أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عادل صوما - التنمّر بالدين والتسوّل بالانسانية















المزيد.....

التنمّر بالدين والتسوّل بالانسانية


عادل صوما

الحوار المتمدن-العدد: 6962 - 2021 / 7 / 18 - 07:48
المحور: المجتمع المدني
    


أصبح الاعتداء على المرأة التي لا ترتدي الحجاب "الأشوري المنشأ" ظاهرة تلازم تسونامي فرض سيطرة المستفيدين من الغيبات سياسياً على حياة المجتمعات.
الحجاب الأشوري المنشأ الذي ورد حتى في رسائل بولس الرسول، الذي أوصى المرأة بارتدائه أو وضع غطاء على الشعر، ابتكره الأشوريون بسبب عدم وجود دورات مياه داخل الخيام والبيوت في المجتمعات القديمة، ولحجب خصوصيات المرأة عند الذهاب لقضاء حاجتها، ومنحها نوعا من الحصانة بين الغرباء في مجتمعات لم تعرف الشرطة والقوانين والمحاكم التي تحمي المواطنين.
ثم تبنى الاسلام الزي نفسه الموجود قبل ظهوره، وحسب ما جاء في صحيح البخاري كتاب الوضوء/ باب خروج النساء إلى البراز، حدثنا ‏ ‏يحيى بن بكير ‏‏قال: حدثنا‏ ‏الليث ‏قال: حدثني ‏عقيل ‏عن ‏ ‏إبن شهاب، عن عروة‏، عن ‏ ‏عائشة ‏: ‏أن أزواج النبي ‏ (ص) ‏ ‏كن ‏ ‏يخرجن بالليل إذا تبرزن إلى ‏ ‏المناصع ‏ ‏وهو ‏ ‏صعيد ‏ ‏أفيح، ‏ ‏فكان ‏ ‏عمر ‏‏يقول للنبي (ص) أحجب ‏ ‏نساءك فلم يكن رسول الله ‏(ص) ‏ ‏يفعل، فخرجت ‏‏سودة بنت زمعة زوج النبي ‏(ص) ‏ ‏ليلة من الليالي عشاء وكانت إمرأة طويلة فناداها عمر:‏ ‏إلاّ قد عرفناك يا ‏ ‏سودة ،‏ ‏حرصاً على أن ينزل الحجاب، فأنزل الله ‏ ‏آية الحجاب.
ولم تزل المرأة اليهودية المتزمتة ترتدي ما يشبه الحجاب وزوجها لا يحلق ذقنه. مسألة وراثة أزياء وعادات شرق أوسطية لا أكثر ولا أقل ولا علاقة لها بأركان الدين أو الإيمان بالله.
غير محتشم
ما نقرأه اليوم من اخبار متفرقة شبه اسبوعية عن الاعتداء على المرأة لفظياً أو بدنياً، مرة بسبب ارتداء فتاة لفستان عادي وليس قصيرا في مصر وذهابها إلى الامتحان ووصف أستاذ في لجنة الامتحان بأنه غير محتشم، أو نشر الفنانة رولا يموت شقيقة الفنانة هيفاء وهبي رسالتها شديدة اللهجة تعليقاً على ملاحظة نائب البرلمان المصري مرتضى منصور على ملابسها بالقول: "مع احترامي لسعادة النائب في البرلمان المصري ورئيس نادي الزمالك المصري مرتضى منصور، عارية ولا مش عارية جسمي وحرة فيه، أنا ليس لي علاقة بمشاكلكم السياسية ولا الحزبية ولا التنظيمية، ولا أنتمي لأي منها.. أنا أنتمي لتنظيم دولي وليس فقط مصري".
كما أصبح الأمر منتشرا في أوروبا، وأذكر حوادث الاعتداء على نساء فرنسا في الشوارع لأنهن غير محتشمات، الذي يدخل مباشرة في نطاق الاعتداء على ثقافات المجتمعات المختلفة وحرية المرأة، فالشرطة في كل شارع والمدن مضاءة ليلا ونهاراً وهناك دورة مياه أو أكثر في كل بيت، ودورات مياه عمومية في الشوارع والمحلات، وليس ثمة داع للحجاب الأشوري لغياب أسبابه الاجتماعية.
ما يحدث هو غرس وسواس قهري من المستفيدين من الغيبيات، ومحاولة من الأقليات لفرض ثقافتها على الأغلبية، علاوة على كون الحجاب جواز سفر لتعريف الناس بانتمائهم السياسي ولا شأن له بالدين اطلاقاً في سياق التاريخ، بل وصل الأمر لحدود لوثة اجتماعية أحياناً كما في السودان، حين برأت محكمة سودانية أربع نساء سودانيات من تهمة ارتكاب "فعل فاضح" بعد إلقاء القبض عليهن لارتدائهن بنطلونات في حفل قرب العاصمة الخرطوم، دُونت ضدهن تهمة ارتداء البنطلون وهو ما يوصف في السودان بأنه زي فاضح استنادا إلى مادة في قانون النظام العام، وضعها الرئيس جعفر النميري الذي كان يؤمن بالرقية الشرعية كعلاج للأمراض، وعالج نفسه بها وبالأحجبة ليُشفى من عقمه عوضاً عن الذهاب إلى جرّاح لإستصال دوالي الخصية أو علاجه من نقص منوياته.
وتواجه النساء السودانيات عقوبة الجلد بأربعين جلدة ودفع غرامة في حال ادانتهن بارتداء ما يوصف بأنه زي فاضح بناء على غرس فتوى النميري في العقل الجمعي والتي تخالف الدين، فموقع "إسلام ويب" يقول عن عقوبة من لا ترتدي الحجاب "ومن عقوبة الله تعالى لمن لم تمتثل أوامره وخلعت الحجاب وكشفت جلباب الحياء أن يحتقرها كل من نظر إليها من المسلمين، ويطمع فيها ضعاف النفوس ومرضى القلوب؛ لأنها أصبحت رخيصة عندما استخفت بأوامر الله تعالى. ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 17037 والله أعلم".
الحصانة البرلمانية
ما حدث في برلمان تنزانيّا منذ شهرين عندما اُجبرت النائب كوندستر سيشويل على مغادرة البرلمان بعد شكوى بشأن بنطلونها، يُعتبر في أعراف الدول اعتداء على حصانة نائب وفرض رأي أقلية مستفيدة من الغيبيات على خصوصياته، ويشير بوضوح تام إلى الثقافة الظلامية التي تتنمّر باستخدام الدين، لكنها في الوقت نفسه تتسول وتقبل المساعدات الغذائية وبرامج التعليم والصحة والتطعيم ضد الأوبئة باسم الانسانية.
قال النائب حسين عمّار في جلسة البرلمان التنزاني: "السيد رئيس البرلمان، خذ على سبيل المثال أختي النائب الجالسة على يميني بقميص أصفر. انظر، سيدي الرئيس، إلى البنطلون الذي ترتديه". بعد ذلك، أمر رئيس الجمعية الوطنية، أيوب ندوكاي، النائب كوندستر سيشويل بالمغادرة، قائلا "اذهبي وارتدي ملابس ملائمة، وحينها يمكن ان تنضمي إلينا لاحقا".
الواقعة حدثت في بلد يمثل المسلمون فيه 35.2% والمسيحيون 61.4 %، وحسين عمّار الإخواني يُعتبر ضمن نسبة سياسية أقل من المسلمين كافة كما في كل الدول، لكن التنمّر على الآخر بفرض ثقافة الأقلية داخل المجتمع، جعل حتى أيوب ندوكاي المسيحي يرضخ لرأي نائب يتنمّر بالدين اعترض على نائب تجلس على كرسي في البرلمان يمنع تماماً رؤية ما تحت رقبة وصدر الجالسين، ناهيك عن عدم احترام قواعد المواطنة وأعراف البرلمانات، فالنائب ليست أخته وهو ليس ولي أمرها، والبرلمانيون لا يشبهون بدواً في صحراء يُحكمون بالأعراف. هي مواطنة مساوية له في الحقوق وأهمها الحرية الشخصية، لكن المشكلة في تفاصيل أنوثتها الأفريقية الكبيرة الواضحة التي لم يستطع أن يغض النائب الإخواني بصره عنها فقال ما قاله، لفرض ثقافة أقلية على أغلبية بدءاً من الشارع حتى مجلس النواب. المشكلة في نواياه وعقله وسلوكه هو كما هو واضح.
التنمّر بالدين وسيلة سلطتهم على الناس، وقد واجهته نائبات في الجمعية الوطنية (البرلمان) في تنزانيّا بتقديم طلب اعتذار لنائب طُلب منها مغادرة قاعة البرلمان لأن بنطلونها كان"ضيقا"، والسخرية منها لأن حسين عمّار قال "إن لباس بعض الزميلات يجلب السخرية من البرلمان"، وأصرت مجموعة بقيادة النائبتين جاكلين نغونياني وستيلا مانيانيا (مسيحيتان) على أن هذه الخطوة كانت غير عادلة وأنه لم يكن هناك شيء خاطئ في ملابس النائب سيشويل، وكتب مسلمون تعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي، وقال بعضهم إنها كانت مثالا آخر على تنصيب الرجال أنفسهم أولياء على طريقة ارتداء النساء ملابسهن.
بيت القصيد
النائب حسين عمّار يتجاهل تخلّف بلاده ومشكلتّي التعليم والديون فيها، ويحصر انتباهه في ملابس نائبات البرلمان لفرض ثقافة بالتنمّر لا تناسب المجتمع التنزاني.
التعليم أصبح الزاميا سنة 2007 في تزانيّا بفضل جهود اليونسيف التي تحاول ببرامج مساعدات منح الاطفال فرصة للتعلم، والمؤكد أن عمّار لا يجرؤ أن يقول لإمرأة في اليونسيف ما قاله للنائب سيشويل مهما ارتدت، لكنه يهتم بفرض الحجاب على البنات الصغيرات في المدارس الابتدائية. لم تتأثر نخوته بجهل أطفال بلاده الذين يمثلون المستقبل، وأزعجه بنطلون يستحيل أن يخفي تفاصيل أنوثة أفريقية ضخمة.
وفقاً لبنك تنزانيّا الوطني سجلت البلاد ديناً حكومياً داخلياً يعادل 37.80 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد في سنة 2019. كما سجلّت تنزانيّا ديونيا خارجية في السنة نفسها تعادل نسبة ارتفاع 6.5% وبلغت 19,598,437,795 دولار، لا يكترث حسين عمّار بها أو بفوائدها المتراكمة التي تهدد مستقبل اقتصاد البلاد كما اهتم ببنطلون نائب.
شيزوفرانيا التنمّر بالدين لأستاذية العالم وقبول المساعدات من العالم باسم الإنسانية أصبحت مقلقة لأنها تشكل خطورة على ثقافات المجتمعات المختلفة واختصاص الدول ومؤسساتها في الحكم. ثم أن أزمنة استناد السلطة في دول الغرب على الدين قد انتهت، وهم يرفضونها من أي دين، بل أن الزندقة أصبحت حقاً من حقوق المواطن الغربي.
هذه الشيزوفرانيا لم تؤد إلى أي تقدم أو نتيجة اخلاقية على أقل تقدير حتى في دول الشرق الأوسط، فمعدل التحرش بالنساء والدعارة والتجارة بالبشر ومشاهدة المواد الإباحية زادت بعد موجة نشر الحجاب الأشوري المنشأ، كما زادت موجة الإلحاد والمجاهرة به على السوشيال ميديا بنسب تدعو للدهشة.



#عادل_صوما (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السيدة التي هزمت الشيخ البذيء
- الأساطير التي ترسم المستقبل
- الأحمقرور
- فخامة الرئيس الدستوري اللبناني (4)
- فخامة الرئيس الدستوري اللبناني (3)
- أرشيف برنامج -رحلة في الذاكرة-
- قانون صامويل باتي وأعراف العشائر
- تجديد الخطاب الديني أم السياسي؟
- نائب ما قبل عصر البرلمانات
- الباقي من الزمن ثمانون سنة
- شكراً يا يسوع المسيح
- موقف سياسي أم خلفية دينية؟
- فخامة الرئيس الدستوري اللبناني (2)
- الليبرالية المطلوبة من البابا فرنسيس
- خلية ثانية في منظومة الشيزوفرانيا
- خلية في منظومة الشيزوفرانيا
- فخامة الرئيس الدستوري اللبناني
- رفيق الحريري راح ضحية جريمة شرف!
- الضحك دواء بدون أعراض جانبية
- أخي الإنسان: أنت أهم عندي مما لا أراه


المزيد.....




- تونس: -محاسبة مشروعة- أم -قمع- للجمعيات المدافعة عن المهاجري ...
- الجمعة.. تصويت مرتقب في الأمم المتحدة بشأن -عضوية فلسطين-
- الأمم المتحدة تقول إن 80 ألف شخص فروا من مدينة رفح مع تكثيف ...
- رماه في بئر فمات غرقا.. السعودية تنفذ الإعدام بوافد وتكشف جن ...
- نزوح جديد في رفح وأطفال يتظاهرون للمطالبة بحقهم في التعليم ...
- الأونروا تغلق مقرها بالقدس بعد إضرام متطرفين إسرائيليين النا ...
- الخارجية الأردنية تدين إقدام إسرائيليين على إضرام النار بمحي ...
- بعد عام من اعتقال عمران خان، هل استطاع مؤيدوه تجاوز ما حدث؟ ...
- الأونروا تنشر فيديو لمحاولة إحراق مكاتبها بالقدس وتعلن إغلاق ...
- قائد بريطاني: عمليات الإنزال الجوي وسيلة إنقاذ لسكان غزة من ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عادل صوما - التنمّر بالدين والتسوّل بالانسانية