أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن ميّ النوراني - رواية: هدى والتينة (17)















المزيد.....


رواية: هدى والتينة (17)


حسن ميّ النوراني
الإمام المؤسِّس لِدعوة المَجْد (المَجْدِيَّة)


الحوار المتمدن-العدد: 7009 - 2021 / 9 / 4 - 18:17
المحور: الادب والفن
    


حكاية رجُل يشتهي الحبّ ولا ينالُه!)
- "العالم بلا رحمة!"..
- "العالم يتيم الأمّ!"..
- "الغزاة دمّروا العراق ونهبوه!"..
- "بلد الخيرات أمست خرابا وشِيعا واحترابات أهلية دامية!"..
- "واهله الكرام غادروها، وماجداته يتسوّلن في زوايا الشتات وأزقته وظلماته!"..
- "من الطغيان والقهر، إلى العدوان والفقر!"..
- "وهنا عَبثٌ ومارقون باعوا الوطن وقبضوا الثمن، ثمّ صيّرهم المنتفعون والجاهلون أصناما!"..
- "هنا ظلام دامس وفساد وسلْب حقوق وفواحِش واغتصاب ثكالى وأيامَى وثيِّبات وأبكار!"..
- "هنا قابيل قتل هابيل من جديد، وسلب أرضنا باسم الربّ وجثم فوق صدورنا، وسلب منا بهجة أطفالنا، وشرب دماءنا وسلخ لحمنا وهشّم عظمنا؛ والضميرُ العالمي في سبات عاهر غائر فاجر غادر!"..
- "ثم مددنا لقاتلينا أكفّنا ولقّبنا زعيمَهم صديقا!"..
- "والنفق مظلم والممثل الماهر يخدِّر الحشود والحناجر تهتف: بالروح بالدم نفديك يا باهر!"..
- "كذب كذب كذب؛ وسفاهة ونباح ونواح ونفاق وضلال وضياع وعار وفساد ورذيلة!"..
- "الكذب عربي والفجور موروث والرايات ألوان شتّى والقلوب خواء أسوط يابس والأحياء الأموات نفوس موجوعة هزيلة عليلة ذليلة!"..
- "والحُرّ الأبيّ، في جحيم البغاة الوحوش القُساة الهمج، مكبّل بالأصفاد مشنوق أو مصلوب مخنوق مُجَوّعٌ مُغيَّب موجوعٌ مُنتهك مُعَيَّب ظمآن مُستباح!"..
- "والجمع بعضه منافق وبعضه يائس، وكله بائس!"..
- "وأنتَ يا داعِيَ الروح في غَيِّك سادر!"..
- "الظلم الزاحف من كل صوب يُفاقم أساي يا صديقتي!".. ولكن عطرك يا برتقال يافا، ومنذ تنسّمتُك أوّلَ ما تنسمتُ هواءَ حياتي، ما زال يشذو فوّاحا في صدري وقلبي وحولي وفي صحوي ونومي، ولن أنساكَ يا بيت مولدي لن أنساكِ يافا لن أنساكَ يا ثّرى السلام يا وطني ولن أنساكِ هدى يا ثُريّات الحبّ في سمائي يا مجدنا ويا وطني وبهجتي، ولن أنساكِ بغدادنا ولن أنسى أجدادَنا، لن أنساكِ يا مهد حضارتي يا عونَنا يا عيوننا!"..
شعب العراق في انتظار الدمار.. أقوى العتاة الظالمين، يحشدون جيوشهم، لمحق العراق.. الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وحلفاؤهما يستعدون لشنّ حرب شرسة، ضد العراق!
قال الأبيض:
- الرأسمالية عدوان بشع ضد الإنسانية؛ العراق هو آخر ضحاياها؛ شعبي ضحية لتواطؤ العالم الظالم القاهر: تنازلت القيادة الفلسطينية السياسية عن حقها في 78% من أرضنا التاريخية، لغزاة، يشكلون رأس حربة للرأسمالية الجائرة؛ لوّحوا لنا بالسلام والرخاء"..
ردّت حورية:
- "لكننا حصدنا شوكا وذُلّا وفقرا وموتا بعده موت، وتراكم الفساد فوق الفساد، وأكل الناس قمحا معدّا علفا للحيوان"..
- "استورده سلطويون، وغمروا به الأسواق باعوه تحت اسم قمح صالح للاستهلاك الآدمي، فأكله المخدوعون، وامتلأت جيوب الغشاشين بملايين الدولارات الأمركية!"..
- "وفضائح هنا وفضائح هناك؛ وصمت وخوف هنا في بلدي وهناك في العراق؛ القمع والقهر هنا وهناك!"..
- "ارتدى الحاكم العربي عباءة الإله، وطغى وتجبّر! الحاكم العربي صنم لا يُسقطه إلا الموت أو الزحف الهادر!"..
- " منذ البدء، كانت الشريعة: قوي مظلم جائر، يأكل الضعيف الخانع الخائر!"؛ قالت روح حورية..
لكن "الأبيض" يحلم بثورة الروح:
- "فليكن عالما من النور.. ولتكن البداية من وطني.. وطن الروح!!"..
يرزح وطنه تحت نير احتلال ظلامي يزعم أنه يستمد مشروعيته من عقيدة دينية تعود إلى النبي إبراهيم.. "الدولة الإسرائيلية جماع الفساد الإنساني"؛ قال "الأبيض".. اضاف: "الموت هنا طقس يومي، لا يفلت منه الأطفال ولا الشباب اليانع ولا النساء الحوامل ولا الطاعنون في السن. هنا شعب منذور للموت".. والساسة الإسلاميون يرددون: "هذا الوطن في رباط إلى يوم القيامة!!".. هو يؤمن بفلسفة للحياة.. ولكن الجنازات تغلق الشوارع، والصيحات تسد الأفق: "الانتقام.. الانتقام"..
- "الموت يجلب الموت.. أمقت السياسة والتجارة!"..
- "صناعتان للكذب والخداع والعدوانية الأنانية الظلوم.. يموت الواهمون المخدوعون الأنقياء ويتصارع السُرّاق على اقتسام الغنائم!!"؛ قالت حورية..
الشعب يتضور جوعا، وكاتب مرموق يشكو ويتبرم، ويصبُّ جامّ غضبه على مسئول سلطوي: "يحسدني، خصم من مرتبي مبلغا ماليا كبيرا، كنت تقاضيته، بدل سفر!"؛ "ماذا فعلت في سفرك؟!؛ سالته زميلته؛ أجاب: "استمتعت بإجازة قضيتها في فندق خمسة نجوم ضاجعت فيها نساءا عاهرات كثيرات، وثملت بأغلى الخمور وسهرت في صالات الرقص؛ مثّلت فلسطين؛ السلطة أرسلتني ممثلا عن شعبي! والحقود الحسود، يريدني أن أدفع تكاليف تمثيلي لشعبي، من جيبي الخاص؛ هل هذا عدل؟!".. السلطة الفلسطينية، منذ نشأتها، كونت جسما وظيفيا متضخما، يتقاضى أعضاؤه، مرتبات مالية صخمة، مقابل بناء الكروش، والتسكع بين المكاتب والردهات، ومغازلة النساء ومواعدتهن ومضاجعتهن! قال موظف في دوائر السُلطة: "نحن نعرف جيدا أننا نتقاضى ثمن بيع الوطن!".. وقال مواطن لم يحظ بواسطة تفتح له الطريق للحصول على وظيفة: "خانونا وباعونا!".. وحناجر المنتفعين تهتف: "بالروح بالدم، نفديك يا زعيم!"..
وهدد المتذمر، ممثل قضية شعبه، في الحانات والمراقص الأجنبية: "سأتحدث علانية عن فسادهم المالي والإداري، إذا تم حرماني من مال استثمرته في الترفيه عن نفسي، ونشر جينات شعبي، خارج وطني!"
"ولكن شعبك يرزح تحت نير الجوع والألم، يا صاحب القلم!"؛ قالت هدى!
وعلى الطرقات، تنصب قوات الاحتلال الإسرائيلي، مصائد لتصيد المناضلين، المطلوبين لها، أما في الغرف المكيفة، صيفا وشتاءا، فيتمّطى المحظيون برضا السلطان، على مقاعد دوّارة وثيرة، خلف مكاتب كبيرة، ويتثاءبون ويثرثرون ويتحاسدون ويحتسون القهوة والشاي ويبددون الوقت في القيل والقال؛ فإذا ملّوا من خمولهم، قاموا وانصرفوا وتسكّعوا في الأسواق، واشتروا ما طاب لهم ولأبنائهم وزوجاتهم أو عشيقاتهم؛ والبؤساء يراقبون ويواصلون الضياع وضيق ذات اليد؛ وباعة الوطن، يملكون السيارات الفاخرة، مكفولة النفقات من مال الشعب، يستحوذون على أجود الأرض ويبنون القصور، ويؤثّثونها، بأفخر تأثيث، ومن مال الشعب، ويبعثون أبناءهم إلى أرقى الجامعات العالمية، ويحصلون على وظائف لهم، وهم خارج البلاد، وعلى حساب قوت المساكين من العباد! في جهاز السلطة المتضخم، الموظفون بغير حق، يمضغون الكلام الفارغ.. وينشغل الرجال منهم، بالتخطيط للإيقاع بامرأة في مصائد شهواتهم؛ وتخطط العازبات منهم، لإسقاط زميل في حبائلها، بنية الزواج، لا تبالي هل هو أعزر أم نتزوج!
وفي حكومة السلطةُ، وُظِّفت نساء، بغير مؤهل مهني، بعدما نجحن في اختبار عقده لهنّ مسئولون كبار، عاريات في أحضانهم، وأخذوا عليهن عهدا، أن يستجبن لشهواتهم بغير حدّ، فإن أخللن بالعهد فُضح أمرهنّ وطلّقهن أزواجهن ونُبذن أو قُتلن وتشرّد أطفالهن وعروا وجاعوا!، والسيد الكبير، يكافئ الفاسدين، ويزيد لهم في الكيل، ويداري السوءات، ويهتف أمام الكمرات والحشود: "ع القدس رايحين، شهدا بالملايين!"؛ وحشود المضلِّلين والفاسدين المنتفعين المُضلين تهتف: "باهر، يا ماهر، باهر!".. وتزدحم سجون الماهر الباهر بالصادقين والمعارضين والمجاهدين، يَلقون أفحش القول والفعل وأشرس التعذيب! ويصرخ المنافقون القابضون، من مكبرات الصوت في التحشيدات، أو من المذياع والتلفاز: "ُثورة ثورة حتى النصر"؛ ويعلن الزعيم، المرة بعد المرة، بلا ملل ولا وهَن: "نحن شعب الجبارين!"؛ ويضيف: "نحن في ربع الساعة الأخير، ويرونها بعيدة وأراها قريبة؛ سنصلي معا، في كنائس القدس ومساجدها! إني أرى النور في نهاية النفق!"؛ ثم حوصر ومات! كيف مات؟! ؛ اختلفت التفاسير: قيل: أماتته إسرائيل بسمّ مجهول! فمن دسّ له السمّ؟! قيل: مقربون منه، عملاء لإسرائيل! فمن هم؟! قالوا: اسكتوا، لا تفضحونا! وسكتوا جميعا! وقيل عنه: مات متأثرا بإصابته بفيروس نقص المناعة البشرية (HIV)؛ وقيل عنه: عميل قديم، انتهى دوره؛ وقيل إنه من ملة الأعداء الغاصبين المحتلين، وقال آخرون: قائد وبطل مسلم عربي فلسطيني شامخ، لم تلد النساء له ندّا؛ وقالوا: كان ظِلَنا الوارف، الحارس الساهر حامي الثرى العطوف راعي المكلومين والجوعى والبائسين وهادي الحائرين؛ وقيل: ممثل بارع ولا يضاهى؛ وزعم ساسة كبار: اختلفنا معه، ولم نختلف عليه؛
- "لكن الناس يتباينون وفق حاجاتهم وأفهامهم، ولا يتفقون على أئمتهم وأديانهم وخيالاتهم، ولا على رأي يرونه، حول سلاطينهم وأوهامهم وأصنامهم وأهوائهم!؛ قالت حورية..
وقيل عنه: أعجوبة؛ وقيل: أكذوبة؛ وقيل: قائد معلّم سيبقى خالدا فينا؛ وصنعوا له ضريحا يُزار؛ وقيل عنه: عميل مزروع، زرع الفساد عن عمد، ورعاه، وأنهك قوانا، وصادر أحلامنا، وحرَف بوصلتنا، وخرّب مشروع استقلالنا على كامل ترابنا؛ وقيل كان نقيا طاهرا تقيّا؛ وقيل كان ثريّا سارقا فاجرا زانيا لوطيّا؛ وقيل كان مؤمنا عابدا صادقا نزيها عفيفا زاهدا ومات فقيرا؛ وقيل هو في أسفل الدركات؛ وقيل بل هو عند الله في أعلى الدرجات؛ وقيل كان باغِيا ظالما؛ وقيل بل كان عادلا محسنا وكان أمّا وأبا للشعب كله، وحين مات جاع الشعب وتيتّم كله، وترمّل الوطن؛ وقيل كان يحكم كما لو كان شيخ قبيلة، فيصل ويقطع ويقرّب ويُقصي، بهوى لا بقانون؛ وقيل كان زعيما موهوبا ومثالا نادرا؛ وقيل حشد المادحين المنافقين حوله وأجزل لهم في العطاء من مال الشعب بلا كيل؛ وقيل بل كان رُبانا ملهما؛ وقيل كان بهلوانا كاذبا؛ وكان قد قال: "أفعل ذلك من أجل فلسطين ألا تستحق فلسطين مني، أن أكذب من أجلها؟!"؛ وقيل: سلّم مقاليد المصالح والأمن لفاسدين، فعاثوا في الأرض فسادا، فاقتحموا البيوت الآمنة في ساعات الفجر، بهوى ودون سبب، أو لوشاية حاقد، أو للقبض على مُعارِض؛ وأسّسوا في الظلام شبكات دعارة، ابتزوا بها الناس، وأثْروا بعد جوع واستكبروا بعد ذُلّ واستقووا بعد هوان، فأذلوا الشرفاء وانتهكوا الحرمات وابتزوا الكرام؛ وقيل إن من شيمته الوفاء، وأنه كان يفي بما وعد قبل تتويجه سلطانا على شيء من البلاد وعلى العباد؛ وقيل: بدّد المال العام على شراء الولاء، بلا رقيب أو محاسب؛ وقيل: كان الولاء له ولاءا للوطن؛ وقيل: نكث العهد فتزوج غير فلسطين؛ فقيل: كلا، بل ظلّت فلسطين زوجته وحدها، لا شريك لها، حتى قضى في حبها نحْبْه؛ وقيل: جمع المشارب والأضداد تحت راية وطنية عالية؛ ورُدّ فقيل: رايته الصفراء هي رايةُ جماعة يهودية قديمة؛ فرُدّ فقيل: ثورتنا علمانية لا تحارب اليهودية، بل تحارب المغتصبين؛ وقيل: بقرة بني إسرائيل بوصف القرآن الكريم، صفراء تسرّ الناظرين؛ وقيل: اللون الأصفر لون التفاؤل بالنصر الأكيد القادم المبين؛ وقيل: الألوان مشاع؛ وقالت حورية: "حُسن الظنّ من طُهْر الطويّة وحُسن الأخلاق"؛ وقيل: أسّس الثورة وقادها؛ وقيل: اندسّ في الثورة، وابتز رجالها، وامتطى ظهرها واغتصب زمامها، وتواطأ مع أعدائها، وسُفك دمهُا وغُيّب الصادقون فيها، بالاغتيال مرة، وبالإقصاء أخرى؛ ورُدّ فقيل: كلا، هذا افتراء عاهر وحاشاه أن يخون صحبه وقضيته وقسما أقسمه ونذر لتحقيقه نفسه وعمره كله، فصدق وجاهد وصبر وثابر حتى الرمق الأخير من حياته؛ وقيل: كان كابوسا فزال فتنفسنا الصعداء؛ وقيل: بل كان نبراسا هاديا ومن بعده ضللنا وسقطنا؛ وقيل: كان صلاحَ الدين الثاني، لكن العدو أجهض مسعاه فاغتاله قبل بلوغ الغاية، فاستشهد على درب صلاح الدين الأول، محرر القدس من الغزاة الصليبيين؛ فرُدّ وقيل: بل خسئتم أيها العُمْي البصر والبصيرة، بل باع الوطن وباع القدس والمسجد الأقصى، لكنه إمامكم الذي استخفّ بكم وأهلكنا وأهلككم؛ وقيل: كان طاغيا جائرا؛ وقيل كان ديموقراطيا عادلا؛ وقيل: كان مارقا؛ وقيل: كان فذّا خارقا؛ وقيل: كان خازوقا حارقا؛ وقيل: كان بلسما شافيا؛ وقيل: كاد يكون نبيا مبعوثا؛ فقيل: كان زنديقا ملعونا؛ وقيل: هو بلا نسب ولا حسب؛ فقيل: بل كان شريفا حسينيّا نبويّ النسب والحسب؛ وقالوا: أسس لنا مجدا؛ وقالوا: أذلّنا، وانتهك المقدسات، وقصّ شوارب الرجال، وحلق لحى المؤمنين، وقتل المجاهدين والمناهضين والمنافسين؛ وتنازعوا: أفي الجنة نزُله، أم الجحيم مثواه؛ فردّ مَن والاه: متنعّم في الفردوس الأعلى، مُتلذِّذ بحور العين؛ وقيل: كان مفخرة؛ وقيل: كان جبانا رعديدا؛ وقيل: كان شجاعا وبطلا صنديدا؛ وقيل: كان عارا وبهلوانا ومهزلة؛ وقيل: كان هبة التاريخ؛ وقيل: كان لعنة التاريخ؛ وقال قوم: كان نقمة سلّطها الله علينا، بذنوبنا؛ وردّ أخرون: كان رسول العناية الإلهية، فأنقذنا، وأحيا ذكْرنا بعد نسيان؛ وقيل: وحّدنا؛ وقيل: دجّال ضيّعنا؛ وقالوا: كان رمزا، وسيبقى رمزا أبدا؛ وردّ آخرون فقالوا: كان دكتاتورا قزما، وكابوسا متصلا؛ وقالوا: مات شهيدا،.. "؛ فما الصح وما الخطأ يا حورية، أيتها الحمارة الإنسيّة؟!"..
- "يا ولدي قدْ مات شهيدا من مات فداءا للمحبوب!
- "رحم الله نزار قباني يا حورية، ترك دجل السياسة، ونذر حياته ليغنِّي للحب والحياة!"..
- "سرقوا منا الحبّ والحياة!"..
- "صرتِ حكيمة بعد موتك وبعث روحك؛ فأسمعيني قولك فيما قيل أعلاه وقيل؟!"..
- "إذا غُلِّقت الأبواب عُطِّلت الأفهام وشاع الخوف والحرمان واشْتدّا وطغَيا وتسلّط الصُمّ العميان وبرز الشيطان ربّ الخذلان فصنع الهذيان والتيه والأوهام والأصنام والعبادات والركوع والسجود والجلوس والخشوع والتسبيحات والتبتيل والتمجيد والتكبير والتهليل والصيام والرقص والوجد والهيام والسعي والقرابين والصلوات وما عداها من ضلالات مؤصَدات كاسحات جارفات فاسدات مظلمات غازيات ماكرات خادعات بارعات فاسقات طاغيات ظالمات جائرات قاهرات عدوّات مؤصِدات فاجرات مُسْكرات موهِنات سالبات مهلكات عادمات!"..
- "أجل؛ عقل الحب غاب!"..
- "الحب عقل يُغيَّب لا يغيب!"..
وفي غزة، في ساحة الجندي المجهول، احتشدت نساء شابات كثيرات، عابسات بائسات، يحملن أطفالهن الباكين، فوق صدورهن وأكتافهن؛ وقفت قائدتهن، فقالت: "نحمل جميعا، شهادات علمية عالية، تخصصاتها نادرة، وتقدّمنا للمؤسسات الرسمية والأهلية، بطلبات لتوظيفنا، فرُفضت طلباتنا جميعا لخلوّ ملفاتنا من توصية، يُحصل عليها، بالواسطة، أو بالخلاعة!"..
وعلى مقربة من احتشاد النساء، أمام مبنى المجلس التشريعي للسلطة الفلسطينية، تجمهر عمال فقدوا فرصة العمل في المناطق التي تقوم فيها دولة إسرائيل.. يرفعون في أياديهم أرغفة الخبز.. ويطالبون بالعدالة؛ يطاردهم بؤس أطفالهم؛ فقد جفت محافظ المال في جيوبهم، فخلت مما يسد رمق أطفال ونساء وعجزة، يعولونهم!!؛ وسارع عضو مرموق في مجلس السلطة التشريعي بالخروج من مكتبه الفاخر ، وانتصب وراء الميكروفون، يعلِك اللُّبان، خلفه حائط عريض، تغطيه صورة الزعيم فاتحا شِدْقيه، وعلى جانبيها، راية فلسطين حزينة، والراية الصفراء رفرافة، وبلباسه الزاهي، وقامته القصيرة، وكرشه المنتفخ، ورقبته الغليظة، وصدر نحيف، تتلألأ فوقه، قلادة ذهبية صفراء ثمينة ثقيلة؛ فتح فكّيه العريضين، عن أسنان بلاتينية، ولوّح بيدين سمينتين، تلفّ معصيهما، سلاسل ذهبية، تتدلى منها قلوب ذهبية المعدن أيضا.. فقال: باسم القائد المفدّى، أحيّي صمودكم أيها العمال الأشاوس الصابرون الصامدون، وأزف إليكم، وباسم الشعب العظيم، أن القائد الماهر الباهر، يطلب منكم، المزيد من العطاء للوطن ومواصلة الشقاء في سبيل الوطن، ويقول لكم: إننا على العهد باقون.. وثورة.. ثورة.. حتى النصر!!"؛ ثم حملته إلى بعيد، سيارته الأنيقة، التي حظي بمثلها كل عضو في مجلس السلطة التشريعي، المؤسَّس وفقا لاتفاقية أوسلو، التي تنازلت فيها القيادة السياسية الفلسطينية الرسمية، عن حوالي أربعة أخماس الوطن.. كل عضو في المجلس التشريعي في السلطة الفلسطينية يتقاضى مرتبا شهريا، وامتيازات مالية، يكفي مجموعهما، لسدّ حاجة ثلاثين أسرة كبيرة، من أهالي قطاع غزة الذي يعاني مواطنوه، عَوَزا، زادت نسبته عن 60%.. من السكان! ولسان حال المواطنين المسحوقين يقول في تهكم مرير على نفوسهم: "يستحق نوابنا مرتباتهم التي يتقاضونها من أموال الدول المانحة!! أليسوا هم الأبطال الصناديد الذين يقاومون بصدورهم العارية دبابات الاحتلال وطائراته؟؟ أليسوا هم الذين يقاومون الفساد المالي والإداري المتعفن في خبايا سلطتنا وفي علنها أيضا؟؟!!"..
فساد فساد.. هي سلطة الفلسطينيين الذين ناضلوا نضالا لم يناضله شعب آخر في المعمورة.. الانتفاضة الدامية تتواصل.. وزعيم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الشيخ المقعد أحمد ياسين، ومن فوق كرسيه المتحرك، يحث الشباب على نيل الشهادة، والفوز بحور عين ينتظرنهم هناك.. قالت حورية: "الحق معك يا شيخنا المجاهد.. هناك حور عين، وهنا نساء بلا قلوب؛ هنا نساء منحوتات من حجر، لهنّ أرحام تحتضن الأجنة حتى تلدنها، ثم تقذفها الأمهات للموت؛ فتتدلى كروش المنتفعين تحت تدّليها!!"..
أحزان تتزاحم في قلب "الأبيض".. من فوقها أحزان.... هذي "غزة لا تخلعْ.. في مساجدها الكنادر!!".. كما يراها.. وعيون الرجال فيها يطمسها القذى.. "غزةُ لا تخلعْ.. في أحضان نسوتها الخناجر!!".. والنساء؟؟.. "تلك امرأة تحشر في أنفي قيحا!!".. "مرير أنت يا وطني.. ويقتلني فيك الضجر!!".. مفاصل الوطن "حقدُنْ.. والبنات جَوْعَى.. والفقر يفترش العراء!!".. يملأ الحزن نفسه، ويشتته.. لكنه يملك من الأمل ما ينتصر به على ظلام الجهل من حوله: وفيما الانتفاضة مشتعلة، توجه إلى الشيخ أحمد ياسين، زعيم الفصيل الأهم من بين الفصائل المشاركة في الانتفاضة، صاحب الأيديولوجية الإسلامية الجهادية.. ودعاه للانضمام إلى "جماعة حق البهجة – حب" التي سبق له أن أسسها، والتي تتبنى فلسفة للحياة، تناهض جبهة الموت التي تحاصر كل الأنفاس في وطنه، وتهددها بالهلاك.. كان يأمل أن يقبل الشيخ دعوته، ليقول للعالم إن حركة فصيله تجاهد في سبيل الحياة، لا من أجل الموت.. "لو قبل الشيخ دعوتي؛ لكان هذا أكبر وأفعل ردّ على اتهام العالم الخارجي لشعبي بالإرهاب!! لكن الذكاء خان الشيخ الكبير الذي أحترمه بكل قلبي، رغم خلافنا الأيديولوجي العميق!!"؛ قال "الإمام الأبيض".. واصل الشيخ تحريض الشباب على مقاومة الاحتلال بالعمليات الاستشهادية التي ينفذها أفراد مفخخون بقوة التدمير؛ وواصل "الإمام الأبيض" أحلامه: "سيقوم لنا وطن، لا يختنق الحب فيه، وفيه، نصلي ونغني معا، وفي النور، ببهجة وحرية!".. ونادى: "هدى!! أينك يا نور القلب.. أينك؟!"..



#حسن_ميّ_النوراني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هدى والتينة (16)
- رواية: هدى والتينة (15)
- رواية: هدى والتينة (14)
- رواية: هدى والتينة (13)
- رواية: هدى والتينة (12)
- رواية: هدى والتينة (11)
- رواية: هدى والتينة (10)
- رواية: هدى والتينة (9)
- رواية: هدى والتينة (8)
- غَزَلِيّاتٌ نُوراحَسَنِيَّة
- من رواية: هدى والتينة
- رواية: هدى والتينة (7)
- رواية: هدى والتينة (6)
- رواية: هدى والتينة (5)
- رواية: هدى والتينة (4)
- رواية: هدى والتينة (3)
- رواية: هدى والتينة (2)
- رواية: هدى والتينة (1)
- الحب حق فانصروه ينصركم!
- الملحد أفسد عقليا من المتدين، وكلاهما يؤمنان بإلاه!


المزيد.....




- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن ميّ النوراني - رواية: هدى والتينة (17)