أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي قاسم مهدي - قصة قصيرة














المزيد.....

قصة قصيرة


علي قاسم مهدي

الحوار المتمدن-العدد: 3637 - 2012 / 2 / 13 - 23:05
المحور: الادب والفن
    


هي


شمس حارقة ، عرق ينز من جبيني ، ورائحة جسدي تتغلغل في ثناياي ، رائحة ثقيلة زادت من توتري بعد أزمة مرور خانقة بدأت من كراج باب المعظم حتى مكان دراستي في قسم التربية الفنية . دخلت مسرعا إلى الكافتيريا سحبت أول كرسي صادفني ، كانت أصوات الطلبة ترن بصلابة تملآ المكان ، شعرت بالوقت كأنه ثابت ولن يمر، شعرت وللمرة الأولى بان الإنسان - وأنا تحت تأثير ألف فكرة - يبالغ في تساؤله بان هذا العالم لا تتكامل حركته ولا يكتسب معناه إلا من خلال تجربة تؤثر فيه بقوة . وأنا على هذا الذهول وقعت عيناي على ملامح إمراة ابحث عنها منذ ثلاثة قرون ، إمراة اعرفها وأكاد اشك في نفسي إني قد عرفتها أو تحدثت معها أو حتى اقتربت منها ، إمراة توحدت معي توحد تام .... امرأة اختفت وتركت أثرا لن يمحى داخلي ، لم يكن ماحدث صدفة فانا كنت بحاجة ملحة أن يحدث لي شيء كبير كهذا .. تأملتها بنظرة ممزوجة بقلق متصارع النبضات ، أمعنت النظر بملامح وجهها المفعم بالحيوية ... إنها هي . لا ،هل يمكن أن تتطابق الصور ولإشكال إلى هذا الحد العجيب ؟ لقد مضى وقت طويل ، ثلاثة عقود ... غير معقول مستحيل .. هذه الملامح تلح على ذاكرتي تضغط عليّ باستمرار ، ما أكثر ما أتذكر في هذا الزمن الوغد ، كأني أسعى دوما إلى التخلص من شباك الحاضر الذي يوقعني بمرارة الماضي ، ويخالني بالموت الذي يختفي وراء كل زاوية فيبدو حضوره كلي الوجود ، كأنه المارد الكوني الذي يحيل السماء إلى رماد .. وشكت على الانهيار وأنا في لجة صمتي وحيرتي .. تماسكت وبدأت الذكريات تمخر لحظتي ، لم استطع منعها وتركتها تتنقل داخلي مستسلما لها استسلام عجيب ، مستمعا إليها وهي تفجر براكينها ، مصغيا بحذر لاتبين ما يحدث ، دارت بي توقفت عند باب مراهقتي . ما أقساها هذه المرة عندما تكون رحلتي لزمن مضت عليه ثلاثة عقود ، شديدة تجربتي بتفردها تحلق منعزلة في أجواء الرغبة الحادة في المضيء بي نحوها.. كنـــــت صغيرا أو هكذا أرى نفسي ألان في تلك اللحظة ، أعماقي بريئة أنفاسي لاهثة بالحب ، يبدأ أمري بالتراجع ويتباطأ صوت أنفاسي عندما أراها..أتذكر .. ذات مساء متأخر وأنا عائد إلى البيت كنت عنيدا أن اكتشف حقيقتها أفكر ماذا افعل غدا .. جالت في راسي أفكار عدة .. عليّ أن افعل شيء ..افعله مهما كلف الأمر.. وفي صباح اليوم التالي وقفت بالقرب من المكان الذي اعتدت أن أراها فيه ( مرطبات عبد السميع المصري ) . أنا انتظرها .. إحساسي لم يخمد أبدا سيطر عليّ، كأني أشم شذى عطرها يفوح كالنسيم ، يحوم حولي يجعل روحي تحلق كعصفور يغرد سعيدا بالحياة ، سأشبع رغبتي بملامح وجهها المبتسم ، وهي تزم على شفتيها وتنظر نحوي بمكر .. سابقي عيناي في عينيها .
- ها جاءت تشق الصمت بضحكة تحطم فكري المنسرح ، نظرت إليها وبخفة عجيبة رفعت ذراعها نحو رأسها ترتب شعرها حتى رأيت بياض إبطها الحليق ، جرى الدم بعروقي وانتصبت رجولتي بين فخذي كأنها شرارة أوقدت حريق بحجم العالم اطفئته بمياه لزجة قذفتها أحشائي . تداركت الموقف بعد أن هدأت ثورتي ورحت ارقب ما يجري ، مدت يدها بعد أن طلبت قدح ايس كريم رأيت يد الباع تلامس يدها وهو يعطيها طلبها وهي تحاول أن تبقي يدها بين يده مدة أطول متحججة بالبحث عن النقود باليد الأخرى . أعطته المبلغ ونظرت باتجاهي واستدارت مخلفة ورائها مئات الأسئلة المحيرة دون جواب ، دَلَفت الشارع المؤدية إلى السوق ، وقررت اللحاق بها ، وتبعتها من زقاق إلى آخر ، وقبل أن تستدير مع انعطافة شارعهم حانت منها التفاتة إلى الخلف ، رأتني خلفها ، توقفت ، وفي تلك اللحظة شعرت بخجل شديد وهي ترمقني بنظرة طويلة تحمل اللوم والعتاب . ندمت على فعلتي ولم أجد غير العودة من حيث أتيت



#علي_قاسم_مهدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصيدة نبي الصمت
- ابدا ما راهنت عليك
- التعامل مع التراث ومتغيرات الواقع
- السينما والتعامل مع الحقيقة
- تيوس التطهير والخلاص
- هشيم مرايا
- سهر الليالي هل اعادة للسينما العربية عافيتها
- الواقع السياسي وحال العراق
- قصيدة خارج حدود المرايا
- كتبتها كي تقراني
- التحديات وتنظيم المجتمع المدني
- ست حالات
- ازمة السينما المصرية
- السينما والترحيب بالجديد
- السينما لغة انسانية راقية
- الواقع العربي بين الركود والتغير
- ديون العراق وصندوق النقد الدولي
- الشاعر بين النقد والابداع
- جابي
- هم وانا والشعر


المزيد.....




- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي قاسم مهدي - قصة قصيرة