نساء أمل -8-

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

الحوار المتمدن-العدد: 7044 - 2021 / 10 / 11 - 15:11
المحور: المجتمع المدني
    

في جلسة ودية لأمل مع أولادها فاجأها ابنها بسؤال: لماذا أنجبتني إلى هذا العالم طالما لا تستطيعين حمايتي ؟
أجابت : كنت أعتقد أنّه يوجد رجل سوف يهتم بحمايتك ، لكنّه رفض أن يكون رجلاً.
-إذن لماذا جلبتني إن كنت تعرفين أن زوجك ليس رجلاً؟
تحاول أمل أن تضفي جو الفرح على العائلة فتقول له: أردت أن تكون نجماً يضيء حياتي، تصوّرت أن الحظ سوف يحالفك لو اجتهدت في الدراسة، وتصبح غنياً ، وتكون رجل الآسرة الذي يحميني ، لكنك لم تكبر ، وجرى ما جرى .
-أصرّ على سؤاله : لماذا أتيت بي إلى الدنيا طالما كنت تعرفين أن الرّجل الذي هو أبي ليس رجلاً؟
-في الحقيقة عكّرت عليّ مزاجي لأنني طرحت سؤالك على نفسي بضع مرات ، لم أجد له الإجابة ، نحن الآن في الموضوع : أنا يابنيّ أصدّق الشّائعة ، وكلّ الناس يقولون :" من زرع حصد" ، و أنا زرعت ، ربما زرعت المحصول الخطأ حيث دربتك على الاجتهاد ، والمحبة،لم أكتشف خطأي إلا بوقت متأخر، فليس صحيحاً أن الجهد والعمل قد يأتي بنتيجة جيدة ، كلّ قصص النّجاح العالمية التي قرأت عنها كانت غير صحيحة ، فحتى مارك فيس بوك درس في هارفارد أي أنه انتمى إلى الطبقة الغنية ، وتلك الطبقة تفهم من أين تؤكل الكتف ، فقام بسرقة مجهود صديقه وأخذ حبيبته . هل يمكننا المزاودة على مارك بالقيم؟
والدك كان نذلاً ، لكن الكثير من الأنذال اليوم يتباهى أبناؤهم بهم، فالثوري أبو الحريّة هو مجرد تاجر سلاح اغتنى ، أرسل أولاده إلى أوروبا ، وهم يفتخرون به. صوته الآن هو صوت الحق، ولو جلبنا اسمه بالسّوء لقالوا أننا نغار!
أعرف ماذا يدور بذهنك . سوف تقول هل كنت تتمنين أن يكون أبي من ضمن عصابة ؟
أقول لك : من أنا حتى أحاسبه ؟ لكن لو كفانا شر الحاجة، و أغناكم أليس أفضل من أن تأتي وتسألني لماذا جلبتني؟
هذا لا يعني أنّ والدك كان فقيراً ، لكنّه ببساطة لم يكن رجلاً يشعر بمسؤوليته ، ليس هو الوحيد في هذا العالم الذي أصبح فيه الرّجال قلّة .
-سوف أقول لك شيئاً يا أمّي: تحدثيني عن الرجل ، وكأنه كائن من عالم آخر ، أنا أفهم أيضاً كيف تقتل النساء من قبل الرّجال ، لكن أليس بالإمكان أن تكون الأم إنساناً يعمل على حماية أولاده حتى من ذلك الرجل؟ أعرف واسوف تجيبين به، لكنّني سوف أكمل فكرتي، فعدد النساء اللواتي قتلن يستحق أن نقيم لهم لطمية كلطمية الحسين ! أليس لتلك النساء أمهات؟ ولماذا هن مغلوبات على أمورهن؟ لا تقولي عادات أرجوك ، بل أسألك: أيهما أفضل العاهرة التي تحمي أولادها ، أم الشريفة التي تقتل ابنتها على مرأى منها ؟ أعرف إجابتك. سوف تقولين ليس الجميع يصلح للدعارة . حسناً. يصلح للهروب . لو وضعتنا في بقجة على ظهرك، ورحلت بنا مشياً على الأقدام تتسولين إلا أن تجدي مخرجاً عندها سوف يفتخر بك أبي ، ويرسل لك كي تأتي به إلى ذلك المخرج لأنّه اشتاق لنا، وسوف تقبلين لأنّك تعبدين الرجل ، وسوف تعاد الكرّة.
-سوف أسرد لك هذه النكتة . قال أحد أصدقائي: لا أعرف لماذا تطالبن بالمساواة مع الرّجل . هل الرجل في وضع يحسد عليه؟ الرّجال يا بني ضحايا أيضاً ، وهم يُظلمون، ويَظلمون . إلا والدك فهو ظالم على الدّوام. هو ليس رجلاً ، ولا أنثى ، ولا من فصيلة البشر ، أرجو أن لا تجعلني أعيش كوابيسي . أغلق على الحديث . أتيت إلى الدنيا وكفى، و أنا سعيدة لأنني أنجبتك. كن سعيداً، لا تكرّر عمل والدك. كن رجلاً. . . .

#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات