أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ادريس الواغيش - قصة قصيرة: ندب قديم














المزيد.....

قصة قصيرة: ندب قديم


ادريس الواغيش

الحوار المتمدن-العدد: 6997 - 2021 / 8 / 23 - 10:15
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة: ندب قديم
كنت أعرف أن التأخر في الوصول إلى الإعدادية خطيئة كبرى لن تقبل بها الإدارة، ومع ذلك تأخرت. لم أكن يومها في حاجة إلى شرح الأسباب أو تقديم المبررات، كنت متيقنا أنها لن تقدم أو تأخر شيئا، ستعتبرها الإدارة شأنا خاصا لا يهمها وستعاقبني، ولذلك لم تشفع لي حالتي، وأنا واقف في مكتب المدير مثل عصفور صغير بارد ومبلل بالمطر.
حين وصلت متأخرا ذاك الصباح على غير عادتي، كانت تحت نعلي المهترئتين ساعتان ونصف من المشي سيرا على الأقدام تحت زخات مطر بارد، كنت وحيدا تحت قناطر الوديان الصغيرة، أنتظر تناقص هطول المطر، لأتابع طريقي أو أقف متأملا أسرار الطبيعة والكون تحت مظلة طبيعية.
قبل أن أصل إلى حجرة الدرس، كنت قد قطعت مسارا متعبا تعرضت فيه إلى كل أشكال الإهانات والانتظارات وإجراءات إدارية، لم يخل بعضها من تعنيف لفظي جارح وعقاب جسدي مبرح، لم تسلم مؤخرتي من ركلات البواب، ووجهي من صفعات المعيد والحارس العام، وأنهى المدير المتجهم على ما تبقى من حرارة في أصابع يدي بأنبوب مطاطي. كانوا في الداخل مجتمعين حول دفء حطب المجمر، وكنت في الخارج باردا شريدا أنتظر وحيدا، في كل مرة يخرج واحد منهم ويضربني على طريقته، ثم يعود ويقهقه مع جلسائه، كأنه يمارس طقوسا محببة أو واجبا دينيا مقدسا.
تملكني إحساس حزين وأحسست بضؤولة ورغبة في البكاء، ولكنني أحجمت، أدركت أن لا معنى له ولا جدوى منه، وزاد من همي أن أوقفني أستاذ الرياضيات قرب الباب أمام زملائي مستهزئا، قبل أن يسألني في عجرفة:
- ونحن الآن بصدد دراسة المسافة، كم كلم تبعد قريتك عن المركز يا إدريس..؟
كان من الصعب علي تحديد المسافة بالكيلومتر في طريق جبلي لا يعرف خطا مستقيما واحدا في طبيعة يغلب على تضاريسها الصعود والهبوط والمنعجرات، أجبته بعفوية البدويين من دون تردد:
- ساعتان ونصف تقريبا..!!
لم يستطع إخفاء ابتسامة شامتة ارتسمت تحت شارب صغير وأنف أفطس، قبل أن ينخرط في ضحك هستيري، تبعه التلاميذ في نوبات من الضحك، اختلط فيها الأنثوي الناعم بالذكوري الجاف، لم يخل بعضه من سعال المدخنين.
اعتقد الأستاذ أنني لم أفهم السؤال، استدرك الأمر بسؤال توضيحي:
- أقصد كم تبعد قريتك عن الإعدادية بالكيلومتر..؟
أجبته على استحياء:
- نحن في قريتنا نحسب المسافة بالساعة، وليس بالكيلومتر...!!



#ادريس_الواغيش (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فاس تودّع الأديب المهدي حاضي الحمياني
- بعد إسبانيا وألمانيا وفرنسا، من يستطيع التجرُّؤ على المغرب.. ...
- رحيل الأسمراني ابن الأرض إبراهيم الحجري
- نوستالجيا: ذكرياتي مع مدينتي سبتة ومليلية
- نوستالجيا: في الطريق إلى العيون
- الوثائق الملكية تثبت العلاقة الوطيدة بين الفرد والأرض في الص ...
- ألمانيا من الحياد إلى الانحياز للبوليساريو، هل تجرؤ...؟
- مؤسسة مقاربات تحتفي بشهر الشعر
- الإفلاس الإعلامي الجزائري
- منتدى فاس روح العولمة يستعرض الميثاق الإبراهيمي من أجل إنسان ...
- الشاعر محمد يعيش فخرُ الدكتوراه
- ممشى صغير يعبرني
- المغرب ينتقل إلى السرعة القصوى في طيِّ ملف الصحراء
- مَصْيَدَة الكركارات
- المغرب يتّجه بثبات نحو العُمق الإفريقي والجزائر حائرَة...!!
- أبْحَثُ عنّي فيّ...!
- نوستالجيا: الرّباط، بدءا بالإعفاء من الخِدمَة العَسكرية وانت ...
- بين زمَان الشاعر وزَمَن المُغَنّي...!!
- حاملو الشهادات العليا: بين اكتساب المَعرفة وتوظيفها...!!
- حاملو الشهادات العليا بين اكتساب المَعرفة وتوظيفها...!!


المزيد.....




- قوارب تراثية تعود إلى أنهار البصرة لإحياء الموروث الملاحي ال ...
- “رسميا من هنا” وزارة التربية العراقية تحدد جدول امتحانات الس ...
- افتتاح الدورة الثانية لمسابقة -رخمانينوف- الموسيقية الدولية ...
- هكذا -سرقت- الحرب طبل الغناء الجماعي في السودان
- -هاو تو تراين يور دراغون- يحقق انطلاقة نارية ويتفوق على فيلم ...
- -بعض الناس أغنياء جدا-: هل حان وقت وضع سقف للثروة؟
- إبراهيم نصرالله ضمن القائمة القصيرة لجائزة -نوبل الأميركية- ...
- على طريقة رونالدو.. احتفال كوميدي في ملعب -أولد ترافورد- يثي ...
- الفكرة أم الموضوع.. أيهما يشكل جوهر النص المسرحي؟
- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ادريس الواغيش - قصة قصيرة: ندب قديم