أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ادريس الواغيش - بين زمَان الشاعر وزَمَن المُغَنّي...!!














المزيد.....

بين زمَان الشاعر وزَمَن المُغَنّي...!!


ادريس الواغيش

الحوار المتمدن-العدد: 6693 - 2020 / 10 / 2 - 10:14
المحور: الادب والفن
    



بين زمَـان الشاعر وزمَن المُغني زمنان وجاهليتان: جاهلية أولى وجاهلية ثانية وأحلام ضاعت بالجملة. ذكر ابن رشيق في "باب احتماء القبائل بشعرائها"، من كتابه: "العمدة في محاسن الشعر وآدابه": "كانت القبيلة من العرب إذا نبغ فيها شاعر أتت القبائل فهنأتها، وصُنعت الأطعمة، واجتمع النساء يلعبن بالمزاهر، كما يصنعون في الأعراس، ويتباشر الرجال والولدان، لأنه حماية لأعراضهم، وذبٌّ عن أحسابهم، وتخليد لمآثرهم، وإشادة بذكرهم، وكانوا لا يهنئون إلا بغلام يولد، أو شاعر ينبغ فيهم، أو فرس تنتج"، كان هذا في جاهليتنا الأولى، فما الذي حدث حتى تغيّرت طباعنا وتقاليدنا، وبعيدا عن الدين، لا نحن حافظنا على عادات جاهليتنا الأولى ولا نحن جدّدنا شيئا في "جاهليتنا" الثانية، أصبحنا عكس كل الأمم لا نفرح لولادة عالم فينا أو مجدد، ولم نعد نبالي بظهور شاعر أو مفكر بين ظهرانينا، بقدر ما نفرح لولادة نجم في كرة القدم أو مطرب في "فن الرّاي" أو مغني "الرّاب" أو حتى "كوامنجي" رديء الأداء في فن "العَيْطة" من الدرجة الرابعة أو الخامسة، بعد أن توارت أسماء رائدة لمعت من خلال أصواتها الدافئة وأدائها الرفيع في الأغنية العصرية من أمثال: عبد الهادي بلخياط، عبد الوهاب الدكالي أو نعيمة سميح ولطيفة رأفت وغيرهم أو غيرهن. وحين أفل نجم هؤلاء وغابوا إما طوعا أو غُـيّبوا قسرًا وإكراها، ظهرت بعدهم طحالب تقتات على ظلالهم وفتاتهم أو على "عْـيُوط" الأسطورة فاطنة بنت الحسين والحسين السلاوي وأنغام أخرى خالدة في الشرق للشيخة الريميتي أو أحمد ليو وفي الغرب لإبراهيم العلمي الذي تميز في أداء صنف الشعبي- الطربي، وأصبح فنانو "آخر زمن" يغنون ويقلدون ويسمخون كيفما شاءوا وبصيغ مختلفة، خصوصا مع ظهور آلات غربية إلكترونية جديدة تساعدهم على تحسين جودة الصوت وتعطيهم مساحات واسعة لحناجرهم المبحوحة وأخرى مختلفة في النغم والإيقاع من دون الارتهان إلى معهد أو معلم، لكن دون أن يبدعوا أو يقدموا شيئا جديدا ومختلفا فنيا، بل لم يحافظوا على التراث كما ورثوه، ولهذا يبدو أن جاهلينا الأولى كانت على علاتها أحسن وأرقى من جاهليتنا الثانية مع فارق في الزمن والتوقيت.
ولذلك، أقول لكل المطبّلين والمزمّرين و"الغيّاطة"، وحتى لمن تبع لائحة الدعم التي تقدمت لنا بها وزارة الثقافة المغربية بـ"النافخ":
- عندما نقول الفن أو "الفنانة"، فإننا لا نقصد به فئة محددة، مثل من يمتهن الغناء أو الرقص بنوعيه : البلدي والعصري، وإلا كانت راقصات وممتهنات هز البطن في كباريهات الدار البيضاء ومراكش والرباط وفاس وطنجة، وكذا "شيخات واد زم" - اللواتي كان يقدم وصلاتهن المرحوم نور الدين كديرة كل يوم أحد في برنامجه "الأحد الرياضي"، وكنا نحن كمراهقين نسعد بالسماع والاستمتاع في انتشاء لهن- أولى بالدعم.
الفنان هو من يقدم لنا فنا كيفما كان هذا "الفن"، سواء كان هذا الفن أصيلا أو لقيطا، ولائحة الفن أو الفنون عموما، إن كنتم تفقهون، تطول وتبدأ كي لا تنتهي، بدءا من النحت والرسم إلى التلحين والموسيقي والسينما بكل مكوناتها والمسرح بكل دواليبه والفنون التشكيلية بكل أنواعها وأجناسها...إلخ.
نحن كمغاربة لسنا ضد الفن، لم نكن يوما ولن نكون كذلك، وشهادة كبار الفنانين المشارقة والمغاربة أكبر دليل على حب الجمهور المغربي للفن والفنانين، لأن من يقف ضد الفن والفنانين إما معتوه أو متكلس فكريا أو جامد في عقليته وضد الحياة في صيرورتها الطبيعية بشكل عام، وفي كلتا الحالتين معا لا أعتقد أن مغربيا شريفا ضد الفن أو دعم الفنان والفنانين، لأننا كبشر نحيى بالفن كما نحيى بالخبز والماء والهواء، وقد نتداوى بالاستماع إلى الفن كموسيقى، في حين تعجز الخبز عن دوائنا أو حلحلة نبضات قلوبنا إن أصابها مكروه، لكننا في نفس الوقت نميّز بين الفن والعفن، كما بين من يستحق الدعم ومن لا يستحقه. هناك فرق كبير بين جملة موسيقية يعمل ملحن فنان على تدوينها طيلة شهور دون القبض على جمراتها، وبين مشروع فنان يتدرب على ترديد قاطع غنائية وفنان آخر تكفيه بعض قنينات من الجُعّة أو كأس ويسكي بارد في كباريه، حتى يصم آذاننا بما رخص وانحط من ألحان فن هابط وعفن، تلفظه الآذان قبل أن تسمعه ولا يقبل به أي ذوق سليم.
ويظل السؤال الشائك- الموجع والشرعي المطروح، هو:
- لماذا اقتصرت لائحة وزارة الثقافة- عمدا- إذن على هؤلاء المغنين والمغنيات دون غيرهم؟، ونحن نعرف أن أغبيتهم في غير حاجة إلى هذا الدعم، هناك فنانون مغاربة ومغربيات كبار تربينا على نبل رسالتهم الفنية، تركوا بصمات واضحة وإرثا غنيا في الغناء والتلحين والعزف، وفنانون آخرون عملوا وأبدعوا في المسرح كما في السينما والتلفزيون، لكنهم الآن مقعدون ويشتكون من العوز والفقر، نترفع هنا عن ذكر أسمائهم احتراما لمقامهم الرفيع عند المغاربة، وهم في وضع مالي وصحي يحتاج إلى الدعم أكثر ممّن قدم لهم الدعم ضمن اللائحة التي تبعتها تدوينات ساخرة من كل حدب وصوب، أظهرت مرة أخرى أن المغاربة لم يفارقهم حسهم الهزلي، رغم كل ما يمرون به من حجر وأزمات على جميع المستويات، هناك أيضا فرق موسيقية وفلكلورية مشهورة مثلت المغرب في عدة دول وأبهرت بأدائها الرفيع في الخارج كما في الداخل، وكتاب ومفكرين كبار شرفوا وزارة الثقافة المغربية في عدة محطات طيلة حياتهم، هم الآن يعانون صحيا وماديا، فلم تم إقصاؤهم من اللائحة، وقد بحّت الأصوات والحناجر تنادي بإنصافهم، لكن دون جدوى.
أطلت علينا هذه اللائحة في ظرفية استثنائية يعيشها المغرب صحيا واقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، مع العلم أن هناك معايير موضوعية لدعم الفن والفنان والثقافة والمثقفين عموما، لو احترمتها وزارة الثقافة في لائحتها "الشبهة"، لكنا ساعتها قد صفقنا لها جميعا.



#ادريس_الواغيش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حاملو الشهادات العليا: بين اكتساب المَعرفة وتوظيفها...!!
- حاملو الشهادات العليا بين اكتساب المَعرفة وتوظيفها...!!
- محمد بوهلال قيدُوم الصَّحفيّين بفاس يُصدرُ -في الضفة الأخرى- ...
- مدن بأسمائها... !!
- قصة قصيرة: لا شيء أعجَبني
- تارودانت مَسافة نَأي وحُسن نسَاء
- القراءة والإبداع مع العُزلة الاختيارية وليس مع الحَجر الصّحّ ...
- الزّمَنُ الخِصْبُ في -يوميَات مُعلم في الجَبل-
- عبد الرّحمن اليوسفي، المُستثنى منَ الأصل
- يومَ ضعتُ في واحَة -تُودْغَى-
- الجَمعُ بين السّيناريو والإخراج أضرّ بمُسلسل -سلمَات أبو الب ...
- تولستوي في تَافرَاوت
- وُجُوهٌ عَمَّدَتْهَا شَمْسُ الظّهيرَة
- الحَظّ لُعبَةٌ لا أتْقِنُها
- كورُونا والأرَضَة التي أكَلت عَصَا سيّدنا سُليمان...!!
- عَرّافاتٌ تَعْلِكْنَ الكَلام - Des voyantes qui mâchent des ...
- جائِحَة (covid-19) سيكولوجية التدخُّل والمُواجهة كما يرَاها ...
- آخرُ طّلقات العُثماني: تأجيلُ التّرقيَات وإلغاءُ المُبارَيات
- آثامِي ومَلامِحُ الخَريف
- عَرّافاتٌ تَعْلِكْنَ الكَلام


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ادريس الواغيش - بين زمَان الشاعر وزَمَن المُغَنّي...!!