أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نهاد ابو غوش - في يوم التراث: كوفية، حطة ، شماغ














المزيد.....

في يوم التراث: كوفية، حطة ، شماغ


نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)


الحوار المتمدن-العدد: 7040 - 2021 / 10 / 7 - 20:05
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


في بيتنا وبيئتنا المحلية نسميها "حَطّة"، في الأردن وبعض بلدان الهلال الخصيب "شماغ" أو اقرب إلى "شماخ" باللفظ، في الجزيرة العربية "غِترة"، أو "القضاضة" التي غنت لها سميرة توفيق "يابو قضاضة بيضا". أما اسمها الرسمي الشائع فهو "الكوفية" التي اصبحت رمزا للنضال الوطني الفلسطيني منذ ارتبطت بشخص القائد التاريخي للثورة الفلسطينية ياسر عرفات. والحقيقة أن طابعها الثوري كان قبل ذلك حين أصدرت قيادة الثورة الفلسطينية في العام 1936 قرارا يطالب رجال فلسطين في المدن والريف والبادية بلبس الحطة والعقال، بدلا من الطربوش التركي العثماني، قبل ذلك كانت "الكوفية" لباس الثوار والفدائيين حيث تتيح لهم التخفي واتخاذها لثاما، فكان سهلا على قوات الانتداب / الاستعمار البريطاني تمييز الثوار من سائر المدنيين، وجاء قرار الثورة ليربك سلطات الانتداب.
وفي ذلك قال الشاعر " دع الطربوش لا أسف عليه ... يحل محله شرف العقال"، وكان الطربوش لباس أفندية المدن الأثير، لكن العقال في التراث العربي مقترن بالشرف منذ اقدم العصور.
وقد شاعت في أيامنا هذه مغالطات كثيرة، بعضها يمكن التغاضي عنه، وبعضها ينبغي تفنيده، حول الكوفية ومنشأها واستخداماتها ودلالات رسومها، في الآردن يعتقد البعض أن الشماغ الأحمر أردني مرتبط بقبائل الأردن البدوية، ولذلك يلبسه أفراد قوات البادية والجيش العربي (الأردني) وأفراد العائلة المالكة أبا عن جد كزي رسمي، وأن الكوفية السوداء فلسطينية مرتبطة بحياة الفلاحين الفلسطينيين. في فلسطين شاعت ادعاءات أن الكوفية السوداء / السمراء لحركة فتح والحمراء لقوى اليسار، وقد شجر خلاف شديد في شهر ايلول الماضي بين عناصر فتح وشرطة حماس في قطاع غزة بسبب منع شرطة حماس طلبة الشبيبة الفتحاوية من ارتداء الكوفية، واعقب ذلك حملة إعلامية وسجالات ثقافية وتاريخية وسياسية دامت أياما طويلة ولم تهدأ حتى الآن، خرج بها بعض الكتاب ليربطوا الكوفية تاريخيا بفلسطين ويحللوا رموزها ورسوماتها بعناصر البيئة الفلسطينية.
اسم الكوفية يدل بوضوح وصراحة على مدينة الكوفة جنوب بغداد، التي اتخذها الخليفة الراشد علي بن ابي طالب عاصمة لحكمه، وربما اشتهر أهلها بصناعتها ونسيجها، لكن المكتشفات الأثرية تدل على أن إنسان حضارة الرافدين القديمة لبس الكوفية والعقال كما تدل على ذلك الحفريات التي أظهرت الملك السومري "كودي" الذي عاش تقريبا في القرن 22 قبل الميلاد، اي منذ 4200 سنة، يرتدي الشماغ والعقال.
ويقال أن كلمة شماغ هي في الأصل مشتقة من كلمتي "اش ماخ" السومرية وتعني غطاء الراس، كما كشفت ذلك الألواح المسمارية المرتبطة بحضارات سومر واكد القديمة.
الحطة او الكوفية هي إذن اختراع الانسان العربي القديم، أو المشرقي القديم لأن لها حضور وامتدادات لدى الشعوب المجاورة وخاصة الأكراد والأتراك، لمواجهة قسوة المناخ وتقلباته، فهي تحمي لا بسها من صقيع الشتاء وهجير الصيف، ومن لسعات رمال وعواصف "طوز" الصحراء، والتقلبات الحادة للطقس بين الليل والنهار، ولذلك هي منتشرة في كل بلاد الجزيرة العربية والعراق وبلاد الشام وبعض أجزاء إيران وتركيا.
في فلسطين كما في سائر بلاد الشام والشرق ترتبط الكوفية من حيث شكلها ورسومها ومظهرها ولونها، بنمط الحياة والاقتصاد وطريقة المعيشة والمهنة، زراعية كانت أو حرفية أو تجارية، كما ترتبط بالمناخ والبيئة الاجتماعية والوضع الطبقي، وهي قد تكون في البلد الواحد حمراء أو سوداء او بيضاء أو رمادية أو مائلة للخضرة، وثمة لون نادر الاستخدام بين العسلي الخفيف والأبيض السكري وهو لون يناسب الوجهاء والشيوخ وكبار السن ممن لا يعملون في أعمال الزراعة الشاقة. في دمشق والمدن السورية العريقة يضعها "القبضايات" على أكتافهم كما يفعل أبو عنتر وأبطال باب الحارة والمسلسلات الشبيهة، بينما في أرياف سوريا وبعض المحافظات يلبس الشماغ من دون عقال، بما يناسب اعمال الزراعة الشاقة، وفي لبنان يلبسها "أبو الكفية" كما في فيلم فيروز للتخفي.
الكوفية رمز فلسطيني نضالي وثوري يدعو للفخر، ولكن اختزال تاريخ فلسطين بنتائج سايكس بيكو والمشروع الصهيوني فيه ظلم لفلسطين وروابطها القومية، عدا عن كونه يناقض الحقائق التي عشنها معها وتربينا عليها.
يزداد جمال الكوفية بالإضافات التي يزيدها النساجون ومنها الأهداب المفتلة، التي كلما زاد عددها وسمكها دلّ ذلك على مكانة صاحبها ووجاهته، وفي معنى قريب من ذلك لم يجد الشاعر العربي القديم امرؤ القيس في معلقته ما يشبه به اللحم والشحم اللذيذ سوى الثوب الحريري المهدب حيث قال واصفا العذارى وقد عقر لهن ناقته:

فظلّ العذارى يرتمين بلحمها وشحم كهدّاب الدمقس المفتّل



#نهاد_ابو_غوش (هاشتاغ)       Nihad_Abughosh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدين والأخلاق
- لا دولة ولا دولتين... بل إسرائيل الكبرى
- عن الدولة الواحدة
- في الذكرى 40 لاستشهاد الحاج سامي وزوجته مها أبو غوش
- بينيت لا يرى الفلسطينيين
- في ذكرى نعيم الطوباسي: الوطني النقابي العرفاتي
- الحزب اليساري أداة للطبقة الاجتماعية وليس ملكا لمؤسسيه(4)
- مجازر متنقلة بحماية حكومة إسرائيل وصمت عالمي
- مقايضة حقوقنا الوطنية بالاقتصاد
- عام على اتفاقيات ابراهام والتطبيع
- اليسار الفلسطيني والعربي وتعلقه بالماضي (3)
- مستقبل اليسار ووحدة قواه في فلسطين (2)
- مستقبل اليسار في فلسطين (1)
- هجمة إسرائيلية شاملة لتهويد القدس
- الأسرى الستة حفروا عميقا في وعينا
- صناعة الإحباط
- عالم يحكمه الجشع
- ضغوط إسرائيلية خشنة وناعمة لتهبيط سقف المقاومة
- الاستهداف الدائم لغزة ومقاومتها
- عن سبل إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية وتفعيل دورها


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نهاد ابو غوش - في يوم التراث: كوفية، حطة ، شماغ