|
الأجنحة المفقودة
ملهم جديد
الحوار المتمدن-العدد: 6975 - 2021 / 7 / 31 - 23:43
المحور:
الادب والفن
الأجنحة المفقودة .
" كيف هبط أبونا آدم و أمنا حواء على الأرض !" سأل الطالب الصغير أستاذ الديانة . "لقد هبطا و حسب !" أجاب الأستاذ .فقال الطالب : " أعني ، طالما وصلا من دون أن يموتا ، فلا بد أنه كان لهما أجنحة ! فلو كانا قفزا من الجنّة في الهواء الطلق من دون أجنحة ، لكانا خبطا على الأرض و ماتا بسبب ارتفاع المسافة ! " ابتسم الأستاذ و سأله : " و أين أجنحتنا نحن باعتبارنا من نسلهما ! " ثم أعقب ساخرا :"لو كان كلامك صحيح أيها العبقري ، أليس من المنطقي أن يكون لنا أجنحة ! " ابتسم الطالب و قال : " لقد قصّ الله أجنحتهما بعد أن هبطا على الأرض " . " و لماذا ! "سأل الأستاذ . فأجاب الطالب: "لأن الله خاف أن يخالفا أمره و يعودا إلى السماء و يدخلا الجنة خلسة " ابتسم الأستاذ مرة أخرى ، و قال : " لكن سبحانه و تعالى كان قد أمرهما بالنزول ، و حكم عليهما بالشقاء في الأرض . و ليس من المعقول أن يخالفا ربهما و يعودا إلى السماء ". ابتسم الطالب ، و ردّ بثقة : "ألم تقل لنا بأنهما عندما كانا في الجنة خالفا ما قاله لهما و أكلا من الشجرة المحرّمة ! ومن يعصي ربّه مرة سوف يعصيه مرة أخرى .فللعصيان طعم أحلى من طعم الطاعة ". عبس الأستاذ ، و فكّر ، ثم قال له : " لا أعلم إذا كان للشيطان ابن ! لكن في حال كان له ابن فلابد أن تكون أنت ابن الشيطان !" ثم لم يلبث الأستاذ أن أخذ يتلمس ظهره ، فتبعه باقي الطلاب بتلمس ظهورهم ، و من ثم بدأوا يهرشونها و كأنهم مصابون بالجرب . بينما بقي ابن الشيطان جالسا بهدوء ، و يداه أمامه مشبوكتان ببعضهما البعض . فجأة ظهر جناحان أسودان صغيران في ظهر الأستاذ ، ثم أخذا يكبران ، و أخذ شكله يتغيّر فأصبح يشبه الغراب . في نفس الوقت ، بدأت تنبت في ظهور الطلاب الصغار أجنحة صغيرة ملونة ، و كانوا بالكاد يستطيعون تحريكها في البداية ، ثم كبرت ، فأخذوا يطيرون في فضاء القاعة فيصطدمون ببعضهم البعض و يصرخون و يتضاحكون . ثم واحدا إثر الآخر بدأوا بالخروج من الشباك المفتوح على سماء ربيعية مشمسة . أما الأستاذ الذي كانا جناحاه الأسودان قد تطاولا بما يكفي ليوصلاه إلى مسافات بعيدة في السماء ، فلسوء حظه ، كانا من الكبر بحيث لم يكن قادرا على الخروج بهما لا من الباب و لا من شباك الصف ! خرج ابن الشيطان من الصف بهدوء ، و ذهب ليخبر المدير الذي اتصل برجال بالشرطة الذين قدموا مسرعين و أردوا الأستاذ - الغراب بخمس رصاصات وفّرت عليه رحلة طويلة في السماء ، و لم يكن من المضمون أن يستقبله فيها أحد بالترحاب المرجو . بينما تباين مصير باقي الطلاب - العصافير ، فمنهم من سقط صريع رصاص الصيادين ، و منهم من انتهى به الأمر إلى الحجز في أقفاص صغيرة تُعَلّق على البلاكين في الصيف ، و توضع في غرف المعيشة في الشتاء ، و منهم من ما زالوا يحومون فوق بيتهم و يزقزقون عسى أن تنتبه لهم أمهاتهم المشغولات بشطف الأدراج أو غسل الثياب أو نشر الغسيل أو الإنهماك بطبخ ما طلبه الأباء مساء اليوم السابق . و منهم من عرفوا ماذا يفعلون بأجنحتهم ، فحلقوا عاليا ، و كلما اجتازوا سماء انفتحت أمامهم سماء أخرى . بينما اعتقل رجال الشرطة ابن الشيطان و طلبوا منه رواية ما حدث ، فأخبرهم الحكاية غير أنهم لم يقتنعوا بحكايته ، و بدأوا بتعذيبه ليقول الحقيقة . قالها لهم ألف مرة فلم يصدقوه . و بعد سنة من احتجازه و تعذيبه من دون السماح له برؤية أحد ، أطلقوا سراحه بعد أن قطعوا يديه و لسانه . لم يكونوا يريدونه أن يكتب هذه القصة أو يرويها لأحد . خافوا أن ينبت للناس أجنحة فيطيرون و يختفون .
#ملهم_جديد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طبيعة صامتة
-
الشاهد
-
بين كلبين !
-
القديس و الدب
-
صورة الجد
-
عند الحلاق
-
الخائب
-
الليلة الأخيرة في البيت الأبيض
-
الحديث الأخير
-
أقوى رجل في العالم
-
الدهشة
-
السيرة الموجزة لحياة المواطن (م ع ع)
-
في مديح السيكارة
-
بدل ضائع
-
ندامة الأرمني
-
رجل حر ، لكن! / قصة قصيرة
-
صديقي الفأر
-
الفك
-
رجل حر ، و لكن ! / قصة قصيرة
-
هل يستحق المجد الأدبي عناء السعي إليه / ترجمة ملهم جديد عن م
...
المزيد.....
-
في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
-
-يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا
...
-
“أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن
...
-
“أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على
...
-
افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
-
بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح
...
-
سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا
...
-
جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
-
“العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024
...
-
مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|