أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زاهر رفاعية - رواية (سالم من الجنوب) الحلقة العاشرة














المزيد.....

رواية (سالم من الجنوب) الحلقة العاشرة


زاهر رفاعية
كاتب وناقد

(Zaher Refai)


الحوار المتمدن-العدد: 6977 - 2021 / 8 / 3 - 00:32
المحور: الادب والفن
    


كان سالم يذرف الدّمع كعادته, في تلك الغرفة الحقيرة الّتي منحها لأمّه في قبو منزله بعد أن زوّجت أختيه منذ خمس و عشرين عاماً وفي حفل زفاف واحد لرجلين يتقدّم أحدهما الآخر بثلاث سنوات -وقد كانا أخوين أيضاً, إن كان يعني لك معرفة ذلك- ومن ثمّ رحلتا مع الزّوجين بعيداً, حيث اعتادت الأختين هؤلاء الأخّين كما بشّرت به "أمّ سالم" ليلة زفافهنّ, ولكن حبّ رجالهنّ ظلّ بعيد المنال عن قلوبهنّ, فاستبدلنه بحبّ أطفالهنّ, تماماً كما أحبّت " أمّ سالم" أطفالها.
ذرف "سالم" فوق عباءة أمّه الكثير من الدّمع الصّامت, قبل أن يقول لأمّه: (إنّها ابنتي يا أم) فأجابته أمّه بحنان بالغ وهي تمسح رأسه كما كانت تفعل حين كان "سالم" طفلاً يبكي من قرص النّحل لأذنه, وأعادت على مسمعه ما كان "سالم" قد سمعه هذا المساء من أمّه حتى كاد أن يملّ سماعه, "ستعتاد ابنتك عليه وستحبه صدقني يا وليدي" ولكن هذه المرّة كان لقولها وقعٌ مختلف, فأردف "سالم" أن لا يا أمّاه, لقد فات أوان الحب, لأن ابنتي رفضت تجربة الاعتياد, ولكن حبّاً باللّه يا أم قولي لي, هل أحببتِ أبي بعد أن ألفتِه؟ فتبسّمت أمّه ابتسامةً أنبأت سالماً أنّ أمّه لم تفهم مسألة هروب ابنته في ليلة زفافها, ثم أردفت بسمتها بإرخاء جفنيها, لكأنّها غطّت في سبات عميق.
حين انسابت آخر دموع سالم على العباءة الحنون سمع أمّه تقول دون أن تفتح عينيها, أنّها قد فطِنت للحب وقد حسبته طوال سنيّها بجانب "أبي سالم" مجرّد اعتياد, إلّا أنّ الأوان كان قد فات لتخبر زوجها عن الحبّ المتكشّف, لأنّ نعش "أبي سالم" لحظتها تربّع أكتاف رجال القرية.
لم يكن سالماً قد اعتاد خلق ابتسامات كاذبة على شفتيه فلم يمنح أمّه واحدة منها قبل أن يقف لينتعل حذاءه. حين أغلق خلفه الباب بهدوء, كانت أمّه تلعن في سرّها حمقاوات هذه الأيام, لأنّهن يتعجّلن حبّ الرّجل قبل حمله على الأكتاف.
......

كانت الفتاة قد تعثّرت بثوبها حين قفزت من النّافذة دون أن يسمع أحد آهتها الصّامتة, ودون أن تثنيها دماء يديها الدّاميتين عن مسح أطراف الثّوب بالخضاب الأحمر. هناك في فناء بيتهم الخلفيّ تسلّقت "ابنة سالم" السور المنخفض ومن وراءه راحت تركض بين الأشجار الباسقة في الغابة, والّتي تمنح للجبل خضرته نهاراً وتضفي عليه مزيداً من الشّموخ ليلاً.
حين لامست رجلا الابنة فناء منزلهم, كان سالم بصحبة أهل القرية يتشاورون حول ما ينبغي فعله بالمفوّض السابح بلعابهم . أما الآن وهي تذرف الدّمع فوق بساط الغابة العشبي من القهر, ها هو أباها سالم يذرف دموعه عند أمّه حيث اعتاد أن يذرفها, وليس عند زوجته كما لم يعتد. لذا ظلّت "زوجة سالم" مكتفية باعتياد وجود "سالم أبي أولادها" في سريرها كلّ يوم.
.
خرج "سالم" من عند أمّه هائماً على وجهه, ومشى بعيداً لكن ببطء فألفى نفسه يمشي إلى حيث ترك المتسوّل والمفوّض, في الوقت الّذي أرخى أول المساء سدوله, ولم تعكّر صفو اسوداده سوى ضوء أعواد الثقاب الّتي أنارت لسالم دربه, وحين وقف خلف الأجمة الّتي تحتجب خلفها المياه المرّة, سحب لفافة تبغ كانت معلّقة فوق أذنه ووضع مبسمها بين شفتيه, وحين أشعل عود ثقاب لأجلها, لمح في قدح ناره خصيتا رجل مستلقٍ على ظهره, عيناه مغمضتان بما يشبه الاغماء, وخيط دمٍ لا يشبه في لونه دم المفوّض, ينزل من جبينه حتى يلامس منبت لحيته, وعن يمين خصيتا المتسوّل المغمى, كان ثوب زفاف ابنة سالم قد استحال سواداً, وكأنّ هناك من اصطاد أوساخ المستنقع كلّه بثوبها.
.
رابط الحلقة الأولى:
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=712551
.
رابط الحلقة الثانية:
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=713091
.
رابط الحلقة الثالثة:
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=724510

رابط الحلقة الرابعة:
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=724789

رابط الحلقة الخامسة:
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=725263

رابط الحلقة السادسة:
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=725449

رابط الحلقة السابعة:

https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=726033

رابط الحلقة الثامنة:
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=726181

رابط الحلقة التاسعة:
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=726582



#زاهر_رفاعية (هاشتاغ)       Zaher_Refai#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية (سالم من الجنوب) الحلقة التاسعة
- رواية (سالم من الجنوب) الحلقة الثامنة
- رواية (سالم من الجنوب) الحلقة السابعة
- رواية (سالم من الجنوب) الحلقة السادسة.
- رواية (سالم من الجنوب) الحلقة الخامسة
- رواية (سالم من الجنوب) الحلقة الرابعة
- رواية (سالم من الجنوب) الحلقة الثالثة
- إعجاز سورة الويسكي
- رواية: سالم من الجنوب (الحلقة الثانية)
- رواية: سالم من الجنوب (2)
- رواية: سالم من الجنوب (1)
- هل سنشهد قريباً انطلاقة -سَلَفي بوك- و-ملالي تيوب-؟
- هل تعاني سويسرا من البرقعوفوبيا
- حول لقاء -رغد صدّام حسين- على قناة العربيّة.
- بين الشيخ الإخواني -علي قره داغي- وكبير أساقفة اليونان
- هل تجوز رحمة رب المسلمين على غيرهم؟
- ردّاً على إيّاد الشامي
- هو الدّين بيقول ايه؟
- عفواً سيّد مكرون! الإسلام لا يعيش أزمة
- كيف تخلق الحريّةُ أعداءَها؟


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زاهر رفاعية - رواية (سالم من الجنوب) الحلقة العاشرة