أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة الحسن - العصيان الثقافي














المزيد.....

العصيان الثقافي


حمزة الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 485 - 2003 / 5 / 12 - 03:58
المحور: الادب والفن
    


 

 

في العام الماضي قدمت طلب انتماء إلى الإتحاد العام للكتاب والأدباء العرب في دمشق، فليس من المعقول أن أظل ريشة في مهب الريح، أو كرة بين أقدام الشرطة العرب وغيرهم.

يجب أن أكون عضوا في جماعة أو مؤسسة أو مشرحة أو نادي أو قبو أو عصابة أو حتى روضة أطفال.

أحد الأصدقاء عتب عليّ كثيرا لأني قدمت الطلب لأنه لا يليق بي، وكانت حجتي أني لا أحمل أية ورقة أو هوية أو وثيقة تؤكد عراقيتي  في المطارات العربية أو نقاط الحدود أو في غرف التعذيب.

الدليل الوحيد الذي أحمله كهوية عراقية هو النظرات الزائغة، وجرحين واحد في الظهر والآخر في الجبهة الأمامية في الحرب، وأضلاعا شبه عاطلة عن العمل بسبب الدلع العراقي في غرف الفرح، والمصيبة أني أتقاضى اليوم راتبا تقاعديا من النرويج كتعويض عن كل هذا الجروح، وعن مآسي بلدي.

 قلت أيضا أن هوية اتحاد الكتاب والأدباء العرب قد تكون عاصما من الشر والحسد والكبسات الطارئة للبرغش العربي.

لكن المفاجأة كانت هو أن أحد شروط الانتماء للاتحاد هو أن أحصل على شهادة حسن سلوك تؤكد خلوي من أية لوثة عقلية أو جريمة أو جنحة مخلة بالشرف العربي الرفيع أو أية مشاكسة لصرصور عربي حاكم أو أية عنزة حزبية في ملهى أو مرقص .

شهادة تؤكد أني أنتمي إلى عالم الخرفان أكثر من عالم الكتاب والروائيين.

 وفكرت بعمق وتأمل:

من أين لي بمثل هذه الشهادة؟
والنظام العراقي ـ كنت في تموز العام الماضي ـ خلفي بكل ما عنده من أسلحة وعسس ومفاعلات واسلحة دماء شامل وحشرات تجارب.

وحتى في إيران فإن أسمي وضع في المطارات الإيرانية تحت عنوان قرمزي( ممنوع الدخول بتاتا!) بعد طردي مع عدد من العراقيين في ليلة ثلجية بتاريخ 17/ 1/ 89 إلى باكستان عبر الحدود، وعلى الأقدام.

كما أن السلطات الباكستانية وبعد السجن والترحيل إلى النرويج، وضعوا أسمي أيضا ليس في صالة الشرف أو من كبار الزوار، بل في صالة غير المرحب بهم، أو من الذين لا يسمح لهم بدخول هذا البلد الذي يعني أسمه (البلد النقي).


 من أين أحصل على شهادة حسن سلوك؟

من البوليس الأردني الذي منع روايتي من دخول الاردن واستقبلني على الحدود السورية كنشال أو عضو بارز في القاعدة أو مهرب كبير من جماعة أسكو بار، وفصلوني عن العائلة بعض الوقت؟

أم من البوليس المغربي الذي دخل علي في المنزل في الدار البيضاء قائلا بكل مرح وطيبة قلب وصدق شرطوي:

ـ نحن لحمايتك!

قلت كالمخروع:
ـ من أين يا سيدي.ليس عندي خصومة مع زنبور؟
ـ من أي شيء، أي شيء. لا تفكر كثيرا. لا تقلق.

وأضاف بالدارجة المغربية:
ـ كديره؟ لا بس عليك؟ أي كيف الدنيا معك، لا بأس؟

قلت:
ـ زفت!

من أين أحصل على شهادة حسن سلوك إذن؟

ولم يجب على الكاتب أو الفنان أن يحصل على شهادة حسن سلوك؟ ما معنى الأدب إذا كان الكاتب منسجما مع البقال والنجار والتاجر والمقاول والجنرال ومع بائع الشاورمة؟

لا يعرف تاريخ الأدب في العالم أن أديبا أو شاعرا مبدعا أو روائيا كان على وفاق مع مجتمعه إلا كتاب عربات الدرجة الثالثة الذين لا يحملون مؤهلات أو ثمن الدخول إلى عربات الإبداع الحقيقي فيركضون خلف عربات الدرجة الثالثة ويتعلقوا  بها في انتظار مكسب أو غنيمة أو فضيحة أو مرثاة.

كل كتاب العالم غادروا هذه الحياة وهم بأضلاع مهشمة، وجوه عابسة، حزينة، وقلوب مجروحة، وجلود مدبوغة، ومعارك كثيرة خلفهم حتى أن عدد الذين طاردوهم إلى المقبرة أكبر من عدد المشيعين.

الأمثلة لا حصر لها:
السياب مات حزينا ومفلسا، رامبو مات مهانا بعد سلسلة من الويلات، الرسام فان كوخ قطع أذنه  وأنتحر تاركا خلفه قائمة من الديون أخذت من لوحاته بما في ذلك ثمن الإيجار، الرسام كلود مونيه، الروائي أرنست همنغواي انتحر، الروائي الياباني ميشما انتحر، كاوباتا زميله حامل نوبل انتحر، خليل حاوي انتحر، إبراهيم زاير العراقي انتحر، البير كامو انتحر.....الخ.


 هناك كتاب يمكن أن يحصلوا في أي وقت على شهادة حسن سلوك من أي زريبة أو مؤسسة أو حزب أو جمعية خيرية أو جمعية ايتام أو جمعية الرفق بالحيوان أو حمام نسوان.

 لكن ماذا نفعل نحن الذين يطاردنا كل بوليس الأرض، بما في ذلك شرطة لندن بناء على أمر فوري صادر من صرصور تقدمي، ثوري، حداثوي؟

ماذا نفعل بشرطة المطارات العربية التي تصر على خطورة حقيبتي التي لا أحمل فيها عدا:
*حبوب صداع.
* حبوب فيتامين.
* وحبوب منع الحمل لشاعر عراقي مبدع في أوسلو، يعاني من الحمل الفوري بعد كل سهرة خارج المنزل، أو خارج التاريخ، أو خارج القصيدة!   



#حمزة_الحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزهار تحت أظلاف الخنازير
- الاغتيال المبكر
- وطن العبيد
- رصاصة ناجي العلي في رأسي
- حماقة التاريخ الكبرى
- دكتاتور نجوم الظهيرة
- أشباح الماضي
- حفلة التيس
- إبراهيم أحمد وعيون الضبع
- غارنر والختان
- رسالة مفتوحة إلى الدكتاتور لمناسبة عيد ميلاده
- كل شيء تحطم إلا اللغة
- سنواصل المنفى ونحرض الشجر
- سقوط الرهانات الكبرى
- الوجه الآخر للدكتاتور
- أبناء منتصف الليل
- سرقوا الوطن، سرقوا المنفى
- لا تزعجوا هذا الجندي النائم
- خاتمة محنة البطريق/ رسالة منتصف الليل
- وداعا أيتها البصرة الرهينة 21


المزيد.....




- مبعوث روسي: مجلس السيادة هو الممثل الشرعي للشعب السوداني
- إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري
- -قناع بلون السماء-.. سؤال الهويّات والوجود في رواية الأسير ا ...
- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...
- مطالبات متزايدة بانقاذ مغني الراب الإيراني توماج صالحي من ال ...
- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...
- اشتُهر بدوره في -أبو الطيب المتنبي-.. رحيل الفنان العراقي عا ...
- عبد الرحمن بن معمر يرحل عن تاريخ غني بالصحافة والثقافة
- -كذب أبيض- المغربي يفوز بجائزة مالمو للسينما العربية
- الوثائقي المغربي -كذب أبيض- يتوج بجائزة مهرجان مالمو للسينما ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة الحسن - العصيان الثقافي