أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - مظهر محمد صالح - الذكرى الخمسون في معتقل شرق المتوسط: قصر النهاية.














المزيد.....

الذكرى الخمسون في معتقل شرق المتوسط: قصر النهاية.


مظهر محمد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 7011 - 2021 / 9 / 6 - 12:25
المحور: سيرة ذاتية
    


الذكرى الخمسون في معتقل شرق المتوسط: قصر النهاية.
د.مظهر محمد صالح
مازالت ظهيرة يوم السادس من ايلول /سبتمبر ١٩٧١ تجسد في مخيلتي تراجع الحياة وهي تفقد صبغة أديمها وتكبل أنفاسها بسحب داكنة لفها ظلام كان نهاره ساخن لم ينفك وهو يلامس نهايات يوم عاصف بهتت الوانه في فناء التوحش .انه مسار رتيب مرعب اثقل سير ارجلي بين باحة السجن وزنزانات الموت وهي اقبية ظلماء طوقت جانبي ارض قصر النهاية من كل صوب، لتحل الكلفة بقوة محل اية ألفة لامست سنوات طفولتي وصبايا الماضية.فالسعادة التي ترعرعت في قلبي والزهو والامل الذي علا بنيانه قد ابتلعه الظلام ليجثم الفتور قوياً وهو يصرخ في سلالم انفاسي ويعانق موجات سالبة صامتة اسمها الياس .تلمست دموعي كي امسحها من بين وجنتي فوجدتها قد تحولت الى ابخرة قوامها عذابات الصراع الناشب في اعماقي . وهكذا تقلبت الحياة على مدار نصف قرن من الزمن وتحولت تلك الذكريات، لتحاكي ايام عجاف قضيتها قبل خمسين عام في ظلماء زنزانات سجن رهيب اسمه قصر النهاية في بغداد . ولم يفاجئني يومها وانا اطالع ادب السجون سوى رواية كان عنوانها : شرق المتوسط وبشخص كاتبها الروائي والاقتصادي الراحل عبد الرحمن منيف . اذ شاءت الصدف والاقدار، بعد حصولي على درجة الماجستير في علم الاقتصاد، ان يتم اختياري من بين الخريجين المتفوقين في صيف العام ١٩٧٦ للعمل في واحدة من مؤسسات الحكومة العليا المعنية في رسم السياسة الاقتصادية .وعلى الرغم من قصر المدة التي تعاطيت فيها العمل الاقتصادي مع الروائي الكبير عبد الرحمن منيف ، الا ان امارات الصمت كانت بيننا فسيحة مثل الحصاد الاخرس في حقل قمح لانهاية له ، اذ كان الخوف يعقد فوق رؤسنا ظلالا حزينة، وعلى الرغم من ذلك كانت عيناه تكلمني :بان الحرية والوطن هما شي واحد ، وان احلام الليل التي قضيتها ايها الشاب في سجن قصر النهاية الرهيب قبل سنوات هي اقسى من عذابات النهار ، فما عليك الا ان تبتسم ، فالابتسامة هي ارادة وان كانت حزينة.
ففي اعشاش هذا الصمت العاصف كانت رواية عبد الرحمن منيف الموسومة : شرق المتوسط
برمزيتها والغازها وعذاباتها تجسيدًا لايام سجون شرق المتوسط ولياليها الدامية.فكانت الرواية عالما من الاقتباسات القاسية التي جسدت الحزن الانساني الناتج عن الاستبداد في اوضح صوره.
ومن دون العبث في فسحات العقل البشري ونزهته ،فقد اقام القصر في مخيلتي طوعاً او كرهاً سجناً مظلماً في زنزاناته و محجراً محكماً في اقفاله ، ولا ترى من نافذته الصغيرة سوى سجان ابله يحمل سوطاً في يده ليسلب حياة من يريد وفي سيل جارف لا ينضب من اللاآدمية
- ختاماً ،تمر اليوم الذكرى الخمسين لاعتقالي في قصر النهاية وهو المكان الذي قتل فيه الملك فيصل الثاني آخر ملوك العراق وعدد من النساء الهاشميات العزل في مجزرة سالت دماؤها دون توقف لعقود زمنية طويلة، لكي اتذكر مررات السجن وعذاباته والتي جسدتها في ثلاثية من السرد الواقعي كانت عناوينها الرمزية هي : ميشيل فوكو حوار لاينقطع : وفي انتظار كافكا واخيراً :قصر النهاية. انتهى

بغداد في ٦ ايلول/سبتمبر/ ٢٠٢١



#مظهر_محمد_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليَقَظَة والغفلة : مَرارات الاضداد وصراعاتها
- المسيرة الديمقراطية على مفترق طرق: العراق انموذجاً
- العقل الشرقي المعتقل : أكذوبة حرب الكويت
- الكراسي الموسيقية
- رئيسان صينيان في دفاتر ذاكرتي الشخصية.
- أشياء لا تموت!
- #الكلمة_شرف
- السيولة العامة ومشكلات الائتمان في العراق
- باتيل صانعة الجوارب: الحب الدامي
- قسمة ضيزى:
- الاشكالية والنقد في الفكر العراقي المعاصر
- الاهداف الذكية :بين النجاح والفشل.
- الذات: بين مرايا الفلسفة و الضمير...!
- الى السيد علي عباس الخفيف /المشرف الاداري على موقع ملتقى الم ...
- المفارقة في حاضنة الفكر العراقي
- لينين:همس عراقي في ذكرى وفاته
- مستجدات المالية العامة في العراق: من التقشف (الثنائي )الى ال ...
- حوار السلطة الموازية في الفكر العربي :بين مرتسم (الدولة ) وق ...
- بذور العراق تبحث عن منبت : مأزق الأبداع !
- ثروة الامم :


المزيد.....




- شاهد.. فلسطينيون يتوجهون إلى شمال غزة.. والجيش الإسرائيلي مح ...
- الإمارات.. أمطار غزيرة وسيول والداخلية تحذر المواطنين (فيديو ...
- شاهد: توثيق الوصفات الشعبية في المطبخ الإيطالي لمدينة سانسيب ...
- هل الهجوم الإيراني على إسرائيل كان مجرد عرض عضلات؟
- عبر خمسة طرق بسيطة - باحث يدعي أنه استطاع تجديد شبابه
- حماس تؤكد نوايا إسرائيل في استئناف الحرب على غزة بعد اتفاق ت ...
- أردوغان يبحث مع الحكومة التصعيد الأخير بين إسرائيل وإيران
- واشنطن وسعّت التحالفات المناهضة للصين في آسيا
- -إن بي سي-: بايدن يحذر نتنياهو من مهاجمة إيران ويؤكد عدم مشا ...
- رحيل أسطورة الطيران السوفيتي والروسي أناتولي كوفتشور


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - مظهر محمد صالح - الذكرى الخمسون في معتقل شرق المتوسط: قصر النهاية.