|
سلوك القوي المختل عقليا .
خليل قانصوه
طبيب متقاعد
(Khalil Kansou)
الحوار المتمدن-العدد: 6996 - 2021 / 8 / 22 - 12:39
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا يعبر العنوان أعلاه بالقطع عن مفاخرة و ادعاء بالحكمة و المعرفة و العلم ، وإنما عن حيرة و قلق أمام تتابع حوادث في مجالات عديدة تعكس غرابة المفاهيم الحديثة المتعلقة بالإنسانية و الحضارة ،من المحتمل أنها ليس جديدة ، لا سيما اذا عدنا إلى تاريخ الحروب و الحملات الإستعمارية في القرنين الماضيين ، و لكن انتشار الخبر ، الخبر الصادق و الكاذب على حد سواء، علما أن سرعة أنتشار الثاني أكبر من الأول ، على نطاق واسع نتيجة للتقدم في و سائل الإتصال ، وتوافر المراجع الكثيرة التي تتيح الاستكشاف و التحقق و المقارنة ، يضعان المرء حيال معطيات صادمة في موضوع السلوك الإنساني في مواقع السلطة و القيادة ، ليس فقط حيث ُينعت السكان بالتأخر والجهل و الفقر و الضعف و أنما أيضا في البلدان المتقدمة التي استطاعت أن تبني إقتصادا انتاجيا وماليا هائلا توازيا مع امتلاكها قوة عسكرية عظمى. فاللافت للإنتباه أن الثروة و القوة هما مثل الجهل و الفقر ، عوامل غير مؤاتية للفكر و الحكمة و العدالة و التضامن بين الناس ، ربما يجوز القول أن هذه العوامل تنتج نفسها بنفسها على حساب الناس و حقوقهم في العمل و التعليم و التطبيب و وحرية التعبير و التنقل . أكتفي بهذه التوطئة تمهيدا لتناول ما تناهي إلى العلم عن التطورات التي شهدتها بلاد أفغانستان طيلة عشرين سنة كانت أثناءها محتلة من القوات الأميركية و البريطانية و الفرنسية ، تحت حجة أن حكومتها دبرت في 11 أيلول 2001 الهجمات الإرهابية في نيويورك .
يبدو أن الفريق الذي يُعرف باسم طالبان ،الذي نشأ وظهر في سياق الحرب الأهلية التي أعقبت انسحاب قوات الأتحاد السوفياتي في سنة 1989، و كان يمسك بزمام السلطة عند وقوع حادثة نيويورك ، عاد إليها بموجب إتفاقية تم التوصل إليها ، بينه و بين قوات الإحتلال الأميركي ، بمساعدة الصين و الهند و باكستان . يُعتقد أن هذه الأخيرة كانت تدعم طالبان قبل الاحتلال و أثناءه .
يفيد المراقبون للأوضاع الأفغانية ، بأن قوات الإحتلال نصّبت سلطة متعاونة ، وجعلت لها أجهزة أمنية و جيشا جرارأ ، و لكن الفساد كان ينخر الدولة و المجتمع ، حيث راجت تجارة الأفيون و اضطرب الأمن و أنتشر البغاء ، ناهيك من الخسائر البشرية الكبيرة قتلا و تعذيبا و إذلالا و ترحيلا ، كما يجري عادة في البلدان التي تعمل القوات الأطلسية على تدميرها وتبديد سكانها . يقول أحد الجنرالات الأميركيين في هذا الصدد عطّل الفساد خطة بناء دولة قادرة على الاستمرار بعد الاحتلال " فقليل من الفساد في الدولة يشبه السرطان الجلدي ، قابل لمعالجة جذرية اما أذا أصاب الفساد وزرات الدولة فإنه أشد خطرا ، مثل السرطان القولوني ، و لكن الشفاء منه غير مستحيل ، حيث يكون التشخيص و العلاج مبكرين . بينما الكليبتوقراطية ، أي ميل الحكام الغريزي إلى ممارسة الإختلاس ، فإنه كالسرطان الدماغي ، مميت "
على الأرجح في سياق آخر أن قادة الولايات المتحدة أخذوا بعين الاعتبار تكاليف ما أرتكبوه من تقتيل تدمير و تشريد في أفغانستان ، ما حدا بهم إلى التباحث مع حركة طالبان ، متجاوزين السلطة الأفغانية الرديفة ، و التوافق معها على أسلوب إنهاء الإحتلال الأميركي والأطلسي لبلادهم .
يحق لنا بناء عليه ، أن نتوقف عند هده المسألة . من البديهي القول أن الإتفاقية التي توصل إليها الأميركيون من جهة و حركة طالبان من جهة ثانية غيرت طبيعة العلاقة التي تربط الفريقين فيما بينهما ، أغلب الظن انها لا تتسم الآن ، بالعداوة . و ليس مستبعدا أن المباحثات تناولت موقع أفغانستان التي تتوسط منطقة تهم أيضا ، روسيا و الصين و باكستان و الهند و أيران ، بالإضافة إلى مشروع استجرار النفط بين بحر قزوين و بحر العرب و المحيط الهندي . تحسن الإشارة بالمناسبة إلى أوجه التشابه بين بحر قزوين من جهة و بين شرقي البحر المتوسط من جهة ثانية بماهما نقاط احتكاك و منافسة بين الدول الكبرى .
مجمل القول من المحتمل أن ما جرى في أفغانستان ، و ما قد يجري في بلدان أخرى تتعرض لعدوانية القوات الأطلسية ، ليس هزيمة عسكرية للأخيرة ، و إنما تغييرا في خطة العدوان ، ربما يكون انعكاسا لمحدودية القدرات المالية و العسكرية في مواجهة روسيا و الصين . فعلى الأرجح أن بعض ما يروجه الإعلام " الأطلسي " ، عن الفشل و الهزيمة في أفغانستان ، ليس صحيحا . نذكر في هذا الصدد تصريحا لجنزال أميركي جاء فيه "لم يكن لدينا مفهومية عميقة لأفغانستان ، لم نكن ندري ما نفعل و لم نكن نعرف لماذا نفعله " ، و لكن يجب في المقابل أن لا ننسى ما كشفه جنرال أميركي آخر في سنة 2004 من أن الولايات المتحدة عازمة على تدمير سبع دول خلال الخمس سنوات القادمة هي : العراق ، ثم سوريا ، لبنان ، ليبيا ، الصومال السودان و أخير إيران .
مهما يكن ، أن صعوبة التنبؤ بالنهج الذي ستسلكه الحكومة الطالبانية في أفغانستان ، في بلادها و في المنطقة المحيطة ، فإن نتائج التدخل الأطلسي في شؤون البلاد منذ 1979 سيتطلب في أغلب الظن ، من الشعوب الأفغانية جهودا كبيرة جدا تعوبضا عن الخسائر الفادحة التي لحقت بها خلال ما يزيد عن أربعين سنة ، نتيجة هذا التدخل اللاإنساني .
#خليل_قانصوه (هاشتاغ)
Khalil_Kansou#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العصابة و العصبية و مذلة العيش في لبنان
-
الدولة الوطنية المحلومة 3
-
شبه الدولة غير وطنية 2
-
سلطة شبه الدولة و سلطة الدولة الوطنية
-
قراءات في زمان الوباء 2 الحلرب الصحية .
-
قراءات في زمان الوباء 1
-
فن التعجيل في انقراض شعب مستعمَر
-
الحروب العبثية
-
يا أهلا بالمعارك
-
الدولة الموظَّفَة
-
عسكر السلطة
-
سلطة الدين و الثروة
-
مفارقات المشهد اللبناني من خلال تفليسية 2020
-
الإحتلالات المشروعة و الإحتلالات المرفوضة
-
خرابيش في مقهى هافانا الدمشقي
-
الوطن مثل الطائرة إذا امتلكه الأفراد سقط و تحطم
-
مفكرة فلسطينية (2) : اليهود العرب
-
الإنتخابات في زمن الحرب
-
مفكرة فلسطينية
-
الفيروس و السياسة (222)
المزيد.....
-
اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض
...
-
غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
-
السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك
...
-
صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره
...
-
الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
-
الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة
...
-
وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن
...
-
أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا
...
-
وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو
...
-
مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من
...
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|