أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي قاسم مهدي - قصة قصيرة / التون كوبري















المزيد.....

قصة قصيرة / التون كوبري


علي قاسم مهدي

الحوار المتمدن-العدد: 6842 - 2021 / 3 / 16 - 23:01
المحور: الادب والفن
    


آلتون كوبري
أحيانا أجد نفسي في المواقف الصعبة ،والتي أكررها دائما على الرغم من المخاطر التي تسببها لي . احسبها غباءاً ورعونة ،لكنني جُبلت عليها . اعرف السبب الكامن خلف تلك الرغبات ، التحرر من قيود الواقع الأليم ،والرغبة في امتلاك نفسي لنفسي فقط ،وليس للآخرين ،اجزم أن هذا بسبب عقد داخلية تدفعني ، أنا أراها انتصار على ضعفي. لان السعادة ليست في السرور وإنما هي في الظفر ، نعم الظفر الذي نحسه حين تثمر أعمالنا .. اترك لكم ما ترونه، أعزائي.
التون كوبري ،في سوقها البسيط ، ومقاهيها الصغيرة المنتشرة ،يجلس كبار السن ،وبعض عمال المزارع المنتشرة على ضفاف الزاب ، يقسمها النهر الصغير إلى ثلاث أجزاء (بيوك ياقا،وارورطا ياقا ،وكوجوك ياقا )ذات صباح مشرق وصلت الشارع الرئيسي ،تلفحني نسمات آذار العليلة بعد أن حصلت على إذن بالنزول إلى البلدة .
حركت يدي بعد استقراري على حافة التبليط إلى سيارة متجهة إلى مركز البلدة،توقفت أمامي ،فتحت بابها ،ورميت جسدي بحضن المقعد ،وبعد سلامي على سائقها رد عليّ .
- كون ايدن. (صباح الخير)
كانت المسافة الفاصلة بين وحدتي العسكرية ومكان السوق تقدر بكيلو ونصف من الأمتار ،يتخللها صعود بسيط ونزول لوعورة المنطقة ،تنتشر على جانبي الطريق مزارع الخضروات .
وصلت إلى المكان الذي أريد .. ترجلت بخفة . لا اشعر بأي غربة ،تآلفت مع أهلها ، احسبني منهم ، طيبون يتعاملون معي بأريحة ومحبة كبيرة .نظرت إلى دكان عبدالله بائع السكائر مغلق انتابني قلق .
- ترى ما الذي أخره لهذه اللحظة.
اتجهت إلى المقهى المقابل للدكان، طلبت استكان شاي ،جاءني رد عامل المقهى.
- (سان امر ايداسان ) .تأمرني أمرا.
بعد أن وضع طلبي على الطاولة .
- عبدالله ماكو . واشرت الى الدكان.
- لديه عمل، ساعة ويرجع
جلست للانتظار ،كان المذياع على موجة تبث القران بصوت عبدالباسط ،يقرا بمقام الكرد ، طالما سحرني بنبرات صوته ،متحكما بالمقامات بكل تفرعاتها المبهرة .. تعوذت من الشيطان ولعنته .
- يا الهي ما أقسى أن تكون بعيدا ووحيدا في عالم يفصلك عن واقعك الذي تفضله وترسمه بأحلامك ،إنها لعبة القدر الذي يتحكم بك. يهبك أمل للاستمرار وتبقى منقاد لأهوائه ، لكن دون جدوى يكرر عليك الخيبات .أنا الذي يكفيني من حياتكم ،فخذ امرأة وبعض طعام .قد توافقونني في سركم، وفي العلن تلعنوني. تافهون انتم كما حياتكم .
ارتشفت قليلا من الشاي، تبسمت بداخلي وبانَ على ملامحي الرضا ،اقترب عبدالله كأنه يوم الخلاص الذي انتظره، لأتحرر من الجيش والموت . برك عبدالله لرفع (الكبنك) ، استقر داخل المحل ،انتصبت واقفــا، وأخرجت نقودي ،لدفعت ثمن الشاي .
سلمت عليه ،كانت بيننا كلمة سر نقولها عندما نطلب حاجتنا التي يجلبها من بعشيقة - أظنك عرفتم -
- قلت له (سيورم سأني) احبك
- رد عليّ (مانده سيورم ساني ) أنا هم احبك.
ما أن دفعت له ثمن ما دسه بكيس ورقي وتلقفته يدي ،انتشت روحي وحلقت فرحا .
(1)
أيمكن لمثل هذه المغامرات حتى وان كانت لشيء تافه ،أن تجعل منك سعيدا .. انك تحاول أن تسعد روحك، إلا إن الآخرين الذين لا يشبهونك بسلوكهم ،يعكرون مزاجك ويصادرون رغباتك بقيم ومفاهيم ورثوها عن جهل مطبق على حياتهم .كنت سعيدا جدا في تلك اللحظة .. لا يهمني الآخرين (طز) رافعا شعاري - لا لذة دون حماقات -
(2)
وعند الساعة الحادية عشر صباحا رجعت بعد أن تسكعت قليلا بالسوق، جالبا معي خيارا ناعما وكيس من اللبن الخاثر. ولجت حظيرتي وخبئت ما جلبته تحت فراشي ،نزعت بسطالي وارخيت نطاقي ورميت جسدي على الفراش ،متأملا شريط يومي ،نمت حينها حتى الساعة الثانية ظهرا . جلست على صوت (ن.ع حسن )
- محمود محمود اجلس الآمر يريدك .
فركت عيوني بتثاقل
- يارب سترك ماذا يريد .
- لا اعرف جاءني انضباط الأمر واخبرني يريدك فورا.
لبست بسطالي بعد أن سحبته من تحت السرير وشددت نطاقي وعدلت بيريتي بسرعة واتجهت إلى غرفة الآمر .
أخبرت الانضباط الواقف عند غرفة الأمر.
- الآمر يريدني . أجابني
- ادخل . طرقت الباب وجاء صوت الآمر .
- - ادخل.
- نعم سيدتي ،بعد تحية الاحترام .
- محمود أريدك بمأمورية.
- صار سيدي .
- اذهب إلى قلم الوحدة لا خذ كتاب المأمورية.
أتمت أمور نزولي لإنهاء المأمورية ،كانت إلى وحدة عسكرية في الموصل التي تبعد عن التون كوبري قرابة50 كيلو متر . رسالة شخصية لضابط فيها .
مضى الوقت سريعا إلى أن جاءت ساعة احتفالي ،دخل عليّ جندي أول (يوسف لحدو كوريال )( مسيحي من أهل بغداد) يشاركني الغرفة، بعد إتمام واجبه الليلي.. أخبرته
- بعد ساعات قليلية سأذهب بمأمورية إلى الموصل أصل وارجع ، اتفقنا .
- اوكي
أشعلت سيكارة وبدأت بإعداد طقوس احتفالنا ،الخيار مع اللبن أقداح الفافون وضعتها على صفحات جريدة القادسية ،مددت يدي على الكيس ،أخرجته ، وبحركة سريعة خطفه يوسف ونزع الكيس عنه ،قَبَله بلهفة (كان نصف عرق فل )وهتف بصوت خافت بعد أن اخذ رشفة منه .

- ألف رحمة على روح أبوك محمود .
- بالعافية.
تنادمنا بصحة التسريح وعلا صوت تقارب الأقداح بيننا، انتشينا بعد أن أفرغنا العرق بجوفنا . تمدد يوسف على الأرض، وقمت بإخفاء أدوات الجريمة التي كانت يعاقب عليها الجندي بالحبس لمدة شهر ويمنع من التمتع بإجازته الدورية.
(3)
عند السكر دائما ، ترقص رغباتي لاحتضان العالم ،وتنتشي روحي وتحلق أحلامي غيمة صحراوية تطوف العالم بأسره، تسمو مشاعري حد لا يوصف، أقف محاربا بكامل عدته ،لنزع الشر عن الأرض، اضحك.وأدرك حقيقية نفسي.
(4)
عند الساعة الثالثة فجرا، أيقظت يوسف ، ودسست كتاب المأمورية في جيب البذلة ، لبست ملابسي مستعدا ،نهض يوسف . أخبرته بأنني ذاهب ، خرجت لفح وجهي هواء بارد مغسولا بماء الزاب الصغير، كان الهدوء يخيم على المكان ، انطلقت بسرعة ،وصلت الشارع الرئيسي ،لمحت سيارة متجهة نحوي أشرت اليها ، وصعدت ،بعد دقائق نزلت في مراب البلدة ، الحركة بسيطة لم تدب الحياة بعد .
صياح بعض السواق يحرك رئتي المرآب.
- نفر واحد موصل .
ركبت الباص، جال بصري بحثا عن المكان الذي يناسبني، قدري وضعني بمكان واحد فارغ تجلس فيه امرأة لم الحظ تفاصيل وجهها بسبب ضوء المصابيح الداخلية الخافت،جلست على الكرسي الملاصق لكرسييها ،حاولت أن تظم فخذيها لكن دون فائدة ،كانت ممتلئة الجسد ، ابتسمت بوجهها ،كأنني أقول لها دعي فخذك يلامسني يدفئ أوردتي ، ردت بابتسامة ماكرة - هذا ما اوحت لي - استقر جسدي الذي لا يعرف الانبثاق إلا بملامسة أجساد النساء .
تحركت الحافلة ،فتحت هي النافذة القريبة منها وأطلقت حسرة أسمعتني إياها عن قصد .
نظرت إلى وجهها المعجون بحمرة لذيذة ، وأتاح لي ترنح الباص الاحتكاك معها دون أن تمانع .مددت يدي بجيب بنطالي متعمدا،لمست فخذها بأصابعي ... أصابعي التي تتحرر عند التلامس .... الحرية الحقيقية بالنسبة لي هي أصابع وجسد امرأة، غير هذا مجرد هراء.
حركة أصابعي تفهمها النساء المجربات لبحر الحب والغائصات به، أرخت رأسها كأنها نائمة باتجاهي أحسست بأنفاسها اللاهثة . أطفأ السائق مصابيح السيارة الداخلية والفجر لم يبزغ بعد . أدار موجة المذياع يبحث عن محطة يستقر عليها ، تعالت ( الوشة )، نظرت إلى ساعتي، لمس مرفقي ثديها المكتنز النافر. جاء صــوت المطرب إبراهيم طاطلس - مافي مافي - عندها زحفت يدي بين فخذيها لتستقر ببرهان العسل . ويدها تدعك صاحبي .الذي كاد يمزق أزرار بنطالي . وتحركت نشوتي،وكادت.... نَطَ يوسف أيقظني بقوة. دوي الانفجار هز المكان، وتلاشى حلمي مع صوت القذيفة الليمة...



بغداد 19/8/2020



#علي_قاسم_مهدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرحيل قصة قصيرة
- اوراق قصة قصيرة
- قفاز
- نجدت كوتاني
- قرض الفئران وقرض الانسان
- قصة قصيرة
- قصيدة نبي الصمت
- ابدا ما راهنت عليك
- التعامل مع التراث ومتغيرات الواقع
- السينما والتعامل مع الحقيقة
- تيوس التطهير والخلاص
- هشيم مرايا
- سهر الليالي هل اعادة للسينما العربية عافيتها
- الواقع السياسي وحال العراق
- قصيدة خارج حدود المرايا
- كتبتها كي تقراني
- التحديات وتنظيم المجتمع المدني
- ست حالات
- ازمة السينما المصرية
- السينما والترحيب بالجديد


المزيد.....




- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...
- عبر -المنتدى-.. جمال سليمان مشتاق للدراما السورية ويكشف عمّا ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- يتصدر السينما السعودية.. موعد عرض فيلم شباب البومب 2024 وتصر ...
- -مفاعل ديمونا تعرض لإصابة-..-معاريف- تقدم رواية جديدة للهجوم ...
- منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي قاسم مهدي - قصة قصيرة / التون كوبري