أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نهاد ابو غوش - الدين والأخلاق














المزيد.....

الدين والأخلاق


نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)


الحوار المتمدن-العدد: 7039 - 2021 / 10 / 6 - 20:41
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كل الأديان والشرائع تحض على الأخلاق الحميدة ومن بينها الدين الإسلامي، ويتبدى ذلك في مواقف ومواقع صريحة في القرآن والسنة، سواء بالنص الحرفي على معنى الأخلاق، كما ورد في وصف الله للنبي محمد " وإنك لعلى خلق عظيم"، أو بما ورد في الأحاديث النبوية التي جاء فيها حديث في غاية الأهمية " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" وهو حديث يستحق كثيرا من التفسير والتاويل، وفيه إشارة دامغة على أن العصر الذي يسميه المسلمون ب"الجاهلي" لم يكن كذلك فعلا إلا من زاوية الدين، وشاعت فيه الأخلاق الكريمة، وجاء النبي ليتممها.
من الأحاديث والمرويات المنقولة عن النبي محمد – وقد اختلط صحيحها بضعيفها بالفبركات التي صاغتها القوى والسلطات السياسية في عصور لاحقة ونسبتها للنبي- إشادته بقصيدة لامية العرب للشنفرى – الشاعر الجاهلي المتمرد الصعلوك- ، وتشجيع المسلمين على تعليمها لأبنائهم لأنها تحض على مكارم الأخلاق. كما تشتهر رواية أخرى، حين جيء بأسرى وسبايا قبيلة طيء على يد جيش المسلمين المنتصر.خرجت للنبي امرأة جميلة وفصيحة، وخاطبته بمنطق وجرأة، وناشدته ألا يُشمت بها العرب وألا يعرضها للإهانة، وحين سألها عمن تكون قالت انها سَفانة ابنة حاتم الطائي، المشهور بالكرم على مر العصور وكان مسيحيا وشاعرا وفارسا، فأطلق النبي سراحها تكريما لابيها وسيرته العطرة وكرم أخلاقه، فلم تكتف سَفانة بذلك، حتى أطلق النبي كل من معها من أسارى طيء، وردهم مع أملاكهم واسلابهم.
نسوق هذه المقدمة لمقارنتها بالحالة المفجعة والظاهرة التي كتب عنها كثيرون وهي ما يمكن تلخيصه بالتناقض الحاد بين ارتفاع نسبة التدين من جهة، وسوء الأخلاق، أو الانحطاط الأخلاقي في المجتمعات الإسلامية من جهة أخرى، ويمكن الاستناد إلى مجموعة شواهد ثابتة تؤكد هذه الحقيقة ومنها الارتفاع المثير للرعب في نسبة حوادث التحرش في المجتمعات الإسلامية وبخاصة في المجتمعات التي تتبنى موقفا ورؤية متشددة للدين، مثل السعودية ومصر وافغانستان وباكستان. الشاهد الثاني هو في ارتفاع منسوب الغش والتدليس والكذب وعدم احترام حقوق الغير، وعدم احترام الوعود والمواعيد وانعدام النظافة في المرافق العامة، والتسيب الإداري وعدم احترام العمل وانتشار الأمية وتراجع مستوى التعليم ونوعيته، وتردي الحريات العامة، وانتشار القمع والاستبداد والحكم المطلق، وغياب النقد والشفافية والمساءلة وحرية التعبير، وغيرها كثير من الظواهر التي باتت من السمات اللازمة للمجتمعات الإسلامية حتى دفع ذلك بعض المحللين العنصريين إلى ربط التخلف بالإسلام.
التحليل العلمي يدفعنا لنبذ التفسيرات العنصرية والبحث عن أسباب واقعية وعلمية لهذه الظاهرة، فثمة جملة من الأسباب المسؤولة عن ذلك، من بينها ثقافية كاختزال مفاهيم الأخلاق والشرف في المعنى الجنسي، وتحديدا ما يتصل بالأنثى وأعضائها الجنسية وعذريتها وما إلى ذلك، وهي مفاهيم موروثة عن عهود غابرة سبقت الإسلام وتجددت معه ومع أنظمة الحكم التي نشأت في ظل الإسلام، ثقافة كهذه تعطي لصون العرض والشرف والأعضاء الجنسية، ولبس المرأة، قيمة أكبر بكثير من الوفاء والنظافة والحرية والكرامة الإنسانية، والصدق والتزام المواعيد.
السبب الثاني هو في شيوع نمط من الدين التجاري، الدين الذي يغري صاحبه بالكسب، المدجج بالخرافات والشعوذة، كمثال الأدعية التي تجلب الرزق والأدعية التي تدخل الجنة، والأدعية التي تشفي الأمراض (لكل مرض دعاء خاص به ويشمل ذلك السرطان والايدز والسكري وضغط الدم)، واذا قرأت الدعاء الفلاني فإن لك قصرا في الجنة، والدعاء العلاني ينقذ أمك واباك من عذاب النار وهكذا، اينما مررت في شارع او جلست في قاعة انتظار أو ركبت حافلة أو طائرة، تجد اناسا "يتمتمون" ويدندون بينهم وبين أنفسهم أدعية تجعلهم ذاهلين عما حولهم لا يلتفتون للقذارات التي في الشارع، ولا للمنكر الذي أمر النبي بإزالته بيده، فالدعاء الذي يتمتم به هذا المؤمن اكثر جدوى من "إزالة الأذى عن الطريق " التي جاء عنها في الحديث "إماطة الأذى عن الطريق صدقة"، وهذا المؤمن التجاري لا يتورع عن أن يغشك في نوع البضاعة وجودتها، ولكنه يصرّ إصرارا غريبا على أن ترجح كفة الميزان حين يزن لك بضاعة عملا بالآية " وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان".
سبب ثالث هو دين السلاطين وشيوخهم الذين يفصلون الدين في كل بلد بطريقة تخدم الحاكم أو السلطان وتخدم استباب حكمه، وبالتالي يقوم هؤلاء الشيوخ بإعلاء قيمة مثل قيمة "الطاعة" اي طاعة ولي الأمر امتثالا للأية (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) على حساب قيم العدل والإحسان والكرامة والحرية والمساواة، وهذا يتكرس في دروس الدين وخطب الجمعة، ومناهج التعليم، بحيث يصور للعامة أن تلك القيم التي يأمر بها العلماء ويشددون عليها أكثر أهمية من النظافة التي يبقى الأخذ بها (النظافة من الإيمان) من باب الكماليات.
السبب الرابع هو فشل معظم بلدان العالم الإسلامي في بناء نموذج دولة المواطنة القائم على المساواة في الحقوق والواجبات، فالدولة في نظر الناس هي عبء، وشر مستطير، كائن غريب، وعدو يهضم حقوقهم ويعتدي عليهم، ولا يوفر لهم اي خدمة، وبالتالي فإن الحيز العام والأملاك العامة لا تعني المواطن لأنه لا يملكها وهي ليست له من قريب أو بعيد، ومن السهل عليه الاعتداء عليها وسرقتها أو تخريبها بما في ذلك تخريب أملاك الغير، فالمواطن حين يكون جائعا ومقهورا ومقموعا ومرعوبا من أجهزة الأمن، لا يمكن أن تعنيه في شيء مشكلات الاحتباس الحراري وثقب الأوزون، والحفاظ على الغابات وعلى الينابيع الطبيعية والموارد المائية، ولا تعنيه نظافة المدينة ولا جمال حدائقها، ولا حتى الانتخابات العامة وحق الاقتراع.



#نهاد_ابو_غوش (هاشتاغ)       Nihad_Abughosh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا دولة ولا دولتين... بل إسرائيل الكبرى
- عن الدولة الواحدة
- في الذكرى 40 لاستشهاد الحاج سامي وزوجته مها أبو غوش
- بينيت لا يرى الفلسطينيين
- في ذكرى نعيم الطوباسي: الوطني النقابي العرفاتي
- الحزب اليساري أداة للطبقة الاجتماعية وليس ملكا لمؤسسيه(4)
- مجازر متنقلة بحماية حكومة إسرائيل وصمت عالمي
- مقايضة حقوقنا الوطنية بالاقتصاد
- عام على اتفاقيات ابراهام والتطبيع
- اليسار الفلسطيني والعربي وتعلقه بالماضي (3)
- مستقبل اليسار ووحدة قواه في فلسطين (2)
- مستقبل اليسار في فلسطين (1)
- هجمة إسرائيلية شاملة لتهويد القدس
- الأسرى الستة حفروا عميقا في وعينا
- صناعة الإحباط
- عالم يحكمه الجشع
- ضغوط إسرائيلية خشنة وناعمة لتهبيط سقف المقاومة
- الاستهداف الدائم لغزة ومقاومتها
- عن سبل إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية وتفعيل دورها
- تحرر أسرى جلبوع يعزز خيار المقاومة (3)


المزيد.....




- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نهاد ابو غوش - الدين والأخلاق