أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - راوند دلعو - السيرة الذاتية لمُهَستر _ قصة أول ثورة في التاريخ















المزيد.....


السيرة الذاتية لمُهَستر _ قصة أول ثورة في التاريخ


راوند دلعو
(مفكر _ ناقد للدين _ ناقد أدبي _ باحث في تاريخ المحمدية المبكر _ شاعر) من دمشق.

(Rawand Dalao)


الحوار المتمدن-العدد: 7054 - 2021 / 10 / 22 - 04:02
المحور: الادب والفن
    


( السيرة الذاتية لمُهَستِر _ قصة أول ثورة في التاريخ )

♥️ و حقُّ الرَّبِّ إنّها قصة واقعية ... !

بقلم #راوند_دلعو

♣️♦️ نظر المُهستِرُ إلى نفسه نظرة اليائس المُحبَط في المرآة ، فانقضَّ على علبة مكياج زوجته كالمجنون ، فتحها بيد مرتجفة ، بعثر ما فيها ، ثم قبض على مِيل حُمرَةٍ و بدأ يكتب بالحمرة على المرآة :

{{

أنا الموقع أدناه ....

أنا الموقع بالآه ...

لا بد لي أن أجد حلاً لما أنا فيه من وَيْلاه ...

فالوضع لم يعد يُحتَمَل ... الوضع غيرُ مُتَنَاه !

الآن سأُصدِر حكماً على نفسي ....

أنا مُهَسْتِرٌ !!

أنا المُهَستِرُ يا الله ! }}

♥️♠️ أنهى صاحبنا المُهَستِرُ سطره الأول بمِيل الحمرة على المرآة ، ثم بدأ بسطره الثاني ، فكتب :

}}

أعشق الكتابة و التفكير ، فالحرف يُغريني بتَثَنِّيهِ ، و الفكر يسحرني بتأنِّيه ، سأُغَنِّي الفكرَ

و أُغَنِّيهِ

و أُغَنِّيه ...

حروف ... حروف ...حروف ..

كتابات ... كتابات ... كتابات ... في كل مكان كتابات !

لا أستطيع التوقف عن الكتابة .... فيدي تتراقص بالقلم ، تتلاعب بالقلم ، تتدفق بالقلم ، تتشقلب بالقلم على صدر القلم ، تعانق القلم ، تلتهم القلم ، تُصلّي للقلم ، تتوضأ بالقلم ، تحج إلى القلم ، تسجد بالقلم على القلم إلى القلم وحده لا شريك له ... تعشق رَبَّ القلم و رائحة القلم و رائحة فم القلم ، و رائحة عرق القلم ، تعشق الموت برصاص القلم ، لتتنفس القلم بالقلم ، ثم لِتتعاطى القلمَ شهقةً شهقةً ، كما يتَعاطى المدمنُ الهيرويين ...

إنّها يدي من صلب القلم ، و إلى القلم ، و من قلمٍ إلى قلم ... }}

♣️♦️ ثم بدأ المهستر يلهث من شدة انفعاله و هو يُعبِّرُ و يكتب و يكتب و يكتب بالحمرة على المرآة :

}}

أتحايل على كَفِّي كي يترُكَ القلم لُحَيظات ليضع في فمي ما يسد رمقي ، فإذا به يهرب من فمي ليعانق القلم من جديد !!! يا له من كف مشاكس مشاغب لا يهدأ ...

يا ترى ما نوع هذا المغناطيس الرهيب بين كفي و القلم ... بين أصابعي و اليراع ؟ بين دمي و الحبر ؟ بين جغرافيا جسدي و الخطوط ؟.... }}

♥️♠️ استمرَّ صاحبنا المُهَستر بالكتابة متسائلاً عن نوع العلاقة بين جوهر ذاته و القلم .... فكتب و كتب و كتب على المرآة الأولى حتى ملأها ، ثم انتقل للكتابة بميل الحمرة على بقية المرايا في البيت ، فكتب :

{{ حاولت تفسير ظاهرة الاتحاد و التقمص و التوحد و التلاشي و الذوبان و الانصهار بين كفي و اليراع ... فوجدت أنني ساعةٌ تركض بالحروف ... زمنٌ يتدحرج بالخطوط و الأفكار و الصروف .... رفوفُ كلمات تعانقها لانهاياتٌ من الرفوف ... وقت يحارب اللهفة بحروف الملهوف ! عبارات عبارات دون توقف أو وقوف ! مقالات تحارب عدّاد الثواني .... ما إن تهزم العداد الأول حتى تبدأ بهزيمة الثاني ... استعارات تزدحم باستعارات ... تصاوير تختنق بالعبارات ... تراصيع تراخيم جناسات طباقات كنايات ... معادلاتٌ نظريات ... مسائل أجوبة حلول فرضيات .... أدلة براهينٌ مسلَّمات .. }}

♣️♦️ ثم على مرآة أخرى كتب :

{{ في البداية كتبتُ ، ثم في الحقيقة كتبت ... ثم كتبت ... ثم كتبت حتى أصيب رأس قلمي بالصداع المزمن الذي لا دواء له ، فكتبت !

كتبت كتبت حتى جن جنون قلمي ، فتشاجرنا ، فإذا بي أرمي عليه يمين طلاق كاذبة فيهجرني بقميص نومه ، تاركاً لي كل الحروف و الخطوط .... لكنه ما لبث أن عاد يساكنني بالحرام ! فاغتصبت به كل الآلهة و الأصنام ، إلى أن عبرت المقدسات و كل الخطوط الحمراء !

كتبت كتبت ... حتى باتت كتاباتي تُوزن بالكيلو و الرطل و الطن و الميغا طن ....

كتبت كتبت حتى تدفقَتْ كتاباتي أنهاراً و بحاراً بمليارات مليارات الأمتار المكعبة ...

كتبت كتبت حتى قيست أسطري بالفراسخ و الأميال ثم بالسنوات الضوئية ... بل بالألفيات الضوئية ... أرصفها على مدارات الكواكب حول الشمس ذهاباً إياباً مئة مرة ... بل ألف مرة ... بل ألف مليار مليار مليار مرة ...

كتبت كتبت حتى صببت أفكار العالم ... كل العالم في قوالب من حروف ... حتى ملأت كل الخزائن و الرفوف ... حتى استهلكتُ معامل الورق و مَن عليها وقوف ...

و بعد أن نفد الورق من كوكب الأرض ، بدأت بالكتابة على الأخشاب و اللحاء و الحَلْفاء ... على الجذور في الأعماق .... على الورود في الأعناق ... على الغصون ، على البتلات على الأوراق ... على صدور التفاح و خمائل الدرّاق ... على كؤوس الزَّهر و الأواني و الأطباق .... على كل السيليلوز الذي خلقه الله في الآفاق .... على الغابات و البساتين و الحقول و المروج في بلاد الواق واق ....

ثم استمرت هستيريا الحرف بملاحقتي و أنا أركض بالقلم ، فصرت أكتب على الرِّق و الحرير و جلود الحيوانات و حراشف الزواحف و الأسماك و ريش الطيور .... حتى الدينصورات نبشتُها من أعماق الأركيولوجي بأظافري ، ثم كتبت على بقايا عظامها و مستحاثاتها ...

اقتحمت مملكة الحيوان مجرماً جزاراً ، كما يقتحم سلفستر ستالون تلك الحانات في الأفلام الأمريكية ... رشَّاً و دِراكاً ... أذبح أسلخ أدبغ أكتب ... أذبح أسلخ أدبغ أكتب .... فكتبت كتبت على جلد كل حيوان ... حتى كتبت على الأصداف و القواقع و المرجان و الديدان و الحيتان ...

و بعد فناء الحيوان تحت ضربات حروفي ، بدأت أكتب بالأزاميل على الصخور و الحصى و الجبال و الهضاب و السهول و السواحل و الرمال و الصحاري و القفار .... كتبت كتبت بالماء على الماء و فوق الماء و تحت الماء و بخار الماء و حمض كلور الماء .... ثم كتبت على الهواء و الرياح و الطَّلق و الأثير ، بل حبَّرت الأريج بالحبرِ العبير ... ثم تحولت إلى مجنون يكتب بالألوان على أقواس قزح ، قزح ينتهي ليبدأ قزح !! }}

♠️♥️ و هكذا استمر بالكتابة و هو يشكو همه و حالة الهستيريا التي تنتابه ، فكتب ثم كتب ثم كتب حتى امتلأت جميع المرايا ، فبدأ يكتب على جدران البيت و الزوايا ، فاستأنف يشكو مرضه :

}}

رجعت إلى العصر الحجري !! فبدأت أكتب بالأزاميل على الصخور و الحصى .... فكتبت ثم كتبت حتى ملأت حجارة الكوكب شِعراً و نثراً و فكراً و فلسفة و تحليلات ...

و عندها بدَأََتِ الأرض تصرخ مستغيثة من كتاباتي : أن توقَّف فقد استهلكتَ كُلِّي في بعضك .... و وجهي في كفك .... و بطني في قلمك ... و ظهري في خطّك ..... فأرجوك توقف ... أرجوك ... أقبِّلُ يدك ... أتوسل إليك !

فأشفقتُ عليها ، ثم يممت شطر المريخ ... إذ أكلتُ صخورَه و جباله و كل تضاريسه أدباً و فكراً و فلسفةً بيومين .... حتى استحال حروفاً تدور حول الشمس بالكلمات و العبارات و التعابير و الأفكار !!

ثم ما لبثتُ أن ابتلعتُ المجموعة الشمسية بشمسها و كواكبها و نيازكها و مذنباتها و شهبها و كويكباتها بأسبوع ... و أنا أكتب و أكتب و أكتب و أكتب كالمصروع ، لا أنضب دفْقاً كالينبوع .... !

حسبي الحرفُ و نعم الوكيل ! فقلمي لا يتوقف عن الكتابة و التنكيل ! ... لم تزل الشموس دفاتري و الكواكب هوامشي و المذنبات نقاطي و النيازك حركاتي ، أما النجوم _ بجلالة قدرها _ فهوامش باذخاتي من مُرخَّمِ لوحاتي ... !

كتبت كتبت ... على الأحزان و المسرّات ، على العواطف المكفهرّات .... على الليالي الليلاوات المُقمرات ، على أوشحة العفيفات و أرداف العاهرات ....

كتبت كتبت بكل أنواع الخطوط ... المربع و المستطيل و الحلزوني و الدائري و الرقعة و النسخي و الكوفي و الدمشقي و المقدسي و البغدادي و الفارسي و التركي و المصري و الشرقي و الغربي ...

كتبت كتبت في كل زاوية من زوايا الفضاء ... بالحبر الأسود على الثقوب السوداء ... بالحبر الأبيض على وميض الأنواء ... بالحبر الملون على النيازك الرعناء ....

الحق الحق أقول لكم ....

لقد

ملأت

أركان

الكون

كتابة

حتى

تنفس

الصعداء ....

كتبت على المادة بشتى أنواعها ، صلب سائل غاز ... كتبت حتى على البلازما .... كتبت على المادة المظلمة ... على اللامادة .... على الشيء ... على اللاشيء ... على الغبار ، على الدخان الكوني ، على نقطة الانفجار الكوني ، على ظهر الكون و بطنه و كل أجزائه ... على الوراء و الماوراء ، على السدرة و العرش ... حتى على صدر الله كتبت ... على وجهه و يديه ... على جسمه الذي ليس كمثله شيء ...

أنفقت العمر و الأحبار و الأشجار و البحار و الأمطار و الأحجار و الأفكار و الأشعار و النظريات و الفرضيات و المبرهنات و التحليلات و التركيبات و الاستقراءات و الاستنتاجات و التوقعات و التنبؤات و القراءات و العبقريات كتابة و كتابة ثم كتابة ثمة كتابة !!!

كتبت كتبت ... قائماً قاعداً مستلقياً كافراً متعبداً ... أثناء إعداد الطعام ، الجلي ، الحمام ، النوم ، الأكل ، الشرب ، اللعب ، الجنس ...

طورت طريقة أكتب من خلالها أثناء الاستحمام كالمجانين ... ثم طورت طريقة لأكتب بشكل انتحاري على أنياب الأسود و الثعابين !! ... كتبت بالسلام على القنابل ... بالانتماء على الوطن ... بالضوء على الظلّ و بالظلّ على الضوء ... بالمستقبل على الماضي ... بالماضي على المستقبل ... بالحركة على السكون ... بالفلسفة على الجنون ... بالمفضوح على المكنون ... باليقين على الظنون ... بالفتنة على المفتون ... كتبت كتبت كتبت ... حتى سجنت الله بين الكاف و النون ، بين ما كان و ما سيكون ... و ما هو كائن ثم كائن ثم كائن إلى أن يعسعس الله في السجون ! كتبت و كتبت حتى أُصِبت بالانطوائية و الصرع و الهستيريا و البرص و الجذام و السل و الكورونا و الجدري و التيفوس و التيفوئيد و الملاريا و الشلل و الجنووووون ....}}

♣️♦️ و هنا ، انتهى مِيلُ الحمرة ، فأسرع صاحبنا إلى ما تبقى من علبة مكياج زوجته فوجد مروداً وحيداً متبقياً ، فامتشقه و أكمل على البلاط :

{{ كتبت كتبت بمكياجات النساء كل النساء على المرايا بالرُّوج و الألوان ، و هذا هو المرود الأخير الذي أكتب به الآن ... كتبت كتبت حتى تساقط الكل من حولي كالأوثان ، فغدوت وحيداً بلا أخوال و لا أعمام و لا خِلَّان .... بلا كنيسة و لا معبد و لا أصنام و لا مذبح و لا معمدان !!!

فلا أكاد أنتهي من مقال مأفون .... حتى تطاردني أشباح بحث ملعون ... و ما إن أنتهي من البحث الملعون ، حتى تقتحم رأسي قصة من شجون ... فأُحبِّرُها و أحبكها ثم أقتل بقلمي البطل و البطلة ، فأُبكي الجميع بدمع ساخن حنون ...

فإزا قفزت هارباً من هستيريا الكتابة فوق أسوار قصتي ، نغزتني حاستي النقدية ، فأعادتني خافض الجناح مكبلاً إلى حضن الكتابة ، لأعنون بحثاً جديداً أسلط الضوء فيه على ثغرة بالأدب أفندها ، أو تناقض في أحد الكتب المقدسة أو سقوط تراثي أحلله .... فإذا ما شبعت غرقاً في بحار الأدب ، صفعني شيطان الشِّعر بخاطرة على خدي الأيمن لأدير له خدي الأيسر ، فإذا بي أبصق القصيدة الجديدة دماً ، كالكومبارس الذي يأكل دين قتلة لعند الله ، ثم يُخرَح من الأستوديو مُدمى من أجل عشرة يوروهات ...

و ما إن أستفيق من قتلةِ الشِّعر التي لا مولى لها إلا الله ، حتى تجتاح بساتيني مسرحية سياسية كالبلدوزر .... فأحلِقُ لجميع السياسيين على الناعم منذ عصر أبيقور إلى اليوم .... أنتقد الأُحادية و التعددية و اليمينية و اليسارية و النظام و المعارضة و اللانظام و اللامعارضة و الديكتاتورية و الديموقراطية و العِلمانية بكسر العَين و العَلمانية بفتح العين ... كما و أفضح الهيئة الحاكمة للكوكب ... فأكتب ناشراً عِرضَ سياساتهم و اقتصاداتهم و عسكريّاتهم و أجنداتهم و مخططاتهم و ما بعد مخططاتهم و ما بعد بعد مخططاتهم ، بل أكتب حتى عن ملابسهم الداخلية و روائح أعضائهم التناسلية و جميع ممارساتهم المخفية ، تلكم الجنسية و غير الجنسية !

فإذا ما تداويتُ من جراح السياسة ، اقتحمتني التربية و مشاكسات الأطفال و تشاغباتهم و بريء سلوكياتهم ، فكتبت ثم كتبت عن أساليب التربية و التعليم الحديثة ، و كيفية المزج بين نظام البكالوريا الدولية و الهندسة و التعليم ... بين العلم و التعليم ... بين الإدارة و التعليم ، بين الطب و التعليم ... بين الصيدلة و التعليم ... بين العالمية و التعليم ... بين التعايش و التعليم ... بين الفلاحة و التعليم ، بين الصناعة و التعليم ... بين التبليط و التعليم ... بين الدِّهان و التعليم ، بين الحِدَادَة و التعليم ... بين الحوسبة و التعليم ... بين الله و التعليم ...

ثم بالكاد أخرج من بحار التربية و التعليم نصف غارق ، لأجد نفسي غارقاً غرقاً كاملاً حتى التشاهد في محيطات فلسفة التأريخ و قواعدة و طرائقه و شرائط قراءته و مخطوطاته و أحافيره و أنافيره و أحاجيره و أداليله و نقوشاته و منقوشاته و مستحاثاته و ما تحت مستحاثاته و قِشريّاته و جيواستراتيجياته ...

ثم فجأة ، تراني أشتاق إلى الرياضيات ، شوقاً عظيماً إلى درجة البكاء و الدموع ... فأسحبها من شعرِها ، من تحت أقدام لابلاس ! .... فأكتب و أكتب و أكتب عنها .... أفلسفها .... أجرّدها ... أجسِّمها ... أُقعِّرُها ... أحدِّبُها .... أفتتح لها مختبرات في دماغي و على حواشي أوراقي ... ثم أجردها من ثيابها و أضاجعها بحروفي و كتاباتي رقماً رقماً ، شكلاً شكلاً ... رمزاً رمزاً .... أتحرش بمحارفها و رموزها و أشعتها ، و مصفوفاتها و لوغارتماتها و معادلاتها و مربعاتها و دوائرها و مستطيلاتها و مثلثاتها و معيناتها و متوازيات أضلاعها و مضلعاتها المنتظمة و مضلعاتها المنحرفة و شبه المنحرفة ... ثم ليراودُها قلمي عن هندستها الفراغية نقطة نقطة مستقيماً مستقيماً وجهاً وجهاً فراغاً فراغاً ... فأقلّبها تقليباً على فراش قلمي الأحمر ... أُقبِّلُ كل جسدها في ليلة حمراء لا تنتهي ، أعشقها أعشقها أضاجعها حتى تكفر بي و بفيثاغورث ثم تشهد أن جبر بول هو الحق مبعوثاً من المنطق الإثناني جل جلاله ... }}

♥️♠️ و عندما وصل صاحبنا إلى هنا ، انتهى المكياج و البلاط فخرج كالمجنون إلى الشوارع ... لكنه للأسف لم يجد ما يكتب به ، فمزق أوردته و بدأ يغمس إصبعه بدمه و يكتب بنزيفه على قارعات الطرقات :

{{ و بعد أن أنتهي من الرياضيات .... ألاحق الفيزياء حتى أتفرد بها ... فأبدأ تغزُّلاً أفقياً ، من يمينها الميكانيكي إلى يسارها الكهرطيسي ، ثم عمودياً من فوقها الكهربائي إلى تحتها الموجي ... و هكذا إلى أن أخلع عنها ميكانيكها الكمي قطعة قطعة ... ثم ألاحق قطة شرودنجر حارة حارة ، فأقتلها بثابت بلانك و معادلات ماكسويل .... و أستمر على هذا الحال إلى أن يتغطرس جنون قلمي فأضرب أينشتاين بأنبوب كروكس على رأسه ليصبح مختلاً ... و أرشق فاراداي بسوائل أرخميدس ليصبح مبتلاً ... و أحبس لافوازييه ما بين الكتلة و الفراغ مريضاً سقيماً مُعتَلَّاً ... ثم أكتب و أكتب و أكتب ...

ثم أكتب و أكتب و أكتب ... }}

♦️♣️ و هنا يلهث صاحبنا من شدة الهستيريا ، ثم يكتب :

}}

و هكذا تسرقني البحوث النفسية من أعماق التأريخ ، فأقوم بعملية تهجين بين علوم النفس الحديثة و نصوص التراث الشرقأوسطي ...

و أنا في غمرة ذلك كله أكتب قصة خيالية عن ذلك الفارس الجريء الذي يُحلِّق يومياً إلى الله على ظهر براقه ... فيضع أسئلة وجودية على مائدة الله و الحقيقة .... ليعجز الله عن الإجابة عنها فينتحر بقبلة فموية طويلة من الشيطان .... و ما إن أعود إلى كوكب الأرض حتى يخطفني الفراهيدي من قصصيتي الخيالية إلى بحوره الشعرية الكلاسيكية ، فأكتب و أكتب لأكسر رأسه باختراع بحر جديد ....}}

♠️♥️ و بعد أن أنهى صاحبنا المهستر الشوارع و الجدران انتقل إلى الكتابة على جدران و معدات المستشفى التي تم إسعافه إليها حيث تأزمت حالته ، فكتب و كتب و كتب حتى صبغ المستشفى و الدنيا كلها بلون دمائه الأحمر ... ثم كتب و كتب و كتب و كتب ...

و عندما نُقل إلى قسم العناية المشددة ، راح يكتب شِعراً حراً بما تبقى من دمائه على الطبيب و على سرير المرض و ثياب الممرضات و كيس السيروم و أجهزة تخطيط كهرباء القلب و الدماغ ... !

يا له من مهستر !

و فجأة وصلت لجنة نوبل من السويد لتسليمه جائزة بالآداب ، عن إحدى مقالاته المنسية التي كان قد ألّفها منذ ألف عام و عام ، ثم ركنها على رف مظلم مليء بالغبار و الزكام ...

و في هذه الأثناء اجتاحته موجة عنيفة من هِستيريا الكتابة ، فانشغل بها و لم ينتبه لوجود أعضاء لجنة نوبل ، فراح يكتب و يكتب و يكتب حتى كتب على ثيابهم و أجسادهم و أحداقهم و أكفهم و عيونهم و ربطات أعناقهم دون أن يراهم !! ثم كتب و كتب و كتب على جائزة نوبل من شمالها لجنوبها ، من شرقها لغربها ، عن يمينها ، عن يسارها ، من أمامها ، من ورائها ، على كل زواياها و أسطحها ....

و هكذا انشغل صاحبنا بهستيريا الكتابة عن استلام الجائزة ... فحُبُّه للكتابة و الفكر لم يكن من أجل منفعة مادية أو جائزة أو شهرة ، بل كان حبّاًً نقيّاًً بريئاً حقيقياً خالصاً متوهجاً ... نابعاً من رغبته العارمة في الاكتشاف و البيان و البحث عن الحقائق و التنوير ، فهو يكتب لأجل الكتابة و مستقبل الإنسان .... من أجل إخراج البشرية من ظلمات الجهل إلى عالَم العقل و البرهان !

فكتب و كتب إلى أن ثبَّتَتْه هستيريا الكتابة ، فمات مضرجاً بحبره الأحمر الذي كان مداداً لِسَبَّابَتِه التي كانت آخر ما لديه من أقلام ... !!

♣️♦️ الحق الحق أقول لكم ... لقد مات المهستر مارداً ضخماً عملاقاً تحت وطأة هذا الداء الخبيث ، بينما تقزّمت جائزة نوبل و هي تجلس بخجل و تواضع أمام سريره الذي تحول إلى جداريّة عظيمة من البيان و التحرير ...

فنظرت إليه نوبل بخجل و تواضع ، في حين لم يتنبه كبرياء المهستر لها ، إذ كان مشدوهاً بهستيريا العمق و جمال الحرف و الرصف !

و أخيراً مات الكاتب و توقف مهرجان الحروف !

♥️♠️ #الحق_الحق_أقول_لكم .... للقصة بقية !!!

فلقد كتب صاحبنا المهستر كل شيء .... كل شيء .... إلا شيئاً واحداً انشغل بالكتابة عن كتابته ... حيث لم تُتِح له القريحة الدَّفاقة لا مكاناً و لا زماناً لكتابتة ... ألا و هو وصيتة الأخيرة ... فمات الكاتب دون كتابة وصيته ! ...

و بهذا لم تجد كتاباته من يرثها ... و عندما بحثت الحكومة و لم تجد وارثاً لكتاباته ، قررت توزيعها مجاناً على الفقراء و المساكين و الجياع و الفلاحين و العمال ....

فاشتعلت أول ثورات التاريخ ليتحرر بسببها الإنسان !

هامش :

اللوحة بريشة حبيبي و معشوقي ... أهم رسام في كل العصور #فان_كوخ



#راوند_دلعو (هاشتاغ)       Rawand_Dalao#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كِيمياء السِّياسة بالكِيميَاء
- رسالة من ماوراء الماوراء _ الحب في زمن الروبوتيك
- الشخص التراثي من منظور برمجي
- مصطلحات يجب أن تُصَحَّح _ #الرسومات_المسيئة #رسومات_الحقيقة
- ثُلاثِي بِيكَربُونَات الشِّعر
- فيه اختلافاً كثيراً _ توظيفُ مؤلف القرآن للرب كإرهابي في الس ...
- فيه اختلافاً كثيراً _ الضعف التمثيلي و المشاكل اللغوية في صد ...
- (فيه اختلافاً كثيراً _ معالجة أفقية ثم عمودية للسجعيّات رقم ...
- مُعَدّل النزيف ....
- فيه اختلافاً كثيراً _ خطأ استراتيجي واضح في السجعية رقم 8 من ...
- الأديب الهارب من الله !
- قصة نجمتين
- العُنْصُطَائفية المحمدية
- الوهم الهرموني المريح
- الإبهام في الشعر الرمزي
- ضياع الارتقائية في المسابقات الأدبية
- لم يعد الإبداع الأدبي حِكراً على طبقة الأكاديميين
- على مذبح الترجمة _ الفرق بين الأدب و اللغة !
- فيه اختلافاً كثيراً _ الأخطاء القرآنية في ترتيلة المسد
- شذرات الذهب في نقد أهم معلقات العرب !!


المزيد.....




- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - راوند دلعو - السيرة الذاتية لمُهَستر _ قصة أول ثورة في التاريخ