أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - زاهر رفاعية - دعوة لقراءة العدميّة في زمن الكورونا














المزيد.....

دعوة لقراءة العدميّة في زمن الكورونا


زاهر رفاعية
كاتب وناقد

(Zaher Refai)


الحوار المتمدن-العدد: 6631 - 2020 / 7 / 30 - 02:42
المحور: كتابات ساخرة
    


وأنا أمشي على مهل نحو الثالثة والثلاثين من العمر تذكّرت أنّ المسيح صُلِبَ عن عمر ثلاثة وثلاثين عاماً, ولأجل هذه اللفتة الفلسفيّة اللاهوتيّة العميقة من عندي أحببت أن أهدي نفسي درساً من حياة هذا الشابّ, حيث أن الإنسان الحكيم يجب أن يطّلع على أخطاء الآخرين كي لا يقع فيما وقعوا فيه, ولكن بسبب خسارتي لمكتبتي التي تركتها "هناك" اضطررت أن أقرأ إنجيل "الأنتي كريستو" أو "عدوّ المسيح" للفيلسوف الألماني فريدريك نيتشة من الكومبيوتر بصيغة الكتاب الإلكتروني. وعلى الرّغم من أنّ القراءة عبر الشاشة تساعد في إيصال الكلمات بينما المعاني غالباً ما يلزمها رائحة الأوراق الصفراء من الكتب المعتّقة, إلّا أنّ فجاجة العم "نيتشة" في تسمية الأشياء بمسمّياتها تأبى إلّا أن تخترق الحواجز الإلكترونيّة وتصدمنا في أمّ أعيننا.
ما هي العدميّة يا ترى؟ صديقي يظنّ أنّ العالم يسير بضوابط محكمة تشبه ضوابط طبخ الحساء على الأصول كما يقدّمها أمهر الطّباخين, أمّا أنا فأجيبه نقلاً بأنني إذا ما أردتُ ان أكون بقامة نيتشة في الفجاجة فيسعدني أن أخبرك بأنّ ما سيحصل سوف يحصل ولا يمكن إلّا أن يحصل, وكلانا يعلم ذلك, فيباغتني بالسؤال لماذا أكتب؟ لماذا أكتب يا ترى؟ لا أعلم لربّما لم أرِد أن أجلس في عزاء العالم وحدي.
يمكنك أن تكون محافظاً متطرّفاً قدر ما تشاء, ويمكنك أن تلعن نيتشة وتسمّه بما يشفي غليل مشاعرك المرهفة, يمكنك أن تعلي شأنه أو تخفضه بالمقدار الذي يحلو لك, يمكنك أن تقول عنه فيلسوفاً أو إنساناً مسعوراً, فلا اظنّ أنّ نيتشة سيفخر بلعب دور الكلب الأليف, إلّا أنّ اتجاه التطوّر القيمي الرّاهن في عصر ما بعد التّفاهة يجرّنا قسراً إلى التلصص على قلم هذا المجنون, و على الرّغم من أنّ هذه المتغيّرات الرّاهنة بلا شكّ ليست الأقسى في التّاريخ, لكنّها بلا منازع غير مسبوقة لا في تسارعها ولا في سرعة وصولها إلى وجداننا دون تنميق بالتّواتر كالمعتاد, والحمد في ذلك بالطبع للثورة التّقنية.
وكما يلجأ المتطرّفون في ضعفهم إلى الإدمان كجواب عن صفعة سؤال المعنى, يلجأ الأقوياء إلى تنزيل تطبيق العم نيتشة من متجر فلسفات "ما بعد الرّمق الإلهي" على هواتفهم الذكيّة وعالمهم الغبي. وعلى الرّغم من أنّه لا واحداً من هؤلاء, لا مدمني المخدّرات ولا مدمني السوبر-نيتشويّة يمكن أن يعطيك ضمانة حول صوابية المنهج, إلّا أنّ أتباع النيتشويّة لا يحاولون عقلنة تشوّهاتهم ولا تجميلها كما يفعل الآخرون.
واليوم كما الأمس, لا يمكنك أن تعلن موت الذي أعلن موت الإله, إلّا إن كنت نفسك الإله, حينها تنطق فيكذب نيتشة فتحيا , هذه كانت فلسفتي قبل أن يمنّ عليّ الوطن بجواز تغريب وجنسيّة اغتراب, فقد كنت مولعاً بفلسفة نيتشة لأسباب لم أتدبّرها بعد, كتبت عنه آنذاك أكثر من مقال في موقع الباحثون السوريّون, وبعض الأبحاث التي انتهى بها المطاف في أحد المجلدات القديمة على قطعة البلاستيك والمعدن التي غرقت في تفاصيل الحياة ومن قبلها في مياه بحر إيجة.
تركت الحاسب وتوجّهت إلى النّافذة فطالعني وجه العام 2020, غادرتها مسرعاً وتوجّهت شرقاً فطالعني وجه الكمّامة المعلّقة على مقبض الباب كي لا أنساها حين أخرج من البيت لشراء حاجة ما, حيث لم يعد في هذه الأيّام يكفي أن تمتلك المال كي تدخل المحال التّجاريّة, وهذه نقطة تسجّلها الطبيعة على الرأسماليّة كما قد يخطر في بال أحد السفسطائيين من أمثالي.
لذلك, إلى كلّ أبطال قصّة حياتهم, إلى أولئك الذين يكفون النّاس شرّ محبّتهم, إن لم يكن أمامكم سوى أن تقرؤوا الفلسفة العدميّة أو أن تتابعوا أرقام مصابي كورونا حول العالم, فأنصحكم بقراءة الفلسفة العدميّة.

زاهر رفاعيّة, الحج في زمن الكورونا 2020.



#زاهر_رفاعية (هاشتاغ)       Zaher_Refai#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعليق الكاتب التركي (أورهان باموق) على قرار تحويل متحف (آيا ...
- البعد السياسي والاجتماعي لأحكام الإعدام
- مرّ عامٌ على ترك التدخين!
- حريّة التعبير لا تشمل تبرير الجريمة
- خطورة أن يصبح .....رئيساً للدولة
- وهم السيادة الجنسانيّة للدولة
- مزدرون ونفتخر. (ح2)
- (عائشة رومانو) والإعلام المصاب بـ(متلازمة الدّوحة)
- مجلس سفهاء الفيسبوك
- مزدرون ونفتخر. (ح1)
- كيف باع دونالد ترامب لدولة قطر طبل إماراتي مستعمل؟
- برسم أجهزة المخابرات البريطانيّة
- كهنوت العلم وبسطار التنوير
- شهر التنمّر الفضيل
- الجماعات الإسلاميّة, خصم سياسي أم عدوّ قومي؟
- مسؤولية الدّين في انتشار الأوبئة والجهل
- إنّما للطبل حدود
- هل ستنتقل إيطاليا لمعسكر الشرق
- تهمة حيازة وترويج الكاريكاتيرات
- رسالة من كتّاب الدرجة العاشرة


المزيد.....




- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - زاهر رفاعية - دعوة لقراءة العدميّة في زمن الكورونا