|
مركز الرافدين للحوار…دافوس الشرق الاوسط..؟؟..
اكرم هواس
الحوار المتمدن-العدد: 7028 - 2021 / 9 / 23 - 23:23
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نهاية شهر أب/اغسطس و بداية شهر ايلول/ سبتمبر عقد مركز الرافدين للحوار مؤتمره السنوي في بغداد … و لاول مرة كنت احد المدعوين مع العديد من المثقفين و السياسيين من انحاء مختلفة من العالم ..
كنت اعتقد كوني باحثا اكاديميا ان المؤتمر سيكون تكرارا لتلك المؤتمرات المملة حيث يجلس الاكاديميون ساعات طويلة ليستعرضوا و يقرؤ نصوصا من نظريات كتبها غيرهم دون ان تسمع منهم رأيا او رؤى عن الواقع و علاقته التطورية مع اية نظرية .. لكني تفاجأت بهيكلية و محتوى و ادارة و تنظيم تقترب كثيرا من هيكلية مؤتمرات دافوس Davos السنوية في سويسرا …. نعم دافوس عراقي كبير و واسع جدا في الصورة التلفزيونية حيث تزاحمت وسائل اعلام عراقية و عربية كثيرة.. و لكن مستوى الحوار لم يتعدى الخطابات التي يكررها السياسيون على مدى ما يقرب من عقدين بعد زوال النظام السابق..
شعار المؤتمر كان شيئا ملفتاً جدا و هو محاولة ايجاد حلول لمشاكل العراق من خلال الية الحوار و هذا اقصى ما يمكن لاي مركز دراسات ان يطرحه لما يحتويه هذا الشعار من رؤى للتعايش السلمي و اليات سلمية للتواصل و للتوصل الى حلول للمشاكل و الازمات بالعراق… لكن الواقع مؤلم و موجع في العراق الى حد الصراخ اللا وعيوي … حيث يصرخ الجميع حاكما كان ام محكوما… غنيا ان فقيرا .. ذو سلطة ام مهمشا … و قد يتراوح مدى هذا الصراخ بين الاستياء و الثورة… او اللا مبالاة او الانتحار الذاتي او الجماعي… او جمع المال و تبديده دون احساس… او "التمتع" بمرارة الاحباط او الاعتداء على الاخر…. في النهاية يبدو ان الصراع و شيطنة الاخر اصبحا ثقافة مجتمعية رغم طيبة العراقيين المتجذرة في اعماق المنظومة السايكولوجية و بالتالي فالجميع يسعى الى "اللوذ او التسلل" من خلال اي منفذ تقذف فيه الروح ذاتها بحثا عن مخرج في السماء او في اعماق الارض ..!!..
و اعتقد ان تفاعل السياسيين انما كان يعكس هذا النوع من الصراخ كونهم لا يجدون ما يستطيعوا ان يقدمونه للعراقيين فالازمات اكبر من قدرة اي حزب سياسي و مستوى التشظي الاجتماعي الذي تركته تراكمات سنوات الحروب و الاهمال و السلطة الاحادية التي كانت ترسخ هيمنتها من خلال اليات قطع اواصر الثقة و الامان بين الناس … كل هذه التركة ما زالت تكبر و تتوسع افاقها و النخبة السياسية بغض النظر عن احلامها و التزامها الاخلاقي فهي نتاج تلك التركة الرهيبة و لعلها تكتشف كل يوم ان التحرر من كل تلك القيود قد يبدأ بالصراخ العبثي احيانا لعلها تجد متنفسا لطروحات اكثر جدية وواقعية في مرحلة قادمة..
و على ذات الاساس كان المحاورون " غالبهم صحفيون " ينتمون الى ذات "المجتمع السياسي" كما يسميها گرامچي… او فننقل انهم جزء من ذات المنظومة السياسية او عجلة النظام السياسي العام و لذلك لم تكن اسئلتهم تختلف كثيرا عن جوهر الاجوبة التي كان سيدلي بها السياسيون.. اي ان الحوار تحول الى استفزاز و استفزاز مقابل عن سنوات حكم هذا الحزب او ذاك و عن الانتكاسات و عن السرقات وووو من القضايا التي ليس بمقدورها ان تقدم رؤى و حلول لمستقبل العراق كما كان شعار المؤتمر يسعى اليه..
شعار المؤتمر هذا .. كما مر انفاً… لا يختلف كثيرا عن شعار مؤتمرات دافوس حيث تقام حلقات نقاش يشترك فيها السياسيون و الاكاديميون و الفنانون و هكذا…. و التركيز يكون عادة على مبدأ "كيف نبدأ من جديد… او كيف نعيد بلورة اليات تنموية و نتجاوز الازمات"… و لا ادري الى مدى تساهم هذه الحلقات النقاشية في ايجاد حلول للصراعات الكبرى في العالم لكن من الضروري ان نتذكر ان الدول و المجتمعات الغنية و المتقدمة الان كانت في مراحل تاريخية كثيرة تعاني من صراعات رهيبة تطورات الى حروب اهلية و عالمية واسعة .. لكنها في لحظة ما قررت ان تضع التاريخ و ايديولوجياته التحريضية على رف من رفوف المتاحف و بدأت رحلة البناء و التنمية… و هذا النموذج ايضا قد استخدم بشكل عام في جنوب افريقيا بعد خروج مانديلا من السجن و بدأ مشوار ازالة هيكلية نظام الابارتهايد العنصري Apartheid Regime و بناء اسس جديدة للتعايش السلمي رغم كل جراحات الماضي ( طبعا للاسف هناك اختراقات عديدة في جنوب افريقيا لكن المسار السلمي العام ما يزال قائما)…
و اعتقد شخصيا ان العراق بما يمتلكه من مساحة كبيرة لحرية التفكير و التعبير السياسي و الثقافي مؤهل بشكل اساسي ليس فقط لايجاد حلول لمشاكله الذاتية بل ان يقدم نماذج للتعايش السلمي و التنمية في الشرق الاوسط … و كذا فان الاعزاء في مركز الرافدين للحوار يمتلكون امكانات و خبرات كبيرة لكي يحولو مؤتمراتهم القادمة الى دافوس الشرق الاوسط …
كيف يمكن ان تحصل هذه النقلة النوعية … سنتابع النقاش و نحاول ايجاد اليات واقعية … حبي للجميع
#اكرم_هواس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
غزة.. للمرة ال...؟؟..
-
نوال السعداوي... مأزق الخروج من الذاتية..!!..
-
الكورد و حوار الذات ...3
-
مابعد -ترامب... مابعد -كورونا..؟؟!!..
-
الكورد و حوار الذات..2
-
الكورد و حوار الذات..1
-
العراق... ما بعد اللا دولة ..؟؟!!..
-
ذكرى سمير امين..: اللا تبعية .. و اعادة بناء -الحكاية- التار
...
-
مصر-اثيوبيا...اشكالية الهيمنة..؟؟..2
-
مصر-اثيوبيا ... اشكالية الهيمنة ..؟..1
-
كورونا... صيام اخر..؟؟...2
-
كورونا... صيام آخر..؟؟..1
-
المرأة و الحديد.. هل يلتقيان..؟؟!!..
-
مخيال... عالم ما بعد الشيطان....!!..
-
الثورة -العفوية-...!!!.،
-
-الانسان الإله- و عقلانية الحرب...1
-
أوراق بغداد...2
-
تضخم الأحادية... سريالية الأنا الممتدة..
-
أوراق بغداد...1
-
الجزائر ... تفكيك الاحجية..؟؟...2
المزيد.....
-
نيابة مصر تكشف تفاصيل -صادمة-عن قضية -طفل شبرا-: -نقل عملية
...
-
شاهد: القبض على أهم شبكة تزوير عملات معدنية في إسبانيا
-
دول -بريكس- تبحث الوضع في غزة وضرورة وقف إطلاق النار
-
نيويورك تايمز: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخاص
...
-
اليونان: لن نسلم -باتريوت- و-إس 300- لأوكرانيا
-
رئيس أركان الجيش الجزائري: القوة العسكرية ستبقى الخيار الرئي
...
-
الجيش الإسرائيلي: حدث صعب في الشمال.. وحزب الله يعلن إيقاع ق
...
-
شاهد.. باريس تفقد أحد رموزها الأسطورية إثر حادث ليلي
-
ماكرون يحذر.. أوروبا قد تموت ويجب ألا تكون تابعة لواشنطن
-
وزن كل منها 340 طنا.. -روساتوم- ترسل 3 مولدات بخار لمحطة -أك
...
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|