أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ادريس الواغيش - الحَرب المُمكنة خسرتها الجزائر















المزيد.....

الحَرب المُمكنة خسرتها الجزائر


ادريس الواغيش

الحوار المتمدن-العدد: 7010 - 2021 / 9 / 5 - 10:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بقلم: إدريس الواغيش


يروى عن معاوية قوله: "لو أن بيني وبين الناس شعرة، ما انقطعت أبدا. كنت إذا مدّوها أرخيتها، وإذا أرخوها مدَدتها"، ولذلك غابت حكمة معاوية ودهاؤه في بيان النظام العسكري الجزائري الذي تلاه رمطان لعمامرة وزير خارجيتهم، وغاب عنه الحِلمُ ولغة الدبلوماسية، وبعض ما جاء فيه من أسباب مضحكة لا يصدقها عقل، وأخرى قديمة ومهترئة تعود إلى 1963م، وبذلك تقطع الجزائر شعرة معاوية، فلا هي تركت شعرة ترخيها عند الضرورة في علاقتها مع المغرب، ولا حبلا تشده في لحظة اشتداد الأزمة. وقد نتفهم دوافع الجنرالات وبعض الأسباب النفسية والتاريخية والجيوستراتيجية التي دفعتهم إلى قطع "شعرة معاوية"، ولكن ما لا يفهم هو ما خرج من عظمة لسان لعمامرة عن قيام "منظمة إرهابية مغربية" بتفجير فندق أطلس أسني بمراكش سنة 1994م، ( يا سبحان الله) وعن تورط المغرب في الحرائق التي نشبت في غابات شعب القبايل، وفي نفس الوقت تتهمه الجزائر بدعم انفصالهم، واعتراف 46 دولة من ما مجموعه 54 دولة إفريقية بإسرائيل، وكلهم طبعوا معها، ولكنه (قال أنه) سيعمل رفقة رؤساء الدول الباقية(ثمانية)على إعادة الأمور إلى نصابها، وطرد إسرائيل بصفتها عضوا مراقبا من الاتحاد الإفريقي، كيف؟ لا ندري.
سبق لملوك المغرب الثلاثة أن قالوا لرؤساء الجزائر المتعاقبين على الحكم في الجزائر: "تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم"، ولكنهم ركبوا عنادهم وأيديولوجيتهم القديمة واختاروا دعم الانفصال، وهم أعلم الناس بأحقيتنا في الصحراء بصفتها جزءا لا تجزأ من التراب المغربي، وأجابوا في استعلاء أنهم "على استعداد لخسران كل شيء إلا النيف الجزائري"، وهو ما حصل، إذ لم يبق لهم إلا النيف بعد أن ضيعوا آلاف المليارات من العملة الصعبة على بن بطوش وأعوانه، ولم يبخلوا على جبهة البوليساريو الانفصالية بالمال والرجال والسلاح، لأن الجنرالات والكابرانات لم يتخلصوا من عقيدة الإيديولوجيا البائدة وعقدة "الشلاغم"، وبقيت الجزائر رهينة لعقليتهم الماضوية، ونسوا أن الزمن يتطور باستمرار، وزاد الإعلام الناصري أن أجّج من عواطف الجزاىريين بمقولة: "بلد المليون ونصف المليون شهيد"، وهي مقولة مغشوشة، شكك فيها الكثير من المحللين والمؤرخين بمن فيهم بعض الجزائريين أنفسهم، كما بقيت أسيرة لأسطورة حاضرة على الدوام في أذهانهم، ومفادها أن الجزائر "دولة قارة" نظرا لاتساعها حجمها الجغرافي كما يروج إعلام الجنرالات، ولم يستفق من سكراتها أغلب الشعب الجزائري إلا وقد خسروا كل شيء، ووجدوا أنفسهم أمام طوابير الخبز والغاز والحليب، وغياب شبه كلي لمواد أساسية لا يمكن الاستغناء عنها في معيشتهم، مثل: الدقيق والسكر والماء والدواء والزيت والفواكه والخضراوات...إلخ.
وعندما تيقن الجنرالات في المرادية أن الأمور تجاوزتهم، وأنهم قد خسروا الحرب المُمكنة مع المغرب، وهي الحرب الاقتصادية والسياسية، سارعوا إلى قطع العلاقة الدبلوماسية، وإطلاق آخر رصاصة فارغة في الهواء، مع ما صاحبها من دوي قنابل صوتية من أجل لفت انتباه الدول الفاعلة على المستوى الدولي وبقية دول العالم إلى نفاذ صبرهم وضعف عزيمتهم ويأسهم من مشكلة الصحراء التي عمرت أكثر من اللازم، دون تحقيق حلمهم في إنشاء كيان وهمي تابع لهم في الجنوب المغربي، وذلك بغية قطع الامتداد الاقتصادي وفصل المغرب عن جذوره وعمقه الإفريقي والجيوستراتيجي مع دول جنوب الصحراء. ولم يستفق الجنرالات من نشوة الانتصارات الوهمية إلا والمغرب قد بسط نفوذه اقتصاديا وسياسيا بشراكات اقتصادية "رابح - رابح" مع أغلب الدول الإفريقية الفرنكوفونية والأنغلوفونية، كان آخرها توقيع اتفاق ضخم حول أنبوب الغاز نيجيريا- المغرب.
الجميع يعلم أن المواجهة العسكرية بين بلدين متوازنين عسكريا مثل المغرب والجزائر غير ممكنة وغير مسموح بها، رغم التجييش الذي يقوم رئيس أركان الحرب شنقريحة، حتى أصبحت الجزائر سادس مستورد للسلاح في العالم والثاني في إفريقيا، إضافة إلى ما يقوم به الجيش الجزائري من تحركات ومناورات بشكل استفزازي على الحدود بشكل مباشر أحيانا، فيما يحتل المغرب المرتبة 31 عالميا والثالثة إفريقيا.
حكام المرادية في الجزائر العاصمة يعرفون، أكثر من غيرهم، أنهم يستعدون لمواجهة حربية لن تكون، ولن يسمح لها أن تتم في الواقع إطلاقا لعدة اعتبارات، وغير مسموح بها في منطقة حيوية تعدُّ الشريان الحيوي للاقتصاد العالمي في عالم يحكمه المال وليس السلاح، والمال سيّد نفسه كما نعرف ولا يفرق بين الشرق والغرب. كثير من البواخر العملاقة تجوب البحر الأبيض المتوسط ذهاب وإيابا، بحكم أنه القناة الوحيدة التي تجمع الشرق مع الغرب، كما أن موقع البلدين في شمال إفريقيا يجمع الشمال الأوربي مع إفريقيا جنوب الصحراء، ولذلك لن تقبل دول الشرق كما دول الغرب بأي مواجهة عسكرية في المنطقة، خصوصا الدول الكبرى التي تقود اقتصاد العالم مثل الصين والولايات المتحدة الأمريكية، وقد سبق لبعضها أن وقعت على استثمارات ضخمة مع المغرب بمليارات الدولارات مثل الصين وإنجلترا، وأخرى تنوي الاستثمار مستقبلا بمليارات الدولارات في شمال المغرب وجنوبه في مختلف القطاعات الصناعية مثل الولايات المتحدة الأمريكية وكندا، إضافة إلى شركات فرنسية وبعض الشركات الألمانية العملاقة التي أبانت عن عصيان واضح لحكومتها الفيدرالية طمعا في استثمارات بالمغرب، حتى لا تضيع عليها أسواقا واعدة وطريقا تجاريا سالكا إلى القارة الإفريقية.
الحرب الحقيقية التي كان من المُمكن للجزائر أن تخوضها هي الحرب الاقتصادية، وهي حرب خسرتها حكومة الجنرالات منذ زمن بعيد، ولا طاقة لها اليوم على خوضها لعدة أسباب موضوعية، رغم استنهاض ألمانيا لهمم دول الاتحاد الاوربي من أجل دعم الجزائر على منافسة المغرب اقتصاديا، وتحقيق نوع من التوازن في سباق اقتصادي محموم، ولكنه غير متكافئ، مالت فيه الكفة كليا إلى جهة المغرب منذ عدة سنوات. ويأتي قطع الجزائر لعلاقاتها الدبلوماسية أيضا مع المغرب في هذا التوقيت بالذات، وبهذا التسرع كنوع من التعبير عن اليأس والعجز وفقدان البوصلة، وبذلك تكون الجزائر قد أبانت عن عجزها، وألقت بآخر رصاصاتها الفارغة ورمت بقنابلها الصوتية لتلفت انتباه المحيط الإقليمي والدولي إلى ملف بدأ يتناساه الجميع في أروقة الأمم المتحدة، وقريبا سيتم حسمه نهائيا كما قال السيد عمر هلال سفير المغرب الدائم لدى الأمم المتحدة. ولذلك على الجزائر منذ الآن أن تنشغل بترميم بيتها من الداخل، وقد أصابته تشققات في الشمال مع الحراك الشعبي ومع شعب القبائل الذي أعلن عن حكومته المؤقتة في المنفى، وبدأ رئيسها فرحات مهني يجلس في الأمم المتحدة جنبا إلى جنب مع المسؤولين الجزائريين، هم الذين لم يدخروا جهدا في وصف حركة "الماك" التي يرأسها بالإرهابية، وسبق للجزائر أن طلبت من فرنسا رسميا تسليم رأس مهني دون جدوى، ولم يسلم الجنوب الجزائري الصحراوي هو الآخر من تصدعات وبوادر الانقسام، وبدأت تظهر فيه تصدعات وبعض ملامح الانفصال لدى طوارق الجنوب، وعلى جنرالات الجزائر أن يعرفوا أن حروب المستقبل اقتصادية وليست عسكرية، والأسبقية فيها للعلوم والدولار وليس للبنادق وراجمات الصواريخ، فلا الجيش الأحمر حال دون تفكك الاتحاد السوفياتي رغم قوته، ولا جيوش اليابان حمت هيروشيما من الدمار، ولكن في المقابل غزت الصين العالم، بما فيها الولايات المتحدة نفسها، رغم توفرها على اقتصاد قوي ومتنوع وطاحونة عسكرية رهيبة ومدمرة، وكوريا واليابان سيطرتا على العالم اقتصاديا بشركاتها العملاقة وليس بجيوشها.
فتعالوا إذن، إخواننا في الجزائر، نتدارك الأمر ونبني اقتصادات قوية نعتمد عليها في التحرر من التبعية، ونترك الجنود في ثكناتها والبنادق تصدأ في أغمادها. فهل أنتم فاعلون...؟



#ادريس_الواغيش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة: ندب قديم
- فاس تودّع الأديب المهدي حاضي الحمياني
- بعد إسبانيا وألمانيا وفرنسا، من يستطيع التجرُّؤ على المغرب.. ...
- رحيل الأسمراني ابن الأرض إبراهيم الحجري
- نوستالجيا: ذكرياتي مع مدينتي سبتة ومليلية
- نوستالجيا: في الطريق إلى العيون
- الوثائق الملكية تثبت العلاقة الوطيدة بين الفرد والأرض في الص ...
- ألمانيا من الحياد إلى الانحياز للبوليساريو، هل تجرؤ...؟
- مؤسسة مقاربات تحتفي بشهر الشعر
- الإفلاس الإعلامي الجزائري
- منتدى فاس روح العولمة يستعرض الميثاق الإبراهيمي من أجل إنسان ...
- الشاعر محمد يعيش فخرُ الدكتوراه
- ممشى صغير يعبرني
- المغرب ينتقل إلى السرعة القصوى في طيِّ ملف الصحراء
- مَصْيَدَة الكركارات
- المغرب يتّجه بثبات نحو العُمق الإفريقي والجزائر حائرَة...!!
- أبْحَثُ عنّي فيّ...!
- نوستالجيا: الرّباط، بدءا بالإعفاء من الخِدمَة العَسكرية وانت ...
- بين زمَان الشاعر وزَمَن المُغَنّي...!!
- حاملو الشهادات العليا: بين اكتساب المَعرفة وتوظيفها...!!


المزيد.....




- إزالة واتساب وثريدز من متجر التطبيقات في الصين.. وأبل توضح ل ...
- -التصعيد الإسرائيلي الإيراني يُظهر أن البلدين لا يقرآن بعضهم ...
- أسطول الحرية يستعد لاختراق الحصار الإسرائيلي على غزة
- ما مصير الحج السنوي لكنيس الغريبة في تونس في ظل حرب غزة؟
- -حزب الله- يكشف تفاصيل جديدة حول العملية المزدوجة في عرب الع ...
- زاخاروفا: عسكرة الاتحاد الأوروبي ستضعف موقعه في عالم متعدد ا ...
- تفكيك شبكة إجرامية ومصادرة كميات من المخدرات غرب الجزائر
- ماكرون يؤكد سعيه -لتجنب التصعيد بين لبنان واسرائيل-
- زيلينسكي يلوم أعضاء حلف -الناتو- ويوجز تذمره بخمس نقاط
- -بلومبيرغ-: برلين تقدم شكوى بعد تسريب تقرير الخلاف بين رئيس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ادريس الواغيش - الحَرب المُمكنة خسرتها الجزائر