أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عادل صوما - تجليات علي جمعة لسد النهضة















المزيد.....

تجليات علي جمعة لسد النهضة


عادل صوما

الحوار المتمدن-العدد: 6975 - 2021 / 7 / 31 - 07:47
المحور: كتابات ساخرة
    


منذ أكثر من ستين سنة نُشرت دراسات بريطانية عن أزمة مياه نهر النيل التي ستحدث في الربع الأول من القرن الواحد والعشرين وورطة مصر فيها بصفتها دولة مصّب، لكن عبد الناصر كان مشغولا آنذاك بتصدير الثورة للبلاد العربية خصوصاً الدول الملكية، وتجييش العرب لمحاربة الاستعمار وأعوانه وذنب الأفعى إسرائيل، والبحث عن زعامة عربية تشبه الخلافة. وجاء أنور السادات بعده ولم يبال بما يُقال عن أزمة المياه التي ستوجهها مصر، ووضع نصب عينيه إعادة الاخوان المسلمين ومدارسهم إلى الواجهة السياسية لمحاربة الشيوعية بهم، ولرفعة شأن المسلمين الذين أصبحوا القوة السادسة في العالم كما كان يقول. ولم يقدِّر حسني مبارك تماماً ما قاله له الدكتور بطرس غالي أو ما كتبه عن أزمة مياه النيل وحروب المياه المستقبلية، وأدار ظهره لأفريقيا بعد محاولة اغتياله في أديس أبابا سنة 1995، رغم أن محاولة الاغتيال كانت مدبرة بين الجماعات الإسلامية في مصر والسودان، ولا شأن بها لدول أفريقيا التي صُدرت لها أمراضهم في ما بعد، كما لم يزر أي بلد أفريقي، وقلل حتى من شأن أثيوبيا كبلد يمكن أن يفعل أي شيء على النيل الأزرق الذي ينبع في أراضيها وهو أعظم رافد للنيل.
بدأت مصر تستوعب التقليل من شأن أثيوبيا سنة 2011 بعد بدء أعمال بناء سد النهضة، وواجه اعلام الاخوان المسلمين الذي كانوا في السلطة بعد حسني مبارك عملية بناء السد بشعارات لا مضمون واقعياً لها ولا تصلح في التفاوض، ثم تسلّم عبد الفتاح السيسي الملف ساخناً، وبدأت مفاوضات مصر والسودان مع إثيوبيا على أرض الواقع، وليس معروفا لماذا تجاهلت مصر والسودان بقية الدول التي يمر النيل في أراضيها ولم تدعوها لطاولة المفاوضات، لكن أثيوبيا واصلت وستواصل أعمال بناء سد النهضة على النيل الأزرق، وفقا لما هو منصوص عليه في إعلان المبادئ الموقع عام 2015 بين إثيوبيا ومصر والسودان، وكنتيجة لاتفاقيات مياه لم توقعها مصر كبلد افريقي، بل أن أديس أبابا لا تعتزم تعليق أعمال بناء السد النهضة، بسبب احتمال توجه السودان إلى الأمم المتحدة، لأن المشكلة حسب أديس أبابا يجب أن تُناقش وتُحل في نطاق دول الاتحاد الأفريقي، الذي أهملته مصر أيضا ولم تنتبه إلى أهميته كدولة أفريقية عظمى سوى في عهد السيسي الذي تولي رئاسته لمدة سنة واحدة 2019/2020 وفق النصوص، بعدما سبقه معمّر القذافي، وكل الصور تؤكد ابتسامة حسني مبارك الساخرة من العقيد والمجتمعين الافريقيين.
التقاذف الديني
دخل الأزهر على خط أزمة مياه النيل، لأن عبد الناصر حوّل الأزهر من مكان لدراسة الدين إلى جامعة شاملة أصبح شيخها صاحب حق في الإفتاء سياسياً وعلمياً وجغرافيا وطبياً وتاريخياً، وأصدر بياناً دعا المجتمع الدولي والعربي والإسلامي والإفريقي لتقديم المساندة لكل من مصر والسودان في الدفاع عن حقهما في مياه النيل، ولم يسأل أحمد الطيب نفسه عن قيمة الجملة التي قالها ولا معنى لها، فماذا تستطيع دول العالم أن تفعل، وما علاقة العرب بهذه المشكلة، وكيف يساند المسلمون مصر في أزمة مياه؟ وأكد أحمد الطيب أنه "على المجتمع الدولي التصدي لادعاء البعض ملكية نهر النيل بما يضر بحياة شعوب، و"أنه لا يجوز ترك هذه الموارد لأي فرد أو دولة تتفرد بالتصرف فيها دون سائر الدول".
البيان مخالف تماماً للواقع.. مجرد كلام إنشائي، فإثيوبيا لم تتدع مطلقاً ملكية نهر النيل وهي لن تتصرف فيه منفردة، بل هي تحتاج إليه لتوليد الكهرباء والتنمية الزراعية في بلد عدد سكانه 120 مليون نسمة، ولا يُعقل علمياً أن تحتجز كل مياه النيل الأزرق خلف السد لأن ذلك سيغُرق مساحات كبيرة في إثيوبيا نفسها، بل أن إثيوبيا في 5 تموز/يوليو قالت بأنها ستحجز 13.5 مليار متر مكعب، ولكن السودان اكتشف "أن مجمل ما تم تخزينه في بحيرة سد النهضة لهذا العام 4 مليارات متر مكعب فقط".
بيان شيخ الأزهر فتح الباب على مصراعيه للتقاذف الديني بين البلدين، واحتمال دخول مشايخ دولة شمال السودان على الخط قريباً، لأن المجلس الأعلى الفدرالي للشؤون الإسلامية في إثيوبيا ذكّر أحمد الطيب بهجرة المسلمين إلى بلاده وحمايتهم والدعوة الإسلامية في مهدها، وقال المفتي عمر إدريس رئيس المجلس، في بيان نشرته وزارة الخارجية، إن مياه النيل تنبع من قلب إثيوبيا، واعتبر أن إثيوبيا "لها حق المنفعة والاستفادة من مواردها الطبيعية بدون أي ضرر لدول حوض النيل بصورة عامة"، ووصف المفتي بيان الطيب بأنه "واقعٌ من غير علم حقيقة السد ومنبعه، ولم يراعي حقوق الشعب الإثيوبي".
كما شدد إدريس على أن "إثيوبيا لم تمنع مصر والسودان من الاستفادة والانتفاع من مياه النيل. بل طالبت بأن ننتفع منه معا على حد سواء وبصورة عادلة ومنصفة وهذا، هو العدل المحض"، ووجه تحذيره للطيب بالأفعال المتشابهة الدينية إياها قائلا "عليه ألا يخطئ ويزّل"، لأن "أمر النهر العابر للحدود حق الاستفادة لكل من يمر على أراضيه بإنصاف وعدالة ومراعاة حقوق دولة المنبع"، وختم البيان بنظرة سلفية/كاثوليكية "نحن في بلد الملك النجاشي، الملك العادل، والعدالة مازالت في بلادنا إثيوبيا إلى يومنا هذا".
الرجم بالغيب
واضح من نص البيانيّن أن الشيخيّن لم يطلّعا على الملف وإلا تحدثا بلغة العلم والاحصاءات، وهكذا دخل الشيخ علي جمعة على خط نصرة أخيه شيخ الأزهر فقال بنفس الاداء الخطابي: "إن مفتي إثيوبيا غير موفق ووقع في محاذير عديدة في بيانه، للرد على شيخ الأزهر، وكان عليه أن يطلب الإنصاف والعدل والتحلي بالأدب مع الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر".
وأشار إلى أن عمر إدريس لم يطّلع على ملف سد النهضة لفهم حقوق المصريين والسودانيين بوضوح، لكن من الواضح أنه طُلب منه أن يرد، فرد دون فهم وإطّلاع على شيخ الأزهر.
ثم استند علي جمعة في دفاعه البلاغي على تجلياته الغيبية وقال "إن العالم سيسمع كل يوم عن هبوط الأرض التي بُني عليها سد النهضة الإثيوبي وانهياره". هل رأى علي جمعة هذا الأمر في حلم أو بوحي أو خاطر، فلم تقل أي دراسة علمية عن هذا الانهيار.
ثم استدعى علي جمعة ما حدث في ايام البعثة النبوية كالمعتاد لتأييد وجهة نظره وقال:مفتي إثيوبيا جاهل بالدين حين استدل بحديث عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حول المياه، وأوضح أن حديث مسلم الذي استشهد فيه مفتي إثيوبيا بأن النبي، صلى الله عليه وسلم، عندما جاءه الزبير ومعه جار له من الأنصار يتنازعان على مجرى الماء، فقال الرسول: "اسْقِ يا زبير، وأرسل الماء إلى جارك"، وبالتالي يجب أن تسقي ثم ترسل الماء إلى جارك، وهذا الحديث يدل على أنه يجب علينا سيلان الماء فوراً بعد الحصول على حصتنا منه.
نسى علي جمعة تماما أن الرجلين تنازعا على مجرد جدول موسمي صغير في صحراء، وليس على نهر دولي يسقي ملايين في عشر دول، ثم أن إثيوبيا لم تدع حتى اليوم في أي بيان رسمي لها أنها لن تسقي مصر.
كما ذكر علي جمعة ضمن مرافعاته البلاغية التلفزيونية معلومة لم تُذكر في أي كتاب تاريخ هي أن الخديوى إسماعيل اشترى سنة 1867 الأرض التى يقام عليها سد النهضة، بهدف سريان المياه فى المجرى البعيد والتي تدعى "شنجول" بإجمالي 3600 كم، وفي عام 1902 حدثت تفاهمات ومفاوضات وضغط من الإنجليز للتنازل عن هذه الأرض ووافق الخديوي، تحت هذه الضغوط على أن تعقد اتفاقية ضمان جريان نهر النيل وعدم إقامة إثيوبيا أي سدود بدون موافقة مصر والسودان.
في ذلك الزمان لم تكن فكرة السدود واردة في إثيوبيا لعدم الحاجة إليها فالمياه موجودة ووفيرة وعدد السكان قليل. كما كانت مصر مديونة ومفلسة في عهد الخديوي إسماعيل ولا يُعقل أن تشتري عقاراً في بلد ذهبت لتحاربه، والخديوي شخصياً لم يكن يملك المال الكافي لشراء 3600 كيلومتر، ثم أن علي جمعة تجاهل حقيقة تاريخية ذكرها باحثون موثوق فيهم مرفقة بخرائط هي إن ما يتردد بشأن الأرض المبني عليها سد النهضة لم تكن تتبع مملكة مصر والسودان، وأن الخديوي إسماعيل أراد غزو أراضي جديدة ليضمها للمملكة المصرية، فدخل مدينة مصوع وسواكن، وبعدها دخل مدينة سنهيت وجودنت وصولاً للصومال، وكل هذه المدن والدول ليست إثيوبيا أو داخلها.
مدينة سنهيت التي جرت الحرب على أراضيها كانت في دولة اريتريا آنذاك، وبعيده عن منطقة سد النهضة لأن السد موجود عند منبع النيل في شمال غربي دولة إثيوبيا وداخل أراضيها وليس في أريتريا (حسب ما تقول الخرائط) ولم تطأ قدم جندي مصري منذ عهد اسماعيل حتى اليوم الاراضي الإثيوبية.
مفعول الأدعية
هل كان دخول الأزهر ومفتي مصر السابق على خط أزمة مياه النيل بإيعاز من الرئاسة المصرية للتجييش العاطفي؟
التجييش العاطفي موجود في جينات المصريين تجاه النيل منذ آلاف السنين، وهم من الشعوب القليلة التي جعلت لمصدر مياهها إلهاً؛ كان حابي إله النيل، كما كان المصري القديم يقف أمام الإله أوزوريس في المحكمة الأخيرة ويقول ضمن ما يقول عن سلوكياته في الحياة: أنا لم ألوث النهر، ناهيك عن غناء مطربي مصر للنيل وتأليف مقطوعات موسيقية باسمه، ومن ثمة لا داعي لإقحام علماء الدين في ما ليس لهم به علم، ولا داعي لسماع تجهيلهم لبعضهم بعضا.
"صناعة الحديث" عن النيل لا تصلح فأزمة المياه ليست غيبية ونحن لسنا في العصر العباسي، فالمعرفة متاحة للناس بالنقر على أي محرك بحث، وقد جرّب المسلمون التمنيات بزوال إسرائيل والنتيجة واضحة، وتكرار حدوث التمنيات ورؤية التجليات من علي جمعة على إثيوبيا وسدها، أو علاج نقص حصة مصر برقية شرعية لن يفيد.
حسب وزير الري السوداني "أن التناول الإعلامي لقضية سد النهضة يجب أن يكون بدقة وتوازن في المعلومات والبيانات التي يتم إصدارها" علاوة على أن سد النهضة ليس شراً بالمطلق "أنه يعلم الجميع أن لسد النهضة فوائد للسودان في التوليد الكهربائي وتقليل الفيضانات والأطماء وتشغيل سد الروصيرص، بشرط أن يكون هناك اتفاقا ملزماً قانوناً، وتبادل للمعلومات والبيانات، خاصة وأن عدم الاتفاق بشأن الملء والتشغيل لسد النهضة يهدد نصف تعداد سكان السودان".
الحل كما هو واضح سياسي قانوني أفريقي، ومصر أو السودان لن يربحاه بنسبة 100%، لأن حكام البلديّن أنفقوا وقتاً ومالاً في سبيل قضايا لا تهم شعوبهم أو مستقبلهم، ولم تضع مصر أو السودان في المكانتين اللتين تستحقاهما، بل كانت قضايا لاكتساب الشرعية أو الزعامة أو تجييش الشعب أو ادارة أزمة موجودة أو الدخول في لعبة تسييس الدين، التي انتهت بتقسيم السودان.



#عادل_صوما (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- برهان الخواقين والأمر الواقع
- التنمّر بالدين والتسوّل بالانسانية
- السيدة التي هزمت الشيخ البذيء
- الأساطير التي ترسم المستقبل
- الأحمقرور
- فخامة الرئيس الدستوري اللبناني (4)
- فخامة الرئيس الدستوري اللبناني (3)
- أرشيف برنامج -رحلة في الذاكرة-
- قانون صامويل باتي وأعراف العشائر
- تجديد الخطاب الديني أم السياسي؟
- نائب ما قبل عصر البرلمانات
- الباقي من الزمن ثمانون سنة
- شكراً يا يسوع المسيح
- موقف سياسي أم خلفية دينية؟
- فخامة الرئيس الدستوري اللبناني (2)
- الليبرالية المطلوبة من البابا فرنسيس
- خلية ثانية في منظومة الشيزوفرانيا
- خلية في منظومة الشيزوفرانيا
- فخامة الرئيس الدستوري اللبناني
- رفيق الحريري راح ضحية جريمة شرف!


المزيد.....




- تحت الركام
- ألعاب -الفسيفسائي- السردية.. رواية بوليسية في روايات عدة
- لبنان.. مبادرة تحول سينما -كوليزيه- التاريخية إلى مسرح وطني ...
- MAJID TV “تثبيت تردد قناة ماجد 2024” .. نزلها في خطوة واحدة ...
- الروائية ليلى سليماني: الرواية كذبة تحكي الحقيقة
- -الرجل الذي حبل-كتاب جديد للباحث والأنتروبولوجي التونسي محمد ...
- شارك في -صمت الحملان- و-أبولو 13?.. وفاة المخرج والمنتج الأم ...
- تحميل ومشاهدة فيلم السرب 2024 لـ أحمد السقا كامل على موقع اي ...
- حصريا حـ 33 .. مسلسل المتوحش الحلقة 33 Yabani مترجمة للعربية ...
- شاهد حـ 69 كامله مترجمة .. مسلسل طائر الرفراف الحلقة 69 بجود ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عادل صوما - تجليات علي جمعة لسد النهضة