أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مظهر محمد صالح - باتيل صانعة الجوارب: الحب الدامي














المزيد.....

باتيل صانعة الجوارب: الحب الدامي


مظهر محمد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 6891 - 2021 / 5 / 7 - 21:01
المحور: الادب والفن
    


————————————————
صحت مدينة (عنه) تلك الحاضرة التي اصطفت لآلاف السنين على هدير مياه اعالي الفرات لتصحوا يومها في سنة ١٩١٥ على ضجيج معسكر عج بالنساء دون الرجال وضم الكبار والصبايا والصغار من الارمنيات ليستقروا في بقعة ارض خالية كانت مجاورة لبستان نخيل باسق يطل على الفرات ضم بيت جدي وجدتي .
مرت الايام القصار ولغة الاشارات كانت هي اداة التفاهم مع القادمين من الغرباء ترافقها بعض الكلمات التركية كي تتشكل بمرور الايام القصيرة انسجة الود والمحبة بينهن وافراد المجتمع المحلي وبانسانية أديمها الفطرة البشرية.
كان ابي وقت ذاك بعمر ١٠ سنوات وهو الطفل الذي يتمتهُ أمه بوقت مبكر منذ الصغر وهو يقترب كل يوم من معسكر النساء القادمات من شرق الانضول ربما كان ابي يبحث عن الامومة المفقودة . وتحت قوة حماية وحدة عسكرية من الجندرمة ...وفي خضم ازيز نواعير المياه التي كان تسقي معسكر النساء بماء الفرات انطلق رحيق الود والمحبة في مشاغل الحياة المبهمة في ذلك المعسكر تحركها دواليب شديدة الانسانية.
مرت ايام قليلة ومتسارعة تعلق خلالها أبي الصبي العربي الصغير بشابة ارمنية كانت هي بسن المراهقة وفي دائرة ود وانسجام ومحبة عاجلة انتهت بحياكة كميات من الاصواف احضرها لها ابي على عجل من موارد بيت جدتي لتصنع منها تلك الفتاة وصال الدفيء التي تلخصت بزوجين من جوارب الصوف ....وفي الليلة التي سلمت فيها (باتيل ) الفتاة الارمنية (أبي) تلك القطع المحاكة من الصوف، صحت المدينة كلها ومنذ بزوغ الفجر على اشلاء معسكر الارمنيات الذي خلا من نساءه بأستثناء اعمدة قصيرة من الدخان هي بقايا موائد الطبخ من حطب البساتين و تركت مشتعلة على عجالة الانتقال والتدافع نحو المجهول . هكذا اختفت (باتيل) ومن معها في مسيرة الموت واصيب (ابي) الصبي العاشق الصغير بالفزع الاكبر دون الاصغر وحطت به نكبة لا تضاهيها الا نكبة موت والدته يوم كان بعمر خمس سنوات.
هنا علم ابي الصبي العاشق ان المعسكر النسوي قد جرى تهجيره قسراً صوب حدود الشام مع مسار النهر لبلوغ دائرة الموت!!! ... ففي ليلة شديدة الظلمة من نهايات العام ١٩١٥ او مطلع العام ١٩١٦ غادر الجندرمة الترك وبصحبتهم عشرات النساء الارمنيات صوب الحدود الغربية لبلاد مابين النهرين لينتهوا جميعاً بعد ليلتين من العناء والجوع والعطش في وادي صحراوي سحيق محاذي لمدينة دير الزور لتنهال عليهم بنادق الموت بلا رحمة وبلا شفقة وقُتل منهن من قتل وهرب منهن من هرب صوب المدينة السورية المجاورة.. وظلت (باتيل) صانعة جوارب ابي تلطع جراحها باطلاقات همجية خلت فيها ضمائر قاتليها من جينات الرحمة وماتت باتيل في ذلك الوادي السحيق لتنهش جثتها الضباع بعد ان تعطرت ارض الوادي بدمائها الباردة.
بقت دموع ابي تشتعل حزناً كلما تذكر قصة الحب والموت في آن واحد .وبقت آلامها في الحزن الانساني ترافق مخيلته وهو يستذكر تلك الفاجعة حتى مماته.
فلم تستطع نواعير اعالي الفرات والشام كلها من استدامة الحياة لنساء ارمنيات عزل قتلن ضحية الانتقام بين قادة امم فاسدة اصطدمت بينها على نهب ثروات الشعوب وتوسيع الاطماع.
وانتهى العراق بعد عام من ذلك التاريخ الدامي بالاحتلال البريطاني وازحيت الدولة العثمانية في العام ١٩١٧ لندخل في دوامات صراع الامبراطوريات مجدداً على ارض الرافدين.



#مظهر_محمد_صالح (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قسمة ضيزى:
- الاشكالية والنقد في الفكر العراقي المعاصر
- الاهداف الذكية :بين النجاح والفشل.
- الذات: بين مرايا الفلسفة و الضمير...!
- الى السيد علي عباس الخفيف /المشرف الاداري على موقع ملتقى الم ...
- المفارقة في حاضنة الفكر العراقي
- لينين:همس عراقي في ذكرى وفاته
- مستجدات المالية العامة في العراق: من التقشف (الثنائي )الى ال ...
- حوار السلطة الموازية في الفكر العربي :بين مرتسم (الدولة ) وق ...
- بذور العراق تبحث عن منبت : مأزق الأبداع !
- ثروة الامم :
- العائلة المقدسة
- العجز المالي وتنقيد الدين:الموازنة العامة الاتحادية ٢& ...
- العراق بوابة الفكر ومفتاح المعرفة.
- الاجوبة في حوارات الفكر
- جامعة هارفرد و ميدان الحرب مع الحيوان
- الجبنة في مزرعة الحيوان
- سراب الحياة ووهج ظلالها
- تأملات في المالية العامة الموازية
- الاقتراض الحكومي العراقي : بين الضرورات والمخاطر


المزيد.....




- -الزمن المفقود-.. الموجة الإنسانية في أدب التنين الصيني
- عبور الجغرافيا وتحولات الهوية.. علماء حديث حملوا صنعاء وازده ...
- -بين اللعب والذاكرة- في معرض تشكيلي بالصويرة المغربية
- مفاجأة علمية.. الببغاوات لا تقلدنا فقط بل تنتج اللغة مثلنا
- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...
- غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط ...
- شاهد.. بطل في الفنون القتالية المختلطة يتدرب في فرن لأكثر من ...
- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء
- حين يتحول التاريخ إلى دراما قومية.. كيف تصور السينما الصراع ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مظهر محمد صالح - باتيل صانعة الجوارب: الحب الدامي