أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - علي قاسم مهدي - جابي














المزيد.....

جابي


علي قاسم مهدي

الحوار المتمدن-العدد: 1964 - 2007 / 7 / 2 - 04:30
المحور: كتابات ساخرة
    


أوج كارثة ( أعوذ بالله ) أن تغادر النقود جيبك ، ويعلن الإفلاس اتحاده المزمن معك ، اعرف اتحادت كثيرة ، كاتحاد البنك العالمي ،واتحادات البورصة والأسواق المشتركة واتحادات النفط أما اتحادي فهو الأغرب بين جميع الاتحادات لأنه مع الإفلاس ، يا لمصيبتي التعيسة التي لازمتني معظم فترات حياتي . وما زالت مستمرة ترافقني ، توقف رغباتي وطموحاتي الصغيرة – أنا بحاجة إلى المال دوما – بحاجة إلى مال كثير لأمارس سلطتي بسهولة اتجاه عائلتي أعيش كما يعيش الآخرون ، لكن من أين المال ؟ بالرغم من وظيفتي الصغيرة جابي في الشركة العامة لنقل الركاب ، قادتني ظروفي القاسية والصارمة لخوض التجربة بعد أن فشلت في الأعمال الحرة التي كانت لا تجلب لي وجع الرأس ، نزل السوق ،صعد السوق ،وأنا بين الاثنين محتار . بالفعل تم تعييني في الوظيفة بالرغم من معارضة آهل زوجتي على عملي الجديد ، واستهزاء بعض الأصدقاء ، بقيت على إصراري بالمواصلة لأنني لا املك شيئا اخسره ولم يبقى أي شيئا سوى كرامتي التي لا أستطيع أن أتنازل عنها مهما حصل .. وبالفعل أنا الآن (جابي ) اعتمر قبعتي من الصباح الباكر ، واضع حقيبة تحصيل النقود على محزمي واضعا فيها الدفاتر الصغيرة ( البطاقات ) . كنا مجموعة من الشباب كان العمل شغلنا الشاغل الكل يعمل بجد ، نتجمع في باب المراّب كخلية نحل حتى يتم إكمال خطة العمل اليومية وبعدها تنطلق الحافلات . كنت امسح الزجاج الأمامي للحافلة وبالأخص المقابلة للسائق رفيقي الذي يقود الحافلة الذي أصبح صديقي في ما بعد ، كان عصبي المزاج ، لكنه طيب القلب معاند ، وساذج في بعض الأحيان . كان بصره ضعيفا لهذا أنا أصر على أن أزيل الغبار المتراكم على زجاج الحافلة . كنت كثيرا ما أتكلم معه حول الكتب التي قرأتها وكان يتعجب كيف قرأت كل هذه الكتب وكيف احفظ أسماء وعناوين الكتاب والكتب . وأنا ازداد غرورا عندما يظهر إعجابه بقدراتي الثقافية وكل هذا ببساطة لأنني لا أجد من أتكلم معه طول وقت العمل سواه . استمرت الأيام هكذا روتين عمل متعب يبدأ من الساعات الأولى للفجر إلى ساعة متأخر من الليل أحيانا تصل إلى العاشرة مساءا . لكن ما العمل هذا قدري واختياري أحسه حقق ولو جزءا بسيطا من المسؤولية الملقاة على عاتقي اتجاه أطفالي وعائلتي . واستطعت أن اشتري ( ثلاجة وتلفزيون ) وبعض الأغطية وكذلك بعض الملابس لي ولأطفالي من البالة .ورضيت بحالي هكذا ،لكنني ابتعدت عن القراءة وبعت كتبي التي ضاقت بوجودها الغرفة التي تؤويني أنا وأطفالي بعد أن حل علينا الضيوف الجدد ( الثلاجة والتلفزيون ) .أوهمني ذلك الذي اشترى مني الكتب بأنها قديمة ولا تساوي شيئا ودفع لي مبلغا بسيطا جدا مقابلها ، حينها لا اعرف تذكرت صديقي سائق الحافلة وكيف أوجعت له رأسه بأفكار تلك الكتب التي لم يوفر لي ثمنها أن اشتري قميصا جديدا ، واقتنعت بالرغم من إحساسي بأنني فقدت شيئا عزيزا جدا . كانت هذه الحادثة قبل الحدث الأهم والأعنف بوقت قصير قبل حدوث الحرب . جاءت الحرب بكل ضجيجها ، مدافع ، طائرات ، خنادق ، المصيبة بان عملي يعتمد على الأجر اليومي كيف إذا توقفت الحياة في بغداد من أين لي المال ، كيف أعيش ، من لأطفالي وزوجتي ، أنقذني يأرب تقدمت قوات الاحتلال نحو بغداد وتقدم الإفلاس من جديد يجتاح جيبي . لكن هذه المرة بقوة لا تقاوم لندرة المواد الغذائية وارتفاع أسعارها بالرغم من أني استلفت بعض المال على نقود الكتب التي بعتها لكنها لم تكف . يصر أزيز الطائرات أن يوقضني لأرى بغداد محاطة بالبساطيل وهي تصرخ من شدة ما تعاني وأنا اصرخ كذلك مما أعاني . من قادنا إلى كل هذا من يضمد جراحنا ، ولم يمض وقت طويل حتى سقطت بغداد ، تحررت لا اعرف بالضبط لكنني فكرت بحافلتي كيف اصل إليها . نهضت في اليوم الذي أصبحت بغداد بيد قوات التحالف . لا اعرف وصلت إلى مكان عملي بقدرة قادر ، تقدمت بخطى سريعة بعد أن ترجلت من الباص الذي نقلني من (كراج العلاوي ) إلى العامرية ، نحو المكان الذي يؤوي الحافلات . اقتربت من باب المراّب . لم أر الباب ، ما هذا أين الحافلات ، أين حافلتي من فعل كل هذا ، ركضت داخل الكراج في كل الاتجاهات لم أجد أية حافلة . سألت الحارس الوحيد المتواجد داخل المراّب .
-أين الحافلات ؟ من فعل هذا أين الأبواب أين الشبابيك ؟
قال بلهجــــــة استهزاء
- أنت صحيح ما تدري
- قل أين الحافلات
- عمي (تحو سمن )
عندها سقطت مغشيا على الأرض ، وأنا منذ ذلك اليوم هائما أفتش عن حافلتي ،لأنني تركت روحي بين كراسيها .



#علي_قاسم_مهدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هم وانا والشعر
- من جديد الحقد يثبت فشله
- قصص قصيرة جدا
- ذكرى بلا حلم
- الى روح الشهيد عثمان العبيدي
- مرثية لروح صباح العزاوي
- كتبتها كي تقرأني
- التحالفات الجديدة الى اين
- كوب شاي ساخن
- الدلالات الشعرية في قصيدة عبد الحسين فرج
- عراق
- الى خضير ميري
- فتح لاسلام والقاعدة
- المخطط الإقليمي الاستخباري ودور الإعلام
- قراءة في كتاب
- الارهاب اداة تخلف
- سنة جديدة تعطيل ام نهوض
- من يوقف فضائيات الارهاب
- العنف سياسة ام عقيدة
- قمة الانحدار العربي


المزيد.....




- -نبض الريشة-.. -رواق عالية للفنون- بسلطنة عمان يستضيف معرضا ...
- فيديو.. الممثل ستيفن سيغال في استقبال ضيوف حفل تنصيب بوتين
- من هي ستورمي دانيلز ممثلة الأفلام الإباحية التي ستدلي بشهادت ...
- تابِع مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 مترجمة على قناة الف ...
- قيامة عثمان 159 .. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 159 مترجمة تابع ...
- -روائع الموسيقى الروسية-.. حفل موسيقي روسي في مالي
- تكريم مكتب قناة RT العربية في الجزائر
- الحضارة المفقودة.. هل حقا بنيت الأهرامات والمعابد القديمة بت ...
- مصر.. القبض على مغني المهرجانات -مجدي شطة- وبحوزته مخدرات
- أجمل مغامرات القط والفار.. نزل تردد توم وجيري الجديد TOM and ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - علي قاسم مهدي - جابي