أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ادريس الواغيش - كورُونا قاتِلٌ في الحَياة، فهَل هُو عَادِلٌ في المَوت...؟















المزيد.....

كورُونا قاتِلٌ في الحَياة، فهَل هُو عَادِلٌ في المَوت...؟


ادريس الواغيش

الحوار المتمدن-العدد: 6515 - 2020 / 3 / 15 - 09:24
المحور: الادب والفن
    


رُبّما هي المرة الأولى في تاريخ المغرب، التي نجد فيها أنفسنا مُوَحدين اتجاه عدوّ صريح وواضح، ومادام فيروس كورونا وسلالته هو عدونا المشترك، فمصيرنا أيضًا بالضرورة سيكون مشتركا، إلا من رحم ربّي.
عدوّنا هذه المرة مختلف عن الأعداء السابقين، لأنه هو من يحدّد سلوكياتنا ومصائرنا ويوحّدنا فيها، لكن بشكل متساوي وعادل. لم نعرف إلى حدود الآن سبب ما نزل بنا، إن كان عقابًا إليها أو صناعة بشرية أو بداية لنوعية جيل جديد من الحروب البيولوجية، ولا كيف نهزمه أو نحاصره، رغم كل المعارف المهولة التي راكمتها البشرية في الطب والعلوم والصيدلة، كل ما يروج عنه وحوله يتحوّل من النقيض إلى النقيض بين عشية وضحاها. لكن من حسنات هذا العدو أيضًا (إن كان له من حسنات)، أنه غير فتاك، لكنه في نفس الوقت لا يفرّق بين الدول الغنية والفقيرة، ولا بين يمتلكون حسابات مُهرّبة في بنوك خارجية وأخرى سمينة في بنوك الداخل، ولا يفرّق بين الناس حسب الدّخل الفردي للأشخاص غنيُّهم والفقير منهم أو بين من يعطى للوطن دائمًا بسخاء ولا بين من يأخذ منه من دون حسيب ولا رقيب، ولا بين وزير أو عاطل عن العمل.
أول مرة في تاريخ الأوبئة التي أصابت البشرية، منذ العصور الوسطى إلى الآن، لن يجدي فيها الهروب من الوطن نفعًا، سواء كان ذلك سرًّا أو علانية، لا يخطئ هذا الفيروس صاحب مال أو جنسية مزدوجة، ولا حتى حامل جواز سفر ديبلوماسي قادر على الإفلات من مخالب الموت، لأن أبواب كل المطارات العالمية مغلقة تقريبًا، هكذا أصبحنا كلنا فجأة في "الهمّ سواء" وفي سلة واحدة، ومآلنا واحد أمام فيروس كورونا.
قد نموت جميعًا وقد نعيش جميعًا
كان فينا ومنّا دائمًا وعلى مَـرِّ التاريخ، من ينتظر أي فرصة أو حتى نصفها ليأخذ من الوطن، ويحوِّل عمولات إلى الخارج، وفي المقابل هناك من المواطنين والمواطنات من ينتظرون فرصًا أخرى مُغايرة، كي يقدّموا أنفسهم قربانًا لهذا الوطن، وهم راضون ومطمئنون وأعينهم مُغمَضة من فرط الرِّضى، لا يريدون جزاء ولا شكورًا من أحد، همُّهم الوحيد هو إرضاء ضمائرهم اتجاه بلد أحبّوه ويحبّونه في صمت، ومُستعدّون للتضحية من أجله، حتى لو لم ينصفهم ولم يعطيهم في مقابل ذلك شيئا، ولا هم بدورهم ينتظرون عطاء بعطاء، لأنهم تعوَّدوا أن يعطوا من دون مقابل وما أكثرهم في هذا البلد من الجنسين.
فجأة، لم تعد شوارع الشانزيليزيه في باريس تغري أحدًا من أولئك، كما كانت دائمًا، ولا أحد من أولئك، الذين نعرفهم أيضًا، مُستعد لامتطاء الطائرة نحو مطار شارل ديغول، كي يتناول فنجان قهوة على جنبات شوارعها أو قبالة "برج إيفل" وأضوائه الليلية وفي متحف "اللوفر" الذي أغلق أبوابه حتى إشعار آخر، ولا في أهم شوارع لندن، خصوصًا أمام برج الـ "بيغ بن" الشهير والاستمتاع بنغمات أجراسه على رأس كل ساعة.
من كان يتصور أن مدنا ساحرة، مثل باريس ولندن، ستصبحان يومًا بئيستان والحياة فيهما مرعبة ومحفوفة بكل أنواع المخاطر، وأكثر رُعبًا من أي وقت مضى. كل السكان الأجانب في لندن، على الخصوص، يعبرون عن أمنيتهم في مُغادرتها قبل أن تطل عليهم شمس الغد، لأن الحياة فيها أصبحت كئيبة لا تطاق، خصوصًا بعد أن خاطبهم جونسون رئيس وزراء بريطانيا بصراحة زائدة:

- استعدّوا لوداع الكثير من أحبّتكم...!

ما أتفه البَشر، فيروس حقير وصغير جدّا وغير فتّاك جدًّا بالنسبة إلى نظرائه من الفيروسات الأخرى، يثير كل هذا الرُّعب بين الناس بسرعة البرق. رغم كل قيل عنه، فنحن لا نعرف عنه كل شيء، عدا كونه يطبق الديمقراطية في الموت بين الناس.
يا لتفاهة حضارتنا وعقولنا، أرضة صغيرة تافهة أطاحت بكبرياء قريش في مكة، وها هو فيروس صغير وحقير اسمه كورونا، لا يفرق بين دولة متقدمة ومتخلفة ولا بين غني أو فقير، يضع مختبرات الغرب في الزاوية الضيقة، ويفضح عيوب الرأسمالية النيوليبرالية المتوحشة.
قد يكون من حسنات هذا الفيروس أنه عادل، تحدّى غطرسة الغرب وعلومه ومختبرات أمريكا المنكمشة وراء المحيط، ودَفشَهم دفشًا إلى إغلاق حدودهم البرية والبحرية ومجال سماواتهم الجوّي أمام طائراتهم، وتركها حبيسة كبريات المطارات في العال، من فرانكفورت وبرلين إلى باريس ولندن ونيويورك على الضفة الأخرى من المحيط الأطلسي.
ها قد انتهى دور الشيوعية ومن بَعدها الإسلاموفوبيا، بعد مَوجات "جهاد" طالبان في أفغانستان وفتاوى فقهائهم وجهاد نكاحهم وطوَّح بمجاهدي "داعش" إلى مزبلة التاريخ في سوريا والعراق، وجعل رجالها تحت رحمة مدافع الأسد.
لم ينبت الربيع العربي في شوارع عواصمنا العربية، بعد كل هذا الضجيج والفوضى الخلاقة التي خلقوها في بلداننا قصدًا، سوى القحط والبوار والدّمار في بغداد ودمشق الشام والقاهرة.
ها قد بدأت سوريا تستردُّ عافيتها ودمشق إشراقتها بدعم واضح من الدبّ الرّوسي، وأصبح العَـمّ سام مستعجلا في كشف كامل أوراق، وها هو يتنكر الآن لأروبا حليفته، مُغلقا أبوابه البحرية والسماوية في وجهها، وتركها وحيدة أمام قسوة فيروس كورونا. في المقابل، ترك الاتحاد الأوربي بدوره الطّاليان وحدهم في المُستنقع، يصارعون جبروت فيروس لا يرحم.
لقد انتشر الظلم والطغيان والفساد والإفساد في البر والبحر أكثر من أي وقت مضى، وقفز عدد المليارديرات في العالم من 170 إلى 7000 في ظرف وجيز جدا وقياسي، لكن الأكيد أنه كان على حساب الجوعى والمرضى والمقهورين في الأرض، وفي نظري ليس هناك من سبب لهذا الارتفاع في عدد المليارديرات غير الظلم والفساد المالي والأخلاقي في هذا الكون. فهل يكون الوباء عقابا إلهيا نتعرض له الآن، كما تعرض له أقوام سبقونا مثل: عاد وثمود...؟
- أم هي مجرد لعبة عالمية جديدة، لم يفصح عن كل تفاصيلها إلى حدود الآن ؟، أو هو جيل جديد من الحروب البيولوجية، لن يفتضح أمره إلا ونحن أمام الأمر الواقع في مواجهة سيناريوهات جديدة، لكن مخيفة ومرعبة، وخرائط أخرى جديدة أكثر تمزيقا من ذي قبل؟
في مقابل كل هذا، ها هي الصين( التنين الأصفر) تعلن أنها قد تعافت تمامًا من وبائها بعد أن حاصرت فيروس كورونا في معقل "يوهان" ذات الخمسين مليون نسمة، وجاءت إلى روما تستعرض عضلاتها على جناح طائرة مُحمّلة بما يلزم من دواء وأطقم طبية في غياب واضح للعم سام، وانمحت فجأة عنترية أوربا وتصريحات زعمائها واجتماعاتهم في بروكسيل، وانكمشت على نفسها بين نجوم رايتها الزرقاء، وهي كما نعلم فخرها ورمز وحدتها.
ترامب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية من جهته يعلن عن حالة الطوارئ في بلاده ويغلق الحدود، أما بوتين رئيس روسيا الاتحادية، فقد فضل السكوت والمراقبة عن بعد في غياب أي معطيات دقيقة حول الوضع في روسيا، في حين نجد أن الرئيس الصيني يعلن في انتشاء عن تحدّى مرحلة خطر فيروس كورونا في بلده ويعرض خدمات الصين على إيطاليا بل كامل أوربا. هل هو إعلان عن انتصار الصين الطبّي والتنظيمي، بعد ما حققته من انتصارات اقتصادية، لكن هذه المرّة من طرف واحد؟، أم نحن أمام ملامح عالم جديد وقطب ثنائي جديد؟، أم هو قطب وحيد بحكم الأمر الواقع، لكن بملامح صفراء هذه المرة؟، أم أنها لعبة أخرى من الألاعيب القذرة التي لن تظهر نتائجها إلا بعد أشهر أو سنوات...؟
الأمر فعلا مريب جدا. لكن الأكيد، هو أن خريطة العالم الاقتصادية والسياسية والعسكرية، قبل ظهور فيروس كورونا، لن تكون هي نفس الخريطة للعالم الذي عشنا فيه من قبل، ربنا يستر...!!



#ادريس_الواغيش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل من حُدود فاصلة بين الشعر والبروباغندا...؟
- القصة من أبوابها..!!
- الغالي أحرشاو يحظى ب -شخصية العام العربية 2020- في العلوم ال ...
- ما أجمل رُؤية فاس من فوق، ما أقسى النّظر إليها من الدّاخل... ...
- تكريمُ محَمد الوَلي أحَـدُ رُوّاد الاستعَارة والبَلاغة العرب ...
- حَول إلزامِية الحُصول على شهَادات عُليا...!!
- نكْذِبُ على تلامِذَتِنا يا مَعالي الوَزير...!!
- كُتّاب القصّة القصيرة جِدًّا يرفعون سَقف مَطالِبهم في -مُلتق ...
- غربة الروح
- جامَع بيضَا يفتَتِحُ المَوسم الجَامعي بفاس حَوْل أهَمّية الأ ...
- العَلمي يتحدّث في فاس عن التعليم وأزمة القِيَم و- الحَمْلِ ا ...
- محمّد يُوب: القصّة القصيرَة جِدًّا تختزلُ العالمَ رَغمَ قِصَ ...
- رضوان أمرَابط يفتتح مَوْسِم فاس الجَامِعي
- حَرّْبَا...، ذاكرَة الكُومِيدِيا في فاس
- مُساءَلة -البلوكاج- الصَّيفي في مَرْتِيل
- الغالي أحرشاو يُسَائِلُ مُقوِّمَاتُ عِلم النَّفس وَرِهَاناتُ ...
- - محَمد السّرغيني، جَمالية الخَلق الشّعري- جديد الكاتب إدريس ...
- لغَط الكمَنْجَات القديمَة...!
- كُلية فاس - سَايْس تحْتَفي بالطلبة المُتَفوّقِين
- افتتاح مركز جامعة سيدي محمد بن عبد الله الجديد للندوات والتك ...


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ادريس الواغيش - كورُونا قاتِلٌ في الحَياة، فهَل هُو عَادِلٌ في المَوت...؟