راوند دلعو
(مفكر _ ناقد للدين _ ناقد أدبي _ باحث في تاريخ المحمدية المبكر _ شاعر) من دمشق.
(Rawand Dalao)
الحوار المتمدن-العدد: 6674 - 2020 / 9 / 11 - 00:31
المحور:
الادب والفن
لا علاقة للأدب باللغة .... !
نعم إنها جملة صادمة ... و مُرعبة .... و مُزلزلة ... و مُدهشة !!! لكنها حقيقة سأثبتها في السطور القليلة القادمة !!
فالأدبُ فِكرٌ ، بينما اللغةُ قالبٌ لهذا الفكر ...
الأدب فحوى .... و اللغة وعاء هذا الفحوى ...
فالطعام اللذيذ لذيذ ، بغض النظر عن شكل الوعاء .... بينما الوعاء المزركش لا يشفع للطباخ الفاشل .... !
و من هنا أُقرر : [[[ لا تتّضح القيمة الحقيقية للعمل الأدبي إلا بعد ترجمته إلى لغة أخرى ]]].... لأن من شأن الترجمة أن تتكفل بفصل العمل الأدبي عن تأثير السبك اللغوي ، و بالتالي تعريته عن القشوريات و الجماليات السطحية .... فتسقط عندها الزركشات المَبنويّة و البهرجات البلاغية الهيكلية .... لتبقى قوة الفكرة المعنويّة عارية أمام سيف العقل ...
هذا العُرِي المعنوي ... هو المقياس الحقيقي لقيمة و جوهر العمل الأدبي ...
و من هنا ، حافظَتْ كل من (كليلة و دمنة ) و ( رسالة الغفران ) و (البخلاء) على روعتها ، فلم تسقط بالتقادم و لا بالترجمة ..... في حين سقط الكثير من الشعر العمودي بعد ترجمته ....
لذلك نجد أن قصص ابن الطفيل و الجاحظ و روايات نجيب محفوظ لفتت أنظار العقل الغربي أكثر من كل ما نظم على بحور الفراهيدي .... لأن حرفة النظم العمودي قائمة على جمالية المبنى في الأعم الأغلب ... و الذي يسقط بالترجمة ....
في حين أن الشعر الحقيقي معنى ... و المعنى لا ، و لن يسقط بالترجمة.
مثال من قول الشاعر الجاهلي نهشل بن حري :
إِنَّا محيوكِ يا سلمى فحيِّينا
و إن سقيتِ كرام النَّاس فاسقينا
و معنى الصدر بعد التعرية : 《《 مرحباً يا سلمى ... أنا أسلم عليك فأرجو أن تردي السلام ! 》》
جمالية البيت قبل سرده كمعنى نابعة من جمالية السبك اللغوي ( محيوك _ حيينا _ فاسقينا ) ...
أما بعد تحويله إلى معنى ، فاكتشفنا أنه بيت عادي جداً .... !!
فنلاحظ اتضاح قيمة البيت الحقيقية بعد الترجمة .... لأن الترجمة تظهر النص كمعنى فقط ... دون أي أردية مزركشة من فنون البلاغة ...
و هنا يكمن السر وراء عدم انطلاق الشعر الكلاسيكي إلى العالمية .... !
لأن الشاعر الكلاسيكي يلعب على وتر البلاغة و الزركشة المرتبطة بوعاء اللغة و هيكلياتها ....
أما قول درويش :
" و أعشق عمري لأني
إذا مِتُّ أخجل
من دمع أمي"
فنلاحظ أن هذه الكلمات ستحافظ على معناها الرائع حتى لو ترجمتها إلى لغات قبائل البونوبو في غينيا الجديدة .... !
و ذلك لأن المعنى رائع ببساطة .... !
فالشعر و الأدب معنى .... و ليس مجرد مبنى ....
فحبذا لو جمع أحدهم بين المبنى و المعنى .... 😲.
عندها يصطدم القارئ .... بشاعر عظيم يسمى ...
نزار قباني ... !
#راوند_دلعو
#راوند_دلعو (هاشتاغ)
Rawand_Dalao#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟