أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي قاسم مهدي - مع الكتب/ سيرة ذاتية















المزيد.....

مع الكتب/ سيرة ذاتية


علي قاسم مهدي

الحوار المتمدن-العدد: 6979 - 2021 / 8 / 5 - 23:42
المحور: الادب والفن
    


مع الكتب
الحلقة الثالثة
المسرات والأوجاع فؤاد التكرلي
ها انا اعود بعد انقطاع دام قرابة الشهرين الى الكتابة بسبب وضعي الصحي وما لحقه من تموزيات عراقية خالصة وآبيات كذلك ، عظيم حتى في حرك يا وطني ، يصطلي قلبي بجمر قيضك واقول اشاه.
في احدى شتاءات الحصار وأنا ادوس بقدمي ازفلت شارع الرشيد بعد ليلة ماطرة ، تسلل البرد الى اصابع أقدامي من اول خطوة بعد ترجلي من باص المصلحة المنطلق نحو ساحة النصر . احكمت ازرار جاكيتي ودثرت وجهي بشالي . لا اعرف مصيبتي مع البرد اخاف منه. الوحيد الذي يكره البرد عكس الجميع انا ، لعنت يومي وشارع المتنبي الذي يقودني اليه (حبي اليه) كخروف كزار حنتوش الضال ، وانطلقت تلفحني ريح الميدان الباردة كأنها سهام الموهيكانز، مندسا بين من ترجلوا من الباص . وبعد مسير خطوات دلفت مدخلا بين المصرف الاسلامي وبناية خاصة لمديرية كهرباء بغداد ، متحاشيا الريح الباردة .
بدأت اسمع وقع خطوات المتكسرة المرتعشة تتناغم رغم ما بي مع صوت الرعد نظرت الى السماء الملبدة بالغيوم المتحركة رايتها ناصعة البياض متصلة مع بعضها ( يسميها العرب الاقحاح غيوم غر) لشدة بياضها عادة ما تكون محملة بالمطر الكثير ، منذرة بصباح ماطر .
خاطبتها بيني وبين نفسي .
- اما يكفيكِ ما انزلتِ ليلا .
عرجت من جديد الى الميدان بعد ان اعترضني كلب يلهث، ما ان نظرت اليه أوجست بأنه يضمر لي شرا ،وبخفة تغير مساري ونسيت برد اصابعي، ولجت مقهى فتحي . مقهى تطل على ساحة الميدان،تقابل مبنى المحافظة. صغيرة يتقن صاحبها صنع شايا مميزا، هدأت نفسي بعض الشيء ، شربت شايا مهيلا . وبصوت قوي اطلقه فتى المقهى الذي يلبي طلبات الخارج ؛ احدث شرخا في اذني
- مطرت مطرت .
حمدت الله. ودفعت لفتحي ثمن الشاي، وبخطوات سريع ولجت بداية شارع الرشيد باتجاه المتنبي صرت اسير تحت السقف الذي تحملة اعمدة الشارع المتراصفة بإحكام، على الرغم من تآكل الكثير من اجزاءها . بدت حركة السيارات بطيئة تزاحمها عربات الحمالين والمطر ينزل بقوة . ما ان وصلت الى جامح الحيدر خانة، حتى انتقلت الى الجهة المقابلة . وصلت الى مدخل المتنبي غسل المطر الشارع الذي اصبح فارغا تماما من الباعة . حينها احبطت تماما ودارت في رأسي فكرة العودة الى مقهى ام كلثوم ،وصرت احث خطاي مسرعا ، اعترض طريقي بعض المارة ، لمحت تجمع لبعض الشباب ،ما ان اقتربت منهم رأيت رجل ستيني ذو ملامح بغدادية يتدثر بمعطف صوفي حسدته عليه، يحمل بيده مجموعة من الكتب مغلفة بعناية يفرشها على الارض بعد ان وضع نايلون عازل بينها وبين بلاطات الرصيف. اصبح صديقي فيما بعد. وقفت انظر الى العناوين لمحت غلاف لرواية شدني رفعتها ( المسرات والاوجاع ) لفؤاد التكرلي . اشتريتها فورا وسعيت الى مبتغاي . جلست على تخت منزوي تحيطني صور السيدة ويصدح صوتها من جهاز الآكاي 73 على انغام الراست الغزير بالتشكيلات والإحساس الشرقي صعودا ونزولا وهي تغني الامل ، وبين امل ان يتوقف المطر وان اجد ما يقتل وقتي بالقراءة قمت بتصفح الرواية .
كلنا نتفق بان الرواية العراقية ذات نهج واقعي واغلب كتابنا ينهجون هذا النهج ، حيث الموضوعة السياسية الاجتماعية . كنت اخاف ان اجد رجعا جديدا للتكرلي . وإسقاطاته السياسية . رفعت اشرعت بشدة وأبحرت بلهفة، شدني وثاق الرغبة بالمواصلة ،نسيت المطر والبرد وكل اوجاعي حلقت بعيدا مع ما يسطر التكرلي من ابداع ، مضى الوقت بلذة ونشوة ليس لها مثيل . سحر من نوع خاص لا يعرفه إلا من ينهل من القراءة . باعث داخلي لاشعوري ،يتقد بفعل عمليات نفسية وعقلية معقدة ومتشابكة وغامضة يصعب تحليلها ، هي بخلاصة ما يسمى الابداع يسيطر عليك. يتجلى من خلال القراءة . انهيتها بمسرة مغلفة بالوجع بعد ثلاثة ايام من شراءها . لا اريد ان اطيل عليكم . لم اجد وقتها من بين اصدقائي من قراءها ، ولا اعرف السبب . ادركت بعد فترة طويلة بان الرجل الذي باعني الرواية كان اخوه احد المسؤولين في السلطة وهذه الكتب كان يستلفها منه ولا يعيدها، وهي غالية بسبب الحصار. وطبعاتها محدودة ولا تصل الى العراق بسهولة .
. اخبرني ذات مرة وعند لقاءاتنا التي تتكرر في الميدان .
- هل تعرف فلان .
كان يقصد اخوه الذي كنت اعرفه حق المعرفة ،لكنني اظهرت له بأنني لا اعرفه خوفا . وكنت لا اعرف حينها بأنه اخوه .
- لا
- هو اخي
ذهلت ولم ارتح لحديث صديقي ، لماذا يخبرني انا بالذات ، كان لرجال السلطة في تلك الفترة سطوة وقوة يستمدونها من نذالة قائدهم وانتمائهم للحزب . وعرفت بعد حين بأنه على خلاف دائم معه ، كان اخاه يكره طيبة ونقاوة صديقي الطيب ويلومه كثيرا لتسكعه في الميدان والاختلاط بالناس البسطاء . اخبرني بان اخوه يهدده ويريد منه ان يبتعد عن هذه العوالم ، واسيته حينها وتمتنت اواصر علاقتنا معا ، عَرَفَ كم احب القراءة وكم اعشق الكتب ،لكن وضعي المادي يجبرني على عدم الشراء. وأصبح بين فترة وأخرى يبيعني وباسعار زهيدة، كتب مهمشة باسم اخيه ، الذي ابديت عدم معرفتي به ولكن بعد الاطمئنان من صاحبي اخبرته الحقيقة . كانت كتب نادرة في منتهى الاهمية والتي لا تتوفر بسهولة بسبب محاربة الفكر والمثقفين في تلك الفترة.
بعد مضي اكثر من ثلاثين سنة على الحادثة ،هجمت علي ّ رغبة لقراءة الرواية من جديد .. وبالفعل قراءتها للمرة الثانية قبل ايام ، ولكن هذه المرة على جهاز الكندل الخاص بالقراءة . اهدانيه احد معارفي لمعرفته ولعي بالقراءة
قرأتها ،وبتصور آخر جعلني التهمها بنهم غريب وكأنني لم اقراها من قبل،بكيت حزنا عندما انهيتها لتعاطفي مع بطلها. وعند اطفاء جهاز القراءة . كأن بطلها توفيق يقف امامي بكل وسامته وطيبته يمسح دموعي. قال لي .
- لا تبكي عشت حياتي حسب رغباتي ،لا تبكي.
- شكرا توفيق.
نعم عاش توفيق نموذج للإنسان العاشق للحياة وللآخرين.
أحببتها، لأنها وبكل تأكيد رواية جيدة وجميلة وممتعة ،استطاع التكرلي ان يقدم انجازا مميزا . اوجز فيها قرن إلا ربع من حياة عائلة عراقية ، متمكنا من الموضوع وبلغة عربية سهلة ، مما جعلها رواية عراقية وعربية بامتياز ، ابتعد فيها عن التجريب واللامنطق ، تدرك وأنت تقرءا بوضوح الخط الروائي الذي يربط الاحداث بحياة البطل، اراد ان يقول حسب فهمي ؛ عش على هواك وان تتنازل على هواك وان تحب على هواك وان تمارس الجنس على هواك ،ودع الاقدار تصنع ما تشاء وامضي لان الحياة لا تعاش إلا مرة واحدة . مضيفا الكثير من التميز لبطلها . فالمعروف عن التكرلي ،انه تواق حد المبالغة والإلحاح غير الاعتيادي للكمال الفني . انه ابداع يكشف مقدرته المتميزة في استحضار العوامل الداخلية للنماذج الانسانية ،تلك العوامل الملأى بالأزمات او حالات التأزم الفريد والغير عادي . وهو لا يلتزم بالواقعية بوصفها مدرسة او اتجاها بمعالجاته الفردية .ربما متأثرا الى حد ما بالمدرسة الوجودية . سعادتي لا توصف وأنا اقراء انستني حرارة اواخر ايام تموز وبداية آب . وفكرت ان اقراء التكرليات كلها .
انها بالفعل المسرات والأوجاع رواية تستحق القراءة .



#علي_قاسم_مهدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة/ اتحاد
- قصة قصيرة/ الصوت المنقذ
- مع الرواية وكتابها / الحلقة الثانية /علي بدر
- الراقصات / سيرة ذاتية
- مع الرواية وكتابها
- مع الكتب
- قصة قصيرة/ كسر الحاجز
- قصة قصيرة / الرجل الغريب
- نص/ تداعيات عازف
- قصة قصيرة / منعم
- قصة قصيرة / شجرة التوت
- قصة قصيرة / شجرة الايادي
- قصة قصيرة/ منزل واريكة
- قصة قصيرة / التون كوبري
- الرحيل قصة قصيرة
- اوراق قصة قصيرة
- قفاز
- نجدت كوتاني
- قرض الفئران وقرض الانسان
- قصة قصيرة


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي قاسم مهدي - مع الكتب/ سيرة ذاتية