُّه مُسيطرٌ علينا بما صنعّناهُ بعقولنا" .

نعم، نحنُ ضُعفاء، ولا مفرَّ لنا مِن ذلك، ومَن يُنكِر ذلك، فهو قد سقطَ في مُستنقعٍ مِن الجهلِ، يكاد لا يستطيع الخُروج منه .


سيسّألني أحدكم، كيفَ سنتمكّن مِن مُلاحظة هذا التضارب الشعوريّ بشكلٍ أكبَر ؟!

الإجابة :
وكما قلتُ آنفًا، بأنّهُ أمرٌ لا مفرَّ منهُ، ولا يُمكن نُكرانه، وفي أسوأ الظروف، لا خيارَ لنا سوى التكيُّف دونَ أن نستسّلم لأضراره . لكن، ستتمكَّن مِن المُلاحظة، بوقوفكَ على الفارِق الشعوريّ، حينَ تقضي ساعة كاملة في قراءة كتاب، أو ساعة في تصفّح هاته المواقع.
في الحالة الأُولى ستخرُج بجوٍّ شعوريّ، وتشعُر بإنسجامٍ داخليّ عميق لجانب النموّ النفسيّ المُتصاعِد ومُراكمة تجربة شعوريّة ثريّة . أمّا في الحالة الثانية، ستخرُج بخليطٍ من المشاعر المُتناقِضة والمزاج المُشوّش .


ختامًا، هذه ليست دعوة لهجرةِ مواقع التواصل، فلا أحد منّا قادِر على أن يستغني عنها، بل هي مُجرَّد تنويه لإستعادةِ سيطرتنا عليها، وحالما تمكّنا من ذلك، سنجِد أنَّ هذا الشّعور السلبيّ الذي تتركهُ فينا مواقع التواصل الإجتماعيّ سينخفِض لدينا طالما أنَّنا نتصفَّ بوعيٍ تام، وبقوّة داخليّة قادرة على السيطرة الذهنية على المحتوى .



#ازهر_عبدالله_طوالبه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبيدٌ لما صنعناهُ بعقولنا....مواقع التواصُل الاجتماعي
- صيدليّات تبيع الدّاء بدلًا من الدّواء.
- النظام الفارسي والهيمنة على الأراضي العربية
- الحياة الشخصيّة في المُجتمعات الحشريّة
- أيّ عبثٍ تعيشهُ هذه البلاد..!!
- سوريا والخارطة الإقليمية الجديدة
- العرَب، والقيمة المعنويّة لهُم
- مِن خلالِ نحتهِ بالصّخر، يسعى كُلّ فلسطينيٍّ حُر إلى التحرُّ ...
- -الفساد والإفساد الدّيني -
- -لنَنجوا معًا ممّا نحنُ فيه مِن التّديّن الظّاهري-
- :اللجنة الملكيّة، وتقبُّل الإختلاف في البلاد-
- النظام السوري وتشظّي الوحدة العربية
- -حول ملابسات الفهم الدّيني فيما يتعلَّق بحُريّة التعبير -
- صراع الثانوية العامة ما بين الشّعب و وزارة التربية
- البلاد تضيع واللجان تُشكَّل..
- لقَد هزمَنا تظاهرنا بالقوّة
- تحرّكات حماس .. إلى أين ستقودها ؟!
- أزمة الثقة في بعض أعضاء لجنة الإصلاح
- في فيينا ثمة مطابخ سياسيّة في بدايةِ تجّهيزها. فولوّا وجوهكم ...
- القضية الفلسطينية واستغلالها من قبل البعض


المزيد.....




- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...
- حادث مروع يودي بحياة 3 ممرضات في سلطنة عمان (فيديوهات)
- تركيا.. تأجيل انطلاق -أسطول الحرية 2- إلى قطاع غزة بسبب تأخر ...
- مصر.. النيابة العامة تكشف تفاصيل جديدة ومفاجآت مدوية عن جريم ...
- البنتاغون: أوكرانيا ستتمكن من مهاجمة شبه جزيرة القرم بصواريخ ...
- مصادر: مصر تستأنف جهود الوساطة للتوصل إلى هدنة في غزة
- عالم الآثار الشهير زاهي حواس: لا توجد أي برديات تتحدث عن بني ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ازهر عبدالله طوالبه - تعطَّلت مواقِع التّواصُل، فبانَت هشاشتنا.