أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ادريس الواغيش - مُساءَلة -البلوكاج- الصَّيفي في مَرْتِيل















المزيد.....

مُساءَلة -البلوكاج- الصَّيفي في مَرْتِيل


ادريس الواغيش

الحوار المتمدن-العدد: 6336 - 2019 / 8 / 30 - 06:31
المحور: الادب والفن
    


مُساءَلة "البلوكاج" الصَّيفي في مَـرْتِـيل
بقلم: إدريس الواغيش

يقول الرّاوي في الحكاية أن سمكة صغيرة سألت أمّها: كيف نتأكد من أننا على قيد الحياة، أجابت الأم: نسبح ضد التيّار، لأن السّمك المَيّت يطفو مع التيّار..!!.
هكذا حال المغاربة اليوم في هجرتهم إلى البحر، يسبحون ضد التيار مثل سمك السلمون، كي يثبتوا لأنفسهم أولا قبل غيرهم أنهم ليسوا أمواتا ولا نُـفوقا وأنهم لا زالوا أحياء. لكن هل هجرة المغاربة بتلك الأعداد الغفيرة التي رأيناها إلى الساحل الشمالي من الحسيمة إلى حدود طنجة وخصوصا إلى مرتيل، دليل قويّ على رفاهية ورَخاء اقتصادي وبحبوحة عيش ينعم بها المغاربة وصحة بنيتنا الاجتماعية والاقتصادية عموما؟
الأكيد لا طبعا، لأننا نعرف المستوى الاقتصادي المتردّي لأغلب الشرائح الاجتماعية المغربية بما فيها المحسوبة على الطبقة "التي كانت" متوسطة، وبالتالي لن تكون هذه الهجرة المَوسمية بهذه الكثافة إلى الساحل البحري الشمالي، ما هي في حقيقة الأمر إلا سباحة ضد التيار، وإثبات لوجودهم بشكل مختلف.
عرف المغرب سابقا ما اصطلح عليه في الحياة السياسية المغربية:"البلوكاج الحكومي" في عهد رئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران، ورافقه ظهور بعض المصطلحات من قبيل: "التماسيح" و"العفاريت" الفوق الأرضية والتحت أرضية، ولم يستبين المواطنون المغلوب على أمرهم، من يومها وإلى حدود الآن، إن كان ذلك "البلوكاج" مزحة سياسية أو اختبارا وشد حبل بين أطراف في الحكومة، وهل كان وَهما أم حقيقة؟، ومن كان الرابح والخاسر فيه؟ وأيضا هل كان مُجرّد لعبة سياسية قصدها التسلية والإلهاء. لكن ها نحن اليوم أمام "بلوكاج" من نوع آخر في كثير من مدن الساحل المتوسطي، يمكن تسميته مجازا "البلوكاج الصيفي الشمالي"، بدأ من الحسيمة وامتد إلى تخوم طنجة وتجلى بشكل أخص في مدينة مرتيل الصغيرة، حيث تبدو مظاهره واضحة للعيان في كل مناحي الحياة بالمدينة: الكورنيش، المقاهي، الشاطئ، المطاعم، الطرقات، المدارات، المحلات التجارية...إلخ. وهي مظاهر أفسدت احتفالية مصيف هذه السنة، من خلال عدة حالات لا تسر الناظرين.
1 - وسائل النقل: ما أن وصلنا إلى تطوان، حتى قضينا في انتظار سيارة أجرة كبيرة تقلنا إلى مرتيل نصف الوقت الذي قضيناه بين فاس وتطوان، وتبيَّـن بما لا يدَع مجالا للشك أن هذا "البلوكاج" مفتعل، بدليل تزامن وصولنا مع صلاة الجمعة وقيلولة النهار الحارة جدا في تطوان، وخلاء المحطة من الناس وسيارات الأجرة تظهر ثم تختفي، حتى لا يدعي أحد أن السائقين كانوا يؤدون صلاة الجمعة، كما وصل ثمن المقعد الواحد أحيانا وفي تحدّ صارخ لكل الأعراف والأخلاق والقوانين: 40 درهما من مرتيل إلى المضيق، وسمعت بطبلتي الأذن سائقا يطلب من مهاجرة مبلغ قدره 150درهم ليوصلها هي وابنتها إلى "الدّيوَانة"، فيما ترك تحديد ثمن المقعد الواحد بالنسبة إلي وأسرتي إلى وقت لاحق في الطريق، فأسمعته كلاما "طيبا" وانصرفت.
2 - أزمة السكن: قضى بعض المواطنين ليتهم مع أسرهم وأطفالهم الصغار في الشوارع ليلة السبت - الأحد، لولا أن تطوع بعض المواطنين الشرفاء في إطار التضامن الاجتماعي واستضافوهم في منازلهم في انتظار فرج يلوح في الأفق، والسبب جاء من مضاربات السّماسرة ممن يتكفلون بكراء شقق المغاربة المقيمين في المهجر، وأيضا جشع بعض أرباب المنازل المخصّصة للكراء المقيمين في المدينة، وإن كان التعميم هنا لا يجوز.
3 - حيادية السلطات المحلية: لم تتدخل السلطات في كل ما حصل، سواء لردع جشع السماسرة أو سائقي سيارات الأجرة، وتركت المواطنين وحدهم مع أسرهم في مواجهة مافيات تخصصت في استغلال المواسم الصيفية، على غرار "شنّاقة" عيد الأضحى.
4- العامل الزّمني: كان لضيق الحيّـز الزمني الفاصل بين العيد والدخول المدرسي عاملا حاسما في هذا "البلوكاج" الاستثنائي لموسم 2019 الصيفي، حيث انكبّ المُصطافون على الشمال في أوقات متقاربة، مما زاد من استفحال هذا "البلوكاج".
4 - البنية التحية: رغم تطوّر البنية التحية بشكل كبير في مرتيل وتطوان عموما(انفاق، طرق دائرية،...إلخ)، إلا أن الزمن أثبت أن كل ذلك أصبح عاجزا عن تصريف هذا "البلوكاج"، لذلك أصبح مطلوبا إعادة النظر في كثير من الأشياء.
5- رمزية مرتيل الصيفية: أصبح في شبه المعروف أن لمدينة مرتيل وبحرها رمزية خاصة في الذاكرة الشعبية عند كثير من المغاربة، بحيث أنه لا يكتمل المصيف عند الكثيرين منهم إلا بزيارة تطوان ومرتيل والمضيق والفنيدق وما جاورهما، بدليل أن البعض يزور مدنا ساحلية أخرى، ومع ذلك يقصدون مرتيل بحجة أن زيارتها "بلوَى جميلة" وإن كانت شاقة ومتعبة، وأن المصيف لا يكتمل إلا بالحج إليها.
6 - الطابع المحافظ في مرتيل: يمكننا إضافة عنصر آخر هنا وقد يكون حاسما، هو أن مرتيل وجوارها لازالت محافظة بشكل من الأشكال، من خلال خلوها من علب الليل وسكارى ما بعد منتصف الليل، وهذا العامل يشجع الأسر على زيارة المدينة مصحوبين ببناتهم واسرهم عكس بعض المدن الساحلية التي يكثر فيها المتحرشون من ملاحقة العنصر النسوي ولا يفرقون في ذلك بين عازبة ومتزوجة، ويستحيل فيها على البنات أحيانا وحتى النساء التجوال في كورنيشاتها ليلا دون معاكسات.
7- عنصر الأمن: يمكن تسجيل الأمن كعنصر إيجابي ومشجّع في مرتيل، فممرات الراجلين مؤمنة من قبل رجال الشرطة والقوات المساعدة بشكل يضمن سيولة مريحة في مرور الراجلين والسيارات وسلامة الجميع، ويصعب على اللصوص القيام بأي عملية فيها مهما اشتد الزحام سواء على الكورنيش الطويل أو في أزقتها وشوارعها، ومن يظهر منهم يكون مصيره بين يديّ رجال وشباب الشارع قبل أن يصل أمره إلى رجال الشرطة، وبذلك يُعَـدُّ اللصوص من أكبر الخاسرين في صيف مرتيل.
كل هذا وغيره ساهم في هذا "البلوكاج الشمالي- 2019" الغير مسبوق في شواطئ مدن: الحسيمة، الجبهة، واد لاو، أنزا، المضيق، الفنيدق وخصوصا في مرتيل، وأثبت شيئا ثابتا في سلوك المغاربة عموما، فهم يحبّون الزحام ويموتون على" الدّْحَاسْ" أينما وُجد، بدليل أن كل الأخبار التي كانت تصل من مرتيل تفيد أن المدينة تعرف اختنقا في البر والبحر وغلاء صارخ في الكراء وصعوبة في المعيش، ومع ذلك أصر المغاربة بكل عناد على الحج إليها رغم كل شيء. لكن وَشوَشة المقاهي كانت تفيد أيضا أن المَصيف المقبل في مرتيل سيكون مختلفا، وأعرب الكثيرون صراحة أنهم سيغيرون وجهتهم في الموسم المقبل.



#ادريس_الواغيش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغالي أحرشاو يُسَائِلُ مُقوِّمَاتُ عِلم النَّفس وَرِهَاناتُ ...
- - محَمد السّرغيني، جَمالية الخَلق الشّعري- جديد الكاتب إدريس ...
- لغَط الكمَنْجَات القديمَة...!
- كُلية فاس - سَايْس تحْتَفي بالطلبة المُتَفوّقِين
- افتتاح مركز جامعة سيدي محمد بن عبد الله الجديد للندوات والتك ...
- البروفيسور الغَالي أَحْرْشَاوْ يُكَرَّمُ بفاس
- -العُطلةُ لِلْجَمِيعْ- لموسم 2019، لا تَعْني حَامِلي الشَّها ...
- أغلبُ مَن يُنَظِّرُ في النقد، لا يُجيدُ الاشتغال تطبيقيًّا.. ...
- -أبْوَابُ السّرَاب- مُراوغة القارئ وحَمْله على جناح الدَّهْش ...
- «العَهْدُ الجَديد» هل انتَهَى زَمَن الانْتِشَاء؟
- تازة، مدينة لا ريفيّة ولا أطلسِيّة...!!
- أسيرُ العَنكَبُوت
- نوستالجيا: مُدُنٌ بأسْمَائها...!
- الكَيْنُونة الشعريَّة الخَالصَة
- الأكْفَانُ تُعيدُ الحَياة إلى مِلف حَامِلي الشَّهَادات العُل ...
- كُلية -ظهر المهراز -وشُعبة اللغة العَربية بها يُكَرِّمان جَم ...
- إنهُم يُحَاولون هَزم الحَياة فِينا..!!
- بُوطاهر قَيْدُوم شُعبة اللغة العَربية يُكرَّم بكُلية الآداب ...
- إلهام اسْلامْتي تبدأ مِشوارَها القصَصي ب-وردة...، من قصر الح ...
- السيّد مُحسن الزوَّاق في لقاء صحَافي مع وسَائل الإعلام بفاس


المزيد.....




- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ادريس الواغيش - مُساءَلة -البلوكاج- الصَّيفي في مَرْتِيل