أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ازهر عبدالله طوالبه - عبيدٌ لما صنعناهُ بعقولنا....مواقع التواصُل الاجتماعي














المزيد.....

عبيدٌ لما صنعناهُ بعقولنا....مواقع التواصُل الاجتماعي


ازهر عبدالله طوالبه

الحوار المتمدن-العدد: 7038 - 2021 / 10 / 5 - 17:45
المحور: المجتمع المدني
    


" ما يحدُث مِن تعطُّل مواقِع التّواصُل الإجتماعي، هو أمرٌ لا أراهُ إلّا تواطؤ شرِس بحقِّ مليارات مِن البشَر، الذين يقضونَ وقتهُم على موائدِ هذه المواقِع"

هذا ما قالهُ لي أحَد الأصدِقاء، بعدَ أن أدركَ بأنَّ تبدُّل هواتفه، الذي كانَ المُراد منهُ، أن يكونَ أكثرَ قُدرة على تقصّي كُل ما يحدُث على تلكَ المواقِع، لَن يُغيِّر مِن حالهِ أبدا، وأنَّ كُثرَة السّاعات التي يقّضيها على هذه المواقِع، ما هي إلّا تأكيدًا على حالة فراغٍ نفسيّ يعيشها، وأنا هُنا، قد شبّهتهُ، برجلٍ تزوَّج العديدَ مِن النِّساء ؛ كي يُنجِب، ظنًّا مِنهُ أنّ كُلّ زوجةٍ كانَ يتزوّجها ؛ عاقِر، وأنّ عليهِ أن يتزوَّج واحِدة أُخرى ؛ كي يُثبِت هذا . لكن، بعد أن طلَّق ما طلَّق، وراكمَ فوقهُ ما راكمَ مِن النّساء، تأكَّد مِن أنّه هو "العقيم"، وأنَّ الله لَم يكتُب لهُ أن يكونَ أب . وهذا، هو حال صديقنا الذي نوَّعَ كثيرًا في عالَم الهواتِف، وجالَ وصالَ فيه، دونَ أيِّ نتيجةٍ تُذكَر.

لقَد كُنتُ قبل قول هذا الصّديق، أترنَّح بينَ نظرَتين ؛ نظرَة، أنظُر بها لعالَم التّواصُل الاجتماعيّ، على أنّهُ عالَم جعلَ البشَر أكثَر قُربًا مِن بعضهم، وأليَن وأحَن عاطفةً لبعضهم، ونظرَة، أنظُر لهُ بها، على أنَّهُ عالَم خلخَل المفاهيم النفسيّة لهذا البشَر، وأفقَدهُم توازنهم الذّاتي، فضلًا عن أنّهُ عمِل على تمييعِ مفاهيم كثير، مِن أهمّها (الدّيمقراطيّة، الحُريّة) . لكن، قول هذا الصّديق، قَد جعلني أقرُّ وأعتَرف بأنَّ النّظرة الثّانية، هي النّظرَة الأكثَر واقعيّة، وأنّها نظرَة عميقة، حيث أنّها تعمَّقت كثيرًا في تأثيراتِ هذا العالَم، وتوقَّفت كما لم تتوقَّف مِن قبل، عند آثار هذا العالَم .

أنَّ هذا العالَم، الذي تفوَّقَت بهِ السلبيّآت على الايجابيّات، كشفَ الغِطاء عن هشاشتنا الدّاخليّة، وأنّها -أي هشاشتنا الدّاخلية- تُسقى بماءِ المُراقبة/المتابعَة، التي تنبُع مِن ضُعفنا بذواتنا، وأنّنا بلا أيّ فائدة ؛ إن هُدِمَت هذه المواقِع، وأصبحَت كما لو أنَّها لَم تكُ بحياتنا، قط .
ولَم نكتفِ بالنّظَر لأنُفسنا بهذا فقَط، بل أصبحَ الواحِد منّا، لا يكُف عن الانتقاص مِن نفسهِ، إن لَم يكُ عُنصرًا مُتسلّقًا على جُدرانِ هذا العالَم، باحثًا عن وجودٍ افتراضيّ يتفوَّق بهِ على الوجود الواقعيّ، مُستندًا بهذا، إلى مقولةٍ تُردَّد كثيرًا بينَ البشَر، ألا وهي "الواقِع الافتراضيّ هو واقعنا الذي نعيش فيه" .

نعم، نحنُ ضُعفاء، ولا مفرَّ مِن ذلك، ومَن يُنكِر ذلك، فهو قد سقطَ في مُستنقعٍ مِن الجهلِ، يكاد لا يستطيع الخُروج منه . فبحثًا عن وجودٍ رمزيٍّ صنعّناهُ، نحنُ بأنفُسنا، باتَ كُلّ واحدٍ منَّا، يركُض عاريَ الفِكِر، فاقِد الثّقافَة، خالٍ مِن كُلّ اتّزانٍ نفسيّ، يضمَن لهُ الاستقرار والعيش على قمّة جبلٍ، تمكِّنهُ مِن مُصافحَة السّماء، ومِن مُعانقة الغَيم.

ولأنَّنا، ما عُدنا نُقيم وزنًا لأنفُسنا، إلّا بقدَر ما نحصُل عليهِ مِن "لايكات"، وبعدّ ما نحصُدهُ مِن تعليقات على منشوراتنا، التي يكون مُعظمها، منقولًا ممّن يُشاركنا الوجود في هذا العالَم ؛ قد جرَّدنا أنفُسنا مِن كُلّ واقعٍ يمُتُّ لنا بصِلة، أو نمتُّ لهُ نحنُ بصِلة، وقد قبِلنا أن نكونَ تحتَ رحمة العالَم الافتراضيّ، وسلّمنا رِقابنا، لكُلّ التقنيّات، لا سيّما، تقنيَّة " الذكاء الاصطناعيّ" ، التي باتَت تلعَب دورًا مُهمًّا في حياتنا اليوميّة، بل حتى، في كثيرٍ مِن الأحيان، باتَ لها دور، لا يُجهَل، في مشاعِرنا .


الخُلاصة: ‏حين يفقد الإنسان النت، يعتقد أنَّ هناك أشياء تحدُث وهو بعيد عنها، يتوهَّم أنَّ أُمور مُهمّة ستفوته، وأنَّهُ سيتخلَّف عن ركبِ الحياة، فيما الحقيقة، لا وجود لشيء سيُغيِّر مصير البشرية أو حتى مصيرك. ما يفوت عنك هو حياتك الواقعيّة، تلك خسارتكَ الدائمة..ما تفقده هو ذاتك الحقيقة. وليس النت أو ما يحدث فيه.*

قبلَ سنتينِ تقريبًا، وفي جلسةٍ مع الأصدِقاء، ونحنُ نُقيِم بالعُمقِ مِن نقاشٍ واسعٍ حولَ ما توصَّلَ إليهِ العقِل البشريّ، مِن التكنولوجيا، كُنتُ قد قُلتُ مقولة جسّدتُ فيها حالة الضُعف التي نعيشها، حيث أنّني قُلت :"نحنُ ضُعفاء لدرجة أنُّه مُسيطر علينا بما صنعّناهُ بعقولنا" .
وبالفعِل، ها نحنُ، بعدَ تعطُّل مواقِع التواصُل، أمس، قد تمَّ التأكُّد، مِن أنَّنا أصبحنا عبيدًا لها، وبالكادِ نخّرُج خارج معابدها المُتعدّدة الأشكال، والمُتنوّعة في وظائفها .

*اقتباسٌ مِن أحَد التقارير الصحفيّة، التي سلَّطت الضّوء على الحدَث المُفزِع، الذي أصابَ العالَم، أمس.



#ازهر_عبدالله_طوالبه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صيدليّات تبيع الدّاء بدلًا من الدّواء.
- النظام الفارسي والهيمنة على الأراضي العربية
- الحياة الشخصيّة في المُجتمعات الحشريّة
- أيّ عبثٍ تعيشهُ هذه البلاد..!!
- سوريا والخارطة الإقليمية الجديدة
- العرَب، والقيمة المعنويّة لهُم
- مِن خلالِ نحتهِ بالصّخر، يسعى كُلّ فلسطينيٍّ حُر إلى التحرُّ ...
- -الفساد والإفساد الدّيني -
- -لنَنجوا معًا ممّا نحنُ فيه مِن التّديّن الظّاهري-
- :اللجنة الملكيّة، وتقبُّل الإختلاف في البلاد-
- النظام السوري وتشظّي الوحدة العربية
- -حول ملابسات الفهم الدّيني فيما يتعلَّق بحُريّة التعبير -
- صراع الثانوية العامة ما بين الشّعب و وزارة التربية
- البلاد تضيع واللجان تُشكَّل..
- لقَد هزمَنا تظاهرنا بالقوّة
- تحرّكات حماس .. إلى أين ستقودها ؟!
- أزمة الثقة في بعض أعضاء لجنة الإصلاح
- في فيينا ثمة مطابخ سياسيّة في بدايةِ تجّهيزها. فولوّا وجوهكم ...
- القضية الفلسطينية واستغلالها من قبل البعض
- وهم الوساطة العربية في الصراع مع إسرائيل


المزيد.....




- الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة الغربية
- الرئيس الايراني: ادعياء حقوق الانسان يقمعون المدافعين عن مظل ...
- -التعاون الإسلامي- تدعو جميع الدول لدعم تقرير بشأن -الأونروا ...
- نادي الأسير الفلسطيني: عمليات الإفراج محدودة مقابل استمرار ح ...
- 8 شهداء بقصف فلسطينيين غرب غزة، واعتقال معلمة بمخيم الجلزون ...
- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ازهر عبدالله طوالبه - عبيدٌ لما صنعناهُ بعقولنا....مواقع التواصُل الاجتماعي