أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ادريس الواغيش - القراءة والإبداع مع العُزلة الاختيارية وليس مع الحَجر الصّحّي















المزيد.....

القراءة والإبداع مع العُزلة الاختيارية وليس مع الحَجر الصّحّي


ادريس الواغيش

الحوار المتمدن-العدد: 6602 - 2020 / 6 / 25 - 10:58
المحور: الادب والفن
    


الحياة في ظل الحجر الصحي الذي فرضه فيروس كورونا المستجد covid-19 كان حدثا استثنائيا عاشته وتعايشت معه البشرية بشكل أو بآخر، وإن ظهر التأثير بشكله السلبي على الطبقات الأكثر هشاشة. هذه الحالة الوبائية فرضت ما سمي بـ "الحَجر الصحّي"، تجلت مظاهره على الخصوص في الحالات النفسية والاجتماعية في العمق، وبالتالي بدأنا نسمع عن موجات من الاكتئاب التي وصل الأمر بأصحاب الحالات الأكثر حدة إلى درجة الانتحار. تعددت الأسباب بين النفسي والاجتماعي، لكن يمكن إجمالها فيما هو اقتصادي بالدرجة الأولى، إما بسبب التوقف عن العمل أو نقص في السيولة لدى المنتمين إلى القطاع غير المُهَيكل، عكس ما سمعناه وقرأنا عنه من إيجابيات في الظاهر، لكن الأكيد أن هناك تغير في المزاج العام بسبب تقلص الفيروس في بعض المناطق وامتداده في أخرى، فأين هي الحقيقة بين ظاهر الأمور وباطنها؟
الإبداع والمقروئية في ظل الحجر الصحي:
صحيح أن الكتابة والقراءة ترفعان من الروح المعنوية في أزمنة الأوبئة، لكن لا بد هنا من توفر طقوس معينة، كل كاتب له طقوس خاصة يجب توفرها من أجل الكتابة والإبداع، ومع ذلك ارتفعت نسبة المقروئية بشكل ملتفت للنظر ظاهريا. الأكيد أنه في العمق وباطن الأمور كانت الأمور تمشي بشكل مختلف مع ارتفاع منسوب الهوس والضغط والقلق لدى عامة الناس، وحالات الخوف المستشرية بين شرائح اجتماعية واسعة من القادم، وهذا يدحض كل الفرضيات السابقة، لذلك لا أستبعد أن يكون هناك ادعاء ظاهري مبالغ فيه بالقراءة والكتابة، بخلاف التكيف المفروض مع الضرورات والصبر.
نحن نعرف أن القراءة كما الكتابة لدى أغلب القراء والمثقفين بمختلف مستوياتهم لها طقوس خاصة، لكنها توحّدت "فجأة" في ظل الحجر الصحي، وبدأنا نسمع عن قراءة كتاب "في اليوم"، وشرع الجميع ينشر أغلفة كتب مقروءة على الفضاء الأزرق بدافع شخصي أو بإيعاز من صديق، لكنني شخصيا لدي شكوك في مصداقية مثل هذه الادعاءات وهذا يدفعني ألا أتفق مع أغلبها، لأن كل المؤشرات كما قلت تدحرها، وإلا ما معنى هذا الجمود الذي عرفته مختلف الإبداعات.
الطيور لا تغرد خارج أقفاصها:
ما عشناه من حجر منزلي لحد الساعة هو شيء غير طبيعي، لأنه كان سجنا بلا أسوار، نعيش فيه مرغمين داخل منازلنا كما تعيش الطيور في أقفاصها، وبالتالي لن تكون النتيجة طبيعية، إذ كان عصيا على المبدعين أن يبدعوا وهم مسجونون في بيوتهم ومقيدو الحركة، رغم كل الادعاءات التي سمعنا بها وقرأنا عنها، لأنه مادامت الطيور لا تغرد إلا خارج أقفاصها، المبدع أيضا يستعصي عليه الإبداع في ظل هذه الظروف، رغم بعض الولادات القيصرية التي ظهرت بشكل محتشم ومحدود في بعض الأجناس الإبداعية.
ما الذي استفدنا من الحجر؟
قد تكون المرحلة التي عشناها إلى حدود الآن من "الحجر الصحي" هي الحلقة الأسهل، كل استفاد منها على طريقته، سواء تعلق الأمر بالأشخاص أو الدول، هناك أشخاص ضاعت منهم وظائفهم أو توقفت أرزاقهم وأعمالهم وبالتالي ضعفت مناعتهم النفسية، لكن في المقابل هناك آخرون تقوّت لديهم هذه المناعة بنسب متفاوتة، هناك أيضا دول كاد أن ينهار اقتصادها، كما هو الحال في بعض الدول الأوروبية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وبعض دول إفريقيا والشرق أوسطية التي تعتمد في اقتصادها بشكل أساسي على تصدير الغاز والبترول، وفي المقابل نجد دولا أخرى لم تفوت الفرصة لتقوية اقتصادها عما كان عليه قبل الجائحة، وعلى رأس هذه الدول كوريا الجنوبية والصين.
المغرب بدوره كدولة نامية، استفاد من هذه الجائحة على طريقته، وحاول تكريس وجوده على المستوى الديبلوماسي قاريا في إفريقيا وإقليميا في شمال إفريقيا وبحر المتوسط، وظهرت فيه بعض الصناعات التي انضافت إلى صناعات أخرى كانت موجودة، أعطت وجها مغايرا للمغرب على بساطتها مثل صناعة الكمامات وبعض الأدوية وأجهزة التنفس، وهكذا أصبح المغرب لا يكتفي كما من قبل بتصدير الطماطم وبعض المواد الفلاحية أو النصف مصنعة، وتبين أن الدولة المغربية استفادت من الجائحة بفضل الاعتماد على طاقات شبابها في مختلف العلوم، وتنبأ لها الكثير من المراقبين أنه بإمكانها الذهاب بعيدا، وهذه الدينامية هي التي مكنت المغرب من ترسيم حدوده البحرية على الواجهتين البحريتين، الأمر الذي لم يكن ممكنا من قبل، وهذا ما أكدته أيضا بعض الدراسات التي أفادت بأن المغرب يتموقع في المرتبة الخامسة إفريقيا والـ 57 ضمن أقوى دول العالم اقتصاديا وعسكريا وسياسيا وتأثيرا في العالم.
المغرب يدخل إلى شبكة التعاملات الرّقمية واستغلال الثورة الصناعية الرّابعة:
حائجة كورونا جعلت المغرب يدخل إلى شبكة التعاملات الرقمية، وهي أحد الحلول الممكن استغلالها في ساعة المحن كتكنولوجية تنتمي إلى ما يطلق عليه "الثورة الصناعية الرابعة"، وقد تحدث مستقبلا تغييرا جذريا في منظومة من التعاملات الحكومية والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني في لحظة الأزمات. وقد كان لزما على الدولة ومؤسساتها أن تبحث عن بديل، ووجدته في هذه التقنيات التي استفادت منها قدر الإمكان، ويمكن اعتبارها نوعا من التمرين والتدريب يستطيع المغرب الاعتماد عليها مستقبلا في الأيام العادية وليس في حالات الاستثناء فقط، وتسخيرها لرفع مستوى الخدمات على جميع المستويات بحثا عن التميز والابتكار في المجالات التعليمية والخدماتية والعلمية بالأساس.
وهكذا رأينا نوعا من التعاملات تتم من خلال التواصل عن بعد في مختلف القطاعات الحكومية مثل: الجلسات القضائية و"التعليم عن بعد" من السلك الابتدائي إلى الجامعي بالاعتماد على منصة (TelmidTICE- تلميذ تيس)، الأمر الذي لم يكن متاحا إلا في بعض جامعات الشهيرة في إنجلترا وكندا وأمريكا. وسواء نجحت هذه المحاولات بشكل نسبي أو بقيت مجرد "بريكولاج"، فإنها لا مست في الحقيقة أمرا مهما في عالم اليوم، وهو ترويض التكنولوجيا سواء في إداراتنا المغربية أو عند الطلبة والتلاميذ في كل المستويات التعليمية، رغم أن عملية التعليم تبقى في جوهرها تفاعلية أكثر من اعتمادها على التلقي، ومثل هذه التكنولوجيات الرقمية هي مفتاح علوم الغد بكل تأكيد.
التوَجُّـس مما هو آت:
مع بداية التخفيف من الحجر الصحي، يبقى الخوف والتهديد كبيرين ممّا هو آت من حلقات وموجات أخرى، قد تتولد عنها صدمات نفسية عنيفة أو بطالة مستديمة في بعض القطاعات عند كثير من الشرائح الاجتماعية، يمكنها أن ترمي بها إلى كماشة الاكتئاب، وهو أمر وارد جدا وإن بشكل متفاوت، لكن بدرجات أكثر حدة عند الشعوب المتقدمة التي ألفت العيش الكريم وتوفر العمل في ظروف أحسن، وأي نقص في أحد الجوانب الحياتية لديها، سيكون له وقع أكبر من المواطن في العالم الثالث الذي ألف التأقلم مع الوضعيات الصعبة. وما يزيد من تخوفنا، هو أننا لم نعد نعرف كيف ستتطور الأمور مستقبلا في أكثر الحالات تفاؤلا، رغم أن كل المؤشرات تقول بأن خريطة العالم الاقتصادية والسياسية والعسكرية والثقافية قبل ظهور فيروس كورونا، لن تكون هي نفسها بعد اختفائه.



#ادريس_الواغيش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الزّمَنُ الخِصْبُ في -يوميَات مُعلم في الجَبل-
- عبد الرّحمن اليوسفي، المُستثنى منَ الأصل
- يومَ ضعتُ في واحَة -تُودْغَى-
- الجَمعُ بين السّيناريو والإخراج أضرّ بمُسلسل -سلمَات أبو الب ...
- تولستوي في تَافرَاوت
- وُجُوهٌ عَمَّدَتْهَا شَمْسُ الظّهيرَة
- الحَظّ لُعبَةٌ لا أتْقِنُها
- كورُونا والأرَضَة التي أكَلت عَصَا سيّدنا سُليمان...!!
- عَرّافاتٌ تَعْلِكْنَ الكَلام - Des voyantes qui mâchent des ...
- جائِحَة (covid-19) سيكولوجية التدخُّل والمُواجهة كما يرَاها ...
- آخرُ طّلقات العُثماني: تأجيلُ التّرقيَات وإلغاءُ المُبارَيات
- آثامِي ومَلامِحُ الخَريف
- عَرّافاتٌ تَعْلِكْنَ الكَلام
- الخَوارجُ الجُدُد في طنجة، فاس وسلا
- تنسيقيَة الأساتذة حَامِلي الشّهادَات العُليَا تُساهِمُ في -ص ...
- كورُونا يكشفُ عن مَأزقِنَا الوُجودي
- كورُونا قاتِلٌ في الحَياة، فهَل هُو عَادِلٌ في المَوت...؟
- هل من حُدود فاصلة بين الشعر والبروباغندا...؟
- القصة من أبوابها..!!
- الغالي أحرشاو يحظى ب -شخصية العام العربية 2020- في العلوم ال ...


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ادريس الواغيش - القراءة والإبداع مع العُزلة الاختيارية وليس مع الحَجر الصّحّي