أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن ميّ النوراني - رواية: هدى والتينة (3)














المزيد.....

رواية: هدى والتينة (3)


حسن ميّ النوراني
الإمام المؤسِّس لِدعوة المَجْد (المَجْدِيَّة)


الحوار المتمدن-العدد: 6985 - 2021 / 8 / 11 - 23:50
المحور: الادب والفن
    


أبهجت مكالمة الحبيبة الصباحية نهاري.. منذ رحيلي قبل خمسة أشهر، من بيت لقائنا الأول، إلى هنا، حيث كانت تقيم مع عائلتها؛ وأنا أنتظرها. ستأتي لزيارة أهلها، وسيفاجئها وجودي، وستأتي لزيارتي؛ أنا واثق من ذلك... قبل انتقالي إلى هنا، انتظرتها عامين قبل ذلك منذ تزوجَت، فلم تأت؛ الآن ستأتي..
بعد أيام قليلة، من آخر زيارة قمت بها لها، في مكتب كانت تعمل فيه قبل الزواج، اتصلت بي واقترحتْ أن نترك ترتيب اللقاءات بيننا إلى مبادرات منها. وقالت أنها ستأتي لزيارتي بعد يومين: "سأفعل ذلك وحذائي فوق رقبتي"؛ قالت بلهجة تأكيديه وهي تهاتفني من الحجرة التي تقع فوق حجرة مكتبي الذي اجلس فيه الآن..
"كاذبة، لن تعود لمهاتفتي، ومثلما فعلت مع وعدها السابق، فلن تفي بوعدها الجديد بزيارتي!"، قلت في نفسي بعدما أغلقت سماعة الهاتف بعد محادثتها الأخيرة.
قالت لي ذات مرة: "أنا أكذب عندما أشعر أنني أقع في زنقة"؛
قال بصمت: "كاذبة.. الأكثرون هنا يكذبون! ولكنها الحبيبة، سأغفر لها، سأنتظرها، سأوهم نفسي أنها ستفي بوعدها، في حياة قاحلة، كحياتي، الوهم حاجة نفسية، حينما نَهِن، فالوهم أنيس حلو ومنقذ؛ وفي الواقع، أنا أعرف من خبرتي، أن الحب بين امرأة ورجل، في أكثره وهْم أو أمانيّ ظامئ لا تصمد طويلا أو كذب!"
تمزق السكون الذي كان يريم حولي بصفعة من طفل عاد من روضته لباب بيت أهله الحديدي، باب جيراني. انتبهت إلى الساعة، أدركت أن موعد رجوع هدي من مدرستها قد مر منذ وقت قصير، لكنى لم أعهد منها قبل اليوم، أن تتخلف عن العودة في الموعد المحدد دون تأخير ولو بمثل هذه الدقائق القليلة. قلبي معلق بها، وانتظر رجوعها من مدرستها بقلق. "ربّاه؛ ماذا جرى، احفظها من كل سوء وأذى يا ربّ؟!"
هممت أن أهاتف مدرستها، لعل أمرا طرأ لها واستدعي تخلفها عن عودتها عن موعدها المعهود.
امتدت يدي نحو سماعة الهاتف. توقفت قبل أن ألمسها، عندما ترامى إلى سمعي تنهيدة طفولية جاءت من جذع التينة المزروعة في الفناء الخارجي للمنزل الذي تشاركني هدى، فيه..
التينة تمتد من تحت نافذة مكتبي إلى فوق شرفة الغرفة التي كانت الحبيبة تسكنها، منها كانت تهاتفني قبل الزواج... تذكرُ التينة قبل عامين وخمسة أشهر، المهاتفة الأخيرة قبل زواجها، كانت رسالة غير خافية الدلالة على أن شيئا ما يجري تدبيره!
وعندما استقر المقام بي، في سكني الجديد، وكان الليل قد لفَّ الناس، خرجت إلى الفناء، وحضنت التينة مثلما حضنت الحبيبة ذات مرة، وطبعت قبلاتي على جذع التينة كما كنت طبعتها ذات مرة على خدي الحبيبة.. حينها صاحت إنعام: "ماذا تفعل يا أبَ الروح؟".
قالت الحبيبة بوجنتين محمرتين "أكلني!".. قلت: "مشتاق جائع وقلبي ملتاع!"
- "هدى؟! لماذا تجلسين عند جذع التينة؟! قلقت عليك يا نور قلبي، هل حدث لك سوء؟! تكلمي، ما بك، لماذا أنت واجمة، هل يؤلمك شيء، أخبريني، لا تتركي قلبي يتمزق... أنا لا أحتمل أبدا رؤيتك وأنت غير سعيدة، أنت تعرفين أنك أنت وحدك التي تملك القدرة على أن تمنحي بهجة الروح. هل فعلتُ شيئا أساءك؟!"
لدى عودتها من المدرسة، تُلقي هدى حقيبة الكتب وتندفع نحوي فترتمي علي صدري، فتلتف ذراعاي حولها وأضمها بشوق يساوي كل شوق الأمهات والآباء جميعا.. أما اليوم، فقد حدث وللمرة الأولى أن لا تدفن فيها هدى رأسها مليح القسمات، ذا الشعر الحريري، في صدري!!
وقفتْ مستندة بظهرها إلى التينة. قفزتُ من باب البيت نحوها، فيما أنا يعذبني انسياب دموعها الغزير على خديها. حضنتها بعنف وحضنت التينة معها. اهتز جسمها اللدن الطويل المضغوط بيني وبين التينة ببكاء حاد مكتوم. ألصقْت وجهي بوجهها. أجهشتُ بالبكاء. علا صوت بكائها. اختلط بكاؤها وبكائي، ثم نُحنا معا. لكن التينة ظلت جامدة. سقطت أوراق جافة منها حولنا. زقزق عصفور. رفعتُ رأسي إلى الشرفة التي ترقب ما يجري تحتها. خِلْت أن وجه الحبيبة يرتسم على الهواء وأن للهواء هفيف من صوتها، وأنه عطر من عطرها. خفضت رأسي. أمسكتْ يداي رأسَ هدى. تنهمر الدموع على خديها جداول تحرق فؤادي. فقدَ لساني مرونته. نار تشتعل في عقلي. ضغطت وجهها بوجهي. انسلختُ عما حولي. التفَّت كفُّ يدي اليمنى على جذع التينة، انزاح وجه هدى، انخلعت شفتاي منى فالتصقت بجذع التينة.. انسلَّت هدى من أمامي فاندفعت احضن التينة؛ كلا، كان قلبي يحضن الحبيبة، وكأن رأسي على صدر ها، ألثم ثدييها، وأرضع من خيالها ماء الحياة وأملأ رئتيّ بعبق الأنوثة المعتق الثائر الهائج. جالت كفاي تتحسس جذع التينة من أعلاه إلى أسفله، فيما شفتاي المخمورتان تحترقان بالنار المقدسة تجولان ولهانتين هائمتين، على جسد الحبيبة الذي تلبَّس الجسد النباتي حتى لامستُ الأرض من تحتها وهدى تراقب وهي مذهولة مما ترى. أخذتُ أهْذِي: "أين هي.. أين هي؟!" فاسمع صوتا من التينة يهمس: "طواها شارٍ... طواها المال..."
شوق، هي الآن زوجة ديب العاشرة، طلَّق سبعا منهن قبل زواجهما، وفي الأسبوع الأول من زواجهما، طلق الثامنة، وبعد أسبوع آخر، صارت شوق الزوجة قبل الأخيرة!
لكن شوق لا تدري شيئا عن شؤون زوجها، مما يقع خارج بيتها! أما ماضيه، فقد عرفته من ثرثرة نسوة زرنها، قبل أن تنكشف آخر أحباره النسائية الشرعية. ثرثرة النسوة وصفت ديب بأنه زير نساء شرعيات وغير شرعيات، وأن علاقاته الجنسية لا يحصيها تعداد!
****



#حسن_ميّ_النوراني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية: هدى والتينة (2)
- رواية: هدى والتينة (1)
- الحب حق فانصروه ينصركم!
- الملحد أفسد عقليا من المتدين، وكلاهما يؤمنان بإلاه!
- لليهود حق تاريخي ديني في فلسطين، ولا يحق لهم إقامة دولة لهم ...
- ما هو السر وراء تديُّن النساء رغم امتهان الأديان لهن؟!
- المرأة بفطرتها: إباحية انتقائية
- نحو إلاه رحمي منفتح.. من دين ذكري قاتل إلى إيمان أمومي روحي ...
- هل الله والنبي يفعلان ما يريده الشيطان؟!
- نداء - مبادرة النوراني الخيرية تطلق -الحملة الوطنية لتكريم ا ...
- لماذا تنام -عناية الله- وتغطُّ في نومها، حتى توقظها أهواء ال ...
- هل وقع النبي محمد في خطأ ديني تسع سنوات إلى أن صححه له أحد أ ...
- الله ومحمد، هل هما يهوديان؟!
- -داعش- تؤمن بالنبي محمد، وتلتزم بدعوته. ويحق لها، أن تقول إن ...
- -داعش- صورة أصولية مخلصة لإسلام النبي محمد المديني وأصحابه
- نساء غزة سعيدات بترشحه للرئاسة ويؤيدنه | النوراني: نائب الرئ ...
- النوراني يعلن ترشحه لرئاسة فلسطين لمقاومة نكبتين: نكبة اغتصا ...
- رئيس منتدى الحرية يدعو عائلة الرئيس عباس لتوجيه المال المخصص ...
- منتدى الحرية الفلسطيني يطلق مبادرة الحوار الشعبي لتقييم وتطو ...
- لماذا يصيب -العلع الصادم- حركة فتح لاتهام عرفات ب-الخيانة-؟!


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن ميّ النوراني - رواية: هدى والتينة (3)