أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ادريس الواغيش - هل من حُدود فاصلة بين الشعر والبروباغندا...؟















المزيد.....

هل من حُدود فاصلة بين الشعر والبروباغندا...؟


ادريس الواغيش

الحوار المتمدن-العدد: 6501 - 2020 / 2 / 28 - 20:50
المحور: الادب والفن
    


هل من حُدود فاصلة بين الشعر والبرُوبَاغَـندا...؟
بقلم: إدريس الواغيش

بدأت البروباغندا عند العرب منذ القديم لكن شعرا، ولازالت قائمة إلى يومنا هذا بأشكال مختلفة، قبل أن تصبح عند الغرب مادة إعلامية، تتداخل فيها كل العناصر المُمكنة من علم نفس ومختلف التكنولوجيات الحديثة. وقد كان الشعر منذ القديم، كما البروباغندا، ولا يزال إلى حدود الآن سلاحا إعلاميا فعالا وفتاكا في الحرب كما في السلم. أليست خطب الزعماء دغدغة للعواطف وأشد تأثيرا من الشعر الموزون نفسه؟،وهنا، يجوز لنا أن نتساءل: هل الشعر نوع من البروباغندا، إن كان حقيقة أم مجاز؟ أم أنه يحررنا منها عكس ما نعتقد؟
يقول الشاعر الكبير محمد السرغيني:
- لا يقينَ في الشعر...!
وهو عكس ما تذهب إليه البروباغندا في الترويج إلى "اليَقِـين" بالشيء، إلى درجة قد يصل فيها الإيمان بالشيء إلى المقدس والأعمى، وهو يذهب في ذلك، عكس ما تعمل عليه أو تهدف إليه بعض أبواق الأنظمة الشمولية والمتحكمة في كل شيء.
الشعر بدوره أيضا، مثل البروباغندا، له عدة أنواع من الأساليب والتقنيات والآليات للإقناع وزرع اليقين في النفوس أو الإيمان بأفكار ومعتقدات مُحدّدة، مثل الأشعار التي تدعو إلى إيديولوجيات أو سياسات وأفكار تتجه إلى ترسيخ مفاهيم وعقائد معينة، سواء كانت هذه الأفكار سياسية أو دينية أو إيديولوجية يتم تحديدها وتوجيهها والتركيز عليها حينا أو تشتيتها والتيَهان بها إلى حدود الضياع في أحيان أخرى، بحيث لا ترتكز مفاهيمنا أو أفكارنا حينها إلى شيء محدد بذاته، ولا الثقة فيه كحقيقة مطلقة لا تحوم حولها الشكوك، كما هو الحال مع مقولة الشاعر محمد السرغيني: "لا يقين في الشعر"
قد لا نجد الفرق أحيانا بين الشعر والبروباغندا أو السيكولوجيا، لأن الهدف واحد ومنسجم، وهو إما توجيه العقول والرأي العام أو تشتيته حسب ما هو مخطط له، كما تفعل أنظمة الرقابة أو النظام الدولي المتحكم في كل صغيرة وكبيرة في هذا العالم، أقصد هنا ما تقوم به الدول الكبرى من خلال خلق الكثير من الحروب والتوترات في أكثر من بقعة في العالم، ويبقى القصد الخلفي من وراء كل ذلك، هو عدم الاستقرار كي تتمكن من زرع أيديولوجيتها من أجل الهيمنة على العالم.
و حتى في ظل ما نراه من تحرير في الإعلام، سواء المرئي أو المسموع والمكتوب، وما يعرفه العالم من تنوع وغنى في مصادر المعلومات وثورة في رقمنة كل شيء، بما في ذلك الأدب والشعر نفسه، نجد أن هذه المرحلة بالذات هي التي عرفت بالذات أكبر عملية تحكم في العقول تتعرض لها البشرية منذ عقود، سواء بشكل جماعي أو حتى بشكل فردي، وذلك للدفع بشخص معين نحو الإيمان بعقيدة أو أفكار محددة، قبل ضمه للقطيع عن رضا وبشكل نهائي. الأكيد أن الصور والأخبار موجودة على الطريق وفي كل مكان، لكن مع ذلك لا أثر لليقين في كل ما يجرى من حولنا، وبالتالي هل كان هذا ما يقصده الشاعر الكبير محمد السرغيني بمقولته: "لا يقين في الشعر".
الاحتراز هنا واجب، مهما كانت الظروف واختلفت المقامات، حتى لا نصبح مطمحًا لأهداف الغير وسيطرته، ومهما تنوعت الأساليب والتقنيات أو تعقدت، أو بمعنى آخر، حتى نتحرر ونبقى في مأمن من التملك والهيمنة. الشعر والبروباغندا، يعملان معا ودائما على تحقيق نفس الأهداف، وربما كان قصد الشاعر السرغيني الحقيقي هو حمايتنا من كل بروباغندا ممكنة، وليس من خدعة الشعر وحده، لكن في نفس الوقت أيضا من خدع السياسة والإعلام، وحمايتنا كذلك من كل هيمنة مُمكنة.
كانت كل من البروباغندا والشعر يكملان بعضهما البعض منذ القديم، ويعملان معا على غرس أفكار محددة يراد لها أن تكون في دماغ الإنسان ويؤمن بها، من خلال أهم العوامل المتوفرة وأقواها على الإطلاق، وهي العاطفة، لذلك انتبه السرغيني أيضًا إلى هذا الأمر، وكان حاسما فيه، حينما نأى بالشعر عن العاطفة، وقال أن: "الشعر ليس عملا عاطفيا"، ليدفع بنا دفعا إلى استخدام العقل وترجيحه على العاطفة، والتي من خلالها يمكن استغلال الجانب الطفولي- العاطفي فينا بسُهولة ويُسر كبشر من طرف أي جهة، ولذلك يبقى هنا إعمال العقل والفكر، وعدم القبول بكل شيء دون تفكير نقدي في كل مجالات حياتنا الفكرية والحياتية أمرٌ واجب، ومن هنا يكون الشاعر محمد السرغيني قد فضّل في الأخير فردانية وعزلته الاختيارية على الانضمام إلى الجماعة، حتى لا نقول القطيع، وظل مستقلا ومتشبثا بالقيم والمبادئ الكونية والإنسانية، دون مراعاة لجنس أو لون وعرق.
والبروباغاندا، كما الشعر، كانت ولازالت تعمل على تشتيت أو تركيز النظر على شيء مُحدّد بذاته أو تعويضه بمجموعة من الأفكار والمعلومات التي يُراد لها أ تمُرّ في الاتجاه المُعاكس، عكس ما يجب أن يركز عليه الإنسان أو يحدده، وهي النسخة الجديدة من البسيغوكوجيا التي استعملها الإغريق القدامى، كما اتخذها من قبلهم البابليون والآشوريون والفراعنة للدفاع عن افكارهم وآرائهم وملوكهم، أو عن شرف القبيلة في البلاد العربية وجمال بناتها في زمن الجاهلية وزرع الخوف في قلوب اعدائها.
وما هذه الأبيات الشعرية، من معلقة الشاعر عمرو بن كلثوم التغلبي، التي تغنى بها العرب معه إلا نموذجًا، يقول فيها:

أبـَـا هِـنْـد فـلا تعْـجَـل عليـنا وأنظرنا نُخْـبرك اليَقِـينَا
بأنّا نورد الرّايات بيضــًـا ونُصدرهنّ حُمرًا قد رَوينَا

ما نراه هنا في هذه الصورة الشعرية، لا يختلف في شيء عن ما رأيناه من صور لجنود المارينز في العراق، حين كانت تتنقل في شوارع بغداد مدججة بآخر ما جد في عالم السلاح، أو صور الطائرات وهي تقلع أو تنزل فوق مدرجات لمطارات عائمة- حاملات الطائرات- وهي تسبح في المياه المالحة في ظلمة المحيطات الزرقاء، ولا عن ترسانة وأسماء الصواريخ العابرة للقارات بكل أشكالها المدمرة، وهي تقلع ليلا من مختبرات التجارب المندسة تحت بياض الثلوج في غابات روسيا وجبالها أو في صحاري أمريكا وبراري الصين المترامية.
وقد أثبت الشعر، كما البروباغندا، فعاليتهما معا في التحبيب أو الترهيب والتخويف، وفي العملية الدعائية لجهات معينة بذاتها، حتى لو تعلق الامر بالمدارس والتكتلات الشعرية أو الفكرية، في إطار دعاية منظمة ومنتظمة لجهة أو تلميع اسم بذاته، من خلال الترويج له عبر تكتلات، سواء للحماية الجماعية أو الشخصية، في إطار ما يسمى: "رابح- رابح" من خلال "عضلات" القصيدة أو هدير الطائرات وزمجرة الصواريخ في سواد ليالي سمائنا المفتوحة على كل الآفاق. لكن الأكيد أن الشعر كما البروباغندا، قد أبانا عن فعاليتهما كسلاح، وعن قدرتهما كمنظومة قادرة على التدجين الإعلامي بمختلف أشكاله.



#ادريس_الواغيش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القصة من أبوابها..!!
- الغالي أحرشاو يحظى ب -شخصية العام العربية 2020- في العلوم ال ...
- ما أجمل رُؤية فاس من فوق، ما أقسى النّظر إليها من الدّاخل... ...
- تكريمُ محَمد الوَلي أحَـدُ رُوّاد الاستعَارة والبَلاغة العرب ...
- حَول إلزامِية الحُصول على شهَادات عُليا...!!
- نكْذِبُ على تلامِذَتِنا يا مَعالي الوَزير...!!
- كُتّاب القصّة القصيرة جِدًّا يرفعون سَقف مَطالِبهم في -مُلتق ...
- غربة الروح
- جامَع بيضَا يفتَتِحُ المَوسم الجَامعي بفاس حَوْل أهَمّية الأ ...
- العَلمي يتحدّث في فاس عن التعليم وأزمة القِيَم و- الحَمْلِ ا ...
- محمّد يُوب: القصّة القصيرَة جِدًّا تختزلُ العالمَ رَغمَ قِصَ ...
- رضوان أمرَابط يفتتح مَوْسِم فاس الجَامِعي
- حَرّْبَا...، ذاكرَة الكُومِيدِيا في فاس
- مُساءَلة -البلوكاج- الصَّيفي في مَرْتِيل
- الغالي أحرشاو يُسَائِلُ مُقوِّمَاتُ عِلم النَّفس وَرِهَاناتُ ...
- - محَمد السّرغيني، جَمالية الخَلق الشّعري- جديد الكاتب إدريس ...
- لغَط الكمَنْجَات القديمَة...!
- كُلية فاس - سَايْس تحْتَفي بالطلبة المُتَفوّقِين
- افتتاح مركز جامعة سيدي محمد بن عبد الله الجديد للندوات والتك ...
- البروفيسور الغَالي أَحْرْشَاوْ يُكَرَّمُ بفاس


المزيد.....




- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ادريس الواغيش - هل من حُدود فاصلة بين الشعر والبروباغندا...؟