أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - الدولة السلطانية















المزيد.....

الدولة السلطانية


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 7010 - 2021 / 9 / 5 - 14:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ان تاريخ الدولة في المغرب ، منذ ألف وخمسمائة سنة من دخول العرب باسم الإسلام الى المغرب ، والى الآن مع الدولة السلطانية العلوية ، هو تريخ سلطنة ، وتاريخ حكم سلطاني . ولم يسبق في تاريخ الدولة السلطانية ، ان ظهر فيها نظام شَبهْ ديمقراطي ، او شِبه ديمقراطي ، قد يكون حالة شادة متميزة في تاريخ الأنظمة التي حكمت في الدولة السلطانية .. فما يسمى مجازا بالدولة ( العصرية ) ، ظهر مع السلطان الحسن الثاني ، منذ وضع اول دستور ممنوح يركز كل السلط بين ايديه .. فالحسن الثاني كان يسمى ملكا في نظر الغربيين الذين كانوا يصفون نظامه بالملكية المطلقة La monarchie absolu ، ومنهم من كان يسمي نظامه بالنظام التوتاليتاري Le régime totalitaire . وكيف ما كانت التسمية توتاليتارية او مطلقة ، فالأمر يتعلق بانعدام الديمقراطية ، الاّ من ديمقراطيته التي كانت تسمى باسمه " الديمقراطية الحسنية " ، مثل " الديمقراطية المحمدية " .
والحديث عن الدولة السلطانية ، كحكم متميز ، وفريد من نوعه في تاريخ الأنظمة السياسية ، يحيلنا الى طرح مسألة القداسة ، ومسألة الدين في اشكاله الثيوقراطية والاثوقراطية ، المستلب للعقل البشري ، بما يجعل منه يؤمن ويعتقد ، بان وجوده هو رهين ، ومن اجل السلطان ، ومن اجل السلطنة ، مُأذلجا بالتقاليد المرعية ، التي تحنط كل الكائنات كرعايا ، عند الراعي الكبير امير المؤمنين ..
ففي نظام السلطنة لا وجود للديمقراطية . لان نظام السلطان يتعارض بالمطلق مع الأنظمة الديمقراطية ، لأنه يكره الديمقراطية التي تسمح بتحويل الرعايا الى مواطنين ، ومن بعد الى شعب ، يكون جوهر العلاقة بينه وبين الحاكم السلطان ، هي الحقوق والواجبات .. فيُسرّع هذا الحال إنْ تحقق ، بانْ تتحول السلطنة الى دولة ديمقراطية ، ويتحول السلطان من حاكم مستبد طاغي ، الى حاكم ديمقراطي ، يخضع لرغبات ، واختيار الشعب والجماهير ، وليس هذه من يخضع لاختيارات ، ورغبات الحاكم الذي يتصرف كسلطان ظل الله في ارضه .. أي تغليف النظام السلطاني بالعباءة الدينية ، التي تجعل من السلطان ولوحده هو الدولة السلطانية ..
ان تحليل وتفكيك نظام السلطنة ، التي على رأسها السلطان ، لن يكون مجديا ، وشافيا ، وهادفا ، دون ان نربط نظام السلطنة والسلطان ، بأنظمة الحكم التي عرفها التاريخ السياسي ، لنماذج الحكم في بلاد الإسلام ..
ومن خلال المقارنة بين نظام السلطنة ، ونظام الخلافة ، وبين نظام السلطنة ، وتاريخ الدولة الإسلامية ، كما عرفها التاريخ السياسي الإسلامي ، منذ الدولة الاموية الجبرية ، التي على رأسها اميرا للمؤمنين زنديق فاسد ، الى الدولة العباسية القهرية ، الى الدولة العثمانية الاستبدادية .. نكاد نخرج بخلاصة مفادها ، انّ نظام السلطنة ، هو امتداد حقيقي لنظام الخلافة ، ولنظام الدولة الإسلامية ، كما عرفها التاريخ السياسي للدولة الإسلامية ..
ان اول ما يثير الملاحظة ، انّ نظام السلطنة ، والأنظمة المتقابلة الأخرى ، خلافة إسلامية ، ودول إسلامية . هو تركيزهم الحكم على الدين ، والإسلام الذي يشكل مرجعيتهم التشريعية ، وليس القانونية ، والسياسية ، وانْ كان كل الحكام في نظام الدولة السلطانية ، ونظام الخلافة ، وكل حقب الدولة الإسلامية ، دولة الامارة .. يشتركون في تأويل الدين ، وتأويل القرآن ، بما يبرر الاستبداد ، ويحث ويشجع على الطغيان ، ويركز نظام الحكم في شخص السلطان ، وشخص الخليفة ، وشخص الأمير الذي حكم الدولة الاموية ، والدولة العباسية ، والدولة العثمانية .. فاختيار من القرآن الآيات التي تمجد الحاكم الإسلامي ، وابعاد الآيات التي تدينه ، او تتهمه ، او تزعجه ، او تعري على حقيقته التي لا علاقة لها بالقرآن ، ولا بالإسلام ، لا يختلف عن التأويلات المغرضة التي لجأت اليها الكنيسة ، لشرعنة الاضطهاد ، والقتل على الهوية ، وشرْعنت لافتراس الثروة .
وما الثورات التي قامت بها الشعوب الاوربية ، ضد الاقطاع السياسي ، وضد الأنظمة الملكية المطلقة ، والأنظمة التوتاليتارية ، هو تحصيل حاصل لهذا التأويل المغرض للدين ، لاستمرار طبقة الاقطاع المتحالفة من رجال الكنسية ، تنهب ، وتستنزف ، وتفترس باسم الله البراء منها ..
فالحل نفسه ينطبق على الأنظمة السلطانية ، وأنظمة الخلافة ، وأنظمة الامارة التي كانت تلجأ الى الدين ، لتبرير ولشرْعنت القمع ، والاضطهاد ، والقتل ، ولشرعنة الافتراس لثروة الشعوب بشكل بوهيمي Boulimique ، أي حيواني غريزي ..
وهذا يعني ان الدولة هي السلطنة والسلطان ، كما ان الخلافة هي الخليفة ، وكما ان الدولة الإسلامية هي امير المؤمنين ، والامام الكبير العظيم .. وهذا يجعل من النظام السياسي ، والحكم السياسي ، يتجسد في شخص الحاكم المسنود بأشخاص معينين ، لتدبير شؤون السلطنة ، وشؤون الخلافة ، وشؤون الدولة الإسلامية .
وبما ان في نظام الخلافة ، ونظام الدولة الإسلامية ، لم يكن هناك وزراء بالمفهوم السياسي العصري للوزير ، ولم يكن هناك مجلس للوزراء ، ولم تكن هناك انتخابات ، ولا برلمانات ، ولا مؤسسات جماعية محلية وجهوية .. فكذلك الشأن في نظام السلطنة . لا يوجد فقط السلطان ..
ومنذ تاريخ بدء حكم السلطنة في المغرب ، منذ الف وخمسمائة سنة خلت ، لم تعرف كل السلطنات باسم العائلات ، نظام للانتخابات برلمانية ، او جماعية ، ولا عرفت مؤسسات برلمانية ، ولا مؤسسات جماعية ، ولم تعرف أحزابا ، ولا نقابات ، ولا جمعيات . ولم يسبق أن عرفت شيئا يسمى استحقاقات .. فالسائد هو السلطان ، والباقي يعتبر ملكا له ..
ورغم مرور قرون على نظام السلطنة ، التي يحكمها سلطان لوحده ، ويترك الحكم لخلفه ، او لمن عينه على قيد حياته ، فنظام السلطنة استمر حتى بعد حصول المغرب على استقلال " إيكس ليبان " . إذ استمر السلطان لوحده ، يحكم ويتصرف في البلد، دون اختلاف او تغيير عما ساد تاريخ السلطنات ، وتاريخ السلاطين عبر التاريخ السياسي لنوع الدولة المغربية ..
لكن الجديد الذي حصل ، وبالضبط في سنة 1958 ، تاريخ العهد الديمقراطي الذي الغاه نظام الحريات العامة لسنة 1958 ، خاصة بعد التعديل السياسي الذي ادخل على هذا النظام في سنة 1973 بشكل تراجعي ، ليقطع مع كل شعارات العهد الديمقراطي .. انّ السلطان الحسن الثاني ، وحتى تستمر السلطنة ، وبتعليمات الفرنسيين ، استمر كسلطان للسلاطين السابقين ، محافظا على نظام السلطنة كإطار لتركيز السلطة والحكم ، مع ادخال تغييرات شَبه و شِبْه عصرية في الآليات . أي آليات ممارسة الحكم ، عندما شرعن لوضع دستور ممنوح ، تم تحريره من قبل أساتذة فرنسيين ك Maurice Duverger ، أستاذ مادة الأحزاب السياسية ، ومادة القانون الدستور والأنظمة السياسية ، وسمح بتنظيم انتخابات جماعية وبرلمانية ، وكوّن حكومة ، وانشأ جهازا قضائيا ، وسمح بإنشاء نظام تعدد الأحزاب ، بعد ان منع نظام الحزب الوحيد ، وسمح بإنشاء نقابة عمالية ا م ش U M T ، وشرع في بناء المؤسسات السياسية المختلفة .. لكنها كانت مشلولة وفارغة من سلطة القرار ، الذي لم يكن غير قراره ... فالاستمرار في نظام السلطنة الاركاييكي القديم ، اضحى غير مقبول مع التحول الذي فرضه الاستقلال ، وفرضه الإليزيه Le palais de l’Elysée ، لاستمرار النظام الذي كان يجيد الملاذ في الحرب الباردة ، وفي الاصطفاف الى جانب المعسكر الراسمالي / الليبرالي ، ولو في شكل ممسوخ ..
ان استمرار نظام السلطنة كما ساد في المغرب قبل سنة 1956 . أي وجود سلطنة وسلطان ، دون وجود مؤسسات لتضفي نوعا من العصرنة على النظام اصبح غير مقبول في شكله القديم .. واضحى اضحوكة لذا الدول الديمقراطية ، التي بنت دولها على دمقرطة المؤسسات الديمقراطية الفعلية .. كان يهدد وجود السلطنة والسلطان اذا استمر النظام كما كان منذ 1500 سنة من دخول العرب الى المغرب باسم الإسلام ، وكما كان منذ 350 سنة من تريخ حكم السلطنة العلوية .. فتغيير الشكل للاحتفاظ بالجوهر ، كان ضروريا لتفادي السقطة التي ظهرت في انقلاب الجيش على نظام السلطنة والسلطان في انقلاب سنة 1971 ، وانقلاب سنة 1972 .. مع محاولات لإسقاط السلطنة والسلطان ، قامت بها حركات سياسية معارضة ..
هكذا وحتى ينجح السلطان الحسن الثاني في الحفاظ على نظام السلطنة ، باسم ملكية مطلقة تتركز فيها كل السلطات بين يديه ، كان عليه ان يقوم بالتحديث ، بما يضمن تركيز الحكم فيه كسلطان عندما يتصرف ويخاطب الرعايا ، وكملك حين يخاطب ، ويلتقي مع زعماء الدول الديمقراطية الغربية .
ان اول مدخل قام به الحسن الثاني كسلطان ، هو حين انزل دستورا ممنوحا ، يركز في شخصه الدولة . فالفصل التاسع عشر من الدستور الذي تم تفتيته الى عدة فصول ، دون الغاءه في تعديل اللاّتعديل دستور 2011 ، لا يوجد مثيلا له في تاريخ الحركة الدستورية ، عبر كل الأزمنة التي قطعتها الشعوب ، والأمم ، والدول .
فالفصل التاسع عشر من الدستور " الملك أمير المؤمنين والممثل الأسمى للأمة ورمز وحدتها وضامن دوام الدولة واستمرارها، وهو حامي حمى الدين والساهر على احترام الدستور، وله صيانة حقوق وحريات المواطنين والجماعات والهيئات وهو الضامن لاستقلال البلاد وحوزة المملكة في دائرة حدودها الحقة. " ، يؤسس لنظام السلطنة ، ويرتقي بالحسن الثاني من ملك صوريا ، الى سلطان فعليا .. فالدستور قبل ( تعديل ) 2011 ، كان يتكون من دستورين . دستور الخلافة ، والسلطنة ، والامارة ، والامامة الكبرى ، وهو الذي يعكسه الفصل 19 الذي كان دستورا داخل الدستور ، وهو اصل الدستور الذي يُفصّل لنوع النظام السلطاني الحاكم . والدستور بإطاره العام الذي كان يقدم النظام كنظام عصري سائرا في طريق التحديث الغربي . فالمحلل لنص الدستور ما قبل تعديل 2011 ، سيخرج بنتيجة هي تركيز الحكم في يد السلطان داخل نظام السلطنة ، ومن جهة ترك الباقي الخارج عن نص الفصل 19 من الدستور، للتأويلات التي لا تتعارض مع منطوق الفصل 19 ، مرآة الدولة المخزنية العتيقة ..
وحتى ينجح في الحفاظ على نظام السلطنة ، ويشرعن لتركيز الحكم والسلطة ، بين يديه كسلطان ، وليس كملك ، وباقتراح مدفوع ومحرض عليه من القصر ، سيتقدم عميلان للنظام السلطاني ، وهما ( السلفي ) علال الفاسي ، و ( الاخواني ) الدكتور الخطيب ، باقتراح يفضي بإضافة لقب امير المؤمنين في اول دستور ممنوح ، سيطرحه السلطان على الرعايا ، وذلك لسد الباب على أطماع حزب برجوازية الدولة الجمهورية ..
ان المشروعية السياسية الرئيسية التي فرضت بالمغرب بعد سنة 1956 .. شيوع نظام السلطنة .. كان هو عقد البيعة المؤسس لنظام الامارة ، والامامة الكبرى ، والراعي الكبير للرعية .. فهذا العقد الغير مكتوب ، والغير محدد السلطات والاختصاصات ، يعطي للسلطان الأمير ، سلطات استثنائية تجعل منه شبه إلاه صغير في الأرض .. ان السلطات الاستثنائية التي يعطيها عقد البيعة للسلطان ، تفوق دستور السلطان الذي شرعن فيه نوع السلطات ، ونوع الحكم الذي يتمتع به باسم الإسلام ، وباسم القرآن في صوره المنتقاة والمختارة ..
هكذا سينجح السلطان الحسن الثاني ، في تلجيم الرعايا ، وتحنيطها بإرادتها المستلبة ، وفي بسط يده على السلطنة . وأصبحت الانتخابات التي جاء بها العهد الجديد ، تؤكد مشروعية النظام السلطاني القهري والجبري ، دون علاقة لها بالهدف الديمقراطي ، الذي بدأت القوى التي تبنت اليسار البرجوازي ، تنشده في نظام جمهوري ، على شاكلة جمهوريات الشرق الأوسط ، وجمهورية الجزائر في عهد الرئيس احمد بن بلة ..
اذن من حيث الشكل ، كالانتخابات ، المؤسسات المختلفة من برلمان ، وحكومة ، ومحاكم ، و جامعات ، وأسواق البورصة ، وبوليس ، وجيش ... ووجود أحزاب ، ونقابات ، وجمعيات .. ووجود قانون للحريات العامة ( 1958 ) ، الذي تم الانقلاب عليه بتعديل سنة 1973 ، نحو المزيد من تشدد السلطان ، للحفاظ على السلطنة التي كانت معرضة للإطاحة بها ..لخ ، قد يبدو النظام عصريا متماهيا مع الثقافة الغربية ..
لكن من حيث الجوهر . سنجد ان كل المؤسسات ، هي ليست بمؤسسات الرعايا . والغاية من الانتخابات ، هي تأكيد مشروعية نظام السلطنة ، كما يجري به العمل مع محمد السادس اليوم ...
هكذا نجد انه رغم وجود أحزاب تم تدجينها جميعها ، وتم إفراغها من الجوهر ، وأصبحت الأيديولوجيا مجرد مطالب تقتات من فتاة السلطان ، مرتبطة بالدولة وتعيش في كنفها .. فان طرح الأحزاب لبرامجها التي دخلت على أساسها الانتخابات ، تبقى اكذوبة تزين لبرنامج السلطان ، الذي لم يشترك في الانتخابات التي نظمها على مقاصه ، وليتحول التنافس البرنامجي الحزبي ، الى مجرد مهرولين يركدون ، ويتسابقون للظفر بشرف تنزيل برنامج السلطان ، الذي نزل من فوق .. فيصبح وضع ( وزراء ) في النظام السلطاني ، مجرد وضع موظفين سامين في إدارة السلطان ، ومَعاول لتنزيل برنامجه ، لا برنامج الأحزاب التي سيرمى بها في القمامة ..
اما ( البرلمان ) الذي من المفروض ان يكون انبثاقه من انتخابات تشريعية ، ممثلا ( للشعب ) ، او للكتلة الناخبة التي شاركت في الانتخابات ، فان مجرد اعتبار السلطان الممثل الاسمى ( للامة ) ، وليس للشعب ، يفرغ البرلمان والبرلمانيين من الصفة التي دخلوا بها الى الانتخابات . وبدل ان يكونوا يمثلون ( الشعب ) ، سيصبح دورهم . هو تمثيل كل برلماني فقط ، لسكان الدائرة الانتخابية التي ترشح فيها ، وصوت عليه ناخبوها . لان الممثل الاسمى ( للامة ) وليس الشعب ، يبقى مولانا السلطان في نظام سلطاني يحتكر فيه الحكم لوحده ، بالاستناد على المرجعية الدينية التي لا تقبل النقاش ، ولا التأويل " اطيعوا لله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم " . و حتى ولو كان الوالي طاغية مستبد ، فيجب طاعته لنص القرآن كلام الله ، الذي يلزم الرعية بإطاعة الراعي الأمير .. أي نظام ثيوقراطي ، اثوقراطي ، نيوبتريمونيالي ، نيوبتريركي ، نيورعوي ، سلطاني مخزني .. لا قيمة فيه للإنسان كإنسان أساس الديمقراطية الغربية ..
وحين يرتبط العمل البرلماني ، بخارطة الطريق التي يرسمها البرلماني الكبير ، كسلطان ، إمام ، و امير ، من خلال الامر اليومي الذي يوجهه البرلماني الأول ( لبرلمانييه ) الموظفين السامين ، الذين منهم من يجهل القراءة .. بخطاب سامي يقتبس من النصوص الدينية ، ومن نصوص القرآن المنتقاة ، ويجلس الجميع ينصتون في خشوع ، منتهين خطاب الأمير بالتصفيق الحار ، ومن دون الحق في مناقشة خطاب الأمير ، الامام مولانا السلطان .. وكأعضاء الحكومة ( الوزراء ) الموظفين السامين في إدارة السلطان ، يرتدي البرلمانيون اللباس السلطاني المخزني الأبيض ...
فالسؤال هنا . ما الفرق بين نظام السلطنة في شكلها القديم ، التي كان فيها وحده السلطان ، كالخليفة في نظام الخلافة ، والأمير في نظام الدولة الإسلامية .. والجميع مختزلون في شخص السلطان ...
ونظام السلطنة العصري في الشكل ، والأكثر من مخزني في الجوهر التي شيدها السلطان الحسن الثاني ...
فإذا كان الحكم في نظام السلطنة القديم هو الدين ، فان ادخال آليات عصرية في نظام السلطنة الجديد ، فارغة من مضمونها ، كالحكومة ، البرلمان ، الانتخابات ، الجماعات المحلية ، الأحزاب السياسية ، المنظمات النقابية ، النشر ، الصحافة ، القضاء .... لخ ، يبقى امتداد علنيا لنظام السلطنة في شكلها القديم ...
ان جميع الآليات والمؤسسات ، هي ملك للملك كسلطان ، مجندة لخدمته ، كما كان نظام السلطنة القديم مختزلا فقط في شخص السلطان ، لان السلطنة سلطنته ، وساكنوها ليسوا بمواطنين ، ولا بشعب ، ولا بجماهير .. انهم مجرد رعايا تابعين للراعي الكبير مولانا السلطان ظل الله في ارضه ..
النظام السياسي السائد ، منذ دخول العرب باسم الإسلام الى المغرب منذ 1500 سنة خلت ...
ونظام الدولة العلوية التي دخل مؤسسوها الى المغرب منذ حوالي 350 سنة .. والى الآن ،.. هي أنظمة سلطانية ، نيوبتريمونيالية ، نيوبتريركية ، نيورعوية ... دولة سلطانية مخزنية ترتبط بشخص السلطان ، ولا علاقة لها بدولة المؤسسات الديمقراطية ، التي تنتصر الى الانسان ، وحقوق الانسان ، والى الديمقراطية ، ولو في حدودها الدنيا والضيقة ، فأحرى الحديث عن الدولة الديمقراطية ..
ان هذا الشكل من الحكم الذي كان مقبولا اوربيا منذ 350 سنة خلت ، لم يعد مقبولا اليوم بشكله الاركاييكي كما يلاحظ ذلك في الاحتفال بالبيعة ، ويلاحظ عند افتتح دورة الخريف التشريعية .. ويلاحظ من خلال الدستور الممنوح ، ويلاحظ من خلال السلطات الاستثنائية التي يمنحها عقد البيعة للسلطان ، في نظام الامارة كنظام سياسي فريد من نوعه في العالم ..
ان هذا النظام السلطاني ،هو سبب العزلة التي يعاني منها النظام دوليا ، وهو السبب الرئيسي في الاخطار التي آلت اليها قضية الصحراء اليوم ..
فمن دون الديمقراطية الحقيقية ، ولو في حدودها الدنيا .. من المستحيل الاندماج في النظام الكوني الديمقراطي ...
ووضع كهذا لا ينتظر منه ، غير الفشل والافلاس ، على جميع الأصعدة والمشاريع ....
فعلى ماذا نحن قادمون ؟



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موقع - الحوار المتمدن - Ahewar.org
- هل ستندلع الحرب بين النظامين المغربي والجزائري ؟
- سفير النظام المغربي لذا الأمم المتحدة عمر هلال يصرح ان ملف ا ...
- هل سينزل الشعب الى الشارع
- النظام الجزائري يقطع علاقته ( الدبلوماسية ) السياسية مع النظ ...
- تحليل لخطاب الملك بعد مرور ثمانية وستين سنة عن ثورة الملك وا ...
- النضال
- الملك محمد السادس مسؤول اول .. تعرضت لهجوم يقف وراءه البوليس ...
- تدمير منطقة شمال افريقيا
- 5 غشت 1979 ، اعتراف موريتانية بالجمهورية الصحراوية
- الرعايا في الدولة النيوبتريمونيالية ، النيوبتريركية ، النيور ...
- ( معارضة الخارج ) ( معارضة الداخل )
- تحليل خطاب الملك بعد مرور اثنتا وعشرين سنة عن توليه الحكم
- هل تجري مفاوضات سرية بين النظام المغربي ، وبين الدولة الاسبا ...
- هل هو انقلاب في تونس ؟
- إسرائيل عضو مراقب بالاتحاد الافريقي .
- هل لعنة نزلت على النظام المغربي ؟
- هل البوليس السياسي المغربي يتجسس على الملك محمد السادس ؟
- هل من علاقة بين ( الماك ) جمهورية القبائل الجزائرية ، وقضية ...
- حين يحاضر سجان المملكة الاول في حقوق الانسان


المزيد.....




- تسببت بوميض ساطع.. كاميرا ترصد تحليق سيارة جوًا بعد فقدان ال ...
- الساحة الحمراء تشهد استعراضا لفرقة من العسكريين المنخرطين في ...
- اتهامات حقوقية لـ -الدعم السريع- السودانية بارتكاب -إبادة- م ...
- ترامب ينشر فيديو يسخر فيه من بايدن
- على غرار ديدان العلق.. تطوير طريقة لأخذ عينات الدم دون ألم ا ...
- بوتين: لن نسمح بوقوع صدام عالمي رغم سياسات النخب الغربية
- حزب الله يهاجم 12 موقعا إسرائيليا وتل أبيب تهدده بـ-صيف ساخن ...
- مخصصة لغوث أهالي غزة.. سفينة تركية قطرية تنطلق من مرسين إلى ...
- نزوح عائلات من حي الزيتون بعد توغل بري إسرائيلي
- مفاوضات غزة.. سيناريوهات الحرب بعد موافقة حماس ورفض إسرائيل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - الدولة السلطانية