أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي قاسم مهدي - قصة قصيرة / شجرة الايادي














المزيد.....

قصة قصيرة / شجرة الايادي


علي قاسم مهدي

الحوار المتمدن-العدد: 6859 - 2021 / 4 / 4 - 18:07
المحور: الادب والفن
    


لا يمكن لك أن تدرك معنى لحياتك إلا من خلال ما تمر به، وعندما يغادرك الآخرون ويهبك الله غيرهم منّة منه سبحانه. هكذا تتوالد الحيوات وتغادر . لهذا مهم أن تعيش وتبلل ساعاتك بالأمل. وان تختار لنفسك لونها المفضل وتستمد عطاءك من معنى وجودك هنا يكمن معنى أن تعيش.
رغبتي أن اعيش قوية، متمسكا بالصبر ولازلت.لا اعرف تذكرت لحظة مضى عليها زمن طويل، توقفت عندها مجترا محطات حياتي محطة بعد أخرى لاسترجاع الماضي بعد أن كبرت.إليكم تذكري .
المحطة الأولى
ولدت فوق حقلا اجرد ،إلا من بقايا حطام خلفته الحرب ، حرب أكلت بهجة الأمكنة وغلفتها بصمت مقيت ، عاد أبي ذات يوم مكللا بالخيبة ،فاقدا إحدى يديه، أدركت حينها بان الحرب تعني الأكمام الفارغة .ركضت باتجاهه لم يستطيع أن يحتضنني ،بكت أمي بحرقة ،من يحمل منجل حقلنا وأبي بيد واحدة. تحول إلى ظل شجرة وسط حقلنا اليابس، علمتني أمي أن أقود بقرة الحرث الوحيدة الباقية لدينا بعد جفاف ضرعها تحولت لجر المحراث، كنا منتظرين موسم رحيلها. حرثنا أرضنا بعد أن تحزمت أمي بنطاق أبي، نثرنا بذرنا وانتظرنا المطر، وأبي ينظر إلى السماء كل يوم رافعا يده الوحيدة متوسلا أن تجود علينا بغيثها
نزل المطر وبدد تعبنا، وتنفس زرعنا هواء الله ، وملئت سلالنا بخير محصولنا. باع أبي ما زرعنا واشترى حمارا وثلاث نعاج..
المحطة الثانية
تعلمت أبجدية الحرف (أ ب ت .... ) وحفظت قصيدة دجلة ألخير. استطالت لنا شجرة وسط الحقل ،شجرة مورقة لكن دون ثمار ،تعكس أوراقها نور الشمس لحياة دافئة . اعتاد أبي أن يجلس بظلها ،أراه من بعيد عند عودتي من المدرسة ينظر إليها ،يبثها همومه وهي تناغمه بحركات أغصانها ، كبر حمارنا وهده تعب الذهاب إلى البلدة ،وماتت بقرتنا وتكاثرت نعاجنا .
المحطة الثالثة
حل علينا خريف آخر، تهدلت أغصان شجرة أبي وهزل الحمار، وباعت أمي نعاجنا لمرض أبي الذي ألزمه الفراش. سمعته يخبر أمي ذات ليلة.
- لا تايئسي إن غادرت الحياة ، ادفنيني قرب شجرتي ، وزوجي حسان .
مات أبي عند نهاية ألشتاء، حملت أمي معول الصبر وحفرت لأبي مكانا يرقد به بسلام قرب الشجرة، ظلت تحفر لساعات طويلة، مسحت عن جبينها بقايا الغبار وتنهدت .
- حسان ماتَ أبوك.
بكينا كثيرا بعد أن توارى أبي تحت تراب حقلنا وكانت شاهدة قبره يده الصناعية.
المحطة الأخيرة
تزوجت وصار لي ولد ، يركض بالحقل ويلعب ،ينام بحضن أمي بعد أن تمسد بحنان خصلات شعره الناعم . وأنا تكفلت بأمور الحقل وشجرة أبي، هكذا تمر ساعاتي وأيامي بانتظار مواسم الزرع والمطر لنعيش. ذهب ولدي للمدرسة، أتذكر يومه الأول، كانت فرحتي كبيرة عندما حمل ابني حقيبة كتبه .انتظرته طويلا هدني تعب السهر بالحقل . نمت. أفقت على صوته
- أبي أبي إنها شجرة جدي تحمل ثمارا غريبة.
قفزت من مكاني بلهفة
- أيمكن أن تثمر بعد كل هذه السنين.
- يا الهي
وقفت منذهلا بعد أن فركت عيوني . نظرت إلى الشجرة كانت ثمارها أيادٍ تلوح للحياة....

انتهت



#علي_قاسم_مهدي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة/ منزل واريكة
- قصة قصيرة / التون كوبري
- الرحيل قصة قصيرة
- اوراق قصة قصيرة
- قفاز
- نجدت كوتاني
- قرض الفئران وقرض الانسان
- قصة قصيرة
- قصيدة نبي الصمت
- ابدا ما راهنت عليك
- التعامل مع التراث ومتغيرات الواقع
- السينما والتعامل مع الحقيقة
- تيوس التطهير والخلاص
- هشيم مرايا
- سهر الليالي هل اعادة للسينما العربية عافيتها
- الواقع السياسي وحال العراق
- قصيدة خارج حدود المرايا
- كتبتها كي تقراني
- التحديات وتنظيم المجتمع المدني
- ست حالات


المزيد.....




- شباب سوق الشيوخ يناقشون الكتب في حديقة اتحاد الأدباء
- الجزيرة 360 تشارك في مهرجان شفيلد للفيلم الوثائقي بـ-غزة.. ص ...
- النيابة تطالب بمضاعفة عقوبة الكاتب بوعلام صنصال إلى عشر سنوا ...
- دعوات من فنانين عرب لأمن قطر واستقرار المنطقة
- -الهجوم الإيراني على قاعدة العُديد مسرحية استعراضية- - مقال ...
- ميادة الحناوي وأصالة في مهرجان -جرش للثقافة والفنون-.. الإعل ...
- صدر حديثا : كتاب إبداعات منداوية 13
- لماذا يفضل صناع السينما بناء مدن بدلا من التصوير في الشارع؟ ...
- ميسلون فاخر.. روائية عراقية تُنقّب عن الهوية في عوالم الغربة ...
- مركز الاتصال الحكومي: وزارة الثقافة تُعزّز الهوية الوطنية وت ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي قاسم مهدي - قصة قصيرة / شجرة الايادي