أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زاهر رفاعية - هو الدّين بيقول ايه؟















المزيد.....

هو الدّين بيقول ايه؟


زاهر رفاعية
كاتب وناقد

(Zaher Refai)


الحوار المتمدن-العدد: 6713 - 2020 / 10 / 24 - 02:44
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


حيلة إسلاميّة هي ليست بالجديدة إلّا أنّه يعاد إحياؤها بين الفينة والأخرى, هذه الحيلة أنا شخصياً كنت أستعملها حين كنت داعية وأعلّمها لطلبة العلم الشرعي من الأطفال واليافعين في المسجد الذي كنت أعلّم فيه القرآن والعلوم الشرعية, قبل أن يمنّ الله على عقلي بالاطّلاع على المنطق والأخلاق. تستخدم هذه الحيلة لإسكات من يتّهمك كمسلم في أخلاقك استناداً إلى نصوص في الإسلام تخالف الضمير والخلق السوي وتشير بوضوح لعقيدة إجرام وإرهاب عند حامل هذا المعتقد, لاسيّما وإن كان الذي يتهمك هو إنسان غربي أو عربي من غير دينك أو بلا دين. تهدف هذه الحيلة للدفاع عن شخصك ضد التهم الموجّهة إليك بعبارة واحدة خلاصتها ومفادها كالتالي:
(لا تلم عليّ ما تسمع منّي فأنا لا أجيبك من عندي بل الإسلام من يقول ذلك.. الله من يقول ذلك.. أنا لا أخترع لك الأحكام بل أفتيك من الدّين بما أتى به الدين.. القرآن هو من يقول ذلك ولست أنا.. هذا كلام الشرع وليس كلامي يا أخي) .. الى آخر هذه الخدع اللفظيّة التي يردّ بها المسلم عن نفسه حين تحاصره قوانين العالم المتحضر وتتهمه بحمل الفكر الإجرامي والتحريض على الجريمة باسم الدعوة ونشر الدين.
أنا من موقعي هذا سأقسم بالنيابة عن كلّ مسلم على وجه الأرض بأن ما يتفوّهون به أعلاه لهو الحق الذي لا مراء فيه, فكلنا يعلم بأنّ الإسلام هو من ينصّ على كل هذا الحقد والإجرام بحق البشر جميعاً, ولكن يجدر بنا أيضاً أن نتفق معاً أخي المسلم بأنّ حامل الفكر الإجرامي ومقدّسه لهو مجرم مع وقف التنفيذ, ربما لضعف الإمكانات أو نقص الجرأة أو ضيق الوقت, أمّا من ينشر الفكر الإجرامي ويحرَض عليه لهو مجرم شأنه شأن المنفّذ بلا أدنى فارق, بينما من ينفّذ هذا الفكر فهو مجرم قولاً وفعلاً وعقيدة.
وعليه فهذه الحجة السخيفة لا تنفع في الضحك على العقول, بل تنفع فقط في المواربة والنفاق الذي ترومون من خلالها وضع قضاة المحاكم والمحققين في مواجهة مع الشارع الإسلامي باعتبارهم يحاربون ويحظرون "ما أنزل الله" وليس أنّهم يقومون بواجباتهم وذلك بمحاربة عقيدة البلطجة وتجريم حاملها وناشرها استناداً إلى الدستور والقانون, والذي يجب أن تكون مهمته حماية أمن وحرّيات أفراد المجتمع قاطبة.
ولإن اتفقنا على أنّ الإسلام هو المدان وليس المسلمون, فعلام المظلوميّة أخي المسلم حين تسمع دعوات حظر الإسلام بموجب القانون؟ أنت تقول أنّ هذه الكميّة من دعوات القتل والكراهية والتمييز والاحتقار هي أحكام الشرع وليست من عند أبيك -طبعاً والكل يصدّقك في ذلك- ولكن ذلك يستتبع أن يلحق بشرعك هذا الكثير من الاحتقار والتوجّس وربّما الحظر والمنع كما أسلفنا.
هذه الحجّة التي توردونها يجب أن يقبلها الآخرون حين تتعلّق بأي رجل تريد دخول المرحاض أخي المسلم أو أي نوع من أنواع اللحوم يحرّمها دينك وكم عدد ركعات صلاة الفجر, أمّا أن تطالب بقتل الآخرين واستعباد ذراريهم والسطو على أموالهم وممتلكاتهم ونزع الآدميّة عنهم بنعتهم بالقردة والخنازير والكلاب, كلّ ذلك لأنّهم انتقصوا من قدسيّة شخص أو كتاب هم عندك لا مساس بهم, ومن ثمّ بعد ذلك تأتي لتطالبهم بسدّ أفواههم والسماح لك بنشر هذا الأجرام لأنّه كلام الله وليس كلامك, فهذه فوق أنّها بلطجة فهي وقاحة مضاعفة, وقاحة احتقارك للآخرين, ووقاحة مطالبتك لهم باحترام وتقديس وقاحتك بحقهم.

قامت قائمة شيوخ الإسلام ومن خلفهم تابعيهم حين صرّح الرئيس الفرنسي "ايمانويل ماكرون" قبل ليس ببعيد حول مشروع محاربة الانغلاق عند المسلمين في المجتمع الفرنسي, ومن سمع كيف صرخ المسلمون من ألم التّهمة الموجّهة لهم ولإسلامهم من عند الحاكم الفرنسي لظنّ أنّهم خير من يمثّل القيم المنفتحة على العالمين, وأنّ العالم يظلمهم ويلصق فيهم ما ليس منهم. ما هي إلا بضعة أيّام ويقوم أحد المسلمين العاديين الذي ارتفع عنده منسوب الجرأة أكثر من غيره بتنفيذ حكم الشرع في مدرّس تاريخ فرنسي وعلى التراب الفرنسي بتهمة الإساءة لمحمّد نبي الإسلام. وبالعودة لحجّة "هو الدين بيقول إيه" نجد أنّه لم يختلف واحداً من الفقهاء ولا المفسرون لا في الماضي ولا في الحاضر على أنّ من شتم النبي يقتل بلا خلاف ولو تاب سواء أكان مسلماً أم غير مسلم, واختلفوا إن كان يستتاب قبل القتل أم يقتل من فوره, والأرجح أنّه يقتل من فوره دون استتابة وهذا بالضبط ما قام به المجرم الشيشاني بتاريخ 16 أكتوبر/ تشرين الأول 2020 بحق المدرّس الفرنسي "صامويل باتي" .
لا يمض يوم واحد إلّا وأشاهد في الصّحف الألمانيّة رسوماً كاريكاتوريّة أقل ما يقال عنها بأنّها مهينة تلميحاً وتصريحاً بحق رموز دينيّة وسياسيّة وشخصيّات عامة من الماضي والحاضر, لماذا لا نشاهد الإرهاب والأجرام من عند أتباع ومحبّي هذه الشخصيّات إلّا من عند أتباع دين الرّحمة للعالمين أتباع رسول مكارم الأخلاق الذين هم على استعداد لإراقة الدّماء من أجل "نكتة"!!
سألني أحدهم قائلاً: كن منصفاً, لو شتم أحد ما أمامك وعلى مسمع منك شخصاً أنت تحبّه حبّاً جمّاً, فهل ستلتزم الصمت؟ لماذاً إذن تعيب على المسلمين غيرتهم على دينهم ونبيّهم وتطالبهم أن يقبلوا الإهانة بحقّه؟
أجبته بما يلي:
بالطبع لن ألتزم الصمت ولا أطالب المسلمين أن يلتزموا الصمت بغضّ النظر عن موقفي الشخصي من شخص محمّد, ولكنّ صيغة السؤال تكشف مدى بداوة تعاليم الإسلام وفتاويه, فكل ردّات الفعل تبدأ بالعنف الأقصوي والقتل مهما كانت تفاهة المسألة, على طريقة الأعراب الذين كانوا يمتشقون السيف في كل الأوقات وعلى أهبة سلّه من غمده بقولهم "دعني أضرب عنقه يا رسول الله" فالقتل وإهراق الدماء ليس شيئاً يحدث وأن يمارسه المسلم أو يعتقد بوجوبه, بل هو الشيء الذي يمتاز المسلم عن بقيّة الخلق بإضفاء الوجوب والقداسة عليه, بل هو أحبّ الأعمال إلى الله من وجهة نظر صاحبنا.
الخلاصة: في المرّة القادمة التي ستستعمل فيها أخي الداعية هذه الحجّة الطرواديّة التي تقول "هذا كلام الشرع وليس كلامي" تأكّد من أنّ هذا الذي تسمّيه "شرع" هو شيء يخصّك أنت وحدك ولا يحقّ لك أن تبلطج على الآخرين بمطالبتهم تقديسه واحترامه , لاسيّما وإن كان هذا الشرع يتهددهم في أمنهم وحريّاتهم. وعليه فحين تقول أن هذا الإجرام هو من الإسلام فأنت تثبت النظريات التي تقول بوجوب تجريم تعاليمه وشرعه باعتباره آيديولوجيا مافيويّة إجراميّة.
لقد أصبح العالم قرية صغيرة وبمقدور أي امرئ على وجه المعمور أن يلج إلى الشابكة ويقوم بتعديل اعدادات اللغة في المتصفح ويقرأ بكلّ لغات العالم على موقع اسلام ويب الفتوى الإجراميّة الموثّقة التي تبيح دم الذي يلقي بنكتة حول شخص محمّد نبي المسلمين, وذلك على الرابط:
https://www.islamweb.net/ar/article/111861/
وبالتالي فلو قلت لي هذا كلام الشرع وليس كلام المفتي, فهذا لا يغيّر شيء من حقيقة أنّ هذا التشريع هو شرعة مجرمين, ومن يعمل على نشره فهو مجرم, وهي شرعة تتعارض حرفاً فحرف مع القوانين والدساتير الغربية التي تستند لشرعة حقوق الإنسان في عمليّة التشريع بهدف الحفاظ على أمن الجميع وصون حريّاتهم في التعبير والمعتقد, وليس إلى شرعة ابن تيميّة في الحفاظ على مشاعر المسلم الذي هو على استعداد لقتل الناس من أجل مزحة.
لذلك فحين تبدأ الحملات ضد المساجد في الغرب فليس لأنّهم يحاربون المسلم في صلاته وصدقاته وصيامه وقيام ليله, بل لأنّ هذه المساجد تنشر مثل تلك الفتاوى بين صفوف الشباب في الغرب وتعليها فوق قوانين الدولة وترسل بشبابنا إلى الجحيم كرمى لمموّلي هذه المساجد وتجنيداً لشبابنا في خدمة مصالحهم ومكاسبهم, ولتشكيل ورقة ضغط على الحكومات الغربيّة من داخل أراضيها لابتزازها ومساومتها سياسيّاً واقتصاديّاً... والمقصود بالكلام يعرف نفسه...
هذا ما يمكن أن نطلق عليه مناهضة مشروع الأسلمة, وليس كما يشيع عنها الإسلامويّون بأنّها مناهضة نشر الدّعوة الإسلاميّة, بل إنّ مناهضة الأسلمة تعني مناهضة مشروع فرض الإسلام على المجتمع. ولا يعني الفرض فقط القسر والإكراه, بل إنّ مطالبة المجتمع بتقبّل نشر الإسلام وفي الوقت ذاته عدم تقبّل نقد الإسلام من عند الآخرين لهو بلطجة بامتياز, وهذا ما يسمّى بالأسلمة, وهذا بالضبط ما سينهض مشروع الحكومة الفرنسيّة لمجابهته.
في الختام: افتح مواقع التواصل الاجتماعي واقرأ تعليقات الكثير من المسلمين حول مقتل صامويل باتي على يد الإرهابي الشيشاني.. اذهب وتحاور مع أي مسلم عادي.. اذهب واستفت أي شيخ مسلم متوسّط المعرفة الدينيّة.. افتح أي كتاب فقه .. ثم تعال وأخبرني إن كان ما قاله "إيمانويل ماكرون" حول الانعزاليّة عند المسلمين وفرض الظلاميّة والسعي لإقامة دولة ومجتمع موازيين هو حقيقة أم ظلم وافتراء على الإسلام.
سأضع لكم روابط بعض المقالات في موقع الحوار المتمدّن كنت كتبتها قبل مدّة أتناول فيها قضيّة نزعة المسلم لإعلاء مشاعره فوق حقوق الآخرين أيّاً كانت.. بدءاً من حقّ الحياة وانتهاء بحقّ التعبير ..
كيف تخلق الحريّةُ أعداءَها؟
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=693052
حريّة التعبير تشمل حرق الكتب أيضاً
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=691083
عفواً سيّد مكرون! الإسلام لا يعيش أزمة
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=695296



#زاهر_رفاعية (هاشتاغ)       Zaher_Refai#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عفواً سيّد مكرون! الإسلام لا يعيش أزمة
- كيف تخلق الحريّةُ أعداءَها؟
- البيدوفيليا المقدّسة في الإسلام
- حريّة التعبير تشمل حرق الكتب أيضاً
- وفاة النّاشطة التركيّة -ايبرو تيمتيك- بعد 238 يوم من الإضراب ...
- دعوة لقراءة كتاب (قلق السعي إلى المكانة)
- دولة الإمارات العربيّة البراغماتيّة المتّحدة
- دعوة لقراءة العدميّة في زمن الكورونا
- تعليق الكاتب التركي (أورهان باموق) على قرار تحويل متحف (آيا ...
- البعد السياسي والاجتماعي لأحكام الإعدام
- مرّ عامٌ على ترك التدخين!
- حريّة التعبير لا تشمل تبرير الجريمة
- خطورة أن يصبح .....رئيساً للدولة
- وهم السيادة الجنسانيّة للدولة
- مزدرون ونفتخر. (ح2)
- (عائشة رومانو) والإعلام المصاب بـ(متلازمة الدّوحة)
- مجلس سفهاء الفيسبوك
- مزدرون ونفتخر. (ح1)
- كيف باع دونالد ترامب لدولة قطر طبل إماراتي مستعمل؟
- برسم أجهزة المخابرات البريطانيّة


المزيد.....




- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زاهر رفاعية - هو الدّين بيقول ايه؟