أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - انتهاء الصلاحية -2-















المزيد.....

انتهاء الصلاحية -2-


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 7059 - 2021 / 10 / 27 - 09:51
المحور: الادب والفن
    


تقول حياة السيّد عن نفسها :
نشأت في عائلة فقيرة
لم أكن أعرف معنى الغنى
كنت في الخامسة عشرة من عمري
ذهبت إلى بيت أختي الأكبر سلمى
قالت لي أنها سوف تموت غداً
بكيت كثيراً . كيف عرفتْ أنّها سوف تموت؟
أخشى أن تحرق نفسها كما شهرو
أتى زوجها في الغد وتحدث عنها بالسوء لأنه أخذها إلى المستشفى بعد محاولة انتحارها ، وقال أنه سوف يستر على فعلتها حفاظاً على سمعة أبي لآنه يحترمه .
فعلتها أختي ، تناولت دزينة من الحبوب ، وهي الآن في المستشفى ، ذهبت إلى بيتها كي أوَضب أمور المنزل ، و أعتني بالأطفال عندما يعودون من المدرسة ، كان زوجها يساعدني، فجأة ضمنّي بقوة ، لم أفهم ماذا كان يفعل .
حاولت بعدها الانتحار ، وعذرت أختي ، فلماذا تعيش النّساء؟
هي قصة عابرة أرويها ، لم تعد تعني لي شيئاً ، قرّرت بعدها أن أكون قوية، لا أحد يستطيع منعي من زيارة أختي ، واظبت على زيارتها ، وكنت أضع في جيبي حجراً كي أدافع عن نفسي ، وفي مرة حاول صهري الاقتراب مني فجعلت الحجر تقبّله وتحفر علامة على جبينه . صرخ ، خافت عليه أختي: ما بك؟ قال لها :
وقعت على حجر . قلت لها: وقع على حجر ، لماذا هذا الحزن عليه؟ حتى الأطفال يقعون يبكون عدة دقائق ويقبلون. نظرت إليه وقلت: خذ حذرك بعد الآن ، لا تتباهى بقوتك . تلك الحجر على صغرها تسببت لك بالألم والبكاء . أخذت الحجر ، غسلتها ، أعدتها إلى جيبي ، سوف أستعملها لتقبيل أي رجل يحاول أن يسخر مني. مجرد قبلة ، ويهرب الرّجل .
كلما ذهبت إلى بيت أختي تكون الحجر في جيبي ، وفي مرة فتح لي الباب، قلت له: الحجر في جيبي . إياك أن تجلس معي ومع أختي عندما آتي إلى بيتها . لن أتوقف عن المجيء.
. . .
سوف أدرس ، و أتفوّق ، و أصبح مهندسة . أبني الجسور الجميلة على الأنهار وفوق الوديان . أحبّ الحياة ، و لن يقف زوج أختي عائقاً ، فقد جعلت ضميره يوخزه عندما وخزته بالحجر. اعتذر ، وقال أنّه نادم، حتى أختي قالت أنه أصبح أفضل معها بعد أن نجت من محاولة الانتحار، في الحقيقة أنّها لم تنج ، لكنّها توهمت ، فقد قامت بعدة محاولات أخرى فيما بعد.
أنا لست أختي
لن أحاول الموت
لأنني ببساطة أخافه و أحبّ الحياة
سوف أصبح مهندسة بناء
تقول أمي عليّ بالدراسة كي أجد زوجاً لأنني لست جميلة ، مع أنني جميلة ، لكن لوني الأسمر غير مرغوب به، فأول الأشياء التي يبحث عنها الرجال في زوجاتهم أن تكون بيضاء وعيونها ملونة .
يأتي دور السمراء فيما بعد فتصبح عشيقة لزوج البيضاء، ويتّهم زوجته بالبلادة .
هكذا تحدثوا عن أبي هشام الذي يصاحب معلّمة سمراء ، حيث قال لها مللت من أكل التّفاح ، البصل أيضاً مطلوب !
أشعر أنني أعيش في حلم
لا أنتمي إلى كل تلك الأفكار
ولا إلى المكان
وحتى أنني لا أنتمي إلى الحلم
حتى لو أصبحت مهندسة بناء ماذا يمكنني أن أفعل ؟ أغلب أهالي بلدتنا يبنون بيوتهم بتصميمهم الشّخصي ، في البداية مطبخ ، وتواليت ، وغرفة جلوس ، وفيما بعد قد يزيدون عليها حسب كفاية دخلهم الشهري . هناك بيوت مات أصحابها ، ولم تكتمل .
لا بأس ! أنا مولعة ببناء البيوت منذ طفولتي ، ففي بستاننا كنت أجمع الحجارة ، و أصنع بيتاً ، أصممه، لكنه يتهدم لأنه غير متين .
. . .
أختي نغم طائشة ، يقولون عنها مجنونة ، تلاحقها والدتي ، تجلبها من بيت الأصدقاء ، تضبطها تتحدث مع شبابهم . عندما تضربها أمّي أختبئ خوفاً ، لكنها قالت لي: لا تخافي ! سوف أفعل جميع الأشياء المحرّمة لأنتقم منها . أشعر أنني فقدت السمع في أذني من كثرة ما طرقت رأسي بالجدار . أنا أقوى منها . إلى متى سوف أقبل أن تضربني؟ ربما لو ضربتني غداً لحاولت أن آخذ زمام المبادرة ، وضربتها .
-إنّك يا أختي تجنين على نفسك ، وتعرضينها للقتل . لا أمان للشباب ، يتخلى الشاب عن الفتاة بسهولة .
-ليس لي علاقات جنسية ، فقد أخرج من المنزل لأنني ضقت ذرعاً بتلك الوحدة ، أذهب إلى بيت صديقاتي ، وبالصدفة يكون أحد الإخوة يحبّ أن يجلس ، نتبادل أطراف الحديث ، أشعر بالتألّق في حضور شاب . أرغب أن أعيش يا أختي . منزلنا يشبه المقبرة ، ومدينتنا صغيرة ، و أنا أحبّ الحياة .
أحياناً أفكّر أن أمّي مسؤولة عن أخطاء الشباب . أمي مع جميع الأمهات . يصورون الشّاب كوحش مفترس ، مع أنّه مثلنا لو لم يعطوه الحجة للافتراس .
أختي نغم أصغر مني ، لكنّها تفهم الجنس الآخر أكثر منّي ، فأنا أتصور الشباب جميعهم يشبهون زوج أختي ، و أعتقد أن أمي على صواب ، لكن نغم تقول أنّها ليست على صواب ، وفي كلامها شيء يدعوني للتفكير بالأمر .
. . .
أشعر بالحب تجاه أخي يوسف ، هو في الصف الخامس الابتدائي يحتمي بي أحياناً عندما يرى أمي تضرب نغم وتسقط على الأرض ، ثم تضربها ثانية فتسقط. مالهذه العائلة؟ أختي الأكبر تحاول الانتحار ، أختي الأصغر تبحث عن الحبّ، أخي خائف أبداً ، و أنا أرسم حلمي ضمن هذا الجو .
أحياناً أتوقف عن الحلم
أتمنى أن أركض على غير هدى
ماذا سوف يقولون لو فعلت ذلك؟
في داخلي بركان إن لم أركض لن أسمح له بالخروج
سوف أصبر
عام واحد و أذهب إلى الجامعة
سوف أفعل ما أريد
لن أخبر أمي
هي القائد ، ابي في حكم الغائب على الدّوام
أمي تحمي شرف العائلة
من هي العائلة ؟
لسنا عائلة يا أمي !
لم نجتمع على فرح
بل على تهديد مستمر
تقولين دائماً : لو سمع أبوك بالأمر ؟
فليسمع !
هلا سمعت بأمر أختي التي حاولت قتل نفسها ؟
ماذا فعلت؟
هجمت عليها ، وقلت أنّك غير راضية عن سلوكها
فلتمت إذاً في المرة المقبلة
لا تنتحر سوى النساء الخاطئات
ما أضعفك يا سلمى!
من هو هذا البعبع الذي يرغمك على الموت
لن يرغمني أحد على الموت . لن أقرأ شعراً عن الحبّ ، فجميع شعراء الحبّ كاذبون ، يتغزّلون بأنفسهم .
تزوجت الطبيبة ريم من الطبيب الشاعر ، و المناضل حسّون .
قال عنها في ندوة : أنها باردة كالثلج ، وهو الذي تلهمه امرأة دافئة مشتعلة بالحبّ، وكان يعني إحدى المناضلات معه ، وفي مرّة دعا مطربة أحبها إلى عشاء في منزله ، فقامت ريم برعاية الحفلة ، ثم امتعضت أمام صديقاتها ، فأسهبوا بالحديث عنه وعنها . صحيح أنهما طبيبان ، لكنها هي طبيبة نسائية ، وهي صاحبة الدّخل الأعلى . لم ينجب حسّون سوى ابنة واحدة ، ترك منزل العائلة ، ولجأ إلى منزل صغير يقيم فيه حفلات شعر مختلطة ، ويذهب في النهار للدوام مع ريم في المستشفى ، هكذا تسير الأمور، و الجميع يعرف ، لكن ريم غير راضية، وغير فاعلة . لا تناقش هذا السّيد بأمورها . إنه الحفاظ على الرجل المنفلت . الجميع يقول : تستحقّ!
سألت مرّة إحدى جاراتنا التي تذهب أمي لتخليصها كلما انقض عليها زوجها: لماذا تقبلين ؟ اتركيه!
أجابتني : لا أستطيع. هو أرحم من الجميع، لو بقيت بلا زوج لتكالب علي الجميع، ليضربني هو أفضل من أن يضربني الجميع قلت لها: لن أتزوج بعد هذا الحديث .
أتساءل: لماذا تقبل النساء أن يكنّ ضحايا ؟
يبدو أن أمهاتهن يهيأهن لهذا الأمر، فلو لم تصبح المرأة ضحية بماذا سوف يتسلى الجميع .
جميع الضحايا وحيدات
منبوذات
خائفات
فقدن احترام المجتمع ، و احترام الذّات
المجتمع لا يحترم الضّحية
بقي لي شهور قليلة و أصل إلى الجامعة، أبعد عن آفكار أمي ، وعن مأساة إخوتي .
. . .
لو غادرت هذا المنزل لن أعود إليه
لن أعود إلى مدينتي
ليس للنساء ذكريات
المدن مخصصة لأحلام الرّجال
يتجولون بعد منتصف الليل
يدخنون ويشربون
وتدفع الأمهات ، أو الزوجات تكاليف الحلم بينما تتلطى خلف جدار من وهم لترى الظلم ثم تبكي نفسها لأنها ضحية . حياة السيد لن تكون ضحية .
هذا الليل يضيق بي
أبحث عن مخرج
أخاف أن لا أستطيع الخروج
أسمع زوج أختي يخبّر أمي : فعلتها ثانية !
تقول أمي: لها ستين جهنّم تلك الفاجرة
حاولت أختي الانتحار ، لكن يبدو أنها فشلت . في كل مرّة يوصلها زوجها للانتحار ، ثم يشتكي فجورها . غير مسموح لي الخروج في الليل ، و أمي غير مكترثة . تغط في نوم عميق ، و أنا أرغب في الانتقام. سوف أذهب غداً إليه ، و ألقنه درساً .
هذا الليل يضيق بي
ليس فيه منفذ
الجميع يغط في نوم عميق
لا أحد يبالي يا سلمى
لماذا تحاولين الانتحار؟
لا أحد يبالي . . .
. . .


أصبح اسمي عند أمي " العانس"
تخرجت من الثانوية، تزوجت بعض صديقاتي ، تطلب مني أمي أن أبحث عن زوج ، فقد أصبحت كبيرة ، وكي لا أصبح عانساً .
كيف لي أن أبحث عن زوج؟
وماذا تعني كلمة عانس ؟
لن أبحث عن أحد ، هل البحث عن زوج يشبه البحث عن الكنز؟
كأنّ النساء يرغبن في تلك الأوصاف
تسيطر عليّ كلمة عانس
أشعر بها
أخاف أن أنظر في عين أمي
أن آكل من طعامهم
أنا عانس ، أي أنني مصيبة حلت بهم
كيف تبحث الفتاة عن شاب يتزوجها ؟
يقولون أنّه يجب أن يكون لديها أساور من الذهب ، أو أن يكون لوالدها منصب . إذاً لن أجد زوجاً . كانت أمي تقول أنني لو درست وتوظفت قد أجد زوجاً ، فأنا لست جميلة ، لكنها وصمتني البارحة بأنني عانس لأنني لا أشبه الفتيات اللواتي يتزوجن . لم تنتظر حتى أنهي دراستي و أتوظف .
لا يهم إن وجدته أو لم أجده -أعني الزوج-
سوف أصبح مهندسة أبني البيوت والجسور
لم أختبر الحبّ بعد
لا شيء يشجعني
لكنّني مؤمنة بي
سوف أجد رجلاً يهتمّ لأمري
أو يحبني
سوف أسعى للحبّ كلما سعيايت للحياة
سوف ألتقي بمن أرغب أن يكون زوجاً
ليس جميع الرّجال حسون
وليس كل النساء ريم
سمعت في إحدى حكايات عائلتي
أن جدتي السوداء صنعت ثروة
ربما لم تكن سوداء
بل تشبهني
بدد ثروتها أحد أولادها
لا زال لدينا بستان ورثناه منها
يصفونها بالذكية
ولا يصفونها بالجميلة
كأن الغباء مرافق للجمال
إذا كان أغلب الناس لونهم أسمر ، فمن أين نأتي بالشقراوات ؟
ويقولون أنّ في الغرب عنصرية !
تفوقنا بالعنصرية على كل الأحياء
أنا ذكية و لست جميلة
مع أنّني أعجبني عندما أنظر بالمرآة
أنا تلك البطة السوداء التي أهملتها عائلتها ، سوف لا أعبأ بكلامهم ، سوف أكون كجدتي الذكية السّمراء . . .



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة هروبي من العالم الافتراضي
- انتهاء الصلاحية -1-
- العمر مزحة
- العدالة
- حكايات غير مترابطة
- لغة الصمت
- بيع الجنس الشّرعي
- نساء أمل -10-
- قادمة من الأساطير
- نساء أمل -9-
- تداعيات في يوم خريفي
- كسرة خبز
- الهولوكست
- عالمي الرّوحي
- نساء أمل -8-
- أسيء الظن بالانتخابات العربية
- أهلاً بدموزي
- جائزة نوبل للآداب 2021
- نساء أمل -7-
- وثائق باندور تمر مرور الكرام


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - انتهاء الصلاحية -2-