أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اكرم هواس - أوراق بغداد...2














المزيد.....

أوراق بغداد...2


اكرم هواس

الحوار المتمدن-العدد: 6290 - 2019 / 7 / 14 - 21:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قبل كل شيء اود الاعتذار عن التأخر في مواصلة هذه السلسلة لانشغالي بتطورات الأوضاع المتلاحقة في الشرق الأوسط و بشكل خاص فيما يتعلق بالعراق...

في نهاية المقالة السابقة تطرقنا الى دور الشركات الأجنبية في استنزاف الطاقة العراقية ... و في هذه المقالة اود التركيز على اشكالية التعليم في العراق و التي أضحت مؤشراً على دوامة العجز ليس فقط في الواقع السياسي و الاقتصادي و إنما ايضا في الواقع الاجتماعي حيث يبدو ان العلم و التعليم قد فقد قيمته الثقافية كما هي الحال بالنسبة الى قيمته الوظيفية في سوق العمل ... حتى لا نتحدث أساسا عن استراتيجيات التنمية و التي لابد للتعليم ان يحظى لمكانه خاصة فيها ..

ارجو ان يتحملني الأعزاء في المؤسسات التعليمية المختلفة ... لكن الاشكالية تتجاوز الامكانيات المحلية و اعتقد ان الاستثمار الأجنبي في السوق التعليمية العراقية لعب دوراً أساسياً في تعطيل قيمة التعليم و تحوله الى مجرد هواية او "گعده" في احد المقاهي الشعبية في مناطق بغداد العتيقة التي لا تعرف النخبة الحاكمة شيئا عنها ( ستكون احدى المقالات عن تلك المناطق في بغداد القديمة)..

في لحظة ما تبدو الأشياء متناقضة الى حد كبير ... بالاضافة الى مدارس الدولة و جامعاتها الرسمية هناك انتشار واسع للجامعات الخاصة و المدارس الاجنبية التي تجدها في كل حي و شارع... لكن هذه المؤسسات "التعليمية" لا تعدو اكثر من سوق استثمارية تزيد من أرباح الاوليغاركية او "دكاكين" ايديولوجية للمعلقات الطائفية السياسية و الدينية و الاثنية و غيرها..

في جولاتي اليومية في بغداد و لقاءاتي الكثيرة مع الشباب (نساء و رجالا) لمست بشكل واضح الحالة المزرية لقيمة التعليم و مفهومه ... هناك نسبة عالية من الشباب صغار السن تركوا المدرسة لمجرد انهم اصبحوا يدركون ان التعليم لم يعد بوابة للحصول على وظيفة ... كما ان هيمنة المجموعات السياسية المطبقة على تطور الحياة اليومية لم يترك للمتعلمين اية مكانة اجتماعية معتبرة و لا اية فرصة حقيقية للارتقاء الاقتصادي دون المرور من خلال البيروقراطيات الحزبية و منظومة الفساد التي تشكو الحكومة ذاتها منها..

ربما تعود جذور هذه الاشكالية بشكل جدي الى فترة الحرب العراقية الايرانية حيث تحولت المدارس و الجامعات الى معسكرات للجيش الشعبي و صوامع لشرعنة احادية الحاكم و الحزب القائد... ثم ما فتأت ان تفاقمت المشكلة بعد حرب الكويت و خلال السنوات العجاف قبل دخول برنامج النفط مقابل الغذاء نهاية 1996... في هذه الفترة اندحرت القاعدة الاجتماعية بسبب الجوع و الفقر و تفككت الأواصر و فقدت القيم الثقافية قوتها في مسار التطور الاجتماعي و حلت محلها الانانية و الذاتية المفرطة و التي تحولت الى قوة طاغية في البنى السايكولوجية للفرد و القوى السياسية و الاقتصادية في المجتمع...

بكلام اخر ... اصبح الاغتراب النفسي و الاجتماعي حالة عامة يرزح الجميع تحت وطئتها و لا شك ان التقاطعات المريرة و الدموية بالاضافة الى فقدان الثقة و صعوبة التوافق على اية قواسم مشتركة و بالتالي انتشار الفساد و اللا مبالاة تعكس هذه الحالة ... (لا اريد الخوض كثيرا في هذا الموضوع حيث يمكن العودة الى مقالاتي العديدة و منها ما تعلقت بأسباب ظهور داعش و غيرها و سأناقشها ايضا في مقالة مقبلة عن محاضرة القيتها في جامعة المستنصرية خلال زيارتي )... لكن ما يهمنا هنا هو موضوع التعليم الذي لم ينل اهمية خاصة لدى حكومات ما بعد سقوط النظام السابق بل يبدو ان أمره قد ترك للظروف وفق منهج "ليبرالي" ... او هكذا تخيل البعض... او ربما حالة من العولمة شأنها شأن السياسة و الاقتصاد حيث تطغى حالة من الضبابية التي لا يمكن معها الفصل بين الخيط الأبيض و الخيط و الأسود ... اي لا يمكن معرفة ان كان هناك تعليم او لا تعليم في عراق الحضارة ... وضع المدارس يعمه الفوضى و الاحباط ينخر في ألباب طلبة الجامعات و عقولهم حيث المناهج ما تزال بدائية و لا احد يجرؤ ان يفكر في إيجاد جواب للتساؤل المنطقي "لماذا ادرس..؟؟.."...

حتى نكون اكثر واقعية لابد من التذكير بحقيقة ان قضية التعليم تشكل تحدياً دائما في كل المجتمعات بما فيها الاكثر تقدماً في العالم بسبب التطور التكنولوجي المتسارع و النمو المضطرد في الأفكار و النظريات مما يستدعي اعادة بلورة استراتيجيات التعليم بشكل مستمر...

اما في دول العالم الثالث و خاصة في الشرق الأوسط فقد تحولت المشكلة الى دوامة يصعب الخروج منها بسبب نقص الامكانيات و هيمنة المسلمات المنهجية التي تحولت بفعل التراكم التقليدي الى ما يشبه المقدسات الطاردة للتغيير ... و ازاء هذه الحال فان الممكن عمله قد يرتكز على اعادة تكييف الامكانيات بما بتوافق مع الواقع و محاولة التقليل من الانجراف وراء اليات الفساد و السوق العولمية ...

المجتمع العراقي عانى من عوامل كثيرة و أزمان طويلة من التشوش و عليه فان التعليم يحتاج الى خطط واضحة لخلق ارضية أولية للبدء من جديد... حبي للجميع



#اكرم_هواس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تضخم الأحادية... سريالية الأنا الممتدة..
- أوراق بغداد...1
- الجزائر ... تفكيك الاحجية..؟؟...2
- الجزائر ... تفكيك الاحجية..؟؟...1
- العراق و عولمة الفساد ... هل من حل..؟؟..
- مصر ..أفريقيا .. و التنمية المستدامة: معادلة تتبلور ...2
- مصر ..أفريقيا .. و التنمية المستدامة: معادلة تتبلور ...1
- يمشي و يحمل جرحه معه...
- عودة الفكر الإمبراطوري ..2
- الطبقة الوسطى: الثورة و الحكم و شرعة الفساد ..1
- العراق... ثورة جياع ..ام استراتيجيات كبرى..؟؟؟..
- انتخابات فوضوية ... او حرب مياه..؟؟؟..
- مارتن لوثر كنج... و حلم المساواة
- عفرين... و موسم الجينوسايد الكوردي ..
- الإلحاد و الدينية و العلمانية... صراع الحدود..؟؟!..2
- ملتقى الثقافات الافريقية ....2
- القدس.... دوار اليقظة...؟؟!!..
- ملتقى الثقافات الافريقية...1
- مام جلال ... وداع الحلم...؟؟؟!!..
- عولمة الكورد...؟؟!!..


المزيد.....




- ميغان ماركل تنشر فيديو -نادرا- لطفليها بمناسبة عيد الأب
- مصدر لـCNN: إيران تبلغ الوسطاء أنها لن تتفاوض مع أمريكا لحين ...
- منصة مصرية لإدارة الأمراض المزمنة والسمنة
- لماذا يستخدم الكثير من الأطفال السجائر الإلكترونية، وما مدى ...
- إسرائيل تستشيط غضبًا بعد إغلاق أربعة أجنحة تابعة لها في معرض ...
- إيران تهدد بالانسحاب من معاهدة الأسلحة النووية وسط التصعيد م ...
- مفوض أممي يحث على إنهاء الأزمة الإنسانية في غزة
- اكتشاف دور للسكر في حماية الدماغ من الشيخوخة
- طبيب يفند خرافات شائعة عن ورم البروستاتا الحميد
- ما الذي يسبب العدوانية غير المنضبطة؟


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اكرم هواس - أوراق بغداد...2