أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - هل هو انقلاب في تونس ؟















المزيد.....


هل هو انقلاب في تونس ؟


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 6971 - 2021 / 7 / 27 - 16:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ماذا يجري في تونس ؟ هل هو انقلاب ؟ وان كان فعلا انقلابا . هل هو انقلاب على الدولة ، ام انه انقلاب على المؤسسات ، او انقلاب على جزء من المؤسسات ؟ ام انه صراع مع جهة تمسك بالدولة بواسطة الانتخابات السابقة ، وبدأت تنحو مسارات تنتهي بالهيمنة على كل الدولة ، وليس فقط على جزء من مؤسساتها التي هي البرلمان ، وينتهي المخطط بالاستيلاء على الدولة ، باسم ديمقراطية استعملت كمطية لإقامة نظام فاشي ، باسم الإسلام السياسي الإخواني ، المنفوخ فيه من دولة قطر ، ومن تركيا أردوغان ...
او انّ ما قام به الرئيس التونسي قيس سعيد ، هو تصحيح اختلال ، وتقويم مسار ، وارجاع الوضع الى جادة القانون ، بعد الانفلات الأمني ، و الفوضى التي شهدتها المؤسسة التشريعية ، وشهدها الشارع التونسي الذي لا يزال يغلي ..
ان ما قام به قيس سعيد ، ضد الهيمنة الاخوانية السائرة لابتلاع الدولة ، باسم الديمقراطية الشعبوية ، لم يكن قرارا شخصيا ومستقلا ، او كان بسبب قناعة تامة عن نهاية اليمة ، لمسار معوج ، ولا يزال يميل لمزيد في الاعوجاج ، نحو السيطرة التامة ، لإقامة شبيه نظام العياط محمد مرسي في مصر .. وهو نظام صدامي يستعمل الإسلام ، كأيديولوجية لدغدغة العقلية الشعبية الهجينة ، التي تحن الى الخرافة ، والماضي اللاّماضي السحيق ، لبسط النفود على الدولة ، وابتلاعها لصالح المشروع الإخواني الحربائي ، الذي يتكيف مع كل الأحوال ليساير الحياة ، حتى يصل المبتغى والمراد ، لابتلاع المجتمع الذي يميل الى العاطفة ، ويفتقر الى المنطق ، والعقل ، والعلم ، والرزانة .. خاصة في ظل التطورات المتلاحقة ، التي تفرضها التحولات الدولية التي يستعمل فيها العلم ، وتستعمل فيها الديمقراطية .. فبناء نظام لا ديمقراطي ، وسط أنظمة ديمقراطية ، تحدد العلاقات والممارسات بالانتماء الى مرجعية الديمقراطية ، يجعل أي كيان فريد من نوعه ، كالكيان الاخواني ، مصدر بلاء للمجتمع الهجين المهجن ، وهو ما سينعكس سلبا على المستوى المعيشي ، حيث سيسود القمع من جهة ، ومن جهة سيشيع الفقر مقابل اغتناء زعماء الإمبراطورية الاخوانية ..
ولعل التنافس والسرعة في خدمة المشروع الاردوغاني ، الذي يهيم حبا في ثروات وموقع البلاد العربية الاستراتيجي ، سيدفع بالقوى المضادة الى التحرك ، بما يفرمل هذا المخطط ، وانتهاء بالقضاء عليه بواسطة هبّات من الداخل ، او باسم ثورات تنتهي بنهاية ما يسمى بالربيع العربي ، او بتحريض الجيش على التدخل كما حصل لمصر مع الدكتاتور السياسي ..
بعد الحراك الشعبي المصري الذي استغله الاخوان استغلالا خبيثا ، لانهم مَا شاركوا في الحراك ، وكانوا كانتهازيين ينتظرون ما سيسفر عنه الحراك ، ولمّا بدا لهم انه يتمدد ويتوسع انتشارا ، ولن يتوقف الا بإسقاط رأس النظام ، وليس النظام الذي نجح في ضبط الدولة .. حتى اسرعوا متأخرين ، لمشاركة محتشمة في حراك اصبح متحكم فيه من قبل الدولة .. واستغلوا الشعارات المرفوعة ، ليلونوها بالإسلام ، لدغدغة الحواس ، واثارة المشاعر التي مكنتهم من سرقة الحكم والدولة ، وشرعوا في التأسيس لبناء الدولة الاخوانية الفاشية على مراحل ودرجات ، تنتهي بأخونة الدولة ، وبأخونة المجتمع ، خاصة وانّ الاتجاه كان سائرا لبناء نظام اخواني ثنائي القطبية ، بين القاهرة وبين انقرة ، مع امتداد قطري سهل الابتلاع ..
وبما ان المخطط الذي اضحى يهدد الجميع ، خاصة في شقه الاقتصادي والإيديولوجي .. حتى تحركت القوى المضادة التي حرضتها الدول الغربية ، في الانقلاب على الدولة الاخوانية التي كانت يحضر لها على قدم وساق .. كما تحركت القوى الإقليمية العربية المعادية للمشروع الاخواني ، السعودية ، والامارات ، وإسرائيل ، لفرملة هذا الخطر الطموح الاردوغاني ، الذي يهدد بتغيير المنطقة ، وبتغيير القوى ، بيْن التي كانت تسيطر على الحكم ، وتلك التي ستصبح تسيطر عليه .. فتدخل الجنرال السيسي لم يأتي صدفة . بل كان مدفوعا من قبل الدول الغربية ، خاصة الولايات المتحدة الامريكية ، وإسرائيل ، وفرنسا ، والسعودية ، والامارات .. لفرملة المشروع الاردوغاني الذي شرع العياط محمد مرسي في بناءه مع تركيا اردوغان .. وعندما سقط مرسي ، وتم التنكيل بالاخوان شر تنكيل ، اغمض الغرب المنافق عينه ، ولم يستنكر ، ولم يدين ، وكان لا شيء قد حصل .. أي . رغم ان مجيء مرسي كان بالانتخابات الشعبوية التي استُغلّت فطرتها بترويج الشعارات الاسلاموية ، ولم يأتي بانقلاب على الحكم .. وان انتهازية الاخوان في سرقة مصر باسم الانتخابات ، التي استعملتها الحركة الاخوانية كمطية ، للوصول الى الحكم الاخواني المتناقض مع الديمقراطية كفلسفة وكنظام في الحكم .. هو اخطر من الانقلاب . لأنه سرق المجتمع باسم المجتمع ، وبمباركة المجتمع الذي أوصل الاخوان الى السلطة بالانتخابات .. بل ان الغرب الأخلاقي لزم الصمت عندما توفي مرسي في السجن ، وعندما شرع الجنرال السيسي في التنكيل بالإخوان بإعدامهم في سجونه السيئة الذكر ..
ان ما حصل في تونس ، لشبيه بما وقع في مصر ، مع الاختلاف في الخصوصية ، وفي الأطراف الفاعلة ، وفي التوقيت .. فكما انّ الدكتاتور السيسي لم يتصرف من تلقاء نفسه ، ولكن تصرف بأخذه الضوء الأخضر من الأطراف الرافضة لبناء تركيا جديدة بمصر .. كذلك فان قيس سعيد لم يتصرف من تلقاء نفسه ، لكنه تصرف بناء على الضوء الأخضر من باريس / فرنسا التي تعادي الأيديولوجية الاسلاموية السياسوية ، وتعادي الإسلام كدين ، يهدد بغزو فرنسا ، والغرب المسيحي الكاثوليكي البروتستاني ، وليس الغرب اللاّئيكي . لأنه بين الغرب والنظام اللائيكي الحقيقي بُعْد ، يماثل بعد السماء عن الأرض ..
لقد تصرف قيس سعيد بناء على دعم مادي ، وروحي ، وسياسي ، ومعنوي من قبل حكام الامارات والسعودية .. وطبعا من يقول بفرنسا ، والغرب ، وبالإمارات ، والسعودية .. يقول بإسرائيل ، التي تعادي كل الأنماط العقائدية والأيديولوجية السائدة في البلاد العربية .. خاصة على راسها أنظمة الاتجاهات الاخوانية ..
هنا يجب التذكير بالزيارة التي قام بها قيس سعيد الى باريس ، بناء على امر بالحضور من قبل الرئيس Emanuel Macron ، لإزالة كل ترويج للإشاعات ، بكون قيس سعيد قومي اسلاموي .. وكيف عند نزوله من الطائرة ، استقبله فقط وزيرة الخارجية Jean-Yves le Drian ، ولم يستقبله الرئيس Macron شخصيا في المطار .. والتصرف هذا المخل بالبرتوكول كان مقصودا ، لتأكيد تبعية النظام التونسي لباريس ، كما كان الحال في عهد زين العبدين بن علي .. والكل قد يكون شاهد كيفية استقبال الرئيس الفرنسي للمرؤوس قيس سعيد ، عندما انحنى سعيد ليقبل في خشوع كتف رئيسه Macron ، الذي اكتفى بالطبطبة على كتف قيس سعيد كتلميذ مجتهد ، مرتبط ومتعلق اكثر ارتباط بالمدرسة الفرنسية ببروتوكولاتها الطاووسية ، التي تجعل من اية حضارة دون مستوى الحضارة الفرنسية ، التي تجعلها اكثر سموا ، لغة موليير الارستقراطية .. وهنا قد يكون من يتذكر . كيف كان قيس سعيد يبدل اكثر من الجهد ، في البحث عن كلمات مشتقات من الادب الفرنسي ، لتثبيت مكانته عند الرئيس Macron ، وحتى يجعله يرضى عليه ، كتلميذ اكثر من المتوقع ..
ان هذه الصورة المهينة للرئيس قيس سعيد ، التي ستبقى محفورة في ذاكرة الإهانة العربية ، للحكام العرب المهانين ، وهي ذاكرة السمو الفرنسي ، المسيحي ، الحضاري على الجميع .. إضافة الى شروع باريس في اصدار القوانين الزجرية ، والأكثر من زجرية المتعاقبة ، والقرارات الإدارية بمناسبة او من دون مناسبة ، ضد الحقل الديني الإسلامي ، وضد المساجد بإغلاق الكثير منها ، وضد الائمة ، وضد الحركات السياسية الاسلاموية ، والجمعيات بمنع العديد منها ، وتشميع الكثير منها .. وصولا الى توقيف ، والبدء في إجراءات طرد امام قرأ ، وأكرر انّه مجرد قرأ آية من سورة الأحزاب ، التي لم ترق ذهنية المراقب الفرنسي ، المخابراتي ، المسيحي .... واعتبار مثل إنجلترا ، وألمانيا ، الحركة الاخوانية بالحركة الإرهابية ...
كلها إشارات دالة على دور المخابرات الفرنسية ، في كل ما حصل بتونس ضد الحركة الاخوانية لحزب النهضة ، كحزب اخواني ارهابي ، لقطع اية شعرة لإعطاء تركيا الاردوغانية الاخوانية ، فرصة لغرس رجلها بتونس ، ومن ثم التحكم في المشروع الحضاري الفرنسي المتعارض مع الأنظمة ، والحركات الاخوانية .. ومن يقل بالمخطط الاردوغاني في ليبيا وتونس ، يجب ان ينتظر المشروع في المغرب ، حين تنضج شروطه المحلية ، والإقليمية ..
ومرة أخرى . هل ما قام به قيس سعيد هو انقلاب ، او انه تصرف تبريري ملفوف ، ومزين بالاستناد الى الفصل الثامنين ( 80 ) من الدستور التونسي .. ام انه مجرد تصحيح لاختلالات اثرت على تونس ، اجتماعيا ، واقتصاديا ، وسياسيا .. ام انه تصرف وليس انقلابا ، ضد اتجاه معين في الحكم ، هو حركة النهضة الاسلاموية ...
ان تدخل الجيش ، وانتشاره في الشوارع ، والسيطرة على مجلس النواب والشورى ، والسيطرة على ماسبيرو ( الإذاعة ) ، واغلاق القنوات الفضائيات المعارضة ، والدخول الى مقر فضائية الجزيرة ، واغلاقها بعد طرد صحافييها ، وفرض حالة منع التجول ، وتوجيه قيس سعيد كرئيس خطابا ، اعلن فيه عن حل البرلمان ، وتهميش الحكومة ، والشروع في السيطرة على الحكومة والسلطة التنفيذية ، ونصب نفسه كرئيس مباشر للنيابة العامة ، للشروع في تنظيم محاكمات لرموز حزب النهضة .. ومنع زعيم النهضة من مغادرة تونس .... لا يمكن اعتباره انقلابا . لأنه لم يصل الى مستوى انقلاب الدكتاتور السيسي ، على حكم العياط محمد مرسي ، الذي بعث برسالة الى شيمون بيريز ، يصفه بالصديق الكبير رئيس دولة إسرائيل العظيمة ، في الوقت الذي اجتهد في طرد سورية من الجامعة العربية ..
ان ما حصل في تونس ، كان تصحيحا لخطأ ظل عالقا ، لا علاقة له بما سموه في حينه ب ( الثورة التونسية ) ، او بثورة ( البوعزيزي ) المجهضة .. فان ينتهي المطاف بسيطرة حزب ماهض للديمقراطية ، يشتغل وينظر للدولة الفاشية الاسلاموية ، مستغلا الديمقراطية لينقلب عليها .. هو تبخيس لمفهوم الثورة التي لم تكن قط بثورة .. وهو اذمام لزفرة ومعاناة البوعزيزي ، عندما كان جسمه يحترق ، والنار تذيبه ذوبانا .. حتى العظام ...
لذا كان تحرك قيس سعيد ضد هيمنة الاتجاه الاخواني ، وضد مسيرته للسيطرة على كل الدولة ، وازاحة حركة النهضة الانقلابية التي استغلت الهشاشة والفقر، لتدغدغه العقلية التونسية التي تسيطر عليها العاطفة ، والتقاليد ، والطقوس البالية ، باسم اسلام مزيف كاذب .. إزاحة لاهم عثرة في طريق بناء تونس الدولة الديمقراطية ، وكانت عثرة في طريق تطور تونس ، وتنميتها التي زادت استفحالا مع حزب النهضة ، الذي زرع الموت في أجهزة الدولة ..
لكن هل ما قام به قيس سعيد كافي لبناء الدولة الديمقراطية ؟
ان تدخل عدة اطراف غير تونسية في ما قام به قيس سعيد ، ضد الحركة الاخوانية التونسية لحزب النهضة ، التي كانت كمشة ذباب تتموقع في مجلس النواب .. واخص بالذكر المخابرات الفرنسية ، وإسرائيل ، والامارات العربية ، والسعودية .. لا يعني ان تونس قد تكون اخذت طريقها الصحيح ، نحو الدولة الديمقراطية الحقيقية .. فهل الامارات والسعودية دول ديمقراطية ، حتى يعملوا على بناء ديمقراطية تونسية حقيقية .... وهل إسرائيل التي هي ديمقراطية مع أبناء جلدتها فقط ، وتنكل بغير اليهود من الديانات والقوميات الاخرين ، ستنشد بناء دولة ديمقراطية في تونس ، وفي كل البلاد العربية ...
وهل فرنسا التي شرّعت قوانين ، واخرجت قرارات تخص المجال الديني الإسلامي ، وأغلقت مساجد ، وفرضت رقابة على الإسلام السياسي ، بما فيه التيار الاخواني .. سيكون من صالحها بناء دولة ديمقراطية في تونس ، او في أي بلد عربي اخر..
ان القول بهذا ، هو من خطل العقل .. لان الغرب يعادي بناء الديمقراطية في البلاد العربية .. لان الديمقراطية تعني حكم الشعوب .. وهذه تكره الاستغلال ، وتكره الاستعمار بأشكاله المختلفة .. وهي مرتبطة بالقضية القومية الفلسطينية .. فأكيد انّ ديمقراطية الشعوب ، ستكون ضد الغرب ، وضد اسرائيل ، وضد الامارات والسعودية .. مثلما هي ضد تركيا الاخوانية ، وكانت ضد اخونة مصر ، واخونة ليبيا ، وسوريا ..
فهل هذه الانظمة ، ستساعد الشعوب في الوصول الى الدولة الديمقراطية الحقيقية .. والسؤال . هل ما قام به قيس سعيد هو الحفاظ على الدولة " الديمقراطية " التي لم تكن قط ، ام هو حفاظ على الدولة البوليسية المستمرة منذ زين العابدين بنعلي ...
ان بقاء تونس على حالها ، بعد النجاح في تقزيم حركة النهضة الاخواني ، وارجاعه الى حجمه الحقيقي ، وحالته الحقيقية كنظام إرهابي ، مسؤول عن اغتيال العديد من التونسيين الديمقراطيين .. يعني ان تونس وبعد ان تخلصت من الخطر بفشل المشروع الاخواني الذي يخطط لأخونة الدولة ، لكي تصبح دولة اخوانية .. تكون قد نجت في التخلص من دكتاتورية الفقيه ، المشعوذ ، المتأبط بالسيف ، ويجهل قوانين الحوار .. لتسقط في دكتاتورية أخرى ، لا تقل خطورة عن دكتاتورية الفقيه المشعوذ السحار ..
فان تحكم تونس ، الاخوانية ذات الأصول والعروق التركية القطرية ، او تحكمها قوى ذات أصول غربية ، فرنسية ، إسرائيلية ، سعودية ، واماراتية ... فالأمر سيان . لان الشعب المغيب ، والذي تجري جميع المؤامرات باسمه .. يعني ان السائد هو البوليسية ، والدكتاتورية ، والفاشية بنفحات اسلاموية اخوانية ، او بنفحات بوليسية غربية إسرائيلية .. وانّ ما يسمى بثورة ( البوعزيزي ) التي لم تكن ابدا بثورة ، حين جاءت بالفاشية النهضوية ، كانت وبالاً على التونسيين ، وعلى الدولة الديمقراطية التونسية المجهضة .. ورجعت تونس كما كانت في عهد نظام زين العبدين بنعلي ، دولة بوليسية تحكم بغطاء الجيش التي تتحكم فيه الدولة الفرنسية .. وراجعوا بروتوكول استقبال قيس سعيد ، عندما استجاب مسرعا ، خنوعا ، وذليلا ، لتلبية امر الاحضار الموجه اليه من قبل رئيسه الحقيقي Emauel Macron ..
ان ما جرى في الحالة المصرية ، ويجري اليوم في الحالة التونسية ، باعتماد الانتخابات كمطية وذريعة ، لشرعنة نبات الأنظمة الفاشية ، العقائدية ، والأيديولوجية ، بغطاء ديني ، بحلتيْه الثيوقراطية ، والاثوقراطية الناعمتين .. يقتضي المراجعة ، وإعادة دراسة وتحليل ، المجتمعات المجرورة للثقافة الشرقية الرجعية ، التي تنتهي ببناء أنظمة الاستعباد الديني والاقتصادي ، الذي يركز الحكم وكل اصلوه ، بيد اقلية قليلة تفرض نفسها كبديل عن مجتمع ، مريض ، هجين ، مستلب ، باسم دكتاتورية ، وفاشية الفقيه المتزمت المكبوت ، الغارق في القروسطوية ، والنقل ، والرافض للعقل ، والمنطق ، والعلم .. بل . ويبرر الإرهاب بمختلف اشكاله ، للوصول ، او للحفاظ على الدولة الدينية ، وما هي بدينية ، هي فقط دولة قمعية ..
في مجتمع يطغى عليه الجهل بسبب الفقر ، وبسبب الارتباط الحيواني بأمجاد لم تكن كذلك ، غابرة في تاريخ القصص ، والاساطير ، والحكايات الازلية ، وتم تفنيدها ، وبالحجج والبراهين المنطقية ، والعلمية .. فان مجرد التفكير في الانتخابات الشعبية الجماهيرية ، باسم الديمقراطية التحتية ، والقاعدية .. ومن دون النظر الى الخطر الفاشي الذي يتسنى الجميع .. هو انتحار عن سبق خاطر ...
فاذا كنا ندعو الى الديمقراطية الحقيقية ، وكنا ندعو الى الديمقراطية في حلتها الحقيقية ، وهذا مطلب عام يبقى من المبادئ العامة .. فان هذه الديمقراطية ، والدولة الديمقراطية المفترضة ، تصبح امر مراجعة ، اذا كانت الانتخابات التحتية ، القاعدية ، الجماهيرية ، الشعبوية ، ستضع الدولة والبلد ، في يد نظام يعادي ، ومعادي للديمقراطية .. لان نقاش الديمقراطية والدولة الديمقراطية ، يكون فقط مع الديمقراطيين المؤمنين بالديمقراطية ، ولا يكون مع القوى المعادية للديمقراطية ، وتشتغل للوصول الى أنظمة فاشية غير ديمقراطية ، باستغلال الديمقراطية كآلة ، او قنطرة للانقلاب عليها ، وقطع رأسها بالارتماء في أنظمة ليست ديمقراطية .. وما حصل في ايران بعد نجاح الثورة التي حصلت باسم الإسلام ، كان امرا فظيعا .. فبعد نجاح الثورة التي أصبحت خاضعة لدكتاتورية الفقيه / الوالي / المرشد ، حتى انقلبت على حلفاءها عندما شرعت في اعدام الديمقراطيين بدعوى انتماءهم الى الغرب ، واعدام الماركسيين والشيوعيين / حزب " تودة " ، و منظمة " مجاهدي خلق " ، ومنظمة " فدائيي خلق " .. والأحزاب الاشتراكية .. وعندما انتهت ، شرعت في اعدام ابناءها الذين ينتمون الى نفس المذهب الديني بدعوى التحريف مرة ، ومرات بدعوى التآمر ...
فعندما تجري الانتخابات في مجتمع جاهل ، تسوده الامية السياسية ، ويخضع لنزواته الأسطورية والدينية ، وتكون النتيجة ، حتمية خسارة الديمقراطيين الحقيقيين الذي يرتبطون بالشعب ، وليس بالدين ، وتكون النتيجة ، فوز وسيطرة القوى المعادية للديمقراطية ، التي تصبو وتخطط ، لا قامة أنظمة فاشية مزركشة بالدين ، في شكله الانتهازي .. ويكون الخطر يهدد كل الدولة ، وكل المجتمع ... هنا فان المراجعة ، او حتى التراجع للدراسة ، والتحليل ، لتقييم الوضع على ضوء الخطر القادم ، يبقى امرا ضروريا وملزما .. فلتجنب الضرر الأكبر ، يجب الدفع بالضرر الأصغر .. ولتجنب الضرر يجب الدفع بالاضرار .. ولتجنب الضرر الأعظم يجب الدفع بالأخف ...
فاذا كان الهدف هو الديمقراطية التي تناصبها التيارات والجماعات الدينية العداء ، لان لا ديمقراطية في الإسلام .. فان مواصلة اللعبة الديمقراطية في شكلها الديمقراطي يكون انتحارا .. لان نتيجته ومحصلته ، هي ضد الديمقراطية .. وهنا يكون تصرف قيس سعيد مقبولا . لأنه جنب سقوط الدولة ، وجنب البلد من السقوط في مستنقع الاسلاموية الاخوانية ، التي تتربص الشر بالديمقراطية ، وبكل حركة ديمقراطية حقيقية ...
لكن بعد ان ينجح في القضاء على حركة النهضة الاخوانية ، الإرهابية المعادية للديمقراطية .. وبعد ان يُحيّد توظيف الشعارات الدينية ، او باسم الدين .. ويحاصر أصحابها في ركن ضيق .. عليه الاّ يسقط في نظام دولة بوليسية المخابرات الفرنسية ، والإسرائيلية ، والغربية ، وعشائر قريش السعودية ، وقريش للإمارات .. وعليه الاّ يستمر يبيع ويشتري باسم التيار القومي ، او فلسطين ، او الليبرالي المتنور .. بل عليه ان يدخل الديمقراطية من بابها الواسع ، بتنظيم انتخابات بالمعايير الدولية ، للوصول الى بناء الدولة الديمقراطية التونسية .. والحال ان كل المؤشرات تفيد عكس ذلك .. لان الحالة التونسية لن تختلف عن الحالة المصرية .. والفرق ان المتحكم في الحالة المصرية العسكر مباشرة والمتحكم في الحالة التونسية البوليس المساند من قبل الجيش ...
ان ما جرى لمصر مع الدكتاتور السياسي ، وما يجري بتونس مع قيس سعيد ، الخاضع كتلميذ مجتهد للأجندات الفرنسية .. سوف تكون له تبعات وتأثير بالمنطقة ، خاصة بليبيا وبالمغرب .. لان حسب الاجندات . سيعرف شهر سبتمبر القادم ، تنظيم مسرحية انتخابوية في كل من تونس ، وليبيا ، والمغرب .. وانّ نجاح قيس سعيد والبوليس ، في استئصال خطر حركة النهضة ، يعني انّ هذا التغيير ، سيلحق اذىً بمستقبل حركة النهضة الانتخابي .. وقد يشكل لها ضربة ، تحول دون عودتها الى البرلمان بنفس القوة التي تملكها اليوم ..
وانّ سقوط حركة النهضة ، وعدم قدرتها على العودة الى البرلمان ، رغم انه سيكون له رد في الشارع ، قد يصل القيام بعمليات إرهابية ، او تكبير وتعظيم ازمة الدولة السياسية ، وتأزم الوضع السياسي .. سيكون له اثر على الصراع الليبي / الليبي .. انّ مآل حركة النهضة السياسي ، والشعبي ، والانتخابي .. سينعكس على المآل الانتخابي لحكومة خالد المشري ، الذي ادان إجراءات قيس سعيد ، ووصفها بالانقلاب لصالح الجنرال / المشير خليفة حفتر ، الذي وصف ما قام به قيس سعيد ، بالانتفاضة الشعبية المباركة على دكتاتورية حزب النهضة الاخواني .. وطبعا سينعكس كل ما حصل على التواجد التركي في ليبيا ، وعلى مصر السيسي التي نجح في التنكيل بالاخوان المسلمين المصريين ..
لقد أعطت إجراءات قيس سعيد دعما للمشير حفتر .. ووجهت ضربة للحكومة وللمجلس الأعلى للدولة ، حيث ان الانتخابات القادمة لن تكون في صالح الحكومة بليبيا ، كما لمن تكون في صالح حزب النهضة الاخواني ..
ان نفس التأثير سينعكس على وجود حزب العدالة والتنمية المغربي .. خاصة وان جميع المعطيات المتوفرة ، تنبئ بتراجع كبير في طاقته الانتخابوية في الانتخابات القادمة ... سيما وانّ ما انجزه من جرائم في حق الشعب المغربي ، لم يسبق لاج حزب اداري انْ استطاع القيام به .. والنظام الذي يكره هذا الحزب الذي فرضته عليه حركة 20 فبراير ، يحاول ما امكن من ارجاعه الى حجمه الطبيعي ، حين كان يستجدي عبدالاله بنكيران يصبح مجرد مدير مدرسة ، حتى اصبح وزيرا أولا ، بعد ان سرق إنجازات حركة 20 فبراير ، مثل سرقة حركة الاخوان في مصر الدولة في مصر بعد الحراك ، وسرقة حركة النهضة لتونس بعد الحراك كذلك ..
ان الديمقراطية الشعبوية ، الجماهيرية ، التحتية ، القاعدية .. هي من جاء بالأحزاب النازية والفاشية ، التي تسببت في كوارث الحرب العلمية الأولى والثانية ..



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إسرائيل عضو مراقب بالاتحاد الافريقي .
- هل لعنة نزلت على النظام المغربي ؟
- هل البوليس السياسي المغربي يتجسس على الملك محمد السادس ؟
- هل من علاقة بين ( الماك ) جمهورية القبائل الجزائرية ، وقضية ...
- حين يحاضر سجان المملكة الاول في حقوق الانسان
- رسالة الراحل خالد الجامعي الى محمد الساسي ، عضو المكتب السيا ...
- ( القضاء ) في دولة أمير المؤمنين
- التعديل الوزاري الاسباني
- الحزب الاشتراكي الموحد
- فدرالية اليسار الديمقراطي
- قصيدة شعرية .. دولة البوليس ، دولة مرعوبة ، تخشى ظلها .. لان ...
- الجمهورية الصحراوية الوهمية ، وجبهة البوليساريو الارهابية
- العلاقة الجدلية بين العزلة الداخلية ، والعزلة الخارجية للنظا ...
- صفعة لمحمد السادس ، ومزيدا في إمعان عزلة النظام
- البوليس السياسي وتزوير المحاضر البوليسية
- ( رئيس الوزراء ) الوزير الاول القادم
- من يقرع طبول الحرب بالمنطقة ؟ الصحراء تسببت في إدانة البرلما ...
- الدولة القمعية ، القهرية ، الجبرية ، والمفترسة
- الخيانة الكبرى . خيانة الوطن
- الدولة القهرية ، الجبرية ، الاستبدادية والطاغية


المزيد.....




- كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم ...
- طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة ...
- مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
- الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
- ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
- انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج ...
- مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
- غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
- ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - هل هو انقلاب في تونس ؟